عمرو موسى: نظام مبارك هو المسؤول عن العنف الطائفي

قال: إن الانتهاك الأكثر وضوحا للحريات كان مسألة توريث الحكم

عمرو موسى (إ.ب.أ)
TT

تحدث عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، من القاهرة الأسبوع الماضي مع لالي ويموث، مراسلة «واشنطن بوست»، عن نيته الترشح لمنصب الرئاسة في مصر، ودار الحوار كالتالي:

* كانت الولايات المتحدة ومصر تتقاسمان رؤية استراتيجية مشتركة. هل ستستمر هذه الرؤية في المستقبل؟

- يعتمد هذا على الرؤية الاستراتيجية، فخلال الأوقات التي تشهد تغيرات رئيسية، ينبغي إعادة النظر في الاستراتيجية، كما ينبغي مراجعة وجهات النظر القديمة. وبقدر الحاجة إلى استمرار العلاقات الوطيدة بين مصر والولايات المتحدة، بقدر ما ينبغي أن تؤخذ التغيرات التي طرأت على العالم العربي في الاعتبار.

* ماذا يعني ذلك؟

- على الجانب الإيجابي سوف يستمر البلدان في التعاون والتفهم والمشاورات، ولكن يجب الوضع في الاعتبار أن الديمقراطية في هذه البلدان ما زالت ناشئة، ولن تكون مجرد مكالمة هاتفية لشخص واحد من شأنها أن تعطي الجواب بـ: نعم أو لا.

* هل يشعر المسؤولون في واشنطن بالقلق إزاء التغيير في علاقة مصر مع إيران؟

- إيران ليست العدو الطبيعي للعرب، ولا ينبغي أن تكون كذلك. ثمة الكثير الذي يمكننا الاستفادة منه من خلال علاقات سلمية - أو علاقات أقل توترا – مع إيران.

* ولكن الولايات المتحدة تركز على القضية النووية.

- القضية النووية في الشرق الأوسط تعني إسرائيل أولا ثم إيران.

* إذا أصبحت رئيسا هل ستبقي على معاهدة «السلام» مع إسرائيل؟

- المعاهدة هي معاهدة. بالنسبة لنا، تم التوقيع على المعاهدة من أجل السلام، ولكن ذلك يعتمد أيضا على الطرف الآخر. لو سألتني عن نوعية العلاقات التي أود أن أراها بين العالم العربي وإسرائيل، فسأقول لك إن الموقف العربي – ومصر طرف فيه – يرتكز على مبادرة السلام العربية لعام 2002.

* هل تشعر بالقلق إزاء ما ستقوم به الجماعات العلمانية هنا في مصر خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة؟

- كان يجب أن تعقد الانتخابات الرئاسية قبل الانتخابات البرلمانية، وكان ينبغي انتخاب رئيس مدني جديد لكي يقوم برئاسة وقيادة العمل على وضع دستور جديد وإنشاء إطار لجمهورية جديدة، ثم تأتي بعد ذلك الانتخابات البرلمانية.

* ولكن المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو الذي قرر أن تعقد الانتخابات البرلمانية أولا؟

- إنها التعديلات الدستورية، التي تمت الموافقة عليها (في استفتاء) من قبل الأغلبية رغم بعض المعارضين من أمثالي. لدي اعتقاد قوي بأن الانتخابات الرئاسية كان يجب أن تسبق الانتخابات البرلمانية.

* وماذا قال المجلس العسكري حيال ذلك؟

- حتى الآن، يقوم المجلس بـ«التخطيط» للانتخابات البرلمانية، ولكن أعتقد أننا لدينا ما يكفي من الوقت لإعادة النظر في ذلك.

* هل معنى ذلك أن المجلس العسكري قد يعيد النظر في «الجدول الزمني للانتخابات»؟

- نعم، المجلس الأعلى يتمتع بالسيادة وهو من يحكم مصر حاليا.

* يبدو أن الكثير من الجماعات السياسية غير منظمة للغاية.

- وهذا هو السبب في أنه ينبغي إعطاؤهم المزيد من الوقت حتى تعكس الانتخابات البرلمانية القادمة العناصر الحقيقية للمجتمع.

* هل تشعر بنفس القلق من فوز الإخوان المسلمين في حال تم عقد الانتخابات في سبتمبر (أيلول)؟

- من الممكن أن يفوزوا ومن الممكن أن يخسروا، فهناك أطراف أخرى تقوم بإعداد نفسها بوتيرة متسارعة، ولكن لا أعتقد أنها تملك ما يكفي من الوقت لإيجاد مكان لها في البرلمان.

* هل تشعر بالقلق من العنف الطائفي في مصر – أعمال العنف بين السلفيين والأقباط؟

- كل هذه الأحداث السلبية هي نتاج سوء إدارة المجتمع والدولة في ظل النظام السابق، وكان ينبغي ألا يوجد هذا الصراع الطائفي في دولة مستنيرة كمصر.

* ما قولك في ادعاء أن بعض الأجهزة الأمنية القديمة هي التي أثارت السلفيين؟

- الحقيقة هي أنه لدينا مشكلة، وأنا واثق بأن الغالبية العظمى من سكان مصر لا تريد أن ترى صراعا دينيا أو طائفيا.

* عندما تنظر للخلف إلى النظام القديم، ماذا كانت المشكلة الرئيسية في رأيك؟

- كان الانتهاك الأكثر وضوحا هو مسألة توريث الحكم. لو لم تحدث الثورة في يناير (كانون الثاني)، لتم توريث الحكم في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران)، عندما كان النظام سيعلن ترشيح جمال مبارك في الانتخابات الرئاسية، وعندها كان سيرفض الشعب بأكمله هذا السيناريو.

* في رأيك ما هي السلطات التي ينبغي أن يتمتع بها الرئيس بالمقارنة مع البرلمان في مصر الجديدة؟

- خلال الثلاث أو أربع فترات رئاسية الأولى أعتقد أننا بحاجة إلى النظام الرئاسي بدلا من النظام البرلماني البحت – ولكن أعني نظاما رئاسيا وبرلمانيا مثل النظام في بلدكم، على أساس الديمقراطية. الناس هنا يخلطون بين هذا والديكتاتورية. في الواقع، مبارك كان ديكتاتورا، لا جزء من النظام الرئاسي.

* هل كان مبارك شخصا فاسدا؟

- سيقوم النائب العام بالتحقيق في ذلك ويخبر الشعب المصري بما حدث.

* هل تؤيد محاكمة مبارك؟

- يجب التحقيق في أي اتهام.

* نعود إلى العلاقات المصرية الأميركية، كيف ستتغير هذه العلاقات؟

- أدارت مصر علاقاتها في المنطقة بطريقة لم يقبلها الشعب، مثل العلاقات المصرية العربية ومثل الموقف المصري من القضية الفلسطينية. لم يقبل الشعب فرض حظر وحصار على طول قطاع غزة. كان يجب علينا أن نصر ونستخدم العلاقات المصرية الإسرائيلية لمحاولة إلغاء ووضع حد للحصار الذي تسبب في الكثير من المعاناة لأهل غزة، وقد قال العالم بأسره ما أقوله الآن وهو أن هذا الحصار يجب أن ينتهي، ولكن النظام القديم كان له وجهة نظر مختلفة.

* والآن أحضرتم حماس إلى القاهرة.

- الرأي القائل بأن حماس منظمة إرهابية هو رأي القليل من الدول، وليس الأغلبية، ووصف الحركة بأنها منظمة إرهابية لن يظل وصمة عار إلى الأبد.

* ما الذي سيحدث في سوريا واليمن في رأيك؟

- لا يمكن لأحد أن يتنبأ بما سيحدث، ولكن آمل أن تسود الديمقراطية مختلف أنحاء العالم العربي.

* هل كنت تتخيل أن ترى هذا يوما ما؟

- لم نتوقع ما حدث يوم 25 يناير أن يحدث بهذه الطريقة. لقد كان شيئا مذهلا أن يتم الإطاحة باثنين من الأنظمة الديكتاتورية في تونس ومصر في غضون بضعة أيام.

* لماذا تعد فرصتك في الانتخابات الرئاسية أفضل من فرصة محمد البرادعي؟

- لقد عشت هنا وأعرف حقا كيف يشعر الناس، أعرف الأشياء التي يحبونها وتلك التي يكرهونها والأشياء التي سيتسامحون فيها وتلك التي لا يتسامحون فيها. في الواقع، مصر بحاجة إلى شخص يكون جزءا لا يتجزأ منها.

* ما ردك على من يدعي أنك لست على اتصال مع جيل الشباب؟

- أعتقد أن هذا البلد يحتاج إلى الخبرة في هذه المرحلة، ولكن لهذا السبب أقول إنني سأتولى فترة رئاسية واحدة وليس فترتين من أجل السماح لجيل الشباب أن يأتي إلى السلطة، ولكننا في حاجة إلى تهيئة المناخ لهم.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»