الصحافة السورية تصف أردوغان بـ«الواعظ المتشاوف».. وأنقرة تفضل تعبير «الأخ الناصح»

مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط»: لم نتغير.. الآخرون فعلوا

شبان سوريون في أحد شوارع درعا بينما بدت سيارة مدمرة (أ.ب)
TT

دخلت العلاقات التركية – السورية منعطفا جديدا، مع الحملة العنيفة التي شنتها الصحافة السورية ضد تركيا لأول مرة منذ اندلاع الاحتجاجات في سوريا والموقف التركي المنتقد لـ«بطء» الرئيس السوري بشار الأسد في الإصلاح. وبعد أن رفع المتظاهرون في مدينة بانياس السورية صورا لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لتحييه على موقفه ضد ما يعتبرونه سياسة القبضة الحديدية تجاه المعارضة، الأسد، هاجمت صحيفة «الوطن» السورية التي يملكها رجل الأعمال رامي مخلوف، تركيا كما النموذج التركي.

وبينما وصفت الصحيفة أردوغان بأنه «الواعظ الإصلاحي المتشاوف»، ردت تركيا بإعادة التأكيد على ضرورة الإسراع في الإصلاحات «قبل فوات الأوان»، وقالت مصادر تركية بارزة لـ«الشرق الأوسط» إن أردوغان والقيادة التركية ينطلقون في مواقفهم من موقع «الأخ الناصح لا الواعظ المتشاوف»، مضيفة أن سوريا «هي بوابة تركيا إلى العالم العربي والمنطقة، واستقرارها مهم جدا بالنسبة إلينا». لكن المصادر نفسها أبدت الاستياء البالغ من «استمرار سفك الدماء والعنف المفرط». وأكدت المصادر أن تركيا لم تغير مواقفها «لكن الآخرين يتغيرون ويتهموننا بذلك»، معتبرة أن القيادة التركية تنطلق في مواقفها من زاوية أن «كل قطرة دماء سورية عزيزة علينا، مهما كانت الرصاصة التي أراقتها». وقالت: «نحن لا نميز بين الرصاصة التي توجه إلى صدر رجل الأمن، أو المتظاهرين، فكلاهما أخ عزيز». وإذ أشارت المصادر إلى أن «عملية الإصلاح السريعة واللجوء إلى الحوار هي السبيل الوحيدة والملحة للخروج من الأزمة»، أعربت عن الاعتقاد بأن «الفرصة لا تزال متاحة أمام القيادة السورية لإصلاح ما يمكن إصلاحه».

وانتقدت صحيفة «الوطن» في افتتاحيتها «النموذج التركي» الذي يقدم نفسه، كما يقدمه المروجون له باعتباره «وصفة سحرية» للعالم الإسلامي - العربي. ورأت الصحيفة أنه «منذ أن بدأت الأحداث الراهنة في سوريا منذ أكثر من شهر، بدا الأداء الرسمي التركي متسرعا وعلى قدر من الارتجال، ففضلا عن (الوعظ الإصلاحي المتشاوف) الذي قام به رجب طيب أردوغان من أكثر من منصة ومنبر أوروبي، بدا مهندس (العثمانية الجديدة) (وزير الخارجية التركي) أحمد داود أوغلو قاصر الحيلة في استنباط حلول لاستعصاءات مفترضة في التعامل الصريح والواضح مع هذه الأحداث». وإذ أخذت الصحيفة على تركيا اتخاذ بعض فرقاء المعارضة السورية، ومنهم بشكل خاص الإخوان المسلمين، من إسطنبول كمكان يطلون منه، والدعوة لعقد مؤتمر للمعارضة السورية في إسطنبول، اعتبرت أن «النموذج التركي» يمر بأحد أكثر الامتحانات التي، ربما، سيتوقف على نتيجتها، مصيره هو باعتباره حالة تعود إلى عملية «القطع الأتاتوركي» عام 1923 مع «العثمانية القديمة» التي كان الإسلام السياسي إحدى أدواتها في تأكيد وفرض سلطة الخلافة على العالم العربي، خلصت إلى القول بأن «سوريا الآن، بأحداثها، هي الامتحان الأهم للنموذج التركي وقدرته على الإخلاص لذاته وتاريخه».

أما الكاتب زياد حيدر، فانتقد في مقالة عنوانها «الصديق الصيق» ما قاله أول من أمس رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان على القناة السابعة التركية الذي قلل فيه من خسائر القوات النظامية السورية، وقال الكاتب: «حديث أردوغان المتعالي عن (خمسة قتلوا من الجيش) و(سبعة قتلوا في الشرطة)»، مضيفا: «كلام (الطيب) تنقصه الطيبة والحس المرهف.. لا أفهم ونحن مراقبون لتطور العلاقة السورية - التركية منذ عام 1998 وحتى الآن، كيف يمكن لـ«صديق» أن يقول ما قاله وقد ردد قبل لحظات من إنكاره شهادات جيشنا أن سياسة بلاده تجاه سوريا تنبع من هموم (داخلية)، لأن (هنالك علاقات قرابة) بين الشعبين»، وختم قائلا: «لا أدري ما الذي كسبه أردوغان بتصريحه المنتقص من كرامة موتانا، ولكني أعرف أنه خسر في المقابل شيئا، الأيام تثبت ثمنه».