باكستان تسمح لواشنطن باستجواب «أرامل» بن لادن

السعوديتان «أم حمزة» و«أم خالد» واليمنية أمل السادة

جنود باكستانيون يمنعون ممثلي الصحافة العالمية من الاقتراب من المقر السكني لابن لادن في مدينة أبوت آباد (أ.ف.ب)
TT

أكد وزير الداخلية الباكستاني، رحمن مالك، أمس، أن إسلام آباد ستسمح لمحققين أميركيين باستجواب «أرامل» زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، الذي قتل في عملية نفذتها وحدة من القوات الأميركية الخاصة، على منزله قرب العاصمة الباكستانية إسلام آباد، في 2 مايو (أيار) الحالي.

جاءت تأكيدات وزير الداخلية بعد ساعات من تصريحات لمسؤول رفيع في الاستخبارات الباكستانية، أول من أمس، أشار فيها إلى أنه قد يتم السماح للمحققين الأميركيين باستجواب زوجات بن لادن «اللاتي قد تسمح بلدانهن بذلك»، إلا أن مالك رفض لـ«سي إن إن»، في مقابلة، تحديد موعد لهذه الاستجوابات، كما لم يكشف عن طبيعة المكان الذي سيلتقي فيه المحققون الأميركيون أرامل بن لادن، اللاتي نجين من العملية التي أسفرت عن مقتل زعيم «القاعدة» وعدد من مرافقيه.

كانت السلطات الباكستانية قد أكدت، في وقت سابق، أنها ستقوم بتسليم أفراد أسرة بن لادن إلى بلدانهم الأصلية، بعد خضوعهم للاستجواب بصورة مبدئية من قبل محققين باكستانيين. من جهته، قال وكيل وزارة الخارجية الباكستانية سلمان بشير، أمس، في إسلام آباد: «لم تتقدم الولايات المتحدة، حتى الآن، بطلب رسمي لمقابلة أرامل بن لادن». وأضاف: «سنفكر في الأمر إذا ورد طلب رسمي إلينا». وقال مسؤول أمني باكستاني: إن الزوجات الثلاث وعدة أطفال كانوا من بين 15 أو 16 شخصا احتجزتهم القوات الباكستانية بعد أن قام فريق كوماندوز تابع للبحرية الأميركية بقتل بن لادن في مجمع في أبوت آباد وأخذ جثته لدفنها في البحر. وبحسب المصادر الباكستانية فإن إحدى زوجات بن لادن من اليمن، بينما ذكر مسؤول أميركي، طلب عدم الكشف عن هويته، أن الزوجتين الأخريين من السعودية. وكان مسؤول أميركي كبير قد ذكر في واشنطن أن الولايات المتحدة تأمل في الوصول إلى عائلة بن لادن المعتقلة في باكستان «قريبا». ولم يقدم مزيدا من التفاصيل. وفي تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، قال تمينا جانجوا، المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية، مساء أول من أمس: «إن الوزارة لم تتسلم طلبا رسميا من الولايات المتحدة» في هذا الصدد. ومنذ عملية الثاني من الشهر الحالي، في منطقة أبوت آباد، قرب إسلام آباد، تتحفظ السلطات الباكستانية على الزوجات الثلاث لزعيم تنظيم القاعدة. وأصيبت إحدى الزوجات، وتدعى أمل أحمد عبد الفتاح السادة، تبلغ من العمر 29 عاما، خلال الهجوم الذي شنه عناصر من وحدة «النخبة» التابعة للبحرية الأميركية على مقر إقامة بن لادن.

بينما كشف مسؤولون أميركيون عن هوية الزوجتين الأخريين، إحداهما تدعى خيرية صابر، المعروفة باسم «أم حمزة»، والأخرى سهام صابر «أم خالد».

من جهته، قال مسؤول استخباراتي باكستاني رفيع لـ«الشرق الأوسط» إن الزوجتين السعوديتين ليست لديهما جوازات أو وثائق سفر، لكنهما متعلمتان تعليما عاليا، بينما عثر مع أمل السادة اليمنية، أصغر زوجاته عمرا، على جواز سفر. وأوضح المسؤول الباكستاني لـ«الشرق الأوسط» أن «الزوجات الثلاث لم يعشن في أبوت آباد طوال الـ5 سنوات الماضية، زوجة واحدة كانت هناك لمدة 3 سنوات متصلة».

من جهته، أوضح ناصر البحري (أبو جندل)، الحارس الخاص لزعيم تنظيم القاعدة خلال الفترة من 1997 إلى 2000 في قندهار لصحيفة «لو فيغارو» الفرنسية أن زوجتيه السعوديتين، أم حمزة وأم خالد، تعرفان الكثير من أسرار التنظيم الإرهابي. وأشار البحري إلى أن أم حمزة كانت المفضلة لديه، واعتاد أسامة بن لادن استشارتها في الكثير من الأمور لدراستها العلوم الإسلامية، وهي تنحدر من أسرة كبيرة في مكة؛ حيث تنتمي إلى آل الكندي المعروفين. وأكد البحري أن أم حمزة تعتبر أم الجهاديين؛ فهي تتدخل لحل الأزمات الأسرية بين الأزواج وتساعد النساء على الولادة. كما أنها قامت بتعليم جميع أطفال بن لادن تلاوة القرآن الكريم. وحصلت أم خالد على دراستها في اللغة العربية على الرغم من رفض بن لادن لاعتباره تعليم النساء حتى الدرجات العلمية الكبرى مثل الماجستير أكثر مما ينبغي. قُتل ابنها البكري خالد خلال الغارة الأميركية على مقر إقامة الأسرة.

عاش بن لادن أيامه الأخيرة مع الزوجات الثلاث، لكن العلاقات بينهن لم تستقر واعتدن النزاع فيمن بينهن. ويروي أبو جندل، الحارس الشخصي لبن لادن، أن أم حمزة استشاطت غضبا عند زواج أسامة من أمل السادة، التي كانت تبلغ الـ17 من عمرها عند زواجهما، حتى أبناؤه الكبار أعربوا عن غضبهم من زواج أبيهم بفتاة تقل عمرا عن بعض أبنائه ولم تشارك أم حمزة في حفل الزفاف سوى لدقائق معدودة ويتذكر البحري الأجواء القمعية التي مارسها بن لادن ضد زوجاته وأبنائه وسادت حفل الزفاف. وكانت أنباء سابقة قد ذكرت أن زوجة بن لادن حاولت حمايته أثناء الهجوم، مشيرة إلى أن أسامة قاوم المهاجمين، غير أنه تبين لاحقا أن هذه الأنباء عارية عن الصحة، وأن أسامة بن لادن لم يكن مسلحا عندما اقتحمت القوة الأميركية مقره السكني. وعلى الرغم من التساؤلات التي أثارها كثير من المسؤولين الأميركيين حول كيفية وجود بن لادن في منطقة تشهد وجودا كثيفا للقوات الباكستانية قرب إسلام آباد، طوال سنوات، فقد أكد مالك رفضه لتلميحات تشير إلى أن زعيم «القاعدة» كان يحظى بدعم من الحكومة أو الجيش أو الاستخبارات الباكستانية. وتواجه الحكومة الباكستانية ضغوطا لتفسير كيفية العثور على بن لادن في البلدة التي توجد بها حامية عسكرية على مقربة من الأكاديمية العسكرية الرئيسية وتواجه انتقادات في الداخل بشأن الخرق المتصور للسيادة الباكستانية من قبل فريق الكوماندوز الأميركي. ويريد المحققون الأميركيون استجواب زوجات بن لادن الثلاث مع سعيهم لتعقب حركته والتوصل لشبكته المتشددة العالمية. وقال مسؤول أميركي، على اطلاع على الأمر في واشنطن: «إن الباكستانيين مستعدون الآن، على ما يبدو، للموافقة على لقاء. ونتعشم أن ينفذوا الإشارات التي يرسلونها». وأضاف المسؤول أن باكستان تقول إن الزوجات الثلاث - وإحداهن من اليمن، والأخريان من السعودية - وأطفالهن ستتم إعادتهم إلى بلادهم، وإن باكستان تجري اتصالات مع بلادهم، لكنها لم تقل بعد إنها ستأخذهم.

وعمق اكتشاف بن لادن الشكوك في أن وكالة المخابرات الباكستانية، التي لها تاريخ طويل من الاتصالات مع المتشددين، ربما كانت لها صلات بزعيم تنظيم القاعدة، أو أن بعض عملائها فعلوا ذلك. ودعا بعض النواب الأميركيين إلى قطع المساعدات الأميركية لباكستان، التي يبلغ حجمها مليارات الدولارات، لكن الولايات المتحدة لم تصل إلى حد اتهام باكستان بإيواء بن لادن.

وقال جاي كارني، المتحدث باسم البيت الأبيض، أول من أمس: «نعتقد أن من المهم للغاية الاحتفاظ بعلاقات تعاون مع باكستان تحديدا؛ لأن مصلحة أمننا القومي تقتضي ذلك». وفي أول كلمة رئيسية له بعد قتل بن لادن، رفض رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني إشارات إلى عدم الكفاءة أو حتى التواطؤ في إخفاء زعيم «القاعدة». وقال جيلاني للبرلمان، أول من أمس: إن ادعاءات التواطؤ أو العجز سخيفة.