قرار «التعاون الخليجي» بضم الأردن ينعش الآمال بالخروج من أزمته الاقتصادية

خبراء: من أهم الأحداث الاقتصادية والسياسية خلال السنوات الـ 10 الأخيرة

TT

أنعش قرار قادة دول مجلس التعاون الخليجي، بالترحيب بانضمام الأردن إلى عضوية المجلس، الآمال بخروج الاقتصاد الأردني من أزماته المتلاحقة ومثل طوق النجاة لبدء دورة جديدة من الانتعاش من خلال الاستفادة من الفرص الاقتصادية المتوفرة لدى الجانبين.

وأكد اقتصاديون أردنيون أن المجالات التي يمكن التعاون فيها بين الأردن ودول مجلس التعاون الخليجي غير محدودة ومتنوعة، سواء الزراعية والسياحية والصناعية وتبادل للخبرات، ومن شأنها أن تثري المسيرة الاقتصادية الأردنية، الأمر الذي يتطلب إعادة صياغة القوانين الخاصة بالاستثمار لتتلاقى مع التطلعات الخليجية الراغبة بالدخول إلى السوق الأردنية التي يعتبرها الكثير من رجال الأعمال منطقة استراتيجية تربط الخليج بمنطقة الشام ومنها إلى أوروبا.

وقالوا إن انضمام الأردن لدول المجلس يشكل إضافة نوعية للأردن الذي يتميز بتوفر الخبرات البشرية المدربة، ومن أكبر المصدرين للأيدي العاملة لدول الخليج الذي هو في أمس الحاجة إليها، وفي المقابل تعتبر دول الخليج قوة اقتصادية لا يمكن التغاضي عنها، وبالأخص القوة الإنتاجية النفطية الذي يعتبر حجر الارتكاز لأي دولة تعتبر قوية اقتصاديا.

وقال رئيس اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس النواب، أيمن المجالي، إن هذا القرار ستكون له آثار اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية وتعليمية على هذه الدول وسينعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد الأردني من خلال المشاريع المشتركة التي تسهم في توفير فرص العمل ومعالجة مشكلتي الفقر والبطالة.

من جهته قال رئيس مجلس مجموعة الاتصالات الأردنية، شبيب عماري، إن مجلس التعاون الخليجي يشكل قوة اقتصادية بارزة على مستوى العالم نظرا للإمكانيات المتميزة التي تتمتع بها مختلف دول المنطقة، وإن الترحيب بانضمام الأردن إلى هذه المنظومة يعد إنجازا كبيرا ينعكس بشكل إيجابي علينا وعلى هذه الدول.

وأكد أن هذا الانضمام سيؤدي إلى زيادة صادراتنا من السلع وتسهيل عملية انتقال رؤوس الأموال والأشخاص، الأمر الذي سيكون ذا فائدة مشتركة.

وقال إن الأردن يتميز بتوفر الأيدي العاملة المؤهلة في مختلف المجالات، كما أنه بلد مستقر وينعم بالبيئة الآمنة ولديه منظومة قوانين وتشريعات اقتصادية متطورة، وهي عامل أساسي في جذب الاستثمار.

وأشار عماري إلى أن هذا القرار يسمح للشركات الكبرى في الأردن ودول مجلس الخليج من أن تمارس أعمالها بشكل يستفيد من اقتصاديات كبر حجم النطاق، الأمر الذي يعزز التنمية المستدامة في الأردن ويدعم التنمية المستدامة في دول مجلس التعاون الخليجي.

وهناك الكثير من العوامل المختلفة التي ساعدت أيضا على تكليل جهود الأردن في الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي بالنجاح منها دفع عجلة التنمية الشاملة وتحقيق التكامل الاقتصادي لدى كافة دول المجلس، حيث إن الأردن يشهد تقدما ملحوظا على مستوى المنطقة في مجال التعليم والصحة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات وأساليب استخدام التقنيات الحديثة وفي الكثير من المجالات الأخرى، الأمر الذي يمكّن من توجيه هذه الخبرات من خلال صيغة تكاملية ومنظومة فعالة بحيث تعم الفائدة كافة دول منظومة الخليج العربي، بما فيها الأردن.

من جانبه أكد استاذ الاقتصاد في جامعة الزرقاء الدكتور إبراهيم مراد أنه يمكن للأردن بانضمامه إلى مجلس التعاون الخليجي أن يوفر ميزة استثمارية كبيرة، أهمها إزالة كافة العوائق والروتين الذي يعوق التجارة والاستثمار في الأردن، من خلال توجيه الاستثمارات الخليجية لدعم القطاعات والمشاريع الحيوية الكبرى والملحة في الأردن، التي تتطلب عشرات المليارات من الدولارات لتنفيذها مثل مشاريع الطاقة والمفاعل النووي السلمي والمياه، وبخاصة «ناقل البحرين»، وغيرها، وهي مشاريع لا يستطيع الأردن وحده تنفيذها حاليا نظرا لتكلفتها المالية العالية التي تفوق قدراته.

وأضاف أن شأن تنفيذ تلك المشاريع الكبرى في الأردن أن يعود بالفائدة على جميع دول المنظومة المستثمرة، وفي المقابل تحسين كافة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين في الأردن، خصوصا أن الأردن يمتلك «طاقة المستقبل»، حيث يتوفر على أراضيه أكثر من 65 مليون طن من اليورانيوم عالي الجودة، فضلا عن مشروع تقطير «الصخر الزيتي»، حيث يمتلك الأردن احتياطيا ضخما يتجاوز 40 مليار طن.

كما يصنف الأردن بأنه رابع أفقر دول العالم في مجال المياه، ولذلك فهو بحاجة إلى مشاريع تحلية مياه البحر لتوفير مياه للشرب والزراعة والصناعة وسائر المجالات التنموية، ولن يجد الأردن حلا لهذه المعضلة الخطيرة إلا من خلال تنفيذ مشروعه الاستراتيجي «ناقل البحرين» من خلال نقل المياه عبر أنابيب من البحر الأحمر لمسافة أكثر من 300 كيلو متر إلى البحر الميت، الذي يتناقص منسوبه سنويا وبات مهددا بالزوال، فضلا عن إنتاج طاقة كبيرة من الكهرباء من خلال تنفيذ هذا المشروع يمكن توزيعها على دول المنطقة، فهذا المشروع بحاجة إلى أكثر من 6 مليارات دولار لتنفيذه، فضلا عن المقومات السياحية الضخمة والكنوز الأثرية والطبيعية المهمة الموجودة في الأردن، وهي أيضا بحاجة إلى استثمارات كبيرة لاستغلالها وإنعاشها وترويجها، بما يعود بالفائدة الاستثمارية المشتركة على الجميع.

ويستورد الأردن أيضا 96 في المائة من احتياجاته من الطاقة من الخارج، حيث بلغت تكلفة استيراد الطاقة «النفط الخام ومشتقاته والغاز الطبيعي والطاقة الكهربائية المستوردة» بلغت العام الماضي نحو 2604 ملايين دينار مشكلة 13.5 في المائة من قيمة الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الحالية، وهذه المواد فيها وفرة بدول الخليج، فيمكن للأردن أن يحظى بمعاملة تفضيلية من ناحية السعر، مما يخفف الحمل عن كاهل موازنة الحكومة الأردنية المثقلة بالعجز الكبير فيها، حيث يصل عجز الموازنة والمديونية العامة وكفاءة الإنفاق العام «فاتورة الدعم» إلى 1.045 مليار دينار العام الحالي. (الدولار الأميركي يعادل 0.708 دينار أردني).

من جانب آخر أكدت ريم بدران، النائب الثاني لرئيس غرفة تجارة الأردن، أن انضمام الأردن إلى مجلس التعاون الخليجي خطوة إيجابية في سبيل تحقيق المصالح المشتركة للطرفين، داعية إلى الاستفادة من الخبرات المتراكمة لدى الطرفين في تنفيذ المشاريع الاستراتيجية.

وقالت إن ترحيب مجلس التعاون بانضمام الأردن إلى منظومته يحفز الاقتصاد الوطني، خصوصا في مجال الاستثمار المتبادل بين الطرفين متوقعة أن تتدفق الاستثمارات في الفترة المقبلة.

وقال نقيب المقاولين والإنشاءات الأردنيين، المهندس أحمد الطراونة، إن انضمام الأردن إلى المنظومة الخليجية سيكون باب انفراج للاقتصاد وسيفتح أمامه آفاقا واعدة، خصوصا أمام أكبر القطاعات الاقتصادية في الأردن، وهي المقاولات والإنشاءات، مشيرا إلى أن قطاع الإنشاءات يشغل أكثر من 14 في المائة من سكان الأردن، منوها بأن القطاع بدأ منذ سنة بمشروع تصدير المقاولات إلى الخارج.

وبين أن هذه الخطوة ستفتح المجال أمام القطاع للدخول في الأسواق الخليجية، مؤكدا أن الأردن يمتلك خبرات ممتازة في هذا المجال، ومتوقعا أن تكون هذه الخطوة لصالح الطرفين.

من جهة أخرى رحب رئيس هيئة المستثمرين في المناطق الحرة الأردنية، نبيل رمان، بقرار مجلس التعاون الخليجي، مؤكدا أن السوق المحلية ستستفيد من هذه الفرصة التاريخية من خلال الدخول إلى هذه الأسواق سواء عن طريق الاستثمار المتبادل أو فتح المجال أمام البضائع الأردنية بالدخول إلى هذه الأسواق. وأكد ضرورة أن يستغل القطاعان، العام والخاص، هذه الفرصة لتحقيق المنافع الاقتصادية للسوق المحلية، مؤكدا أن الكرة الآن في الملعب الأردني لتحقيق ما يصبو إليه لتنشيط اقتصاده. من جانب آخر وصف الخبير الاقتصادي مفلح عقل انضمام الأردن إلى مجلس التعاون بأنه أهم الأحداث الاقتصادية والسياسية التي مرت على الأردن خلال السنوات الـ10 الأخيرة، مضيفا أن الأوساط الاقتصادية والشعبية رحبت بهذا الخبر والاستجابة السريعة للسوق المالية.

وقال إن هناك الكثير من الميزات التي سيحصل عليها الأردن بعد هذا الانضمام، والتي ستكون على شكل مساعدات مباشرة واستثمارات، وفتح أسواق جديدة للمنتج الأردني للتصدير، بالإضافة إلى إزالة القيود الحالية الموجودة التي ستعمل على ضخ المزيد من العمالة الأردنية للسوق الخليجية. ودعا عقل الحكومة الأردنية إلى وضع هذا الأمر كبند أول على أجندتها والإسراع في إنجاز المتطلبات الفنية للانضمام إلى هذا التجمع العربي الذي تجمعه صفة الاعتدال وعدم التمحور ويرتبط بعلاقات جيدة مع مختلف الدول. أما نائب رئيس مجلس إدارة البنك الإسلامي الأردني الرئيس التنفيذي، موسى شحادة، فقال إن انضمام الأردن إلى منظومة مجلس التعاون الخليجي يساعده في تحفيز اقتصاده من خلال جذب المزيد من الاستثمارات الخليجية إلى السوق المحلية، مؤكدا قدرة الأردن على التفاعل والانسجام مع منظومة هذه الدول التي تربطه علاقات وطيدة معها في مختلف المجالات.

وأضاف أن هذا القرار يعد فرصة تاريخية لتسويق الكفاءات والخبرات الأردنية المؤهلة والمتميزة التي تحتاج إليها أسواق الأشقاء في دول الخليج.