مغتربون مصريون يتخوفون من استمرار إبعادهم عن التصويت بالانتخابات

مصدر حكومي: تعديلات «مباشرة الحقوق السياسية» لم تحسم

حرمان المغتربين من التصويت «يعد استمرارا لسياسة سلب المصريين بالخارج لحقوقهم السياسية
TT

«لو كان النظام السابق قد حرمني من حقوقي الدستورية كمواطن مصري، فإن ذلك لا يصح أن يتكرر بعد الثورة على الإطلاق». هكذا جاء عبر الهاتف صوت الدكتور المصري شريف صالح الذي يعمل منذ 7 أعوام في بريطانيا. وشعر ملايين المصريين المقيمين بالخارج بالغبطة حين جرى الحديث للمرة الأولى عقب ثورة 25 يناير مطلع العام الجاري عن التصويت في الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقرر لها الشهور القليلة القادمة، لكن تسريبات وتكهنات خرجت من مصر أمس عن استمرار حرمان المصريين المغتربين من المشاركة في تلك الانتخابات، جعلت الاتصالات الهاتفية والإنترنتية تنهال على ذويهم داخل البلاد، معربين عن خيبة أملهم في حال صحت تلك النوايا.

ويبلغ عدد المصريين بالخارج نحو 8 ملايين مصري داخل 139 دولة، وفقا لعدة تقارير غير رسمية، من بينها تقارير لمنظمات حقوقية محلية ودولية، بينما يصل عدد سكان مصر نحو 80 مليون نسمة، فيما يحق التصويت لنحو 42 مليون مواطن.

وقال الحقوقي المصري صفوت جرجس، مدير المركز المصري لحقوق الإنسان، إن أي قرار باستمرار حرمان المصريين في الخارج من التصويت في أي انتخابات، يعطيهم الحق في تحريك دعوى قضائية ضد السلطات الحاكمة بمصر، مشيرا إلى أن حرمان المغتربين من التصويت «يعد استمرارا لسياسة سلب المصريين بالخارج لحقوقهم السياسية، وبخاصة بعد الثورة، حيث صدرت العديد من التطمينات لهم برد حقوقهم مرة أخرى.. هؤلاء المصريون لهم عائلات ومصالح في هذا البلد، وبدلا من أن نشجعهم على الانخراط في كيان الدولة وزيادة عنصر الانتماء، نزيد من عزلتهم». ويدعو العديد من الحقوقيين المصريين، وكذا المقيمون بالخارج، حكومة بلادهم لمحاكاة الدول الديمقراطية التي توفد لجانا انتخابية إلى سفاراتها في الخارج لتمكين رعاياها من تحديد المستقبل السياسي للدولة عبر صناديق الاقتراع. ويشير أصحاب هذا الرأي إلى أن المصريين يسهمون من خلال عملهم في الخارج بنحو 5 في المائة من الدخل القومي المصري، حسب التقديرات الأخيرة للبنك المركزي المصري.

وعاد صوت الدكتور صالح عبر الهاتف من بريطانيا، حيث يعمل طبيبا هناك، ويبلغ من العمر 39 عاما، ليقول: «أعمل في لندن منذ نحو 7 أعوام، وأقوم بزيارات دورية سنوية إلى وطني الأم.. ولو كان النظام السابق قد حرمني من حقوقي الدستورية كمواطن مصري، فإن ذلك لا يصح أن يتكرر الآن.. هذه من مكتسبات الثورة، وسندافع عنها».

المصرفي المصري محمد حسني (31 عاما) والذي ترعرع مع أسرته في باريس منذ كان عمره أحد عشر عاما، أجاب في اتصال هاتفي على سؤال «الشرق الأوسط» بسؤال آخر يقول: «هل هذا صحيح؟». وأضاف: «أعيش في فرنسا منذ زمن، ولكنني لم أغب عن القاهرة.. شاركت في مظاهرات ميدان التحرير وقت الثورة.. لن نرضى بمثل هذه النتيجة» ومن ولاية نيوجيرسي الأميركية، بعث الدكتور محمد عبد السلام، المصري الذي يبلغ من العمر 37 عاما ويعمل جراحا هناك، بعدة رسائل إلكترونية لأصدقائه بالقاهرة ليعرف ماذا يحدث. وقال في إحدى رسائله لـ«الشرق الأوسط»: «إذا حرمت من حق التصويت من الخارج، فسوف أقوم بمخاطبة الجالية المصرية في أميركا، والتنسيق مع الجاليات في أوروبا، من أجل تحريك دعوى قضائية ضد السلطات المصرية. لن نصمت على مواصلة حرماننا من حقوقنا، وإلا أين التغيير الذي جاءت به الثورة».

وعقب نجاح ملايين المحتجين في الإطاحة بحكم الرئيس المصري السابق حسني مبارك في فبراير (شباط) الماضي، تكررت وعود لعدد من كبار المسؤولين الجدد في الدولة تقول إن المصريين بالخارج سيشاركون في أي انتخابات قادمة، إلا أن وسائل إعلام محلية في مصر تحدثت أمس عن أن قانون مباشرة الحقوق السياسية المزمع تعديله لأول مرة بعد مبارك، سيتضمن «الاستمرار في عدم السماح للمصريين بالخارج بالإدلاء بأصواتهم في الانتخابات».

وقال مصدر في الحكومة المصرية لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يمكنه الجزم بأن هذا ما سيكون عليه (تعديل) القانون لأن التوقيع عليه بشكل نهائي سيستغرق عدة أيام، و«ستجري حوله مراجعات»، على الرغم من أن التسريبات التي خرجت من القاهرة وطارت إلى مصريين يعملون في الخارج، أشارت إلى تبرير من السلطات المصرية يقول إن استمرار حرمان المصريين بالخارج من التصويت، «يرجع لعدة عوامل منها ضخامة عددهم وتوزعهم على عدد كبير من دول العالم».