بريطانيا: الائتلاف الحاكم يواجه صعوبة حقيقية وشريكه الأصغر يتصدع

الليبراليون الديمقراطيون يمنون بهزيمة نكراء وزعيمهم في اسكتلندا يستقيل

TT

باب الائتلاف الحكومي في بريطانيا يواجه صعوبة حقيقية بعد أن ألحقت نتائج الانتخابات المحلية والاستفتاء على النظام الانتخابي، هزيمة نكراء بشريكه الأصغر، الحزب الليبرالي الديمقراطي. وعلى الرغم من الانقسام الذي تسببت فيه الانتخابات بين شريكي الائتلاف، المحافظين والليبراليين الديمقراطيين، فإن قادة الحزبين شددوا على أهمية الاستمرار في العمل معا. لكن حزب العمال المعارض استغل الفرصة، ودعا بشدة الليبراليين الديمقراطيين إلى «الاستماع» للناخبين بدل «الحرث» في سياسات الائتلاف.

وكان الناخبون قد قرروا في غالبيتهم معاقبة الحزب الليبرالي الديمقراطي ورفضوا بالإجماع (67%) الخطوة التي دفع باتجاهها، والمتمثلة في تغيير نظام انتخاب نواب مجلس العموم. كما مني الليبراليون الديمقراطيون بنتائج كارثية في الانتخابات المحلية التي شهدتها مختلف أقاليم المملكة المتحدة.

وأمام هذه الهزيمة واجه زعيم الليبراليين الديمقراطيين، نيك كليغ، دعوات للاستقالة. فقد ذكر غاري لونغ، قيادي الحزب الذي خسر مقعده في نوتنغهام، أنه يتعين على كليغ التنحي بشكل فوري، بينما اعتبر القيادي الآخر في الحزب في منطقة كورلي، كين بال، أن كليغ خذل الحزب. لكن فينس كايبل، الليبرالي الديمقراطي الذي يشغل منصب وزير التجارة، شن هجوما ضد شركاء حزبه في الائتلاف (المحافظين)، واتهمهم بأنهم «عديمو الرحمة وحسابيون وقبليون جدا». لكنه في المقابل شدد على ضرورة استمرار الائتلاف الحكومي. وقال كايبل، في حديثه لهيئة الإذاعة البريطانية أمس إن الأولوية أمام الحكومة «لا تزال قضية حل المشكلات الاقتصادية». وفي نفس الاتجاه، قالت وزيرة الداخلية تيريزا ماي، وهي محافظة، إن الحزبين سيستمران في العمل معا. وأظهرت نتائج الاستفتاء أن 13 مليون ناخب (67%) رفضوا مقترح دعوة تغيير نظام الاقتراع، مقابل 6.2 مليون ناخب (32%) أيدوا ذلك. وكان الاستفتاء على تغيير النظام الانتخابي، رهانا رئيسيا بالنسبة للليبراليين الديمقراطيين. فبما أنهم يشكلون الحزب الثالث في المملكة المتحدة، ظلوا على الدوام يحاولون الدفع بسن نظام انتخابي يخدم الأحزاب الصغيرة في الانتخابات التشريعية. وكان تنظيم الاستفتاء على تغيير النظام الانتخابي الثمن الذي انتزعه الليبراليون الديمقراطيون من المحافظين مقابل قبولهم المشاركة في ائتلاف حكومي إثر انتخابات مايو (أيار) 2010 التي لم يمكن المحافظون خلالها من الفوز بالغالبية وتشكيل حكومة بمفردهم. وقد عارض المحافظون خلال حملة الاستفتاء تغيير النظام الانتخابي ودعوا الناخبين إلى التصويب بـ«لا». وأظهرت انتخابات المجالس المحلية قراءات متباينة. ففي إنجلترا مثلا، كان المحافظون يدافعون عن نحو 5 آلاف مقعد في مختلف المجالس المحلية، مقابل 1850 مقعدا لليبراليين الديمقراطيين و1600 مقعد لحزب العمال المعارض. وكانت تلك المقاعد نتاج الانتخابات المحلية التي جرت عام 2007. وبموجب النتائج التي أظهرتها هيئة «بي بي سي»، فإن المحافظين عززوا حصتهم بـ81 مقعدا، والعمال أضافوا لنصيبهم 800 مقعد، بينما خسر الليبراليون الديمقراطيون 695 مقعدا.

وفي اسكتلندا، كانت النتيجة صادمة خصوصا لمن يتوجسون من خطط هذا الإقليم للاستقلال. فقد أظهرت النتائج أن الحزب القومي الاسكتلندي، فاز بـ69 مقعدا من أصل 129، وضمن بذلك الغالبية التي تمكنه من الحكم بمفرده. وكان زعيم الحزب أليكس سالموند قد تعهد بتنظيم استفتاء على الاستقلال خلال السنوات الأربع المقبلة. وبينما أضاف الحزب القومي الاسكتلندي لنصيبه 23 مقعدا، أخذ العمال أيضا 37 مقعدا والمحافظون 15 مقعدا، بينما خسر الليبراليون الديمقراطيون 12 مقعدا وصار بحوزتهم الآن 5 مقاعد فقط. وأمام هذه الهزيمة الأخرى لليبراليين الديمقراطيين، أعلن زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي الاسكتلندي تافيش سكوت استقالته أمس. وقال سكوت: «إن نتيجة الانتخابات في اسكتلندا كانت كارثية ويجب علي تحمل مسؤوليتي أمام حكم الناخبين». وأضاف: «الحزب بحاجة إلى توجه جديد، وتفكير جديد، وقيادة جديدة، ليستعيد ثقة الشعب الاسكتلندي». يشار إلى أن البرلمان الاسكتلندي يتمتع بصلاحيات في مجالات مثل الصحة والتعليم والنقل. أما في ويلز التي تتكون جمعيتها العامة من 60 عضوا وكانت تدار من قبل ائتلاف بين العمال والحزب القومي «بلايد سيمرو»، فقد ضمن العمال نصف المقاعد (30) رافعين حصتهم بأربعة مقاعد بينها، خسر حزب «بيلايد سيمرو» ما بين 4 إلى 11 مقعدا. وحاز المحافظون 14 مقعدا رافعين حصتهم بمقعدين. وفي إقليم أيرلندا الشمالية لم تتنافس الأحزاب الثلاثة الرئيسية في انتخابات الخميس. وتضم جمعيتها العامة 108 مقاعد. وأظهرت نتائج غير نهائية أن الائتلاف الحاكم بين الوحدويين الداعين للبقاء تحت السيادة البريطانية والأيرلنديين القوميين، سيبقى صامدا ويعاد انتخابه، وهو أمر سيعزز عملية السلام في الإقليم.