المالكي يهدد بالاستقالة وإسقاط الحكومة والبرلمان.. ويلمح بالتمديد للقوات الأميركية

قال إنه تسلم 20 رسالة من علاوي تضمنت نقدا لاذعا

رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي هدد بالاستقالة خلال مؤتمر صحافي عقده في بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

في مفارقة، أو ربما في محاولة لإثبات أنه لا ينصاع لرغبات طهران، لمح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى أنه قد يطلب من القوات الأميركية البقاء في العراق أبعد مما هو مقرر لها حسب الاتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن، بالمشاورة مع بقية الكتل السياسية. لكن الجدير بالذكر أن هذا الإعلان الذي جاء بعد أسابيع وربما شهور من الجدل حول بقاء تلك القوات أم رحيلها، خطط له عبر مؤتمر صحافي دعي إليه ليكون متزامنا مع وصول وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي إلى بغداد، الذي تشدد بلاده على ضرورة انسحاب تلك القوات بأسرع وقت ممكن.

لكن المالكي، الذي تعرف عنه المراوغة والإجابات الدبلوماسية، اختار عبارات دقيقة تحمل أكثر من تفسير في ما يتعلق باستمرار الوجود الأميركي في العراق، في محاولة لإلقاء مسؤولية القرار على أكثر من جهة بدلا من أن يتحملها وحده، فقد قال خلال المؤتمر الصحافي إن «البعض يبدأ بالكلام عن حصر المسؤولية في الحكومة عندما يكون الأمر حازما ويتعلق ببقاء أو عدم بقاء القوات الأميركية جزئيا أو كليا». وشدد قائلا «اتفاقيتنا تنتهي بنهاية العام الحالي.. وهذه اتفاقية لا يمكن تمديدها، لذا فإنها لن تجدد ولن تمدد»، غير أنه استدرك قائلا إنه في حال «أراد العراقيون شيئا جديدا.. فيجب التوصل إلى اتفاقية جديدة»، مع الأميركيين. كما قال إن «دولا كثيرة حاولت أن تعرف رأيي بشأن تمديد أو إنهاء وجود القوات الأميركية في البلاد لكنها لم تتمكن من ذلك»، مشيرا إلى أنه قرر ألا يسبق «الإجماع الوطني» على حد قوله.

ونوه بأنه «سيدعو الكتل السياسية كافة ليسألهم إذا كانوا يريدون إبقاء تلك القوات، وكم هو العدد المراد إبقاؤه، وأين، فإما أن يتفقوا جميعهم على نعم أو يتفقوا على لا، وعندها ستتقدم الحكومة بطلب، أما قبل أن تتفق الكتل ويكون هناك مناخ للقبول أو الرفض فلن نتقدم بطلب تمديد أو بقاء إلى مجلس النواب».

وعلق المالكي على موقف مقتدى الصدر الرافض لبقاء القوات الأميركية مهددا برفع تجميد ميليشيا جيش المهدي إذا لم تنسحب تلك القوات في الموعد المحدد، قائلا غن «هذا القرار سيتحمله الوسط السياسي بشكل عام، لأن مقتدى الصدر جزء من الوسط السياسي»، وخير الصدر، ضمنيا، بين البقاء ضمن العملية السياسية من خلال التيار الصدري (40 مقعدا في البرلمان)، أو العودة للعنف من خلال تفعيل «جيش المهدي»، قائلا «لو أن ثمانين إلى تسعين في المائة من العراقيين قالوا نعم، فإن على العشرة في المائة الباقين أن يمشوا مع الآخرين أو أن ينسحبوا من العملية السياسية ويمارسوا دورهم بالشكل الذي يرونه مناسبا، سواء أكان موافقا أو مخالفا للدستور أو خروجا عن القانون».

ورئيس الوزراء العراقي الذي عمل بكل قواه للتمديد لولايته بعد مخاض عسير استغرق قرابة 9 أشهر هدد بإسقاط مجلس النواب واستقالة الحكومة واستقالته شخصيا، وذلك باستثمار قوة الكتلة التي ينتمي إليها وهي التحالف الوطني، وقال إن «التحالف الوطني مشترك في مجلس النواب بـ159 مقعدا، ومن حق هذه الكتلة أن تستثمر حقها في حل مجلس النواب، إذا رأينا أنه لا فائدة منه»، معتبرا أنه «في هذه الحالة، سيكون الخيار الوحيد أمامي أن أقدم استقالتي وأسقط الحكومة ومجلس النواب»، ويأتي ذلك ردا على الخلافات السياسية بين الكتل، خصوصا القائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، وتعثر المالكي، حتى الآن، في تسمية وزرائه الأمنيين رغم مضي نحو ستة أشهر على إعلان حكومته.

وكان أوار الحرب قد اشتعل بين المالكي وعلاوي وصل إلى ذروته بتبادل اتهامات عبر رسائل تضمنت اتهامات بالتنصل عن مفهوم الشراكة وتحمل المسؤولية.

وحول حرب الرسائل تلك، قال المالكي خلال مؤتمره الصحافي، أمس، إن الرسالة التي وجهها مؤخرا لزعيم القائمة العراقية إياد علاوي كانت ردا على 20 رسالة بعثها الأخير إليه تضمنت نقدا لاذعا للحكومة. وقال إن «معرفتي بإياد علاوي من بعيد، وليست لدي علاقة سابقة معه في تجارة أو عمل سياسي أو مشكلة شخصية»، وأضاف «أطمئن الجميع، لا توجد أي خلفية شخصية بيننا، إنما هي العملية السياسية ومصلحة الشعب العراقي، ومن هو الشريك وكيف نتحمل مسؤوليتنا»، مشيرا إلى أن «التصريحات والمواقف هي التي شكلت الرسائل المتبادلة مع إياد علاوي».

لكن حرب الرسائل تطورت أمس إلى حرب حواجز عندما أصدر المالكي أمرا بفتح جميع الطرق المغلقة في بغداد ومن دون استثناء، لكن قائمة علاوي أعلنت عن احتجاجها على إجراءات عمليات بغداد بمحاولة رفع الحواجز الكونكريتية عن مقر زعيمها علاوي، الذي يعتبر السياسي الأكثر تعرضا لعمليات الاغتيال، حسب تصريحاته.