خالد مشعل: نرحب بالحوار مع أميركا وأوروبا من دون شروط مسبقة

قال لـ «الشرق الأوسط»: نقبل بشروط إسرائيل إذا قبلت بشروطنا في انتخابات الكنيست المقبلة

خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) («الشرق الأوسط»)
TT

طالب خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بأهمية وضع استراتيجية عربية فلسطينية شاملة للخروج من حالة الجمود التي تضرب عملية السلام منذ عشرين عاما، وكشف عن ملامح هذه الاستراتيجية، مؤكدا أنها تشمل تحركا دبلوماسيا رسميا وشعبيا ومقاومة وملاحقة قانونية ومطاردة إسرائيل في كل مكان لانتزاع الحق الفلسطيني وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

وقال مشعل في حوار مع «الشرق الأوسط» إن علاقة حماس بأوروبا إيجابية ولم نحسم موقفنا من واشنطن بعد «كما رحب بحوار غير مشروط مع القوى الدولية». واستفاض مشعل في تفاصيل الوفاق الوطني الفلسطيني والمرحلة الانتقالية، وشدد على أهمية الدور المصري في فتح الطريق للمصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام. وأضاف مشعل، الذي يقيم في دمشق ويعد من أبرز المطلوبين على قائمة الاغتيالات الإسرائيلية «أعتزم زيارة غزة ورام الله والقدس قريبا»، محملا رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو مسؤولية تدهور عملية السلام وإيصالها إلى طريق مسدود، كما حمله تعثر صفقة تبادل الأسرى، مهددا باعتقال جنود آخرين.

وفي ما يلي نص الحوار..

* ما هي رؤيتكم الجديدة للمنطقة بعد المتغيرات التي تشهدها حاليا، وهل سيقف العالم العربي الجديد في موقف الداعم للقضية الفلسطينية؟

- العالم العربي الجديد سوف يشهد تكامل الأدوار العربية في حلقات ومصالح لا تتعارض ولا يصطدم بعضها ببعض نظرا لعمق البعد القومي والإسلامي والعربي والإنساني، وكلها حلقات لا تتعارض، وسوف يمكن من خلال ما أسميه الربيع العربي أن تتحقق تطلعات الشعوب العربية، وهو ما سيدعم القرار العربي، وبالتالي تحقيق علاقة متوازنة مع قوى المجتمع الدولي، وعلى قاعدة الاحترام المتبادل والندية الإيجابية، وليس على قاعدة التبعية والإلحاق، وكل ذلك سيسهم في تحقيق تقدم ملموس في القضية الفلسطينية، كما أنني أتطلع إلى انتهاء تقسيم العالم العربي إلى دول ممانعة ودول اعتدال.

* وما هي رؤيتك لدول الممانعة والاعتدال حاليا؟

- ما أريده أن تكون الأمة العربية كلها مع الاعتدال الإيجابي والانفتاح على العالم، وفى نفس الوقت لا نترك قوى المقاومة، ما أعنيه ببساطة هو أن نصل لخريطة سياسية جديدة في المنطقة، وأن يتوحد الجميع في خندق واحد، وأن نقف صفا واحدا لنخرج بقرارات موحدة تعبر عن نجاح عربي في السياسة الداخلية والخارجية.

* تتحدث عن وحدة الموقف والقرار فلماذا بقي الانقسام الفلسطيني 4 سنوات؟

- لم يكن الانقسام أبدا خيارا مطروحا لنا، بل كان بضاعة تم تصديرها إلينا وفرضت علينا قسرا، وأذكر أننا اتصلنا بالقيادة المصرية عام 2006 وقلنا حماس جاهزة للمصالحة وعلى استعداد لاجتماع في القاهرة لمعالجة ما جرى، ولكن قدر الله أن تنجح المصالحة في عام 2011، لأن الجميع كوي بنار الانقسام، واليوم عبرنا العقبة واتفقنا على تحويل نصوص الاتفاق إلى واقع عملي ملموس يخدم قضيتنا، وسوف نتابع مع مصر والإخوة العرب لتذليل العقبات في الميدان وخلال عام وفق تقديرات الأوراق سوف ننجز المرحلة الانتقالية من خلال حكومة وطنية وقيادة مؤقتة للمنظمة ولجنة عليا أمنية في الضفة والقطاع، ثم نبدأ صفحة جديدة بعد أن يشتد عود الجبهة الوطنية الفلسطينية.

* ماذا عما يتردد بشأن وجود انقسامات في حركة حماس؟

- لا توجد انقسامات داخل حماس، ولكن يوجد تنوع في الآراء، ومؤسساتنا على درجة كبيرة من الديمقراطية، فالحركة يحكمها قيادات منتخبة، ولدينا المكتب السياسي ومجلس شورى منتخب يدرس القرارات التي تعرض عليه، وقد نتفق أو نختلف حول القرارات، وهي ظاهرة صحية، ولكن في النهاية عندما تطرح القضايا للتصويت يلتزم الجميع برأي الأغلبية، يمكنني القول إن هذا هو منهجنا.

* البعض يقول إنكم سعيتم وراء المصالحة بسبب الخوف من ثورة الشعب الفلسطيني عليكم والتخلص منكم، ما تعليقك؟

- أولا، نحن لا نخاف لأن «حكومة حماس» حكومة منتخبة من الشعب وقريبة جدا من الشعب الفلسطيني، ولكن الدوافع الأساسية وراء المصالحة هو اقترابنا من بعضنا البعض فالحساسية التي كانت موجودة زالت، وبدا أن الطريق أصبح معبدا للم الشمل الفلسطيني، ولعلمك تعطل التوقيع على الاتفاق لأن الإخوة في مصر كانوا يرفضون تضمين الاتفاق مذكرة التفاهمات كملحق له وعندما تفهمت القيادة السياسية مطالبنا نجح الاتفاق بالشكل الذي خرج عليه.

ثانيا، الوضع الفلسطيني يختلف عن الدول التي تحدث بها ثورات، لأن الجميع ضد الاحتلال ويدرك الجميع إن الانقسام شر ونحرص منذ اليوم الأول للانقسام على الانتهاء منه، ولكن يمكن تفسير ما حدث أننا استفدنا من ربيع الثورات العربية وسلوك نتنياهو العدائي والصادم، وكلها متغيرات ساهمت في إصلاح ذات البين الفلسطيني.

* ما هي ضمانات عدم العودة إلى الانقسام، خاصة بعد إجراء انتخابات جديدة؟

- دعني أقل لكم إنه يوجد حرص متبادل من الجميع على طي صفحة الانقسام تماما وجعلها صفحة من الماضي، ولدينا إجراءات جادة لمنع تكرار ما حدث، ولدينا فرصة لإلغاء التدخل الخارجي من خلال الدور المصري والعربي والتركي، كما توفر مصر شبكة أمان لهذا الاتفاق، فقد تم برعايتها وهي الضامن لاستمراره، ولكن إسرائيل سوف تسعى من خلال أسلوبها الإرهابي لإرباك المصالحة وقد تقوم باغتيالات واعتقالات ولكن مشروعنا الوطني الأكبر هو إنهاء الاحتلال وليس فقط إنهاء الانقسام.

* هل نجاح المصالحة مرهون بالتهدئة؟

- اتفقنا على توفير عوامل المصالحة، وأن ندير عملية المقاومة بطريقة تراعي واقع المصالحة، وأن نوحد الخطاب الإعلامي بعيدا عن المعارك الإعلامية، وقد ذكرنا بعد حفل المصالحة أننا نحتاج خلال هذا العام إلى أن ندير قرارنا السياسي والأمن العسكري بطريقة توافقية، وأن نجنب الاتفاق أي مخاطر محتملة، واتفقنا على خطوات سريعة، منها الإفراج عن المعتقلين وتحديد موعد قد يكون في الأسبوع المقبل على الأرجح لاختيار الإطار القيادي المؤقت ورئيس الوزراء وأسماء الوزراء، وللعلم فإن هذه الحكومة غير منشغلة بالموقف السياسي ولديها مهام محددة.

* ماذا عن وضع حماس في منظمة التحرير الفلسطينية؟

- الانضمام للمنظمة حق طبيعي للجميع لأننا شركاء في الوطن، وكذلك هو حق كل من في الداخل والخارج أن يكون في منظمة التحرير، وهو حق طبيعي لأننا لسنا أجانب، ولن ننتظر دعوة من أحد سيكون هناك إطار قيادي، والأمر ميسور، وسبق أن اتفقنا حوله في اتفاق مكة وكل نصوص الاتفاقيات السابقة بها نصوص سياسية ولدينا تراث أدبي سياسي ويمكن أن نطوره ونضيف إليه على قاعدة من التوافق.

* ماذا عن المناصب السياسية في الحكومة ونصيب حماس منها؟

- نحن لا نسعى وراء السيطرة على الحكومة، «الكل في غزة ورام الله.. يد واحدة» والجميع في مرحلة تحرر وطني، ومن المبكر الحديث عن مناصب، وقد اتفقنا على توفير ظروف مواتية للأداء الأمني والسياسي والإعلامي وعدم الخضوع للصعوبات في هذه المرحلة الانتقالية، وعندما نرتب كل الأوضاع ونذهب إلى صناديق الاقتراع الجميع سوف يأخذ حقه حتى بعد نتائج الانتخابات نحن مستعدون للعودة إلى حكومة ائتلافية.

* تحدثت في خطاب الاحتفال بالتوقيع على اتفاق الوفاق الوطني عن استراتيجية شاملة للسلام بعد فشل المبادرات السابقة التي بدأت منذ 20 عاما ولم تحقق شيئا ما هي ملامح الخطة الجديدة في تصوركم؟

- كما ذكرت لدينا هدف وطني مشترك تقاطعنا عليه وبرنامجنا السياسي واضح ويهدف لإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس، وضمان حق العودة ومن دون أي وجود للمستوطنين، وهذا البرنامج المشترك واضح للجميع، والسؤال هو كيف نصل إليه وقد أمضينا 20 عاما في مبادرات ولم ننجز شيئا وبالتالي جاء سؤالي «إلى متى سنبقى في هذا الوضع؟».

وحقيقية إذا لم يحدث تغيير في المقدمات فلن نحصل على نتائج وقد قلت هذا لكل المسؤولين العرب ولأمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى بعد إطلاق المبادرة العربية في قمة 2007.

* هل تعني أنها فرصة السلام الأخيرة؟

- اختبرنا النيات الإسرائيلية 20 عاما، واليوم ومن أجل مصر واتفاق المصالحة نعطي فرصة أخرى لإسرائيل – ولكن – لا بد أن نعد من اليوم لاستراتيجية جديدة ليست لإعلان الحرب على إسرائيل فما بين إعلان الحرب والاستسلام مسافة كبيرة، ولكن لإضافة أوراق ضغط قوية في هذه الفترة الزمنية لدعم الحق الفلسطيني بوسائل متعددة، منها المقاومة والعمل الشعبي والتحرك ضد الجدار العازل والتحرك السياسي وملاحقة إسرائيل في كل مكان وتفعيل البعد الاقتصادي عبر سلاح المقاطعة، ولدينا فرص ذهبية لملاحقة إسرائيل المعادية للسلام. هذه هي ملامح ما قصدت من ضرورة وضع استراتيجية عمل يتم الإعداد لها في المطبخ السياسي العربي والفلسطيني ونعلن جزءا منها ونخفي بعضها في إطار يخدم عملية السلام.

* هل تعتزم القيام بجولة عربية للتشاور حول هذه الاستراتيجية؟

- كل شيء وارد والموضوع مطروح للنقاش والحوار.

* كيف ترون الشروط التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي للقبول بحماس وللاعتراف بدولة فلسطين التي من بينها اعترافكم بدولة يهودية وتغير الحركة برنامجها السياسي وقبول الاتفاقيات السابقة والتخلي عما وصفه بالإرهاب؟

- لن نقبل بأن يفرض أحد علينا شروطه أيا كان، والمصالحة الفلسطينية ليست موضوعا لفرض شروط أحد فهي خيار شعب. ولن نقبل هذه الشروط أبدا، وإذا قبلنا بشروطهم، فليقبلوا بشروطنا على نتائج انتخابات الكنيست المقبلة.

* كيف ترون الشروط التي تضعها واشنطن والعواصم الغربية للحوار مع حماس؟

- لا يحق لأحد كان أن يفرض علينا شروطا مسبقة ونحن مستعدون للحوار مع أوروبا وأميركا ولكن ليس على قاعدة الشروط المسبقة.

* إلى أي مدى وصلت العلاقات بينكم وبين كل من الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا؟

- يمكنني تصنيف اتصالاتنا الرسمية مع أوروبا بأنها إيجابية ولكن مع أميركا نحتفظ بعلاقة غير رسمية من خلال جهود الرئيس الأميركي الأسبق كارتر واليوم لم تحسم الإدارة الأميركية خياراتها بالنسبة لنا بعد، ونحن ننتظر الجهد المصري في هذا الشأن، ونأمل أن تنجح في هذا، أما إسرائيل فلا ننتظر منها شيئا.

* سيجتمع الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أواخر الشهر الحالي، ما هي رسالتكم لهما؟

- رسالتنا لهما أن يحترما قرار الشعب الفلسطيني بالمصالحة الفلسطينية وعليهما أن يحترما حقوقنا المشروعة.

* ما هي رؤيتكم للسلام مع إسرائيل؟

- عن أي سلام تتحدث، نحن نريد السلام للشعب الفلسطيني في غزة والضفة والشتات وداخل الخط الأخضر ونبحث أيضا عن حقوق الشعب الفلسطيني وعندما نقيم دولة فلسطين عند ذلك يمكن أن تسألني عن السلام وعن إسرائيل.

* كيف ترون مسألة الاعتراف الدولي المتزايد بالدولة الفلسطينية؟

- يجب أن لا نختزل حقوق الشعب الفلسطيني في الاعتراف بالدولة الفلسطينية فقط، فالأهم أن تنسحب قوات الاحتلال حتى حدود الرابع من يونيو (حزيران) وأن توجد دولة فلسطينية على هذه الأرض لتمارس الدولة الفلسطينية السيادة على أجوائها وأرضها وثرواتها ومياهها، وأن تكون خالية من المستوطنين والمستوطنات

* هل تعتزم زيارة غزة؟

- قريبا وليس غزة فقط وإنما دولة فلسطين في غزة ورام الله والقدس.

* هل تفكرون في نقل مقر حركة حماس من سوريا إلى مصر؟

- لا صحة لما تردد في هذا الشأن على الإطلاق، ولم يطرأ جديد على وضعنا في سوريا يستوجب نقل مقرنا من دمشق.

* ما مدى صحة ما تردد بأن النظام المصري السابق كان سببا في تعطيل الاتفاق؟

- النظام السابق كان له إيجابيات وعليه سلبيات والمصالحة لم تبدأ من الصفر أما تأخير الاتفاق فقد كنا نعرض إضافة تفاهمات لم يكن يرضى بها النظام السابق ولكن قبل بها النظام الحالي.

* لماذا تعثرت صفقة تبادل الأسرى الفلسطينيين بالجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط؟

- رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو مسؤول عن تعثر الصفقة، ونحن نرى إذا لم تتحرك إسرائيل فإن الحركة ستقوم بأسر جنود آخرين، وذلك بسبب خداع نتنياهو لعائلة شاليط والرأي العام الإسرائيلي، فهو يوصد الأبواب أمام أي بادرة أمل لإحراز تقدم في هذا الملف.

* ما هو موقف حركة حماس من قتل الولايات المتحدة بن لادن بهذه الطريقة؟

- نحن نختلف مع «القاعدة» في كثير من المواقف، خاصة ما يتعلق بقتل المدنيين الأبرياء، لكن هذا لا يعطي الحق للولايات المتحدة أن تمارس القتل خارج القانون ضد العرب والمسلمين، فهذا غير مقبول، وطريقة إعدامه ودفنه في البحر تمس بجوهر مشاعر جموع المسلمين حول العالم. الولايات المتحدة الأميركية تكافح الإرهاب التي صنعته هي بأيديها من عدوانها وقتلها الأبرياء في العراق وأفغانستان ومساندتها العمياء المستمرة لإسرائيل على طول الخط على حساب حقوق الشعب الفلسطيني الأعزل الذي يريد أن يعيش في سلام وفي دولته المستقلة مثله مثل باقي شعوب العالم.