قائد السبسي: الحكومة الوحيدة التي تسير البلاد حاليا هي الحكومة المؤقتة

قال إن تصريحات الراجحي صادرة عن شخص غير مسؤول وكاذب.. والجيش يقرر متابعته قضائيا

TT

قال الباجي قائد السبسي، رئيس الحكومة التونسية المؤقتة، إن التصريحات التي أدلى بها مؤخرا فرحات الراجحي، وزير الداخلية السابق، هي «كلام خطير ولا أساس له من الصحة»، مشيرا إلى أنها «صادرة عن شخص غير مسؤول وكاذب».

وأضاف، في حوار تلفزيوني الليلة قبل الماضية، أن اتهامات الراجحي بوجود حكومة ظل هو كلام لا معنى له، لأنه لم يسمح لأي جهة أن تتدخل في قراراته كوزير أول.

وبخصوص إنهاء مهام الراجحي على رأس وزارة الداخلية، قال السبسي إن ذلك تم بأسلوب حضاري على عكس ما يدعي الراجحي، وإن سبب التغيير ناتج عن ضعف أداء هذا الأخير على رأس الوزارة، بالإضافة إلى جهله بمقتضيات التعامل الحكومي، حيث خول لنفسه تسمية مدير عام للأمن الوطني من دون استشارة رئيس الدولة والوزير الأول. ويرى السبسي أن الراجحي قد يكون ضحية أطراف لعبت به، كما أن مجمل تصريحاته تنم عن جهل وسخف في التحليل، لا سيما في ما يتعلق بحديثه عن إمكانية حصول انقلاب عسكري في حالة فوز حركة النهضة في الانتخابات، وفي اتهام «السواحلية» (نسبة إلى أبناء منطقة الساحل) بالهيمنة على الحكم، ملاحظا أن هذه الاتهامات خطيرة جدا والمقصود منها إثارة البلبلة في البلاد وإشعال نار الفتنة.

وأكد أن القضاء سيكون الفيصل بشأن هذه التصريحات لا سيما أن المؤسسة العسكرية قررت إحالة الموضوع إلى القضاء.

وأشار السبسي إلى أن تصريحات الراجحي تزامنت مع الإعلان عن الحالة التوفيقية التي توصلت إليها الحكومة مع الهيئة العليا لحماية الثورة بشأن الفصل 15، وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول نوايا هذا الشخص ومن وراءه.

وتعرض السبسي إلى موضوع الانفلات الأمني الذي سجل خلال الأيام الماضية في العاصمة وعدد من المدن التونسية، فأوضح أن الأجهزة الأمنية تعيش في الفترة الراهنة أزمة نفسية وأزمة ثقة لأنها شعرت بأنها مستهدفة، مشيرا إلى قرار وزارة الداخلية تتبع عدد من أعوان الأمن الذين ثبت تورطهم في أعمال عنف ضد مواطنين وصحافيين بعد مظاهرات وسط العاصمة نهاية الأسبوع الماضي.

ولاحظ السبسي أن المؤسسة السجنية تعيش بدورها أزمة أعوان ومشرفين فضلا عن تواصل المطالب المهنية والاجتماعية لمنتسبي سلك السجون والإصلاح، مؤكدا أن الدولة ليس باستطاعتها تلبية كل المطالب في الوقت الراهن.

وذكر أن مديري بعض السجون طالبوا مثلا بعدم تتبع زميل لهم متهم بقتل سجين «وهذا غير ممكن لأننا نؤمن باستقلالية القضاء وعدم التدخل في أعماله».

وحظي موضوع التطورات الأمنية على الحدود التونسية - الليبية باهتمام السبسي، فأوضح أن تونس فتحت أراضيها لاستقبال الأشقاء الليبيين، كما قامت بتقديم المساعدات الطبية والعلاجية لهم دون تمييز، نافيا بالمناسبة ما تردد من أخبار حول طلب حلف شمال الأطلسي (الناتو) من تونس تسهيلات على أراضيها للقيام بعملية عسكرية برية في اتجاه ليبيا قائلا «هذا أمر غير مطروح أبدا، ومن يفكر في ذلك فهو غير مسؤول».

وفي الشأن الاقتصادي، أشار السبسي إلى أن الحكومة المؤقتة أعطت الأولوية للجهات الداخلية في المخططات التنموية العاجلة، كما وقعت برمجة عدة مشاريع كبرى في هذه الجهات ذات قدرة تشغيلية كبيرة.

وبين السبسي أنه إذا تواصلت حالة الفلتان الأمني وكذلك حركة الإضرابات والاعتصامات المهنية والاجتماعية في مختلف جهات البلاد، فإن الاقتصاد الوطني سيخسر الكثير، مؤكدا أن الحكومة المؤقتة مجندة للدفاع عن الثورة الشعبية والمحافظة على مكاسبها.

ونفى السبسي ما تردد حول حصول لقاء بين الجنرال رشيد عمار، رئيس أركان الجيش التونسي والرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في قطر.

إلى ذلك، قالت مصادر حقوقية إن الراجحي سيواجه تهمة إفشاء أسرار هو مؤتمن عليها وكذلك إثارة الفتنة بين التونسيين.

ودعا المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين أمس إلى إيقاف إجراءات رفع الحصانة القضائية في حق القاضي الراجحي والتراجع عن متابعته قضائيا للحيلولة دون تدهور الوضع القضائي وتأزيم الأوضاع في تونس.

وأكدت الجمعية مساندتها للراجحي، وقالت إن تصريحاته لا تبرر بأي وجه من الوجوه أن يكيل له رئيس الحكومة المؤقتة بصفة علنية أبشع الصفات وأن ينسب له أفعالا تمس من شرفه، وتحط من قدره وكرامته كقاض.

وأعرب المكتب التنفيذي لجمعية القضاة عن استغرابه من الإسراع في تتبع هذا القاضي قياسا بالتباطؤ في إجراءات محاسبة مجرمي النظام البائد ورموز الفساد، محذرا من تبعات الزج بالقضاء في مسائل خلافية تتصل بحرية التعبير.

وفي العاصمة التونسية، فرقت قوات مكافحة الشغب أمس بالقوة مجموعة من الشباب المحتج المطالب باستقالة الحكومة المؤقتة. وسيطرت قوات الأمن على الشارع الرئيسي بالعاصمة ومنعت كل أشكال التظاهر. ووقفت العشرات من سيارات الأمن على حافتي الطريق مضيقة الخناق على المحتجين في شارع الحبيب بورقيبة الذين رددوا شعار «الشعب يريد الثورة من جديد».