الجزائر: شباب يقطعون أجسادهم احتجاجا على إقصائهم من برنامج سكني لفائدة الفقراء

تهديد بالانتحار الجماعي في حال عدم مراجعة قائمة المستفيدين

TT

عرفت أحياء شعبية جزائرية تقع شرق البلاد وضعا استثنائيا أول من أمس، عندما قطع أشخاص أجسامهم بشفرة حلاقة احتجاجا على إقصائهم من مساكن وزعتها الدولة بالمجان على محدودي الدخل والفقراء.

وخلَّف منظر الأجسام وهي مخضبة بالدماء استياء بالغا في أوساط سكان عنابة القريبة من الحدود التونسية.

وتناولت بعض الصحف الجزائرية، أمس، أحداث أحياء «وادي الذهب» و«جمعة» و«شوماريل»، بولاية عنابة (600 كم شرق العاصمة)، ونشرت صورة شابين ظهرت على جسميهما جروح تنزف منها الدماء. ورفع الشابان لافتة من القماش كُتب عليها «السكن أو الانتحار». وكان ذلك مشهدا في احتجاجات صاخبة، نظمها المئات من سكان الأحياء الشعبية الفقيرة ثارت ثائرتهم عندما وجدوا أن أسماءهم غير موجودة في قائمة المستفيدين من «السكن الاجتماعي»، الذي تمنحه الدولة لمحدودي الدخل والفقراء.وخرجت عائلات بأطفالها ونسائها وشبابها وحتى شيوخها إلى الشارع، وهددوا بالانتحار الجماعي في حال عدم مراجعة القائمة الاسمية للمستفيدين من السكن، التي تتضمن 313 شقة. ويقول المحتجون إنهم رفعوا طعونا للدائرة الإدارية المسؤولة عن توزيع السكن، لكنها لم تأخذها بعين الاعتبار. وقال الغاضبون لمراسلي الصحف بعنابة: إن الكثير ممن استفادوا من حصة المساكن حاصلون على مساكن من قبل بصيغ أخرى، مثل شقق وفق نظام «السكن التساهمي»، أو بموجب «وكالة تطوير السكن وتحسينه» أو بفضل «ديوان الترقية والتسيير العقاري». وذكر بعضهم أن جزءا من المستفيدين من البرنامج السكني حصلوا على شقق بأسماء أولادهم وزوجاتهم.

ونظم المحتجون مسيرة توجهت إلى مقر الدائرة الإدارية ثم مبنى الولاية، وتدخلت قوات مكافحة الشغب لتفريق المتظاهرين واعتقلت عددا منهم. وسمع صراخ النساء والأطفال، بعدما قطع بعض الشباب أجسامهم. وقال بعضهم إنهم يترقبون الحصول على سكن منذ سنوات طويلة. واتهموا المسؤولين المحليين بتلقي رِشَا مقابل تسليم المساكن لأشخاص بعينهم. وقدم المستاؤون للوالي عريضة تتضمن «الأشخاص الذين استفادوا من السكن مقابل دفع رشا».

وعاد الهدوء إلى الأحياء الغاضبة في آخر النهار، ونقل الشباب الذين قطعوا أجسامهم إلى المستشفى للعلاج. وهدد المحتجون بالخروج إلى الشارع مجددا إذا لم تلغَ قائمة المستفيدين، ويعاد النظر في مقاييس اختيار الأشخاص الذين هم بحاجة إلى السكن.

كانت أزمة السكن قد سببت اضطرابات خطيرة شهدتها البلاد مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي. وخلال السنوات الـ10 الماضية، شكلت الأزمة نفسها بؤر احتجاج في كل ولايات الجزائر تقريبا (48 ولاية). وتقول الحكومة إنها أنجزت مليوني سكن ما بين 1999 و2009. وتعهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ببناء مليوني سكن أخرى قبل نهاية ولايته الثالثة في 2014، مما يعني امتصاص الطلب المقدر بـ1.5 مليون سكن.