كلينتون: الأسد تزداد عزلته.. واستخدام القوة دليل ضعف

أعضاء في الكونغرس يصفون الرئيس السوري بـ«المارق» ويطالبون بتنحيه وردعه عسكريا

أحد شوارع درعا وقد بدت فيه آثار الدمار والعمليات العسكرية للجيش السوري في صورة ارسلها مواطن سوري أمس ( أب )
TT

قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس إن واشنطن وحلفاءها يبحثون سبل زيادة الضغوط على الحكومة السورية للموافقة على إجراء إصلاحات ديمقراطية وإنهاء انتفاضة مستمرة منذ 7 أسابيع.

وتزايدت الضغوط على إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما ليتخذ موقفا أكثر حزما ضد النظام السوري ويفرض عقوبات أكثر قوة تستهدف الرئيس بشار الأسد نفسه، بعد أن قدم أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي نص قرار يدين الرئيس السوري ويصفه بأنه «مارق» فقد شرعيته عندما مارس أعمال عنف ضد شعبه. ويأمل نص القرار أن تطالب الإدارة الأميركية الرئيس الأسد بالتنحي وترك الحكم كما حدث مع الرئيس المصري حسني مبارك والعقيد معمر القذافي.

وقالت كلينتون التي تزور غرينلاند لإجراء محادثات مع وزراء خارجية دول تشترك في المنطقة القطبية الشمالية، إن عزلة الرئيس السوري بشار الأسد تتزايد. وقالت بعد اجتماع مع وزير الخارجية الدنماركي «سنحمل الحكومة السورية المسؤولية». وأضافت «الولايات المتحدة والدنمارك وحلفاء آخرون سيبحثون سبل زيادة الضغوط».

وتابعت تقول «تواصل الحكومة السورية، رغم الإدانة الدولية الواسعة، عمليات انتقامية صارمة ووحشية ضد مواطنيها». وأشارت إلى أمثلة على اعتقالات غير قانونية وعمليات تعذيب وحرمان مصابين من الرعاية الطبية. وقالت كلينتون «ربما يكون هناك البعض الآن الذين يعتقدون أن هذا علامة على القوة.. لكن معاملة المرء لشعبه بهذه الطريقة هي في الحقيقة علامة على ضعف ملحوظ».

وقال نشطاء في الدفاع عن حقوق الإنسان، أول من أمس، إن قوات الأمن السورية قصفت بالدبابات مناطق سكنية في مدينتين، وإن 19 شخصا على الأقل قتلوا في أنحاء البلاد في إطار محاولات الحكومة لسحق الانتفاضة الشعبية. وقالت كلينتون إن الأحداث الأخيرة في سوريا تظهر أن الدولة «لا يمكنها العودة إلى ما كانت عليه من قبل». وأضافت «الدبابات والرصاص والهراوات لن توقف التحديات السياسية والاقتصادية في سوريا». وقالت كلينتون إنه يجب أن تكون لسوريا حكومة تعكس إرادة كل الشعب. وأضافت «يواجه الرئيس الأسد عزلة متنامية وسنواصل العمل مع شركائنا الدوليين في الاتحاد الأوروبي وغيره بشأن خطوات إضافية لتحميل سوريا المسؤولية عن انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان».

من جهته، قال السيناتور المستقل جو ليبرمان في مؤتمر صحافي «إن الأسد ليس إصلاحيا، أعتقد أنه مارق، ومجرم، وزعيم شمولي». وأشار إلى أن القمع الدموي للاحتجاجات في سوريا يبدو مماثلا للقمع الذي مارسه النظام الليبي ضد شعبه، وأدى إلى الضربات العسكرية التي تدعمها الولايات المتحدة على ليبيا، وقال «لا أريد أن يشعر بشار الأسد ودمشق بالراحة، وأنه إذا استمر في عنفه ضد شعبه، فإنه من المستحيل أن يثور العالم ويقوم بالرد عسكريا للدفاع عن الشعب السوري». وأوضح ليبرمان أنه ليس هناك حل عسكري لهذه المسألة في الوقت الراهن، لكن الاضطرابات في سوريا تدعو المشرعين لإعادة تقييم الوضع. وأكد السيناتور الجمهوري ماركو روبيو أنه «يتعين على الأسد أن يستقيل الآن، وإذا رفض آمل شخصيا أن يطيح به الوطنيون والجيش».

وأشار نص القرار الذي قدمه أعضاء مجلس الشيوخ إلى أن الأسد مسؤول عن انتهاكات حقوق الإنسان وأن «القرار يدعم الشعب السوري ويدعوه إلى تحديد مستقبله بنفسه». وطالب نص القرار الذي يحظى بدعم أعضاء في مجلس الشيوخ من الحزبين الجمهوري والديمقراطي الرئيس الأميركي أوباما بالتعبير عن رأيه «مباشرة وشخصيا» بشأن الوضع في سوريا، كما أدان نص القرار إيران لمساعدتها سوريا في حملة العنف والقمع ضد السوريين.

وبينما عارض السيناتور جون ماكين فكرة القيام بعمل عسكري أميركي ضد سوريا، مشيرا إلى أن الوضع الليبي كان مختلفا، وأن الثوار الليبيين كانوا منتظمين نسبيا وطلبوا المساعدة الدولية في مواجهة هجمات القذافي، قال «الوضع السوري معقد للغاية، ويكاد يكون من المستحيل التدخل بأي شكل من الأشكال. إن الوضع فظيع، لكن من الصعب أن نقوم بشيء أكثر مما نقوم به الآن».

وكانت التقارير حول الاعتقالات الجماعية التي يقوم بها النظام السوري والقصف العسكري على مدن حمص ودرعا وبانياس قد أثارت الفزع بوصفها واحدة من الموجات الأكثر وحشية في قمع المتظاهرين. وكرر الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر تأكيده أن الولايات المتحدة تنبذ العنف، وأن إدارة أوباما تبذل قصارى جهدها، وقال «إننا واضحون وضوح الشمس في شجب العنف الذي تمارسه الحكومة السورية ضد شعبها، وهناك مستوى عال من القلق بشأن ما يحدث في سوريا بين الكثير من شركائنا وحلفائنا ونحن نبحث أفضل الطرق لمعالجة ذلك»، فيما أشار مسؤول أميركي بالبيت الأبيض، رفض ذكر اسمه، إلى أن الولايات المتحدة لا ترى معارضة واضحة أو تنظيما أو زعيما يقود المظاهرات في سوريا يمكن التعاون معه لتوحيد المعارضة ضد حكومة الرئيس بشار الأسد، مضيفا أن بعض مسؤولي الأمن القومي يرون أنه لو بقي الأسد في السلطة فإن عليه إنهاء التحالف مع إيران.

من جانب آخر، طالب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، سوريا بوقف حملتها العسكرية على المتظاهرين والقيام بالإصلاحات قبل فوات الأوان والسماح لعمال الإغاثة ومراقبي حقوق الإنسان بالدخول إلى مدينة درعا وغيرها من المدن لتقييم الوضع ومعرفة احتياجات السكان. ويأتي ذلك بعد قيام سوريا بسحب طلبها للحصول على مقعد في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وهو الطلب الذي ظل مثارا للجدل لفترة مع تصاعد القمع السوري للمتظاهرين.

وقد رحبت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سوزان رايس بهذه الخطوة، وقالت «نحن نؤمن أن هذه الخطوة جاءت نتيجة عدم رغبة مجموعة دول آسيا في دعم دولة تقوم بقتل شعبها، وسجلها في مجال حقوق الإنسان مليء بالانتهاكات». وأشارت إلى أنها خطوة تأتي منسجمة مع خطوات أخرى للجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان في إنشاء لجنة للتحقيق حول الوضع السوري، وأن القرار يزيل أي غموض حول الغضب والإدانة الدولية لسلوك الحكومة السورية.

وقالت رايس «إن الولايات المتحدة كانت واضحة وثابتة وقوية في إدانة الهجمات على المدنيين الأبرياء الذين يتطلعون إلى مزيد من الحرية والمستقبل الأفضل في كل الدول، وإن مجلس الأمن كان قادرا على العمل بقوة في بعض الحالات وغير قادر على التوصل إلى توافق في حالات أخرى، ولا أريد التكهن بما سيحدث، والولايات المتحدة إدانتها واضحة وقوية لما يحدث في سوريا وفي اليمن وفي أماكن أخرى، وفي حالة سوريا فإننا سنستمر في إجراء مشاورات مع شركائنا حول الخطوات المناسبة التالية».