القمع الصيني للمعارضين يمتد إلى المثقفين

منع الكاتب لياو يوو من حضور مهرجان بالخارج.. وإلغاء ندوات وسط مخاوف من تأثير الثورات العربية

لياو يوو
TT

في أحدث إشارة إلى القمع الصيني المتواصل ضد الانتقادات الداخلية، منعت السلطات كاتبا صينيا بارزا من مغادرة الصين لحضور الاحتفال الأدبي، الأسبوع المقبل، الذي يقام في أستراليا، بحسب تصريحات لمسؤولي المهرجان والكاتب.

وقد تعرض الكاتب الصيني لياو يوو، الشاعر والمؤلف والموسيقي، للسجن 4 سنوات بعد عمليات القتل في ميدان تيانانمين عام 1989 لتأليفه قصيدة مدح فيها القتلى الذين سقطوا في الميدان. وقد تناولت بعض كتاباته الأخيرة الأفراد المهمشين في الصين، مثل نادبات الجنائز وسارقي القبور، التي جمعت في كتاب تمت ترجمته، تحت عنوان «الجثة الماشية» (ذي كوربس ووكر).

وقال لياو في مقابلة هاتفية أجريت معه: إن مسؤولي الأمن دعوه إلى مقهى ببلدته شنغدو، وأبلغوه أنه لم يمنح إذنا لمغادرة البلاد لحضور مهرجان الكتاب في سيدني، مؤكدا أن المسؤولين لم يقدموا له سببا لهذا المنع لكنه عومل بأدب بالغ.

وأشار منظمو مهرجان سيدني إلى أن السلطات الصينية رفضت السماح للكاتب لياو يوو بمغادرة البلاد للمشاركة في الحدث، تماما كما فعلت في بداية العام عندما كان من المقرر أن يشارك في مهرجان أدبي في الولايات المتحدة. وأضافوا أن السلطات الصينية حذرت أيضا صاحب كتاب «إمبراطورية الأعماق السحيقة» الذي يستعرض سير منفيين من الصين، من مغبة نشر عمله هذا في الخارج. وقال المدير الفني للمهرجان شيب رولي: «إن القرار خيب ظن (القائمين على) المهرجان»، مضيفا أن «همنا الأول ينصب حول لياو يوو، المحروم من حقه في التعبير بحرية عن آرائه». بدورها، أكدت منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان أنه تم توقيف لياو مرات كثيرة، بسبب كتاباته التي تنتقد الحكومة الصينية.

ويعتبر منع لياو من السفر تذكيرا بأن القيود الصينية على حرية التعبير تتجاوز نطاق الاعتقالات الواسعة وعمليات اختفاء المدونين والكتاب والمحامين خلال العام الحالي، التي تعتبر أكبر إجراءات قمعية منذ سنوات. كان لياو قد مُنع الشهر الماضي من السفر لحضور مهرجان عالم أصوات الأدب الدولي في نيويورك؛ حيث كان من المفترض أن يلقي كلمة أمام المؤتمر في 25 أبريل (نيسان)، الذي يرأسه سلمان رشدي الذي انتقد حظر السفر ووصفه بأنه بيان غير صائب بالمرة من جانب السلطات الصينية بشأن الرغبة في الاشتراك في تبادل ثقافي مفتوح وحر.

وخلال سؤال الشرطة في شنغدو، بدا اسم لياو مألوفا لدى الشرطي الذي أجاب على الهاتف وقال إن عليه أن يسأل زملاءه بشأن وضع لياو، لكنه عندما عاد مرة أخرى إلى الهاتف قال إنه لا يعرف أي شيء عنه.

كان من المقرر أن يشارك لياو في احتفال سيدني كأحد أعضاء اللجنة التي ستناقش النفوذ السياسي الصيني المتنامي في أستراليا. وكان المفترض أيضا أن يكون ضيف إحدى فعاليات المهرجان ليلقي الشعر ويؤدي وصلة موسيقية على آلة وترية صينية قديمة تشبه صافرة الفلوت على الرغم من أنها تحمل بصورة عمودية إلى شفتيه بدلا من حملها بصورة موازية مثل آلة الفلوت الغربية.

وألغي الاحتفال بقراءة الشعر الموسيقي، لكن مناقشات اللجنة ستتواصل عبر المتحدثين الآخرين مثل تشيب رولي، أحد المخرجين الفنيين للاحتفال.

تتزامن القيود على السفر بحق منتقدي الحكومة الصينية مع إلغاء الحكومة الكثير من المنتديات الثقافية والفعاليات الأخرى التي نظمتها السفارات الغربية ربيع العام الحالي؛ حيث أبدت الحكومة الصينية شكوكا متزايدة تجاه تزايد التأثير والأفكار الغربية. وجاءت هذه الشكوك في أعقاب «ثورة الياسمين»، كما يطلق على انتفاضة تونس، والخشية من أن تنتقل عدواها إلى الصين. لكن لم تتوافر سوى إشارات محدودة على الدعوات التي وجهت وجذبت استجابة واسعة، إضافة إلى قوات الأمن التي ظهرت في أماكن التجمعات العامة، التي يتوقع أن تشهد وجود متظاهرين.

عادة ما كانت تقوم الصين، حتى قبل الدعوات بـ«ثورة الياسمين»، بمنع المعارضين التحدث خارج البلاد، ولعل الشخصية الأبرز في ذلك ليو تشياوبو، الذي منع من السفر إلى العاصمة النرويجية أوسلو في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لتسلم جائزة نوبل للسلام التي منحت له غيابيا.

وقال لياو إنه منع من السفر 14 مرة لمغادرة الصين منذ عام 1999 وحتى خريف العام الماضي، عندما حصل على إذن بالسفر إلى ألمانيا بعد الاحتفاء بروايته الأدبية «الجثة الماشية». وقال لياو، معبرا عن عدم أسفه على قراره: «عندما كنت في ألمانيا، أشار عليَّ أصدقائي أن أقيم في ألمانيا وألا أعود إلى الصين في ظل هذه القيود كلها، لكني أخبرتهم أنني أرغب في العودة إلى الصين لأنني أكتب عن الصين».

ويعتبر لياو واحدا من أكثر الكتاب المعاصرين جرأة في جيله، وهو معروف أيضا باسم لاو وي، وقد كتب، بعد أحداث القمع في ميدان تيانانمين، ديوانا شعريا مثيرا للجدل بعنوان «المجزرة الكبرى». وقد ترجمت كتبه إلى الإنجليزية والألمانية واليابانية والإسبانية والفرنسية.

* خدمة «نيويورك تايمز»