اجدابيا.. عودة خجولة لبعض سكانها جراء القلق من تجدد أعمال العنف

رجل إسعاف: الثوار ينظمون صفوفهم ويعززون وضعهم يوما بعد يوم

TT

غادر عادل وزوجتاه وأبناؤه الثلاثة أجدابيا (شرق ليبيا) في مارس (آذار) الماضي هربا من زحف قوات معمر القذافي، وتنقلوا إثر إغلاق المدارس وهجر المنازل من مدينة إلى أخرى هربا من المعارك، وهم يحاولون اليوم العودة إلى منزلهم. وقال الليبي عادل رجاء خليفة، 40 سنة، صاحب الوجه النحيف، وهو في سيارته وإحدى زوجتيه تعنى برضيع ولد في المنفى القسري قبل أسبوعين «وصلنا صباح اليوم(أمس)».

وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية، وقد نهب منزله إلا مما ندر من الأثاث الأساسي كجهاز التلفزيون والآلات المنزلية الكهربائية، واختفت سيارته: «لم يعد أبناء عمي وجيراني بعد، ما زالوا خائفين من عودة جنود القذافي». وتابع: «لست أدري بعد أين سننام هذه الليلة؟ لكننا لا نستطيع الإقامة في البيت مجددا، من الخطر علينا أن نسكنه لوحدنا، سأبحث عن منزل مهجور في أطراف المدينة، عن مكان آمن».

وتعذر عليه ذكر كل الأماكن التي أقام فيها خلال الأسابيع الأخيرة مع عائلته لكثرة المدن التي تنقل بينها مثل الفارسي وسلطان وبنغازي والمرج والبيضاء، وذلك على غرار الآلاف من سكان أجدابيا الذين لجأوا إلى المدارس والمنازل المهجورة أو استفادوا من كرم ضيافة الليبيين.

وعلى غرار آخرين، يحاول عادل العودة إلى أجدابيا في ظل الهدوء السائد في شرق البلاد. وقد شهدت المدينة التي تعتبر محورا استراتيجيا للوصول إلى بنغازي (عاصمة الثوار)، كل المراحل من الحصار والقصف وحرب الشوارع وهجرة سكانها إلى الانتصار والهزيمة وتقدم وتراجع الثوار.

ومنذ 3 أسابيع، تشهد الجبهة جمودا على بعد عشرات الكيلومترات إلى الغرب على طريق البريقة، لكنها لم تشهد بعد عودة السكان بكثافة وما زالت غالبية متاجرها مغلقة.

وقال يونس سليمان، 34 سنة، الذي فر مع عائلته إلى درنة على الساحل شمال شرقي البلاد، وعاد وحيدا قبل أيام ليحرس المنزل العائلي «من السابق لأوانه أن تعود العائلة، قد يهجم جنود القذافي مجددا ويحاصرون المدينة ويلحقون الأذى بنسائنا».

ويقوم برفقة رجال آخرين بالتنقل في حيه سيرا على الأقدام، ويعيش مما تيسر من أغذية توزع على المقاتلين. وافترش بطانية على الأرض لينام وعلق سرواله في منزل أغلقت نوافذه.

وقال: «عندما يبلغ الثوار رأس لانوف أو سرت» بعيدا غرب بنغازي، «ستعود عائلتي».

وتستعيد أجدابيا حياتها الطبيعية ببطء حيث بدا الباعة المتجولون يخرجون إلى الشوارع لبيع البطاطا وقد فتحت بعض المخابز أبوابها مجددا. وفي مدخل المدينة الغربي في اتجاه خط الجبهة، بدا الثوار أكثر انضباطا ولا يطلقون النار في الهواء بشكل عشوائي، في حين يسمع هدير الطائرات على علو مرتفع لكنها ليست طائرات ميغ أو سوخوي التابعة لنظام القذافي وإنما مقاتلات حلف شمال الأطلسي. ولخص المقاتل صقر إدريس أفطر، 28 سنة، الوضع بالقول إن «الخوف من الطائرات انتقل إلى صفوفهم». وخط الجبهة الذي يتغير باستمرار، كان يوم الأحد الماضي على بعد 50 كلم من أجدابيا و30 أو 40 كلم في اليوم التالي، لكن أجدابيا لم تعد على مرمى قذائف الجيش النظامي. ودارت معارك عنيفة يوم الاثنين بين الثوار وجنود القذافي أسفرت عن سقوط 6 قتلى و10 جرحى في صفوف الثوار. وكذلك ينظم الأطباء والعاملون في سيارات الإسعاف أنفسهم وقد أقاموا مستشفى ميدانيا متنقلا هو الأول من هذا النوع. وقال رجل الإسعاف، أسامة بن سعدي إن «الثوار ينظمون صفوفهم ويزداد عددهم ويعززون وضعهم يوما بعد يوم»، مؤكدا «لا بد من أن نتعلم الصبر قبل شن هجوم كبير».