بغداد: عملية تمرد كبرى في سجن مكافحة الإرهاب.. انتهت بمقتل 18 شخصا

المالكي يتوعد المقصرين.. ومصدر أمني لـ «الشرق الأوسط»: خطط لها البطاوي مهندس هجوم كنيسة «النجاة»

عززت القوات الأمنية العراقية أمس من إجراءاتها في بغداد بعد تمرد سجناء من تنظيم القاعدة في سجن مكافحة الإرهاب (أ.ف.ب)
TT

بينما لم يعلن تنظيم القاعدة في العراق التابع لدولة العراق الإسلامية مسؤوليته عن أي من العمليات التي قام بها في العراق حتى الآن منذ الاثنين الماضي عقب إعلان الولايات المتحدة عن مقتل زعيم التنظيم أسامة بن لادن، وعددها ثلاث عمليات آخرها ما حصل أمس في سجن مكافحة الإرهاب التابع لوزارة الداخلية وقبلها عمليتا التفجير في بغداد والحلة، فإنه وطبقا لمصدر عراقي مطلع في وزارة الدفاع لـ«الشرق الأوسط»، فإن أحداث الأمس «عملية انتقامية مخطط لها من قبل عناصر التنظيم ردا على مقتل بن لادن».

وقتل ثمانية من أفراد الشرطة العراقية بينهم أربعة ضباط، بالإضافة إلى عشرة سجناء ينتمون إلى تنظيم القاعدة من بينهم مخطط الهجوم الدموي الذي استهدف مسيحيين في كنيسة «سيدة النجاة» وسط بغداد في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وأسفر عن مقتل أكثر من 50 شخصا، خلال محاولة فرار من سجن في وسط بغداد ليل السبت/الأحد تخللتها اشتباكات.

وقال مصدر في وزارة الدفاع لـ«الشرق الأوسط» إن «عملية سجن مكافحة الإرهاب الذي يضم عددا من أمراء (القاعدة) ووالي بغداد حذيفة البطاوي كانت عملية انتقامية مخططا لها من قبل عناصر التنظيم ردا على مقتل بن لادن». وأضاف أن «هؤلاء الذين يضمهم السجن هم من عتاة المجرمين ممن وقعوا في قبضة القوات العراقية وهم متلبسون بالجرم المشهود، ومن بينهم المتهمون بتفجير كنيسة (سيدة النجاة)، فضلا عن آخرين معتقلين بموجب المادة (4 إرهاب) كانوا قد اتفقوا على تنفيذ العملية بعد سماع ما يسمى بوالي بغداد خبر مقتل بن لادن بعد حصوله على شريحة هاتف جوال». وأشار إلى أن «الخلل يتحمله الحراس الموجودون بمعية هؤلاء لأنهم لم يدركوا أن هؤلاء يمكن أن يعملوا أي شيء» دون أن يستبعد أن «لعناصر التنظيم خارج السجن صلة بالتخطيط للعملية من الداخل عن طريق الهاتف وتحديد ساعة الصفر»، مشيرا إلى أن العملية وفقا لكل التوقعات كانت «مدروسة من خلال كيفية السيطرة على قطعة سلاح أحد الحراس وبعد أن ساد نوع من الهرج في القاعة على أثر مقتل عدد من الضباط والجنود، فقد سيطر عدد آخر من عناصر التنظيم على قطع سلاح أخرى».

ومن جهتها نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر أمني أن «العملية التي قادها البطاوي بدأت عند قيام ضابط برتبة ملازم بمحاولة استجوابه حول سلسلة الاغتيالات الأخيرة وإمكانية قيام (القاعدة) بعمليات انتقامية لمقتل أسامة بن لادن».

وذكر المصدر أنه «لدى فتح باب الزنزانة الخاصة بالمجموعة، تمكن البطاوي من الاستيلاء على مسدس الضابط والاحتفاظ به كرهينة، قبل أن يتمكن الآخرون من مغادرة الزنزانة إلى باحة السجن»، وأضاف أن «المجموعة تمكنت من الوصول إلى مكتب العميد مؤيد الصالح وقتله بإطلاق رصاصة في رأسه، وقتل ضابط آخر برتبة مقدم، فيما أصيب مقدم آخر بجروح»، وقتل الملازم الرهينة وملازم آخر.

وأشار إلى أن «المجموعة تمكنت من الاستيلاء على أسلحة مختلفة وقنابل يدوية داخل السجن، وقعت بعدها اشتباكات مع حراس السجن» قتل فيها أربعة عناصر من الشرطة.

وتمكن خمسة من السجناء «من التسلل إلى سيارة عسكرية في محاولة للفرار، لكن قوات التدخل السريع قتلتهم جميعهم»، بحسب المصدر ذاته.

وواصلت قوات مكافحة الإرهاب وقوات التدخل السريع فرض إجراءات مشددة حول المكان منذ بعيد منتصف الليل وحتى الساعة 4:30 (1:30 ت غ)، جرت خلالها اشتباكات متواصلة انتهت بقتل المتمردين الخمسة الباقين، وفقا للمصدر الأمني.

ومن جانبه، أصدر رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي القائد العام للقوات المسلحة، أمرا بتشكيل لجنة تحقيق للكشف عن ملابسات حادثة سجن الرصافة.

وشدد المالكي، خلال اجتماع على خلفية الحادث في مكتب القائد العام للقوات المسلحة العراقية، على «ضرورة عدم السماح بحصول أي تراجع أو اختراق أمني والحفاظ على الأمن وبشكل تصاعدي من خلال التشخيص الواقعي والدقيق وعدم الاعتماد على التقييمات الجاهزة وغير الميدانية».

بينما قال المصدر المطلع في وزارة الدفاع لـ«الشرق الأوسط» حول الإجراءات التي سوف يتم اتخاذها بعد أحداث التمرد، إن المالكي «شكل لجنة تحقيقية لمعرفة التقصير وأسبابه ودوافعه وسيتم في ضوء نتائجه اتخاذ الإجراءات المطلوبة التي ستكون شديدة بحق من يثبت تقصيره في هذه العملية».

وطبقا للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصدر في الداخلية، فإنه «سوف يتم فصل العناصر الخطيرة من تنظيم القاعدة عن العناصر الأقل خطورة، وذلك بوضعهم في أماكن منفردة مع تحصين عملية الحراسة باستخدام عناصر مدربة لمثل هذه العمليات ومجهزة بكل ما يلزم لمواجهة حالات عصيان أو تمرد من هذا النوع في المستقبل».

ويضم السجن الخاص بقضايا الإرهاب، الذي يقع في محيط وزارة الداخلية في منطقة قريبة من شارع فلسطين وسط بغداد، 220 معتقلا بينهم 38 ينتمون إلى تنظيم القاعدة ويصنفون بالخطرين.

ووفقا للمصدر الأمني، فإن عددا من الموقوفين أنقذوا حياة اثنين من الضباط غير المسلحين أثناء العملية بعدما قاموا بتخبئتهما فيما بينهم.

وكانت وزارة الداخلية العراقية قد أعلنت في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2010 عن اعتقال مجموعة البطاوي متهمة إياها بارتكاب مجزرة كنيسة «سيدة النجاة»، إضافة إلى مهاجمة قناة «العربية» والمصرف المركزي ووزارة الدفاع القديمة وسرقة محلات صاغة وأعمال عنف أخرى.

والمجموعة التي أعلنت وزارة الداخلية عن اعتقالها مكونة من 13 شخصا بينهم البطاوي الذي قالت عنه الوزارة إنه «خليفة والي بغداد السابق مناف الراوي».

والبطاوي الذي كان يدرس طب الأسنان في الأنبار، اعتقل في سجن بوكا الذي كانت تديره القوات الأميركية لعدة سنوات، قبل أن يطلق سراحه ويعين بمنصب رفيع المستوى في «دولة العراق الإسلامية».

وجدير بالذكر أن محاولات الفرار من المعتقلات تكررت مؤخرا في العراق وكان آخرها حفر نفق بطول 25 مترا في سجن تسفيرات الرصافة في 13 أبريل (نيسان) الماضي، إلا أن العملية باءت بالفشل بعدما عثر الحراس على السجناء قبل مغادرتهم السجن.

وسبقها عملية هروب 12 من كبار قيادات تنظيم القاعدة من سجن البصرة، بطريقة مجهولة لا يزال التحقيق فيها جاريا.

وفي عملية مماثلة جرت العام الماضي، أقدم أحد كبار قيادات تنظيم القاعدة بسحب سلاح محقق في الجرائم الكبرى وقتله قبل أن يطلق عليه عناصر من الشرطة النار ويقتلونه.