معارك عنيفة في مصراتة وعودة الهدوء إلى معبر الذهيبة الحدودي في تونس

التلفزيون الليبي يعلن تسليم عدد من المعارضين فيها أنفسهم لقوات القذافي

أحد الثوار الليبيين يعرض سلاحه في مدينة نالوت غرب البلاد أمس (رويترز)
TT

استؤنفت المعارك بعنف أمس قرب مدينة مصراتة غرب ليبيا التي تحاصرها قوات معمر القذافي، في الوقت الذي قال فيه التلفزيون الليبي إن عددا من المعارضين في مدينة مصراتة سلموا أنفسهم للقوات الحكومية.

ولم يذكر التلفزيون الرسمي عددهم ولكن نقل عن متحدث عسكري قوله إن بعض من سلموا أنفسهم أدلوا بـ«اعترافات سيتم بثها لاحقا».

وتدور المعارك غرب مدينة مصراتة الساحلية التي تبعد 200 كلم شرق طرابلس في بلدة بورقية، كما أفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية.

وفي الميناء ما زال عمود الدخان الكثيف يرتفع فوق مستودع الوقود الذي تعرض لقصف صباح السبت. وقد سقطت قذيفة «غراد» صباحا على أحد خزانات الوقود قرب الميناء وامتد الحريق الذي نجم عن الانفجار إلى الخزانات المجاورة.

وبدأت تتشكل طوابير أمام محطات البنزين في المدينة التي كانت تعد نصف مليون نسمة خشية ندرته.

وكثفت القوات النظامية السبت هجومها على ميناء مصراتة، المنفذ الوحيد الذي يمكن المدينة المحاصرة من تلقي المؤن ونقل الجرحى واللاجئين.

وقال المقاتل أحمد منتصر إن قوات القذافي «دمرت فقط الخزانات التي كانت ممتلئة».

وأضاف أن «شخصا ما أبلغهم بمعطيات الخزانات الدقيقة لتدميرها وهذا يدل على أنه ما زال في داخل المدينة خونة يتعاملون مع القذافي». وأفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية بأن إحدى مروحيات قوات القذافي ألقت ليل الخميس/الجمعة 26 لغما على الأقل سقطت بمظلات في مدخل مرسى الميناء إلا أن الثوار فجروا معظمها. وأكد حلف شمال الأطلسي السبت أن مروحية حلقت في منطقة الحظر الجوي الخميس دون أن يوضح لماذا لم تتدخل قواته المكلفة بتطبيق الحظر الجوي.

وقال متحدث باسم الثوار الليبيين إن القوات الموالية للقذافي استخدمت مروحيات إسعاف في زرع ألغام أرضية في ميناء مصراتة المحاصر منذ أسابيع.

وأضاف المتحدث أن هذه المروحيات كانت تحمل علامات الصليب والهلال الأحمر للإيعاز بأنها تقوم بمساعدات إنسانية.

لكن السكان ليسوا منشغلين بعد بنفاد المؤن بل يحاولون الحصول على خبز، حيث يتعين الانتظار طويلا في طابور أمام المخابز من أجل الحصول عليه.

وأوضح أحد السكان حيث يستضيف عدة عائلات كانت تعيش في ضواحي مصراتة ولجأت إلى وسطها بسبب المعارك «لا يمكننا سوى شراء عشرين قطعة خبز للشخص الواحد، الأمر الذي يضطرني إلى أخذ ثلاثة من أبنائي من أجل الحصول على ما يكفي منه». وفي طرابلس، أفاد شاهد عيان أمس بسماع دوي انفجارين قويين جدا في غرب العاصمة الليبية، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وأوضح الشاهد أنه تمكن من «سماع دوي الانفجارين رغم أنه يقطن على بعد 14 كلم من قلب طرابلس».

وقال إنه سمع دوي الانفجارين «بعد تحليق لطيران الحلف الأطلسي اهتزت جدران منزله بسببه». وفي الزنتان، قال متحدث باسم المعارضة الليبية لـ«رويترز» أمس إن ضربات جوية لحلف شمال الأطلسي استهدفت مستودعات أسلحة للحكومة قرب المدينة التي تقع إلى الجنوب الغربي من العاصمة طرابلس.

وأضاف المتحدث الذي يدعى عبد الرحمن عبر الهاتف «هاجم حلف الأطلسي مستودعات للأسلحة في منطقة تقع على بعد نحو 30 كيلومترا إلى الجنوب الشرقي من الزنتان. سمعنا انفجارا مدويا. أعتقد أن الضربات أصابت بعضها (المستودعات)». وزاد قائلا «نحن الآن في مقبرة ندفن 11 شخصا استشهدوا في معارك أمس (أول من أمس) أصيب فيها أيضا 35 مقاتلا». وفي معبر الذهيبة الحدودي في تونس (غرب)، عاد الهدوء نسبيا صباح أمس إلى المعبر بعد سقوط أكثر من 100 قذيفة «هاون» الليلة قبل الماضية داخل التراب التونسي، وتحديدا فوق جبل «طويل الذهيبة» ووادي «الرؤوس».

وسقطت بعض الشظايا على منازل حيي الجيارة والأمل بالذهيبة دون إحداث أضرار بشرية. وكانت الحكومة التونسية أكدت أنها ستتخذ التدابير «الضرورية» لحماية «سيادة أراضيها». ومن جهة أخرى، استقبل المستشفى الجهوي بتطاوين صباح أمس أكثر من 50 جريحا على أثر المعارك الدامية بين كتائب القذافي والثوار في مدينة نالوت التي تبعد نحو 50 كلم عن منطقة الذهيبة.

ووصف أحد الجرحى الليبيين وهو من المدنيين العزل لوكالة الأنباء التونسية معارك أول من أمس بـ«الكارثية»، مؤكدا انقطاع الماء الصالح للشراب والتيار الكهربائي على المدينة. كما دعا الناظر العام بالمستشفى الجهوي بتطاوين إلى تقديم الدعم الطبي والبشري اللازم لمجابهة العدد الكبير من الوافدين من القتلى والجرحى.

وأكد الثوار أن قوات القذافي استمرت في هجماتها الخاطفة على مدن الواحات في الصحراء، وأن قافلتين تعرضتا إلى هجوم في جالو اوجلا، وأن ستة ثوار قتلوا الجمعة في مواجهات في حاجز بين جالو والكفرة. وأسفر النزاع الليبي عن سقوط آلاف القتلى حسب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو، بينما نزح أكثر من نصف مليون شخص معظمهم من العمال الأجانب منذ منتصف فبراير (شباط).

إلى ذلك، ذكرت تقارير إعلامية في بريطانيا استنادا إلى بيانات رسمية أن سلاح الجو الملكي البريطاني تمكن من تدمير قواعد لإطلاق الصواريخ والعشرات من حاويات صواريخ «سكود» في ليبيا، حسب ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية. وقالت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أمس استنادا إلى بيان صادر عن وزارة الدفاع البريطانية في لندن، إن طائرتين حربيتين من طراز «تورنيدو» أغارتا على منظومة صواريخ قصيرة المدى من طراز «فروج - 7» الجمعة قرب بلدة سرت الواقعة عند منتصف الطريق الساحلي بين العاصمة الليبية طرابلس ومدينة بنغازي معقل الثوار الليبيين.