الصدر يزور قطر بدعوة من أميرها.. ويبحث وجود الأميركيين ووساطة بشأن أزمة البحرين

مصادر مطلعة لـ «الشرق الأوسط» : نسق مع كبار مراجع الشيعة والمعارضة البحرينية في النجف > قيادي حول التنسيق مع الحكومة العراقية: الصدر لا يأخذ إذنا من أحد

TT

بدأ زعيم التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر، أمس، زيارة إلى دولة قطر بدعوة من أميرها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. وفي بيان مقتضب لمكتب الصدر في مدينة النجف، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، فإن الصدر غادر العراق على رأس وفد من التيار الصدري بدعوة من الحكومة القطرية.

وأشار البيان إلى أن الصدر والوفد المرافق له «سيبحثون مع المسؤولين القطريين مستجدات الأحداث في المنطقة وما تشهده الساحة العربية من تطورات تستدعي التشاور وتبادل الرأي حولها». وأضاف البيان، الصادر عن مكتب الصدر في النجف، حيث يقيم حاليا بعد أن عاد إليها من إيران قبل نحو 3 أسابيع، أن الصدر سوف يبحث «مع المسؤولين القطريين الأوضاع السياسية في العراق ومطالبات العراقيين بخروج قوات الاحتلال مع نهاية العام الحالي». ومن المقرر أن تغادر القوات الأميركية، التي ما زالت تحتفظ بأقل من 50 ألف عسكري، العراق في ديسمبر (كانون الأول) 2011، وفقا للاتفاقية الأمنية الموقعة بين بغداد وواشنطن.

وأشارت مصادر مقربة من الصدر إلى أنه سيبحث مع المسؤولين القطريين الأوضاع في البحرين، مؤكدة أن الهدف من زيارته الحالية إلى قطر هو البحث في تسوية معقولة للأزمة البحرينية. وأفادت تلك المصادر بأن زعيم التيار الصدري كان قد التقى، بعد تلقيه الدعوة القطرية، عددا من المراجع الكبار في مدينة النجف للتشاور معهم بشأن الأزمة الحالية التي تعيشها البحرين.

وذكر بيان نشرته الهيئة الإعلامية العليا لمكتب الشهيد الصدر على موقعها الإلكتروني واطلعت «الشرق الأوسط» عليه أن وصول الصدر إلى الدوحة يرمي إلى «مناقشة قضايا المنطقة عموما وقضية البحرين خصوصا، لما لهذه القضية من أهمية كبيرة يحاول البعض إعطاءها الطابع الطائفي، بينما كانت وما زالت جميع مطالب الشعب البحريني مطالب وطنية إصلاحية». وأضاف البيان: «لعل هذه الزيارة تكون حافزا للآخرين على الخروج من عالم الصمت إلى المبادرة والفعل للإصلاح».

ونقلت وسائل إعلام عراقية عن مصادر من التيار الصدري أن الصدر سيتوجه إلى البحرين بعد زيارته إلى قطر. وطبقا للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصدر مطلع فإن زعيم التيار الصدري قد غادر إلى الدوحة من مدينة النجف بعد أن أجرى تنسيقا مع كبار المراجع، كما التقى خلال الفترة الأخيرة عددا من قادة المعارضة البحرينية الذين وجدوا خلال الفترة الأخيرة في مدينة النجف، ووفقا للمصدر فإن الصدر لم يجرِ أي تنسيق مع أي مسؤول إيراني وأنه سيعود إلى النجف مباشرة بعد انتهاء الزيارة، في نفي ضمني لأي دور إيراني في الزيارة وأبعادها وأجنداتها، بعد أن كانت طهران قد شنت حملة شعواء على دول الخليج على خلفية أحداث البحرين، لا سيما السعودية بعد دخول قوات «درع الجزيرة» بطلب من السلطات البحرينية لإعادة الاستقرار بعد أسابيع من الاضطرابات التي شهدتها البحرين.

وكان المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، بزعامة عمار الحكيم، قد أورد على موقعه الإلكتروني أن المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى محمد إسحاق الفياض، قد استقبل الصدر في مكتبه في مدينة النجف، ونقل عن مصادر أن «الطرفين ناقشا مجريات العملية السياسية، كما بحثا موضوع نقص الخدمات والمعاناة التي يتكبدها المواطن العراقي».

ويعتبر الصدر شديد الصلة بإيران التي كان قد قضى فيها نحو ثلاثة أعوام من أجل إكمال دراسته الدينية في مدينة قم.

من جهته، اعتبر القيادي البارز في التيار الصدري وعضو البرلمان العراقي، حاكم الزاملي، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» أن «الزيارة التي بدأها اليوم (أمس السبت) إلى قطر السيد مقتدى الصدر جاءت بدعوة من أمير قطر الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني للتباحث في مختلف القضايا الثنائية التي تهم العراق والمنطقتين العربية والإسلامية». وأشار إلى أن «هذه الزيارة تعتبر امتدادا للزيارات التي سبق للصدر أن قام بها إلى دول عربية وإسلامية أخرى مثل سوريا ومصر والأردن وتركيا ولبنان وإيران، وبالتالي فإنها من هذه الزاوية أمر طبيعي بالنسبة لشخصية بحجم الصدر وإرثه العائلي المعروف بالمنطقة ولدى زعمائها، وهو ما يعطي دوره في أي قضية بعدا محوريا مهما».

وأضاف الزاملي أن «التيار الصدري بصورة عامة يؤمن بسياسة الحوار مع الجميع والانفتاح على الجميع؛ لأنه الأسلوب الصحيح للتوصل إلى حلول للمشكلات والأزمات، ما دامت منطقتنا حاليا، العربية خصوصا والإسلامية عموما، تمر بمرحلة خاصة من الاضطرابات»، معتبرا أن ما «تمر به البحرين حاليا يهم الجميع، وبالتالي فإن الأدوار التي يمكن أن يقوم بها الزعماء ورجال الدين يمكن أن تؤدي دورا مهما في تخفيف حدة التوتر، وبالتالي تمهد الطريق للوصول إلى حلول ترضي الجميع». ويمثل التيار الصدري 40 نائبا من أصل 325 في مجلس النواب العراقي، كما يتولى 6 حقائب وزارية.

وردا على سؤال عما إذا كانت هذه الزيارة قد تمت بالتنسيق مع الحكومة العراقية، قال الزاملي: «لا أعتقد أن السيد الصدر بحاجة إلى أن يأخذ إذنا من أحد لكي يقوم بزيارته؛ لأنه شخصية دينية وليست سياسية، والأهم من هذا أنها جاءت بدعوة من أمير قطر وحكومتها»، نافيا في الوقت نفسه أن «يكون الهدف من هذه الزيارة، وبصورة مباشرة، الوساطة من عدمها؛ لأن المعلومات المتوافرة حول الزيارة حتى الآن لا تزال غير مكتملة، لكن المؤشرات كلها تقول إنها تندرج في هذا السياق، وكل شيء يعتمد على طبيعة المباحثات التي سوف يجريها الصدر مع المسؤولين القطريين، وهو ما يمكن أن تترتب عليه الخطوات اللاحقة لهذه الزيارة».

في السياق نفسه، وفي الوقت الذي تلتزم فيه الحكومة العراقية الصمت حيال أنشطة من هذا القبيل تقوم بها وفود من القوى والكتل السياسية أو الدينية، فإن القيادي في دولة القانون، بزعامة نوري المالكي وعضو البرلمان العراقي خالد الأسدي، أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكومة العراقية لا علاقة لها بزيارة زعيم التيار الصدري إلى قطر، وهو شأن يختص به التيار الصدري في سياق نشاطاته ومهماته، لكن الموقف الرسمي والثابت للحكومة العراقية أنها ترحب بأي وساطة وأي دور فيما يتعلق بالأزمة البحرينية الراهنة». وأضاف أن «العراق، في حال طلبت البحرين القيام بدور الوسيط، فإنه لن يتردد في ذلك ولن يتأخر عن إبداء أي قدر من العون والمساعدة بهدف معالجة الأزمة»، مشيرا إلى أن «العراق، مثلما يرفض أن يتدخل أحد في شؤونه الداخلية، فإنه يرفض التدخل في شؤون الآخرين، كما أننا في الوقت نفسه نرفض استخدام كل أشكال العنف من قبل الحكومات العربية ضد مواطنيها وندعو حل كل شيء بالحوار».