حماه المحاصرة تستعيد ذكريات الثورة الدموية في 1982

الأسد استقبل رجال دين من المدينة طالبوا بحل المشكلات السابقة

صورة يعود تاريخها الى 24 ابريل الماضي تظهر احد الشبان وقد اصيب برصاص قناص في مدينة درعا السورية (أ.ب)
TT

قال ناشط حقوقي إن جنودا سوريين مدعومين بالدبابات حاصروا أمس مدينة حماه، التي دكها والد الرئيس بشار الأسد عام 1982 للقضاء على ثورة نشبت داخلها. وفي السياق ذاته، استخدمت القوات السورية الهراوات لتفريق 2000 متظاهر في حرم جامعي شمال البلاد.

ويسعى بشار الأسد، الذي ورث السلطة عن أبيه عام 2000، للقضاء على انتفاضة اندلعت قبل قرابة شهرين، وأضحت تطرح أخطر تهديد لحكم عائلته في سوريا على مدار 40 عاما تقريبا. وقد تزايدت معدلات العنف مع تحرك القوات إلى مناطق أكثر توترا، فيما وصفت الولايات المتحدة الإجراءات المتخذة من جانب السلطات السورية بـ«الوحشية».

ونقلت «أسوشييتد برس» عن الناشط الحقوقي مصطفى أوسو قوله إن جنودا تدعمهم الدبابات تجمعوا حول مدينة حماه، المعروفة بالثورة الدموية عام 1982 التي قضى عليها النظام الحاكم. وأكد الناشط أن القوات الأمنية اعتقلت بعض الأشخاص.

وفي خطوة ذكرت بما حدث مع الانتفاضة السابقة، قام الجيش السوري بقصف مناطق سكنية وسط وجنوب سوريا الأربعاء، مما أدى إلى مقتل 18 شخصا، وذلك بحسب ما أفادت به منظمة حقوقية.

وجاء قصف المناطق شبيها بما قام به حافظ الأسد عام 1982 عندما قصف مدينة حماه وسواها بالتراب لقمع انتفاضة السنة هناك، وقتل خلال ذلك ما بين 10.000 و25.000 شخص، بحسب ما تفيد به تقديرات منظمة العفو الدولية. ويوجد تضارب في الأرقام، فيما لم تذكر سوريا تقديرا رسميا.

وذكر نشطاء آخرون أن قوات الأمن استخدمت الهراوات لتفريق نحو 2.000 متظاهر في وقت متأخر من يوم الأربعاء في حرم الجامعة في حلب، أكبر المدن السورية.

بيد أن العملية العسكرية المكثفة وحملات الاعتقال بمثابة إجراءات مسبقة استعدادا ليوم آخر من المظاهرات المتوقع تنظيمها بمختلف أنحاء الدولة يوم الجمعة.

يذكر أنه قد سقط أكثر من 750 قتيلا، وتم اعتقال الآلاف منذ بدء الانتفاضة المناوئة لحكم الأسد الاستبدادي في منتصف مارس (آذار). وقد أجج الثورة اعتقال مراهقين، كانوا متأثرين بالانتفاضات في مصر وتونس، الذين قاموا بكتابة شعارات مضادة للنظام الحاكم على أحد الجدران.

وذكرت صحيفة «الوطن» الخاصة السورية أمس الخميس أن الأسد اجتمع لمدة أربع ساعات بوفد من رجال الدين السنة من حماه. وأشارت إلى أن رجال الدين طلبوا من الرئيس حل بعض المشكلات المعلقة منذ 1982، مثل مشكلة الأشخاص الذين ما زالوا في المنفى منذ ذلك الحين. وجاء بالصحيفة: «وافق الأسد على دراسة الحالة، طالما تضم أفرادا معروفا عنهم ولاؤهم للدولة».

ومنذ بدء الانتفاضة السورية، بدأت السلطات في الإعلان عن إصلاحات أيام الخميس في محاولة لتفادي المظاهرات التي يتم تنظيمها يوم الجمعة، اليوم الرئيسي للمظاهرات في العالم العربي.

ولم يكن هذا الأسبوع مختلفا: فقد ذكرت وكالة الأنباء الحكومية (سانا) أن رئيس الوزراء عادل سفر طرح برنامجا جديدا لتوظيف 10.000 من خريجي الجامعات سنويا في المؤسسات الحكومية.

تجدر الإشارة إلى أن نسبة البطالة في سوريا تقدر بنحو 20 في المائة. وذكر رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس أن حملات الاعتقالات مستمرة بمختلف أنحاء الدولة قبل المظاهرات المتوقعة يوم الجمعة. وقال: «السلطات تحتجز أي شخص يحتمل مشاركته في المظاهرات».

وأشار إلى أنه في مدينة دير الزور شمال سوريا، وضعت السلطات كاميرات داخل وخارج مسجد عثمان بن عفان، المعقل الذي يخرج منه عشرات المصلين للتظاهر بعد صلاة الجمعة.

وأضاف عبد الرحمن أن كثيرا من المحتجزين السابقين تم إجبارهم على التوقيع على وثائق تفيد بأنهم لم يتعرضوا للتعذيب وأنهم لن يشاركوا في أي «أعمال شغب» في المستقبل.

بيد أن الأسد مصرّ على قمع الانتفاضة على الرغم من الضغط الدولي والعقوبات المفروضة من قبل أوروبا والولايات المتحدة.

وفي واشنطن أدان المتحدث الصحافي بالبيت الأبيض جاي كارني أعمال العنف. وقال: «تستمر الحكومة السورية في اتباع ما تقوم به حليفتها إيران باللجوء للقوة الغاشمة وانتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان وقمع الاحتجاجات السلمية»، مؤكدا على أن «التاريخ لا يكون في جانب هذا النوع من التصرفات».

ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر الهجمات بـ«الوحشية»، مضيفا «لا نذكر كلمة (وحشي) كثيرا هنا».

وقال مسؤولون في إدارة أوباما، التي سعت إلى التواصل مع سوريا بعدما عزف عنها الرئيس السابق جورج دبليو بوش، يوم الثلاثاء، إن الولايات المتحدة تقترب من الدعوة لإنهاء حكم عائلة الأسد الطويل. وقال المسؤولون إن الخطوة الأولى هي القول للمرة الأولى إن الأسد فقد شرعيته في الحكم، وهو ما يعد تحولا مهما.