دراسة: مؤسسات التعليم العالي تفتقر لمناهج تدريس مهارات التحليل والتفكير الناقد

نال الباحث عليها درجة الدكتوراه في الإدارة التربوية والتخطيط

مؤسسات التعليم العالي لم تستطع، بحسب الدراسة، مواءمة احتياجات سوق العمل («الشرق الأوسط»)
TT

بحثت دراسة أكاديمية ضعف مواءمة مخرجات التعليم العالي السعودي، الذي أصبح، بحسب الباحث، أمام تحديات كبيرة يفرضها نظام التحولات العالمية والإقليمية، كالعولمة والسماح بدخول المستثمر الأجنبي.

وهدفت الدراسة التي قدمها الدكتور عبد الواحد الزهراني، كدراسة تكميلية لنيل درجة الدكتوراه في الإدارة التربوية والتخطيط، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، إلى التعرف على واقع ضعف مواءمة مخرجات التعليم العالي السعودي، والكشف عن أسباب الضعف، ومعرفة الآثار السلبية المترتبة على استمرار ضعف المواءمة، وتحديد الحلول العملية لعلاج ضعف مخرجات مواءمة التعليم العالي السعودي.

واستخدم الباحث المنهج الوصفي التحليلي، وقد قام بتصميم استبانة خاصة لجميع بيانات الدراسة التي تجيب عن أسئلة الدراسة، تتكون من ثلاث فئات هم القيادات الجامعية، ويمثلها مديرو ووكلاء الجامعات السعودية وعددهم 57 فردا شارك منهم 37 فردا بنسبة 65 في المائة، وفئة أعضاء مجلس الشورى وعددهم 150 فردا، وشارك القطاع الخاص ويمثله رؤساء وأمناء مجالس الغرف التجارية السعودية وعددهم 46، شارك في الدراسة منهم 39 يمثلون 84 في المائة من إجمالي رؤساء وأمناء الغرف التجارية بالسعودية.

وأظهرت نتائج الدراسة أن التعليم العالي السعودي، يعاني من مشكلة ضعف مواءمة مخرجاته من القوى البشرية لاحتياجات المجتمع، ومن أبرز مظاهر هذا الضعف أن معظم خريجي مؤسسات التعليم العالي السعودي يعانون من ضعف مستواهم في اللغة الإنجليزية، التي أصبحت الآن متطلبا لمعظم وظائف سوق العمل الأهلي.

وقال الباحث في دراسته: «يعاني أغلب الخريجين من الضعف في المهارات والقدرات والخبرات التي تمكنهم من خلق فرص للعمل بدلا من أن يكونوا باحثين عن العمل، بالإضافة إلى أنه لا يوجد ارتباط وثيق بين عدد الخريجين من مؤسسات التعليم العالي واحتياجات تحقيق الرؤى الاستراتيجية بعيدة المدى للاقتصاد السعودي المعتمدة في الخطط الخمسية للتنمية».

وأبان الدكتور عبد الواحد الزهراني، أن مؤسسات التعليم العالي لا تزود سوق العمل بخريجين من التخصصات الحديثة التي تتطلبها عولمة الاقتصاد، وانضمام السعودية إلى عضوية منظمة التجارة العالمية، والاتجاه نحو الاقتصاديات المعرفية، في وقت يفتقر فيه معظم الخريجين إلى مهارات وقدرات متنوعة مكتسبة من أكثر من تخصص أو فرع معرفي، ويعاني معظم الخريجين الجدد من ضعف الخبرات، والقدرات، والمهارات اللازمة لتطبيق ما تعلموه بشكل عملي في الميدان.

وأظهرت الدراسة أيضا، أن معظم الخريجين، يعانون من الضعف في الاتجاهات والميول تجاه التعليم مدى الحياة، وغالبا لا يمتلك خريج مؤسسات التعليم العالي السعودي، الخبرات والمهارات التي تساعده على تغيير مهنته الحالية إلى مهنة أخرى، عندما يضطره التغيير في سوق العمل إلى ذلك، حيث يعانون من الضعف في مهارات التفكير الناقد والتحليل والإبداع.

وذهبت نتائج الدراسة أن التعليم العالي السعودي يعاني من مشكلة ضعف مواءمة مخرجاته من الإنتاج العلمي لاحتياجات المجتمع، ومن أبرز تلك المظاهر، حيث يعتبر إنتاج مؤسسات التعليم العالي متدنيا في مجال الترجمة، وهناك قصور في دور التعليم العالي في مجال بناء تحالف والشراكة مع القطاعات الاقتصادية، بغرض تطوير الاقتصاد وتحسين الإنتاج وإيجاد الحلول للمشكلات القائمة.

وأفاد الدكتور الزهراني، بأن إنتاج مؤسسات التعليم العالي يعتبر متدنيا في مجال تأليف الكتب والبحوث العلمية التطبيقية والأساسية، وأظهرت النتائج أن التعليم العالي السعودي يعاني من مشكلة ضعف مواءمة مخرجاته من الإنتاج العلمي لاحتياجات المجتمع.

وأظهرت نتائج الدراسة في مختلف فئاتها درجة كبيرة من الاتفاق على أن التعليم العالي السعودي يعاني من مشكلة ضعف المواءمة في مخرجاته من القوى البشرية والإنتاج العلمي، وأنشطة خدمة المجتمع، ولم تظهر فروق ذات دلالة إحصائية إلا في مظاهر محددة، وأبرز الأسباب تقليدية خطط التدريس في التعليم العالي، حيث الدور السلبي للطالب كمتلق للمعلومة وليس عنصرا فاعلا في العملية التعليمية، وافتقار المناهج وطرق التدريس لمؤسسات التعليم العالي إلى تدريب الطالب على مهارات التحليل، والتفكير الناقد، والإبداع.

وانتقد الباحث ضعف التخطيط للتوسع المتوازن للتخصصات بناء على قراءة سليمة لمستقبل وتطور احتياجات السوق، ومعظم برامج مؤسسات التعليم العالي، قائمة وفق الأسلوب التقليدي الذي يعمل على إكساب الطالب مهارات متخصصة في حقل معرفي واحد، وليس لديها وعي حول التوجه العالمي الحديث نحو استحداث التخصصات البينية، التي يشارك فيها أكثر من حقل معرفي، وتنطلق من مفهوم تكامل العلوم. وأوصت الدراسة بأن تقوم وزارة التخطيط بعلاج قضية ضعف مواءمة مخرجات التعليم العالي، ضمن الخطط الخمسية للدولة، وأن يقوم مجلس التعليم العالي، بوضع سياسات تلزم مؤسسات التعليم العالي، لتحقيق مواءمة مخرجاتها لاحتياجات المجتمع ومتطلباته، وأن يقوم مجلس التعليم العالي، بمطالبة كل جامعة بوضع خطط استراتيجية لتحقيق مواءمة مخرجاتها، مع وضع الآليات اللازمة لتنفيذ هذه الخطة.

وأوصت الدراسة كذلك بإنشاء هيئة مستقلة تعنى بتوفير بيانات سوق العمل، واحتياجاته، من القوى البشرية، المؤهلة جامعيا، ويشارك في تمويلها وإدارتها كل من: الجامعات، والقطاعين الحكومي والخاص، المستفيدين من مخرجات الجامعات، ووضع خطة وطنية من قبل وزارة التعليم العالي، بالتعاون مع وزارة الثقافة والإعلام، للتوعية بالآثار الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والأمنية، المترتبة على استمرار ضعف مواءمة مخرجات مؤسسات التعليم العالي السعودي.