حقوق الإنسان السورية لـ«الشرق الأوسط»: نوثق معلومات حول جرائم ارتكابها قادة أمنيون

اعتقال الأطفال سبب رئيسي في احتجاجات درعا

TT

أكد وليد سفور رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان لـ«الشرق الأوسط»، عزمه توثيق تقارير تمهيدا لمحاكمة مرتكبي المجازر في صفوف المدنيين السوريين، خاصة في درعا وحمص، من بينهم شقيق الرئيس السوري ماهر الأسد وقادة الأجهزة الأمنية.

وقال سفور في اتصال هاتفي إن عمليات الاعتقال للأطفال وعدم تفهم الأجهزة الأمنية لأسرهم كانت الشرارة الأولى لبداية المظاهرات، التي تدخل أسبوعها الـ12، محذرا من خشيته من تكرار الأجهزة الأمنية مجزرة حماه حاليا في درعا وحمص لتخويف المتظاهرين وإسكاتهم.

وأشار سفور إلى أن السجون السورية غير مستعدة لاستقبال الأعداد الكبيرة من المعتقلين، حيث يتم زج 100 متظاهر في زنازين لا تستوعب أكثر من 20 شخصا. وطالب الرئيس بشار الأسد بالتحاور فورا مع الشعب وتفهم مطالبه، معتبرا ذلك الحل الأمثل لوقف نزيف الدم.

وقال وليد سفور إن المدن السورية تشهد عنفا من قبل الجيش السوري، إذ تحولت المنازل إلى مستشفيات تعج بالمصابين، الذين يتم علاجهم بطرق بدائية بعد أن منع الأطباء من القيام بواجباتهم الإنسانية واعتقال من حاول مد يد العون، عندما حاولوا الدخول إلى درعا، بينما كان الجيش يحاصرها بدباباته.

وفيما يلي نص الحوار..

* بداية صف لنا الوضع في درعا حاليا؟

- درعا دخلت اليوم الـ13 على التوالي وهي محاصرة بالكامل، وتأتينا معلومات بشكل دوري من السكان الذين يملكون هواتف غير سورية، من شبكات لدول مجاورة، بأن الدبابات العسكرية تملأ الشوارع والمنافذ وتم إغلاق المساجد وأصبح صعبا على المصلين الصلاة فيها، إضافة إلى إغلاق المحلات بمختلف أنواعها، أضف إلى ذلك تضيق الحركة بين السكان فالشخص لا يستطيع العبور للشارع دون التحقيق معه وكشف هويته وتفتيشه، ببساطة السكان لا يشعرون بالأمان.

* وماذا عن الوضع الصحي والمعيشي؟

- الوضع الصحي.. هناك مجازر كبيرة والمنازل أصبحت شبيهة بالمستشفيات من كثرة الإصابات، والأهالي يعالجون المصابين بطرق بدائية باستخدام المشارط والخيوط باعتمادهم على كحول طبية للتخدير والتعقيم، ولدينا تقارير وسيتم نشرها قريبا تثبت اعتقال 4 أطباء لمجرد أنهم رغبوا في الدخول إلى درعا لتقديم العون وعلاج المرضى، أما فيما يتعلق بالشق الثاني من السؤال، فالوضع المعيشي لا يختلف كثيرا عن الوضع الصحي، من نقص بالغذاء.

* لكن هناك معلومات تبين أن الحكومة السورية أدخلت الغذاء والدواء للأهالي في منطقة درعا خاصة الحليب للأطفال، كيف ترد على ذلك؟

- الغذاء يأتي عن طريق التهريب من قبل قطاعات بالجيش تتعاطف مع الثوار ويسمح بإدخال الدقيق والحليب، ولكن بصورة عامة هناك شح كبير بالغذاء.

* هل تتوقعون أن تحدث كارثة صحية وبيئية؟

- أستبعد أن تكون هناك كارثة في الوقت الحالي، ولكن يمكن القول إن استمرار نقص الغذاء يسبب مضاعفات لأمراض كثيرة منها سوء التغذية، وخاصة في صفوف الأطفال.

* هل تتابعون نزوح سكان درعا لمناطق حدودية والوضع الإنساني لهم؟

- النزوح أصبح أمرا واضحا رغم الحصار الكبير على المنطقة في درعا وحمص، ولكن بعض الأسر استطاعت الهروب من هذا الحصار خوفا من القتل والاعتقال وعددهم حاليا يتجاوز 50 أسرة، وهم قد نزحوا منذ الأيام الأولى من المواجهات.

* خلال الأيام الماضية نشط المرصد السوري في نشر تقارير عن الوضع الإنساني بداخل سوريا بخصوص عدد القتلى والمعتقلين وكان آخرها إحصائية مقتل 1000 واعتقال 8 آلاف آخرين، الأمر الذي دعا عددا من الدول وفي مقدمتها تركيا ومنظمات دولية كالمؤتمر الإسلامي من التحذير من تكرار مذبحة حماه في الثمانينات في عهد الرئيس السابق حافظ الأسد، ما هو رأيكم؟

- عندما يموت 300 إلى 400 شهيد في 3 أيام ماذا يمكن أن نطلق عليها لا يوجد اسم مناسب سوى المذبحة أو المجزرة. تعامل الحكومة السورية مع المتظاهرين تعامل قمعي، صحيح أنها لا تقارن بمذبحة حماه ولكن إذا استمر الحال كما هو عليه من حيث التعامل وعدم التحاور مع الثوار، أخشى أن تحدث حماقة وتتكرر مجزرة كبيرة بإحدى المدن مع اتساع دائرة الاحتجاجات بهدف إيقاف الاحتجاجات.

* كثير من أعضاء مجلس الشعب دعوا خلال لقائهم مع وسائل الإعلام العربية والغربية والصحافيين والمنظمات الدولية لنقل الحقائق ميدانيا لتكذيب الأخبار التي تنشر عن عمليات القتل والاعتقالات بين المدنيين، كيف ترد؟

- وزارة الداخلية عممت عبر وزارة الخارجية عدم السماح للصحافيين مع وضع قائمة طويلة من الأسماء بعدم منحهم تأشيرات سياحية حتى لا يستطيعوا نقل الحقائق بما يحدث بداخل المدن التي تشهد يوميا مواجهات بين المدنيين والجيش السوري، وللأسف وسائل الإعلام السورية لا يوجد بها إعلام أو صحافيون مستقلون وهو ما ساهم في هذا التعتيم الإعلامي.

* لكن الرئيس السوري قام بعدد من الإصلاحات وصفت في الإعلام الرسمي السوري بالتاريخية، من أهمها تنظيم عمليات الاحتجاجات ومحاسبة القتلة، وكان توقيتها منذ الأيام الأولى من قيام المظاهرات في درعا، وهو ما جعل كثيرا من النخبويين من صفوف المثقفين والفنانين يطالبون بوقف الاحتجاجات بعد هذه الإصلاحات. هل توافقهم الرأي؟

- أي إصلاحات، كل ما شاهدنا هو القتل والاعتقالات في صفوف المدنيين، الإصلاحات المتمثلة في قانون تنظيم الاحتياجات السلمية ينص على السماح بالاحتجاجات والتظاهر بعد تقديم طلب لدى جهات مشكلة من قبل الحكومة السورية، وبعد تقديم الطلب يتم اعتقال مقدمه (والدليل على ذلك) اعتقال قاض شهير منذ الأسبوع الماضي.. لا بد أن يتم وقف نزيف الدم عبر التحاور وأخذ مطالب الشعب بعين الاعتبار، لا سيما من قبل الحكومة وعلى رأسها الرئيس بشار الأسد الذي لم يخاطب حتى الآن المواطنين، والنظر في وضعهم الإنساني والمعيشي، فكل ما فعله هو مخاطبة مجلسه الذي يضم وزراء حكومته وقبلها مجلس الشعب.

* لكن الحكومة حاورت سكان حمص وقابلت بعض الأهالي ونظرت في شكواهم أليس هذا نوعا من التحاور بين السلطة والشعب؟

- هذا لا يطلق عليه حوارا، فالتفاهم كان بالسلاح ولم يكن متكافئا، ومعظم المطالب لا تمس مطالب السكان التي تم التفاهم عليها، كإنشاء مدرسة.. هل سكان حمص قاموا بالاحتجاج من أجل بناء مدرسة.

* بالعودة لدرعا، ما الذي يجعل الأحداث فيها تتصاعد بهذه الدرجة مقارنة بمدن أخرى؟

- السبب يرجع لتعامل السلطات الأمنية مع السكان، بفوقية وعدم احترام، السكان ثاروا بشكل جماعي بعد حملة الاعتقالات غير الإنسانية لأطفال لا تتجاوز أعمارهم 15 عاما، والسبب يرجع فقط إلى أنهم كتبوا كتابات ضد النظام بالجدران، وعندما رفض الجهاز الأمني التعاطي مع مطالب أسرهم بإطلاق سراح أبنائهم عطفا على سنهم استمروا في حبسهم لأكثر من أسبوعين، فخرج الأهالي للشوارع مطالبين بإخراج أبنائهم. ووجهت تلك المطالب بإطلاق الرصاص والقمع والاعتقالات إلى أن وصل الحال لما هو عليه، فكانت الشرارة الأولى والمتمثلة باعتقال الأطفال ورفضهم الحوار، وإلى الآن ما زالت الحكومة السورية ترفض الحوار والتفاهم مع الأهالي.

* لنتحدث عن عدد الاعتقالات الكبير والمتزايد يوميا، هل السجون تستوعب هذه الأعداد، وهل تكفل لهم حقوقا دفاعية؟

- السجون السورية معروفة بسوء معاملة المساجين، هذا من الجانب الحقوقي والإنساني، وأما الزنازين فإنها لا تتسع للأعداد الكبيرة للمعتقلين، وحاليا يتم وضع 100 معتقل في زنازين لا تستوعب 20 شخصا، وهو ما شكل اكتظاظا كبيرا بداخل السجون.

* هل رصدتم حالات تعذيب بين المعتقلين الذين أفرج عنهم بعفو من قبل السلطات الأمنية؟

- رصدنا حالات وهي مثبتة لدينا بوجود قلع أظافر أثناء التحقيق وظهور عاهات بالظهر عن طريق الضرب واستخدام الكهرباء بوضعهم داخل دولاب السيارة (العجلة).

* وماذا ستفعلون بتلك التقارير المثبتة كما تزعمون؟

- كنا في السابق إذا رصدنا انتهاكات نخاطب الحكومة السورية، لكن حاليا غيرنا وجهتنا وأصبحنا نخاطب المنظمات الإنسانية، ومن أهمها منظمة العفو الدولية وعدد من الدول لإمكانية التحرك وإجبار الحكومة السورية على احترام المعاهدات الدولية التي وقعت الحكومة عليها لدى الأمم المتحدة.

* هل يكمن أن تقدموا هذه التقارير لمحاكم مرتكبي هذه الانتهاكات والمجازر التي أعلنتم عنها؟

- نعم، ربما نستخدمها في محاكمات وطنية ودولية فالمجرم يجب أن ينال جزاءه.

* اذكر لي أسماء متورطين في تلك التقارير إذا كانت لديكم؟

- قادة القطاع الأمني هم المسؤولون عن هذه المجازر، وفي مقدمتهم شقيق الرئيس السوري الذي سلطت عليه الأضواء الأسبوع الماضي.

* هل تضمنت تلك التقارير مطالب بمساعدات عسكرية كما يحدث في ليبيا؟

- لا لا، أبدا هذا لن يحدث.