د. سعد الدين إبراهيم: ما يفعله السلفيون مهين للإسلام قبل أن يكون مهينا لمصر

قال لـ«الشرق الأوسط»: الأقباط لديهم «توجس مشروع» تجاه صعود التيارات الدينية

د. سعد الدين إبراهيم (تصوير: عبد الله السويسي)
TT

للمرة الأولى منذ أكثر من 17 عاما، يمر الدكتور سعد الدين إبراهيم، أستاذ علم الاجتماع السياسي رئيس مركز ابن خلدون للدراسات الديمقراطية، من بوابات صالة الوصول بمطار القاهرة دون أن تستقبله إجراءات أمنية تعسفية.

إبراهيم، الذي قضى سنوات من الغربة القسرية بالولايات المتحدة الأميركية، عاد إلى مصر أخيرا بنية أن يستقر بها بشكل نهائي.. حاملا في جعبته أسرار وكواليس ما دار في البيت الأبيض منذ اندلاع الثورة في 25 يناير وحتى يوم التنحي 11 فبراير (شباط). وكيف انقسمت الإدارة الأميركية على نفسها إبان تلك الفترة، التي عاشها سعد لحظة بلحظة داخل البيت الأبيض، حيث ظل مقيما به طوال تلك الفترة بدعوة من صديقيه المقربين؛ سامنتا باور، مستشار الرئيس أوباما حول التحول الديمقراطي، ومايكل ماكفول، مستشار الرئيس أوباما لشؤون روسيا والكتلة الشرقية.

إبراهيم الذي يعد واحدا من أشرس المعارضين لنظام الرئيس السابق، يكشف بصورة جلية أسباب تحول حالة الود والألفة، كصديق مقرب من عائلة مبارك وأستاذا مشرفا على رسالة سوزان مبارك للماجستير، إلى عدو لدود اعتقل 3 مرات، معترفا لأول مرة بأن مبارك هدد سوزان صراحة قائلا: «إما سعد الدين (إبراهيم)… وإما جمال (مبارك)»، وبطبيعة الحال كانت النتيجة لصالح نجلهما جمال، في حين دخل الدكتور إبراهيم السجن في قضية لفقتها له مباحث أمن الدولة، على حد قوله.

وأكد الدكتور إبراهيم أن الشرارة الفعلية لاندلاع سنوات الغضب عليه كانت بسبب مجرد مقال كتبه لمجلة «المجلة» السعودية بعنوان «الجملوكية»، في إشارة إلى إمكانية تداول السلطة في مصر من خلال عملية التوريث، فاعتقل على أثر نشره في ذات اليوم، وتم سحب كل أعداد المجلة من السوق المصرية.

وما بين سنوات الاعتقال والمنفى والعودة إلى مصر بعد الثورة، يعترف الدكتور إبراهيم، الذي تحدى نظام مبارك ورجاله طوال تلك السنوات، بأن الشخص الوحيد الذي يخاف منه بعد كل هذه السنوات.. هو زوجته!! وإلى نص الحوار..

* هل انتهى تنظيم القاعدة بموت بن لادن؟

- لم ينته تنظيم القاعدة، لكنه مني بضربه قاصمة قد لا يبرأ منها.. والتحدي الحقيقي لتنظيم القاعدة حاليا هو إعادة تنظيم صفوفه من جديد بعد مقتل بن لادن، ولكن المشهد الحقيقي الذي يجب أن نشير إليه هو غياب دور بن لادن و«القاعدة» ومناصريهم من الحركات الإسلامية المتشددة عن الساحة، فيما يتعلق بالتحركات الشعبية التي حدثت في الدول العربية وأدت إلى الثورات، بداية من تونس وصولا إلى اليمن، وبالتالي فإنه كان من حسن حظ الديمقراطية أنه لم يكن لهم دور، لهذا خرجت هذه الثورات نظيفة بإرادة شعوبها، وقد انصهرت هذه الشعوب فيما بينها بغض النظر عن توجهات أفرادها وآيديولوجياتهم.

* ما رأيك في التشكك بأمر مقتل بن لادن، وخاصة بعد رفض الإدارة الأميركية لنشر صور الجثة تحت دعاوى إنسانية تخص بشاعة المنظر؟

- ليس لدي أدنى شك في صحة مقتل بن لادن، لأن الأميركيين ليس لديهم مصلحة في الكذب.. بل على العكس، كان هذا وعدا قطعوه على أنفسهم منذ سنوات ولم ينجحوا فيه إلا مؤخرا. والقوات الخاصة التابعة للبحرية الأميركية هي من قتلت بن لادن، أما الامتناع عن نشر الصور فيخضع لقوانين تنظم ما ينشر عن العمليات الأميركية.

* ولكن الشارع العربي لا يصدق أن الإدارة الأميركية بهذا الحس المرهف، لدرجة أنها تخاف على مشاعر الناس من مشاهدة صورة جثة مشوهة، حسبما ادعى البيت الأبيض! - الإدارة الأميركية لا تضع في حسبانها رد فعل الشارع العربي بالمرة، هي تخاف من النقد الأميركي الداخلي فقط.. وأنا متأكد من أن هذه العملية خضعت فيها مسألة نشر الصور للنواحي القانونية فقط لا غير، وذلك وفقا لقوانين الحرب تحسبا لردود فعل صاخبة، وعلى الأخص من منظمات حقوق الإنسان حول مشروعية نشرها. فالأميركيون لديهم مستشار قانوني مختص فقط بالتعاطي مع الإعلام مع كل عملية يقومون بها، ولقد بدأوا في هذا الأمر منذ فضيحة نشر صور سجن غوانتانامو، التي ألبت العالم ضدهم.

* هل تعتقد أن السياسة الأميركية بالمنطقة ستتغير في مرحلة ما بعد «بن لادن»؟

- السياسة الأميركية متغيرة بالفعل، ولكن الفكرة التي لا نعيرها انتباها حقيقيا هي أنها لا تتغير طبقا لهوانا نحن! وبالتالي نقول عليها إنها لا تتغير، ولكن الأميركيين يغيرون سياستهم باستمرار وفقا لمصالحهم فقط.

* ما سر تمسك الإدارة الأميركية بنظام مبارك في الأيام الأولى من ثورة 25 يناير؟

- تمسكوا بمبارك في الأيام الأولى كحليف قوي على مدار 30 عاما، ولا يمكن أن يديروا له ظهرهم فجأة.. كما كان البيت الأبيض يتحسب لردة فعل القادة العرب في المنطقة تجاه أميركا بعد ذلك، فضلا عن تخوفهم من قفز التيار الإسلامي في مصر على السلطة واحتكاره للثورة إذا ما رحل مبارك. ولكن مع استمرار التظاهر من قبل المصريين المقيمين في أميركا أمام البيت الأبيض وتنامي أحداث الثورة يوما وراء يوم، التي كان يتابعها الشارع الأميركي من خلال قنوات العالم، استدعاني كل من سامنتا باور، مستشار الرئيس حول التحول الديمقراطي، ومايكل ماكفول، مستشار الرئيس لشؤون روسيا والكتلة الشرقية، للتشاور حول الوضع لأني مصري وصديق مقرب من أيام زمالتي لهما في جامعة هارفارد، فضلا عن أنني تعاونت معهما في تعديل خطاب الرئيس أوباما الذي ألقاه في مصر في يونيو (حزيران) 2009، ومن هناك بدأت أرى الصورة بوضوح.

* هل كان البيت الأبيض منقسما على نفسه في تلك الفترة ما بين مؤيد لمبارك وداعم للثورة؟

- نعم، كان هناك جبهتان داخل البيت الأبيض.. الجبهة الأولى تتبع السياسة الخارجية الأميركية، وعلى رأسها وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون وجهاز الاستخبارات الأميركية CIA، وجبهة أخرى من المستشارين المقربين من أوباما، وعلى رأسهم سامنتا باور ومايكل ماكفول.

* هل عرفت ذلك بشكل شخصي؟

- نعم، فلقد أقمت في البيت الأبيض طوال فترة الثورة، وتحديدا منذ 25 يناير وحتى 11 فبراير بعد أن استدعاني سامنتا ومايكل.. كنت معهم لحظة بلحظة أتابع الموقف عن قرب.

* ومتى بدأ البيت الأبيض في تغيير موقفه لصالح الثورة؟

- هناك 3 مواقف أساسية حسمت الموقف لصالح الثورة، أولا: العنف الشديد الذي استخدم ضد المتظاهرين، بما في ذلك الإعلاميون الأجانب. ثانيا: اللقاء الإنساني الذي جمع كلا من الناشط وائل غنيم بعد خروجه من المعتقل مع الإعلامية منى الشاذلي، وبكى فيه غنيم شهداء الثورة من أصدقائه. ثالثا: حالة التآلف الكبيرة التي حدثت بين الشعب والجيش عقب نزوله للشارع، وحقيقة أن الجيش كان في صف الشارع المصري ولم يطلق رصاصة واحدة، لدرجة أن المصريين كانوا يلتقطون الصور التذكارية على الدبابات.. وهذا الأمر أدهش الأميركيين كثيرا!

* هل تدخلت بطريقة ما في تحويل كفة الإدارة الأميركية لصالح الثورة؟

- طلبت مني الجبهة المؤيدة للثورة الرد على مخاوف جبهة الخارجية الأميركية تجاه مبارك ونظامه، فقلت لهم 3 نقاط أساسية؛ لقد وقفتم مع مبارك طيلة 30 عاما، فهل من الصعب أن تقفوا مع الشعب المصري ولو لأسبوع واحد فقط في ثورته؟ ثم سألتهم: هل أنتم مع الماضي أم مع المستقبل؟ كل الذين في ميدان التحرير هم شباب، هم المستقبل، وبالتالي مصلحة أميركا هل من المفترض أن تكون مع المستقبل أم الماضي؟ أما التخوف المتعلق بقفز الإخوان المسلمين للسلطة فقد قلت لهم إن «الإخوان» تأخروا 4 أيام عن بداية الثورة، بالإضافة إلى أنه ليس لكل «الإخوان» موقف واحد، وقيادات «الإخوان» تحديدا كانت ترفض التحرك، أما شبابها فهم من نزلوا إلى الميدان، وبالتالي لا يمكن حسم موقفهم بشكل حاد تجاه السلطة بهذا القدر من التخوف.

* هل حاول مبارك الاستنجاد بالإدارة الأميركية في أيام حكمه الأخيرة؟

- لا، ولكن العكس صحيح.. حيث كان كل يوم يمر على الثورة ويسقط المزيد من الشهداء، كانت الإدارة الأميركية تضغط على مبارك لكي يتنازل عن الحكم، وتحديدا بعد خطاب مبارك الثاني للشعب، الذي وصف بأنه تحد كبير لإرادة الشعب، إلى أن قال أوباما في نهاية المطاف: «عليه أن يرحل الآن».

* هل علمت الإدارة الأميركية مسبقا بقرار تنحي مبارك يوم 11 فبراير؟

- لا لم تعرف التوقيت تحديدا، ولكنها كانت تطالب به يوما بعد يوم من خلال اتصالات مكثفة ما بين كل من رئيس الأركان الأميركي والمصري للضغط على مبارك للتنحي عن السلطة في أسرع وقت.

* ما رأيك فيما تردد عن دعم أميركا لثورة 25 يناير من خلال تدريبها لبعض الشباب؟

- ما قيل عن تدريب الشباب المصري على السيطرة على الحشود أو إقامة الثورات هو «هراء».. ولكن التدريبات التي تتم هي لكيفية رصد هؤلاء الشباب للانتهاكات، من خلال مراكز دراسات الديمقراطية.. وكيف يستخدمون التكنولوجيا الحديثة في التواصل مع العالم.

* ما ذكرياتك عن تلميذتك لرسالة الماجستير بالجامعة الأميركية (سوزان مبارك)، ورسالتها عن «الفقر في منطقة بولاق»؟

- للأمانة كانت تلميذة مجتهدة.. وقد أنشأت الكثير من مراكز التنمية المتكاملة وقتها في بولاق دعما لرسالة الماجستير، التي أجازتها اللجنة تحت إشرافي. وقد كان ذلك قبيل مقتل السادات بأسبوع، ثم أتمت مناقشة الرسالة في يونيو (حزيران) من عام 82، بعد اقتراحي لها بتأجيلها بعد أن أصبحت زوجة لرئيس الجمهورية، خوفا من أن يقال إنها حصلت عليها في يناير (كانون الثاني) بعد شهرين فقط من تولي زوجها الرئاسة.

* كنت من المقربين لعائلة الرئيس السابق؛ كيف ترصد تحول شخصية مبارك؟

- بداية علاقتي بأسرة مبارك كانت خلال حفل الحصول على درجة الماجستير لسوزان، حيث اعتدت بعدها أن أقابل مبارك ثلاث مرات سنويا كباحث وأستاذ جامعي وصديق على مدار الـ10 سنوات الأولى. بعد ذلك قلت هذه المرات، وبدا مبارك أكثر تضخميا لذاته وأقل استماعا وقدرة على التواصل مع الآخرين.. حينها رأيت بعيني ماذا تعني جملة «السلطة مفسدة».

* ما حقيقة ما يثار حول كون القضية التي اعتقلت على أثرها عام 2000، والتي اتهمت فيها بالتجسس والعمالة لصالح أميركا، كانت من تدبير جهاز أمن الدولة؟

- الأمر كان معروفا وواضحا تماما، منذ أعطى مبارك الضوء الأخضر لنظامه في التعامل معي إثر مقال «الجملوكية»، الذي اعتبره مبارك تدخلا سافرا في شؤون العائلة وفضحا لمخطط التوريث.. وبطبيعة الحال كان جهاز أمن الدولة هو اليد التي يبطش بها مبارك بخصومه.

* وما كواليس هذا المقال الذي تنبأت فيه بحدوث ثورات في كل من سوريا واليمن وليبيا ومصر؟

- «الجملوكية» تعني نصف ملكية ونصف جمهورية، وقد أطلقت هذا الوصف بناء على توقعاتي للتطور السياسي في المنطقة العربية التي سيحكم فيها الأبناء خلفا لآبائهم على الرغم من النظام الجمهوري. وكان ذلك يوم جنازة الرئيس الراحل حافظ الأسد في 10 يونيو 2000، التي استمر نقلها على الهواء 8 ساعات، وكنت ضيفا على إحدى المحطات الفضائية طوال هذه الفترة. ثم طلب مني الصحافي عبد الرحمن الراشد، رئيس تحرير مجلة «المجلة» السعودية وقتها، في اليوم التالي أن أكتب ما قلته على الهواء في مقالة تحمل نفس الاسم للمجلة. وبالفعل حدث ذلك، ثم انقلبت الدنيا رأسا على عقب في ذات اليوم، حيث صودرت المجلة وتم اعتقالي.

* تردد أن هناك تغيرا في أسلوب معاملة الرئيس لك بعدها..

- صحيح، وعلمت أن الرئيس السابق أخذ المقال وقال لسوزان (مبارك) بالحرف الواحد: «أتفضلي، أستاذك ناشر إيه عننا؟؟ بدأ يدخل العيلة أهو، بكره نلاقيه تحت السرير عندنا!!».. ثم هددها بالنص: «اختاري ما بين سعد الدين إبراهيم وما بين ابنك جمال»، ومن يومها لم نتكلم مرة أخرى أنا وأي من أفراد أسرة مبارك.

* تدخلت أميركا بشكل قوي للإفراج عنك، وهددت بمنع المعونات عن مصر من أجلك؛ فما سر هذا التحالف القوي بينك وبينهم؟

- ليس صحيحا أنني حليف قوي لأميركا، والدليل على ذلك أني سجنت 3 مرات، ولم يتدخل الأميركيون في المرتين الأوليين.. ولكن في المرة الثالثة، الذي حدث بالتحديد أن بعض منظمات حقوق الإنسان في أميركا بدأت بالضغط على الكونغرس لوضع شروط تتعلق بالمعونات المقدمة إلى مصر بعد أحداث سبتمبر (أيلول) 2001. وفي ذلك الوقت أقرت الإدارة الأميركية مساعدات إضافية لمصر خلاف المعونات الأصلية، في حين كان هناك توجه لتعليق هذه المعونات التي تقدر بنحو 200 مليون دولار، إثر الضغوط الممارسة على الكونغرس مقابل الإفراج عني. وقد سرب هذا الخبر لجريدة «واشنطن بوست» الأميركية قبل أن يعلن رسميا من الإدارة الأميركية، مما جعل «الدنيا تقوم ولا تقعد».. وقالوا إن أميركا تهدد مصر بإلغاء المعونات من أجل سعد الدين إبراهيم.

* كان هناك مئات المعتقلين السياسيين والناشطين في مصر، فلماذا أنت تحديدا؟

- عملي الحقوقي وتدشيني لأول تحرك مصري وعربي لحقوق الإنسان في المنطقة؛ فأنا المؤسس لحركة حقوق الإنسان العربية، هو ما جعل هذه المنظمات الدولية تسعى إلى الإفراج عني وليست علاقتي بأميركا.. كما ساندني البرلمان الأوروبي كناشط سياسي له رأيه على مدار سنوات طويلة.

* على الرغم من كونك معارضا قويا وعنيدا لنظام مبارك، فإنك أعلنت في النهاية قبولك لترشح جمال مبارك للرئاسة، فهل مورست عليك أي ضغوط؟

- لا لم يحدث، وإعلاني لهذا التأييد ليس تخليا عن مبادئي، بل جاء تماشيا.. والمبدأ الأساسي أن جمال مواطن مصري، وبالتالي من حقه أن يترشح شأنه شأن أي مصري آخر. ولكن إعلام النظام وقتها استغل هذا الرأي لتدشين مرحلة جمال مبارك، حتى من أشد معارضي النظام!

* تقرير الحريات الدينية الأخير جاء ضد مصر، فماذا تقول عنه؟

- إنه ليس ضد مصر، بل ضد الممارسات السيئة.. وليس المصريون كلهم مسؤولين عن هذه الممارسات، بل الحكومة هي المسؤولة. والتقارير الأولية، التي يستند إليها هذا التقرير، تستند بدورها إلى حقائق وأرقام وليست جزافية.

* هل الإخوان المسلون أو التيار السلفي خطر على الأقباط فيما بعد الثورة؟

- الأقباط عندهم خوف وتوجس مشروع، وأتمنى أن يتنبه علماء المسلمين إلى هذه المخاوف، خاصة المستنيرين منهم، للحيلولة دون هذه المخاوف.

* وما توقعاتك لوضع «الإخوان» في الحياة السياسية المصرية المقبلة؟

- «الإخوان» سيفوزون بما يقارب 30 - 40% من المقاعد النيابية في الانتخابات المقبلة، لأنهم الأكثر تنظيما والأكثر ثراء. ولأنهم سيكونون الكتلة الأكبر، سيكون لهم العدد الأكبر من النواب والعدد الأكبر من الوزراء أيضا.. وعلى الآخرين أن يتعاملوا مع هذا الوضع.

* وماذا عن التيار السلفي؟

- إن ما يفعلونه مهين للإسلام قبل أن يكون مهينا لمصر، وأتمنى أن يختفوا من على الساحة قريبا.

* هل يمكننا القول إن السمة الغالبة للتحول في مصر ما بعد 25 يناير، سيغلب عليها الطابع الإسلامي؟

- أتمنى أن لا يقع الإخوان المسلمون في نفس الموقف الذي وقع فيه «الإخوان» في الأردن، حينما أصروا على تولي وزارات التربية والتعليم والثقافة والإعلام، وكلها وزارت يغلب على العاملين بها النساء.. ثم طلبوا منهن ارتداء الحجاب، فثارت النساء الأردنيات أمام القصر الملكي الأردني، وأجبر هؤلاء الوزراء لاحقا على تقديم استقالتهم. فأرجو أن لا يطمعوا في السلطة وأن لا يزايدوا إسلاميا أو دينيا على الثورة، وأن يعلنوا موقفهم صراحة فيما يخص النساء والأقليات الدينية، لأن هذا الوقت لا يسمح بأي مزايدات.

* هل هناك أي تواصل بينك وبين «الإخوان»، خاصة أن مقر الفرع الرئيسي لحزب الحرية والعدالة افتتح مؤخرا في العمارة المقابلة لمقر مركز ابن خلدون؟

- لقد أرسلت لهم باقة ورود كبيرة للتهنئة بافتتاح الحزب، كما أن هناك تواصلا مع الكثير من قياداته لنقل تجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا إليهم، حيث عشت في تركيا لمدة عامين واطلعت على تجربتهم فيما يخص التيار الإسلامي والحكم.. وهم متحمسون جدا لهذه التجربة.

* هل تفكر في إنشاء حزب مستقل؟

- الأمر قيد الدراسة حتى الآن، ولكن في الغالب سأنضم إلى عضوية أحد الأحزاب الجديدة.. ولكني لم أتيقن من اختياري بعد.

* وماذا عن الترشح للرئاسة، وقد كنت أول من أعلن عن ترشيح نفسه لمنصب الرئيس أمام مبارك في منتصف التسعينات؟

- وقتها نعم.. ولكن الآن الثورة وأصحابها أولى، أما أنا فلا أصلح لأني ببساطة عجوز!

* لم تخف من رجالات مبارك ونظامه على مدار العشرين عاما الماضية، فممَّ تخاف الآن؟

- (ضاحكا بشدة) من زوجتي.. لقد خرجت من السجن مشلولا وأجريت 4 عمليات حتى أستطيع أن أكتب وأسير على قدمي.. وتعرضت لإهانات كبيرة وسجنت وأجبرت على المنفى ولم أخف، فماذا بعد هذا؟ وهي الوحيدة التي كانت معي في كل هذه الأهوال، فخوفي منها له علاقة بأنها صاحبة فضل كبير علي كرفيقة درب، لكن الرجال لم يعجبهم هذا الكلام، وقالوا لي: «كلنا لدينا نفس الشعور بس كان لازم تفضحنا؟!».