مصادر فرنسية لـ «الشرق الأوسط»: الأسد لقي تساهلا دوليا حتى الآن.. وقد يجري التصعيد ضده

قالت إنه يتعامل مع الأزمة بعقلية قديمة وإذا لم يستفد من الوقت سينتهي

TT

قالت باريس أمس إن ثمة «اتفاقا» بين الدول الأوروبية على بدء العمل فورا من أجل فرض عقوبات إضافية تطال أعلى هرم السلطة في سوريا، في إشارة إلى الرئيس السوري بشار الأسد الذي استثني اسمه من لائحة الـ 13 التي صدرت رسميا أمس عن الاتحاد الأوروبي.

وكانت باريس ترغب في أن يكون اسم الرئيس السوري على اللائحة الأولى. غير أن معارضة ظهرت الأسبوع الماضي من عدد من الدول الأوروبية وحالت دون إدراجه بحجة أنه من المفضل تصعيد الضغط عليه «تدريجيا». إلا أن فرنسا عادت لتطرح مجددا مطالبتها، مستندة في ذلك، وفق ما تقوله المصادر الدبلوماسية التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، إلى استمرار القمع من قتل واعتقالات جماعية وتجاهل الرئيس السوري لدعوات الأسرة الدولية التي تحثه على تغيير نمط التعاطي مع الاحتجاجات وإقرار إصلاحات واسعة تستجيب لمطالب المتظاهرين والمحتجين.

واعتبرت هذه المصادر أن الرئيس السوري «يتعاطى مع الحركة الاحتجاجية بعقلية قديمة» لا تتوافق مع معطيات العصر والوضع الجديد الناشئ عن «الربيع العربي» وأنه «إذا استمر على هذا النمط ولم يستفد من الوقت الذي ما زال متوافرا أمامه فإنه سينتهي».

وأشارت هذه المصادر إلى «العزلة الدولية» التي تضربه، نافية ما يركز عليه النظام السوري من تعرضه إلى «مؤامرة خارجية»، ومؤكدة أنه، بعكس ما يدعيه، فإن هناك «تساهلا» حظي به حتى الآن بسبب الوضع الجيو - سياسي لسوريا وتأثير تطوراتها على لبنان والوضع الفلسطيني والعراق وتركيا ومجمل الاستقرار في الشرق الأوسط.

وترى باريس أنها ما زالت تمتلك ثلاث أوراق سياسية تستطيع اللجوء إليها لاحقا إذا ما اشتد القمع وهي: اعتبار أن الرئيس السوري فقد شرعيته بسبب مسؤوليته عن أعمال القمع، واللجوء إلى التلويح بالإجراءات القضائية الدولية، وأخيرا المطالبة برحيل الرئيس السوري. وتؤكد المصادر الفرنسة أن استخدام هذه الأوراق «مرهون بالظروف» التي ستظهر في سوريا في الأسابيع القادمة.

وعزت باريس تردد الغرب إزاء الوضع في سوريا إلى «عجزهم عن إدارة أزمتين متزامنتين في ليبيا وسوريا».

ولم تستبعد المصادر الفرنسية أن يعود الملف السوري سريعا إلى مجلس الأمن الدولي رغم الانقسام الذي ظهر في صفوفه عند طرحه مرة أولى قبل أكثر من أسبوع. وكانت الدول الغربية قد تخلت عن مشروع قرار لإدانة دمشق وفرض عقوبات على عدد من مسؤوليها بسبب معارضة روسيا والصين وعدد من الأعضاء غير الدائمين.

وذكر الناطق باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو أمس أن باريس «تعمل على مراحل» وأن ما تحقق في بروكسل «مرحلة أولى ستليها مراحل لاحقة» وذلك في إطار «دينامية أوروبية» معناها أن البلدان الأوروبية «لا يمكن أن تقف موقف المتفرج مما يحصل في سوريا» وأن هناك «قرارا بالذهاب أبعد مما تحقق حتى الآن» في إشارة إلى العقوبات التي أقرت أوروبيا.

وتبدو باريس، كما تقول مصادرها، «واثقة» من تمكن الاتحاد الأوروبي من فرض عقوبات إضافية على شخصيات الصف الأول في سوريا رغم مبدأ «الإجماع» في عملية اتخاذ القرار. وكانت بلدان مثل البرتغال وقبرص وأستونيا عارضت العقوبات لتقبل بها لاحقا. كما ترددت إسبانيا واليونان ومالطا في السير بها بداية. لكن الضغوط التي مورست داخل الاتحاد نجحت في توفير التوافق على لائحة الـ 13.

وأمس، اعتبرت الخارجية الفرنسية أن منع السلطات السورية بعثة الأمم المتحدة الإنسانية من الوصول إلى مدينة درعا «مصدر قلق وغير مقبول» خصوصا أن السلطات السورية كانت قد أبلغت موافقتها للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون سلفا. وكان يفترض بالبعثة أن تدخل إلى درعا نهاية الأسبوع الماضي.

وفي السياق عينه، حثت باريس السلطات السورية على «احترام التزاماتها وواجباتها» لجهة حماية المدنيين، معتبرة، مرة أخرى، أن القمع الذي تمارسه ضد المدنيين «على نطاق واسع» أمر «لا يمكن قبوله».