اليمن: 6 قتلى في تعز.. و«شباب الثورة» يدرسون «الزحف» على القصر الرئاسي

الزياني: بوادر انفراجة في الأوضاع

TT

تصاعدت حدة المواجهات أمس بين المتظاهرين وقوات الأمن في محافظة تعز، كبرى المحافظات اليمنية من حيث عدد السكان، فقد سقط مزيد من القتلى والجرحى، في حين بدأت الكيانات الشبابية في دراسة وتوحيد مواقفها إزاء مشروع الزحف على القصر الرئاسي، خاصة في ظل الضبابية التي تحيط بمصير المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية.

ولليوم الثاني على التوالي، شهدت مدينة تعز مواجهات عنيفة بين محتجين معتصمين أمام مبنى مكتب التربية والتعليم احتجاجا على إجراء الامتحانات النهائية للطلاب دون دراسة كاملة وأيضا على إجراءات تعسفية تعرض لها معلمون ومعلمات بعد التحاقهم بالثورة المطالبة بإسقاط نظام الرئيس علي عبد الله صالح، وقال شهود عيان ومصادر محلية إن ما لا يقل عن 6 متظاهرين سقطوا برصاص قوات الأمن المركزي والحرس الجمهوري أثناء محاولة فض الاعتصام، بعد أن سقط اليوم السابق، اثنان من المحتجين قتلا، وحسب المصادر الطبية بالمستشفى الميداني في «ساحة الحرية» في تعز، فقد وصلت أكثر من 80 حالة مصابة بالرصاص، إضافة إلى أكثر من 300 حالة اختناق بالغازات السامة التي درجت أجهزة الأمن اليمنية على استخدمها خلال الأشهر القليلة الماضية.

وتضامنا مع ما حدث في تعز، خرج مئات الآلاف من اليمنيين في مظاهرات بصنعاء والحديدة وعدن وحضرموت والبيضاء وشبوة ومناطق ومدن عدن في وشمال البلاد وجنوبها، وندد المشاركون في تلك المظاهرات بأعمال القمع التي تستهدف المتظاهرين، كما رفعوا شعارات تطالب برحيل فوري للرئيس علي عبد الله صالح عن السلطة ومحاكمته وأفراد عائلته الذين يسيطرون على الأجهزة الأمنية والعسكرية، وجددت المظاهرات رفضها للمبادرة الخليجية أو أي مبادرة لا تنص على رحيل فوري لصالح عن السلطة وتمنحه ضمانات بعدم الملاحقة القضائية بعد التنحي، ورفع المتظاهرون شعارات تقول إن ما يجري في اليمن هو ثورة وليس أزمة سياسية كما يتضح، بالنسبة لشباب الثورة، من سياق التعاطي اليمني الرسمي ودول مجلس التعاون الخليجي مع تطورات الوضع باليمن في الوقت الراهن.

وفي «ساحة التغيير» بصنعاء، تتدارس الائتلافات والكيانات للثورة الشبابية الشعبية السلمية، في اجتماعات متواصلة، المراحل النهائية للحسم، حيث تعالت الأصوات الداعية إلى «الزحف» على القصر الرئاسي في العاصمة صنعاء لإسقاط نظام الرئيس صالح «وفق خطط مدروسة»، وعكست المواقف الصادرة عن الكيانات الشبابية في صنعاء وجميع الساحات، مزاجا سيئا تجاه المبادرة الخليجية التي اعتبروها «فخا» والتفافا على الثورة الشبابية، في ظل ما يصفونه بمماطلة ومراوغة الرئيس صالح للالتفاف على ثورتهم وإفراغها من مضمونها بمبادرات سياسية لا علاقة لها بالثورة ومطلب التنحي الفوري.

على صعيد آخر، اعتقل جهاز الأمن القومي (المخابرات) في مطار صنعاء الدولي، أمس، العقيد الركن على محمد الخيشني، رئيس عمليات المنطقة الشرقية العسكرية لدى عودته من المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، وحسب المعلومات المتوافرة، فإن الاعتقال تم على خلفية انضمام الخيشني وقائده قائد المنطقة الشرقية العسكرية اللواء محمد علي محسن لثورة الشباب في مارس (آذار) الماضي، عندما التحق بالثورة عدد غير قليل من القادة العسكريين وفي مقدمتهم اللواء علي محسن الأحمر، قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية، قائد الفرقة الأولى مدرع.

في السياق ذاته، تفيد مصادر محلية أن معظم الوحدات والألوية العسكرية التي انضمت إلى الثورة، يعاني أفرادها من عدم صرف مرتباتهم ومستحقاتهم المالية حتى اللحظة من قبل الدائرة المالية في وزارة الدفاع اليمنية الموالية للرئيس علي عبد الله صالح، في حين تتواصل المساعي والتحركات لاحتواء ما تصفه السلطات بتمرد بعض الوحدات العسكرية وضمنها القاعدة الجوية في محافظة الحديدة التي يحاصرها الحرس الجمهوري الذي يقوده العميد الركن أحمد علي عبد الله صالح، منذ أسابيع في محاولة لإجبار قائدها المقال على تسليم القاعدة للقائد الجديد.

وفي ظل التطورات الجارية، يشعر المواطن اليمني بمخاوف عديدة من مستقبل الصراع في البلاد، وخلال اليومين الماضيين شوهد المواطنون في أكثر من منطقة ومدينة يمنية وهم يقبلون على شراء المواد الغذائية والتموينية، إضافة إلى البنزين وبكميات كبيرة رغم انعدام المشتقات النفطية وتوفرها بصورة متفرقة في بعض محطات البيع.

وعلى الصعيد السياسي! تراوح المبادرة الخليجية لحل الأزمة في هذا البلد مكانها في الوقت الحالي دون معطيات جديدة. وأعربت المعارضة الأحد عن أملها في موقف عملي من دول مجلس التعاون الخليجي تجاه «مراوغات» النظام! محذرة في الوقت ذاته من تدهور «خطير» في أوضاع البلاد. وأكد «اللقاء المشترك» وشركاؤه «إدانة المناورات والمراوغات التي لجأ إليها النظام بشأن التوقيع على اتفاق» تتضمنه مبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية لحل الأزمة المستعصية. وأضاف أن المعارضة «تأمل وتتوقع اتخاذ موقف عملي تجاه تلك المناورات والمراوغات! لا سيما أن الأوضاع تتدهور بشكل خطر في وقت لم يعد فيه النظام أو ما تبقى منه قادرا على حل أي مشكلة من المشكلات بعد أن أصبح بقاؤه المشكلة، وفقد شرعيته». وتابع أن «اللقاء المشترك وشركاءه قبلوا التعديلات التي كانت تأتي كل مرة كاستجابة من الأشقاء لرغبات طرف واحد! وهو الرئيس (علي عبد الله) صالح! رغم ما نواجهه من مشكلات حقيقية مع الشباب والشعب في ساحات الاعتصام». واعتبر أن «مسؤوليتنا الوطنية في اللحظة الراهنة تدفعنا إلى أن نعلن بوضوح تمسكنا بالاتفاق المسلم إلينا» من عبد اللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون و«تمسكنا بتأكيدات الأشقاء أنهم لن يقبلوا بتغيير أو تبديل حرف واحد في الاتفاق».

وفي السياق ذاته، أكد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، الدكتور عبد اللطيف الزياني، أن قادة دول الخليج سيناقشون في اجتماع القمة الخليجية في الرياض اليوم، الأزمات التي يمر بها المحيط العربي والإقليمي، ومن ضمنها الوضع في باليمن. وأوضح الزياني أن المبادرة الخليجية التي أطلقتها دول الخليج لحلحلة الأوضاع في اليمن ستكون من ضمن أجندة القمة الخليجية لبحث ما وصلت إليه من رؤى وردود مختلف القوى السياسية في اليمن، مشيرا إلى أن المبادرة لمست تجاوبا من قبل جميع الأطراف في اليمن، معبرا عن أمله في أن تنتهي الجهود الخليجية إلى حلول تنهي الأزمة اليمنية، وتقود اليمن حكومة وشعبا إلى بر الأمان. وقال الزياني إن قادة الخليج مهتمون بما يجري في اليمن، وأكد حرص دول الخليج على وقف نزف الدم في اليمن، مشيرا إلى أن «دول المجلس متمسكة بالمبادرة الخليجية باعتبارها الحل الأمثل المتاح لتسوية الأزمة اليمنية والحفاظ على وحدة وأمن واستقرار هذا البلد الشقيق ووقف نزف دم أبنائه»، وقال إن الاتصالات ما زالت مستمرة مع كل الأطراف اليمنية لتحقيق التوافق حول الإجراءات الخاصة بالتوقيع على الاتفاق الذي تم التوصل إليه بموافقة ممثلي الحكومة اليمنية وممثلي أحزاب اللقاء المشترك وشركائه. وأضاف الزياني أنه بحث مع جميع الأطياف اليمنية ما يمكن أن يعمل من أجل المبادرة، مشيرا إلى أن «هناك حلولا وبوادر انفراجة ربما تتم قريبا بإذن الله». وفي موضوع ذي علاقة، وصل إلى الرياض الاثنين رئيس مجلس الوزراء اليمني الدكتور علي محمد مجور في زيارة إلى المملكة لم يعلن عنها مسبقا. ومن المتوقع أن يسلم رئيس الوزراء اليمني رسالة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز من الرئيس اليمني علي عبد الله صالح. وتأتي زيارة مجور إلى الرياض بعد تضارب الأنباء عن قبول الرئيس صالح المبادرة الخليجية التي تنص على تنحيته عن السلطة.

وقد وضعت دول الخليج القلقة من استمرار الأزمة في اليمن منذ يناير (كانون الثاني) خطة تتضمن مشاركة المعارضة في حكومة مصالحة وطنية مقابل تخلي صالح عن الحكم لصالح نائبه على أن يستقيل بعد شهر من ذلك. وكانت المعارضة دعت دول الخليج إلى ممارسة ضغوط على صالح لكي يقبل المبادرة.