مصر: آلاف المسيحيين يواصلون الاعتصام أمام مبنى ماسبيرو لليوم الثالث على التوالي

رئيس الوزراء يقرر إحالة المتهمين في أحداث إمبابة إلى محكمة أمن الدولة العليا طوارئ

العشرات من الأقباط واصلوا احتجاجهم أمس أمام مقر الإذاعة والتلفزيون (ماسبيرو) لليوم الثالث على التوالي، منددين بحادث إمبابة (تصوير: عبد الله السويسي)
TT

واصل آلاف المسيحيين أمس اعتصامهم لليوم الثالث على التوالي أمام مبنى التلفزيون الحكومي بمنطقة ماسبيرو القريبة من ميدان التحرير، رغم قرار الدكتور عصام شرف رئيس حكومة تصريف الأعمال إحالة المتهمين في الأحداث الطائفية التي وقعت في حي إمبابة يوم السبت الماضي إلى محكمة أمن الدولة العليا طوارئ.

وجاء قرار شرف بعد اجتماع مشترك مساء أول من أمس بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة (الحاكم) والحكومة، برئاسة المشير حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

وأعلنت وزارة الداخلية المصرية أمس القبض على 10 من السلفيين دعوا في مقاطع فيديو بثت على الشبكة العنكبوتية إلى مهاجمة المسيحيين وحرق جميع الكنائس بمنطقة إمبابة.

وشهد حي إمبابة الشعبي بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة) اشتباكات طائفية بين المسلمين والمسيحيين بدأت مساء يوم السبت الماضي واستمرت حتى يوم الأحد الماضي، وأسفرت عن مقتل 12 وإصابة 242 آخرين، وتحطم وحرق كنيستي مارمينا والعذراء، على خلفية مزاعم باختطاف الكنيسة لفتاة مسيحية أشهرت إسلامها واحتجازها داخل كنيسة مارمينا. واتهم مصدر أمني مسؤول بوزارة الداخلية فلول الحزب الوطني الديمقراطي، المنحل، بالوقوف وراء إشعال نار الفتنة بين المسلمين والمسيحيين بمصر، وقال «هناك معلومات أولية ما زالت أجهزة التحقيق تعمل على التأكد من صحتها تشير إلى تورط رجال أعمال كبار في أحداث الفتنة الطائفية بإمبابة في محاولة يائسة منهم لإجهاض ثورة 25 يناير».

وكان أحد الشيوخ السلفيين قد ظهر في تسجيل مصور على شبكة الإنترنت ودعا كافة المسلمين إلى مهاجمة أقباط مصر وحرق جميع الكنائس بمنطقة إمبابة، لاحتوائها على كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة التي تستخدم ضد المسلمين، على حد قوله.

وعلى صعيد متصل، ألقى رجال القوات المسلحة بالتنسيق مع قطاع الأمن العام، القبض على 28 متهما من المتورطين في أحداث إمبابة، حيث تمت مداهمة منازلهم بمنطقة إمبابة وضبطهم وإحالتهم إلى النيابة للتحقيق، فيما قررت النيابة العسكرية تجديد حبس 26 من المتهمين بأحداث كنيستي مارمينا والعذراء بإمبابة.

وميدانيا، ساد الهدوء أمس في منطقة إمبابة وسط وجود مكثف لقوات الجيش التي انتشرت في الشوارع المحيطة بكنيستي مارمينا والعذراء، وواصلت فرض حالة حظر التجوال على المنطقة، حيث منعت دخول أي فرد من غير سكانها إليها.

وظهرت الفتاة «عبير» التي تسبب إشهار إسلامها في الأحداث الأخيرة الليلة قبل الماضية، في اتصال هاتفي مع برنامج تلفزيوني يقدمه الإعلامي محمود سعد بإحدى القنوات الخاصة، كما أجرى موقع «الجماعة الإسلامية» حوارا معها نشره الليلة قبل الماضية.

وأكدت عبير أنها أسلمت في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وانتقلت للإقامة في محافظة القليوبية، إلا أن أحد المحيطين بها وشى بمكانها إلى أهلها الذين توصلوا لها في شهر مارس (آذار) الماضي واحتجزوها بعدة كنائس كان آخرها كنيسة مارمينا بإمبابة.

وأضافت أنها لم تتزوج عرفيا أو رسميا من أي شخص، لأنها ما زالت تنتظر حكم القضاء بتفريقها عن زوجها المسيحي بعد إسلامها حيث حدد القضاء أواخر مايو (أيار) الحالي موعدا لنظر القضية.

واجتمع الدكتور علي عبد الرحمن محافظ الجيزة أمس بكهنة كنيسة العذراء للتنسيق بشأن بدء أعمال الترميم، التي ستقوم بها شركة «المقاولون العرب» لحساب المحافظة، واتفق الطرفان على استمرار إقامة الصلوات والشعائر الدينية داخل الكنيسة أثناء عملية الترميم.

وقال الدكتور عبد الرحمن، وهو عميد سابق لكلية الهندسة بجامعة القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»: «إن التقييم الإنشائي للكنيسة أكد أن حالة المبنى لا تستدعي الإخلاء الكامل أثناء أعمال الترميم».

وأكد المحافظ أن دور المحافظة حاليا هو التنسيق مع الجهات المعنية لتقديم الخدمات للمواطنين وتوفير كافة السلع وإزالة الأنقاض الناتجة عن أحداث الشغب والحريق، وقال «نبذل قصارى جهدنا ونناشد الجميع التعاون معنا».

من جهة أخرى، استقبل الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الداعية السلفي محمد حسان في مكتبه بالمشيخة، في أول زيارة من نوعها.

وخلال اللقاء تبرأ الشيخ محمد حسان من أحداث إمبابة، قائلا «التيار السلفي بريء من الأحداث وليست من أدبياته، ويجب على الجميع أن يتعاون لأمن هذا البلد ولعزة الدين». وقال حسان «إن الشريعة الإسلامية تحرم المساس بدور العبادة، والقرآن والسنة والإجماع أوجب حماية حقوق المسيحيين ورعايتهم»، مؤكدا أنه «لا يمكن لمسلم سلفي أن يعتدي على كنيسة، فهذا شخص غير متدين»، مطالبا بتطبيق القانون على المسلمين والمسيحيين.

وأضاف «يجب أن يحاسب المخطئ من الجانبين حسابا عسيرا حتى لا يفكر في العبث»، معلنا تبرؤ الدعوة السلفية من أي أحد يخرج عن أصول وأدبيات المنهج السلفي في حماية المسيحيين بإجماع أهل العلم. وقال «لا يجوز لأحد أن يأخذ حقه بيده، كما لا يجوز لأحد أن يخرج سلاحه لأخذ حقه»، مطالبا بتفعيل القانون وإعادة هيبة ومكانة الدولة لمواجهة دعاوى الفتنة الطائفية التي تهدد أمن واستقرار البلاد، مؤكدا أن «مجلس بيت العائلة» هو خطوة على الطريق، متمنيا أن ينضم له بعض الأشخاص المؤثرين على الساحة الدعوية لمواجهة دعاوى الفتنة الطائفية واقتلاع جذورها.

من جانبه، رحب شيخ الأزهر بالتعاون مع التيار السلفي وكافة التيارات الدعوية، من أجل وضع خطاب إسلامي موحد للتصدي للفتاوى المتضاربة والمتشددة التي تثير البلبلة والخلافات في هذه المرحلة الحرجة، مشيرا إلى أن الأزهر حريص على أن يلتقي الجميع على الأصول التي تسع كافة التيارات الدعوية وتنحية الخلافات حول الفروع والجزئيات والقضايا الفرعية التي تؤدي إلى بروز تلك الخلافات.

من جانبها، دعت اللجنة التنسيقية لجماهير الثورة، التي تضم ائتلاف شباب الثورة و«الإخوان المسلمين» والجمعية الوطنية للتغيير ومجلس أمناء الثورة وتحالف ثوار مصر وائتلاف مصر الحرة في بيان لها إلى تنظيم مسيرات مليونية «الوحدة الوطنية وأمن المواطن» في ميدان التحرير بالقاهرة والميادين الكبرى في أنحاء مصر يوم الجمعة المقبل لمواجهة مؤامرات أعداء الثورة من فلول النظام السابق والحزب الوطني المنحل والبلطجية والمجالس المحلية الفاسدة لقيامهم ببث الفتنة الطائفية بين أبناء مصر، وزعزعة أمن الوطن والمواطن.

وقال الدكتور محمد طمان عضو مجلس أمناء الثورة لـ«الشرق الأوسط»: «إن المسيرات هدفها التأكيد على أن المسلمين والمسيحيين كيان واحد، وقد وجهنا الدعوة للجميع للمشاركة في المسيرات».

وتوقع طمان أن يستجيب عدد كبير للمشاركة في المسيرات، وقال «وجهنا الدعوة للمسيحيين المعتصمين أمام مبنى ماسبيرو للمشاركة في المسيرة التي تنطلق من ميدان التحرير يوم الجمعة المقبل وننتظر مشاركتهم».