السعودية تؤكد اهتمامها بدفع عجلة التنمية في الدول الأقل نموا

بلغت مساعداتها خلال العقود الثلاثة الماضية ما يقارب 100 مليار دولار

جنود باكستانيون ينزلون حمولة من المساعدات السعودية خلال كارثة الزلزال الذي ضرب باكستان (أ.ب)
TT

أكدت المملكة العربية السعودية أنها تولي بالغ الأهمية دفع عجلة التنمية في الدول الأقل نموا، وكشفت أنها قدمت مساعدات غير مستردة وقروضا ميسرة خلال العقود الثلاثة الماضية، استفاد منها 95 دولة نامية في مختلف قارات العالم، وأن ذلك يأتي «انطلاقا مما تمليه عليها تعاليم دينها الإسلامي الحنيف، واستشعارا منها بمسؤولياتها الدولية والأخلاقية تجاه الدول الأقل نموا».

جاء ذلك في كلمة المملكة العربية السعودية أمام المؤتمر الرابع للأمم المتحدة للدول الأقل نموا المنعقد حاليا بمدينة إسطنبول في تركيا، ألقاها الدكتور نزار بن عبيد مدني وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي رئيس وفد السعودية إلى المؤتمر، والتي نقل في مستهلها تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للرئيس التركي عبد الله غل، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، والحضور وتمنياته بنجاح أعمال المؤتمر المهم.

وقال الدكتور نزار مدني: «إن المملكة العربية السعودية انطلاقا مما تمليه عليها تعاليم دينها الإسلامي الحنيف، واستشعارا منها بمسؤولياتها الدولية والأخلاقية تجاه الدول الأقل نموا - اهتمت بالغ الاهتمام بدفع عجلة التنمية بتلك الدول، حيث بلغ إجمالي ما قدمته من مساعدات غير مستردة وقروض ميسرة خلال العقود الثلاثة الماضية ما يقارب 100 مليار دولار، استفاد منها 95 دولة نامية في مختلف قارات العالم. وشملت تلك المساعدات القطاعات الأساسية للتنمية من صحة وتعليم وبنية أساسية».

وبين وزير الدولة للشؤون الخارجية، أنه استمرارا لنهج بلاده في دعم العمل التنموي، وسعيا منها للتخفيف من وطأة الفقر والسعي إلى استئصال الأمراض والأوبئة، فقد «أعلنت عن مساهمتها بمبلغ مليار دولار في صندوق مكافحة الفقر في العالم الإسلامي»، وقال إن بلاده لم تتردد في الاستجابة لنداء المجتمع الدولي بتمويل مشاريع التعليم في الدول النامية، بما يسهم في توفير فرص التعليم الابتدائي الإلزامي لكافة الأطفال بحلول عام 2015، «حيث أعلنت، في القمة الاستثنائية لمنظمة المؤتمر الإسلامي التي عقدت في مكة المكرمة عام 2005، عن تخصيص مليار دولار أميركي لمكافحة الأمية في الدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي من خلال الصندوق السعودي للتنمية والبنك الإسلامي للتنمية».

كما أعلنت عن تبرعها بمبلغ 500 مليون دولار كقروض إنمائية ميسرة لمشاريع التعليم في الدول النامية والأقل نموا، عن طريق الصندوق السعودي للتنمية، وبشكل مواز لمبادرة المسار السريع لتحقيق هدف التعليم للجميع، إضافة إلى تقديم المنح الدراسية المجانية لمواطني الدول النامية والأقل نموا لمساعدتها في التحصيل العلمي لكي يساهموا في عملية التنمية في بلدانهم. وحيث إن قضايا الأمن الغذائي وارتفاع أسعار السلع الأساسية أصبحت مصدرا لقلق الكثير من الدول والشعوب، وإسهاما من المملكة العربية السعودية في دعم الجهود الدولية لمواجهة أزمة الغذاء العالمية والتخفيف من آثارها، «فقد تبرعت عام 2008 بمبلغ 500 مليون دولار لدعم جهود برنامج الغذاء العالمي في مساعدة الدول المحتاجة على مواجهة ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية، استفادت منه 62 دولة». وأضاف أنه استشعارا من المملكة العربية السعودية بالمسؤولية وضرورة التعاون الدولي في موضوع الطاقة الذي يهم شعوب العالم كافة، وإدراكا منها بضرورة مساعدة شعوب الدول الأقل نموا - فقد «أطلق خادم الحرمين الشريفين مبادرة الطاقة من أجل الفقراء، وهدفها تمكين من يحتاج لمواجهة تكاليف الطاقة المتزايدة. وتحقيقا لذلك الهدف تم الإعلان عن تخصيص مبلغ 500 مليون دولار لقروض ميسرة عن طريق الصندوق السعودي للتنمية لتمويل المشاريع التي تساعد الدول النامية والأقل نموا من الحصول على الطاقة».

أما في مجال الإعفاء من الديون، «فقد سبق للمملكة أن تنازلت عما يزيد على 6 مليارات دولار من ديونها المستحقة على الدول الأقل نموا. كما ساهمت بكامل حصتها في صندوق مبادرة تخفيف الديون لدى صندوق النقد الدولي، بل إن المملكة بادرت بإعفاء عدد من تلك الدول من الديون المستحقة عليها حتى قبل انطلاق المبادرة الدولية في هذا الشأن».

وبين أن المملكة العربية السعودية، من خلال موقعها كدولة عضو في مجموعة العشرين، «أكدت دوما رفضها التام لتبني السياسات الحمائية وفرض العراقيل أمام انسياب حركة التجارة العالمية، كحلول لتجاوز تداعيات الأزمة المالية الدولية، كما سعت إلى تأكيد ضرورة معالجة تداعيات تلك الأزمة على الدول الأقل نموا، التي تزداد معاناتها يوما بعد يوم. وناشدت الدول المتقدمة والمؤسسات المالية الدولية القيام بدورها في هذا المقام من خلال توفير الدعم اللازم».

وأضاف أن «شعوب الدول الأقل نموا تتطلع إلى هذا المؤتمر المهم ويحدوها الأمل أن تكون قراراته على المستوى الذي يحقق لها طموحاتها في العيش في أمان من الخوف والجوع، وبما يوفر للأجيال القادمة حياة أفضل وغدا أكثر إشراقا وطمأنينة. وأؤكد لكم أن أي مساع تبذل لمساعدة الدول الأقل نموا سوف تكون ذات مردود كبير في طريق القضاء على مثلث الألم والشر (الفقر والأمية والمرض)».

وكان الوزير مدني أكد في مستهل كلمته أن الدول الأقل نموا تواجه تحديات عديدة في سعيها لتوفير حياة كريمة لشعوبها تليق بمقام الإنسان الذي كرم الله خلقه، ولذلك لم يكن مستغربا أن حرص المجتمع الدولي منذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2768 (XXVI) في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) 1971، على مواصلة الاهتمام بقضايا التنمية في الدول الأقل نموا والسعي إلى حشد كافة أوجه الدعم والمساعدة لها لتمكينها من تحقيق تطلعاتها التنموية. وفي سبيل ذلك الهدف، عقدت ثلاثة مؤتمرات سابقة للأمم المتحدة بخصوص الدول الأقل نموا، في باريس عامي 1981، 1990، وبروكسل عام 2001. كما حرصت قمة الألفية على أن يكون أول أهدافها القضاء على الفقر والجوع، وتخفيض معدل الوفيات للأطفال، ومكافحة الأمراض وتطوير شراكة عالمية للتنمية. وقال: «كنت أتطلع إلى أن يكون حضورنا في هذا المؤتمر ونحن جميعا نعبر عن السعادة بتحقيق نتائج ملموسة، في ظل الجهود المحمودة التي يبذلها المجتمع الدولي لمساعدة الدول الأقل نموا، ولكن مع شديد الأسف لم تتحقق بعد تلك النتائج»، مشيرا إلى أن عدد الدول الأقل نموا تضاعف من 24 دولة، وفقا لأول قائمة صادرة في عام 1971، ليصبح 48 دولة استنادا لمؤشر يناير (كانون الثاني) 2011. وقال: «خلال كل هذه السنوات، لم تتمكن إلا أربع دول فقط أن ترتقي بنفسها من قائمة الدول الأقل نموا للدول النامية»، وأضاف أنه «لمن المؤلم أن المرحلة التي تعيشها الدول الأقل نموا اليوم تشهد نموا سكانيا متسارعا مثقلا بمشاكل التخلف والفقر والبطالة والأمية، وانتشار الأوبئة والأمراض، وعبء المديونية وتحديات التنمية، ومعاناة الإنسان هناك مستمرة، بل إنها زادت حدة، وخصوصا بعد الأزمة المالية العالمية التي لا يزال العالم يعاني تبعاتها، والتي أدت إلى استمرار التراجع في تنفيذ تعهدات التنمية التي قطعتها الدول المتقدمة على نفسها منذ سنوات بتخصيص ما نسبته 0.7 في المائة من دخلها القومي للمساعدات التنموية. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أصبحنا نشهد في السنوات الأخيرة تزايدا للنزعات الحمائية لدى بعض الدول، وذلك من خلال تبني قيود كمية وغير كمية وتقديم إعانات محلية ضخمة لمنتجاتها، مما أدى إلى الحد كثيرا من قدرة الدول الأقل نموا على نفاذ صادراتها إلى الأسواق العالمية».