برلسكوني يسطو على الحملة الانتخابية لعمدة ميلانو

تدخله الكبير لدعم ليتيسيا موراتي وربط إنجازاتها بحكومته قد يأتيان بنتيجة عكسية لها

برلسكوني وموراتي معا في ميلانو (رويترز)
TT

في ملصقات حملتها الانتخابية، يبدو من الواضح أن ليتيسيا موراتي عمدة ميلانو، المرشحة التي يدعمها رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني في انتخابات تعقد نهاية هذا الأسبوع، تحتل المركز الأول. غير أن الأضواء كانت تنحسر عنها في كل مرة يأتي برلسكوني هنا إلى ميلانو لدعم حملتها.

وكان برلسكوني، الذي اهتزت مكانته بسبب فضائحه وتحالفه المتذبذب بصورة خرقاء مع السياسيين من مختلف الاتجاهات، يحاول تحويل حملة انتخاب عمدة ميلانو إلى استطلاع رأي حول شعبيته وشرعيته. وقال مؤخرا، إن التصويت في ميلانو «سيكون أكبر دعم لحكومتنا ولأغلبيتنا». وأضاف: «هذا التصويت له مدلول بالنسبة إلى ميلانو، ولكن أيضا بالنسبة إلى إيطاليا كلها».

ولذلك، ففي الوقت الذي كرست فيه موراتي أسابيع للترويج لإنجازاتها (التي أوردتها في كتيب تحت عنوان «المشاريع المائة التي أنجزناها»)، عمل برلسكوني بشكل شبه مقصود من أجل إبقاء التركيز منصبا عليه. ففي حشد انتخابي لموراتي يوم الأحد الماضي، أشار برلسكوني إلى المدعين بـ«آفة الديمقراطية». وكان في حالة من السخط نظرا لأنه، على حد قوله، «كل يوم اثنين، يتعين على رئيس الوزراء أن يخضع نفسه لذل الاتهامات السخيفة التي لا أساس لها».

وفي كل يوم اثنين على مدار الأسابيع القليلة الماضية، كان برلسكوني يظهر في جلسات المحاكم في ميلانو في أربع قضايا منفصلة تتعلق باتهامات بالفساد والتهرب الضريبي وإساءة استغلال السلطة، إلى جانب إقامة علاقة جنسية مع عاهرة قاصر.

وفي هذا المناخ السياسي، من الصعب التكهن بما إذا كان الدعم المتأرجح لبرلسكوني الذي تشير إليه بوضوح آخر استطلاعات رأي تم إجراؤها هو انعكاس بدرجة أكبر لعدم الرضا عن العمدة أو عن القرارات التي لا تحظى بالقبول في روما، مثل المشاركة المتزايدة لإيطاليا في قصف ليبيا أو أسلوب تعامل الحكومة مع الأزمة على جزيرة لامبيدوسا، التي كانت قد اكتظت بالمهاجرين من شمال أفريقيا.

وقال ناندو باغنونسيلي، المدير التنفيذي لشركة «إبسوس إيتالي»، وهي شركة دولية متخصصة في أبحاث السوق: «سيكون من السيئ أن نخسر ميلانو في اللحظة التي ينظر فيها إلى برلسكوني باعتباره يفقد شعبيته». وأضاف: «إنه يرغب في إصلاح الموقف وتمكينها من الفوز في المعركة الانتخابية».

ويوم الثلاثاء، نشر حزب رئيس الوزراء مقطع فيديو مرسلا من برلسكوني على موقعه الإلكتروني حيث حث فيه على دعم ائتلافه المكون من نحو 13 مليون إيطالي ممن سيقومون بالإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البلدية والإقليمية في 1,177 مدينة وتسع مقاطعات يومي الأحد والاثنين المقبلين.

لم تلق فكرة شخصنة الجدال السياسي، المنصب بدرجة أكبر على برلسكوني عن القضايا المحلية، قبولا لدى أشخاص على شاكلة جيانجياكومو شيافي، نائب رئيس تحرير صحيفة «كوريير ديلا سيرا» التي تصدر في ميلانو، فقد قال: «حري بنا أن نتحدث عن المدينة وعن المساحات العامة المتاحة للأطفال والكبار وعن الشوارع النظيفة والضباب».

لقد عرف عن ميلانو أنها محرك لبقية أجزاء الدولة، فيما يتعلق بكل من الاقتصاد (ما زالت تنتج عشر إجمالي الناتج المحلي في الدولة) والرؤية. وقال شيافي: «إنها بحاجة إلى استعادة دورها كمدينة رائدة وإلى توجيه رسالة إيجابية عن مفهوم الحداثة». وأعرب عن رغبته في أن يشاهد مزيدا من المناقشات حول الحرمان الذي تعاني منه الطبقة المتوسطة وكيفية دمج المهاجرين القانونيين البالغ عددهم 217000 شخص الذين يشكلون نحو سدس سكان ميلانو البالغ عددهم 1,3 مليون نسمة بصورة أفضل.

وفي الشهر الماضي، تحدثت موراتي عن مدينة «تنحو منحى جديدا» تحت قيادتها. وقد حققت ميلانو انتصارا حينما وقع الاختيار عليها لاستضافة المعرض العالمي 2015، وهو «معرض يركز على المعرفة»، حسبما تشير موراتي، حيث سيترك تراثا يتجاوز حدود أرض المعرض: مركز بحثي سيركز على مشاريع التأمين الغذائي.

وأشارت إلى مزايا امتلاك منظور أنثوي في إدارة إحدى أكثر المدن تعقيدا في إيطاليا بقولها: «النساء لديهن إدراك متأصل لقيمة الجمال». وأضافت: «إنه لإدراك قاصر أن تتعامل مع مفهوم الجمال في إطار فردي، لكن إذا وسعت النطاق، يمكنك أن تدرك جمال المدينة».

لقد تم افتتاح خمسة متاحف أثناء الخمس سنوات التي شغلت فيها هذا المنصب، كما يجري التخطيط لافتتاح متاحف أخرى. وقد زادت المساحات الخضراء، التي تعتبر أمرا مهما في هذه المدينة المعروفة بازدحامها الخانق على الدوام، كما مارست ضغوطا من أجل تعزيز مكانة ميلانو بوصفها عاصمة التصميم والموضة في إيطاليا. وقد كانت لها مواقف صارمة (أو شديدة الصرامة بدرجة مبالغ فيها على حد قول معارضيها) فيما يتعلق بالتأمين والهجرة، وهما القضيتان اللتان كانت إدارتها تخلط بينهما في أغلب الأحيان.

وقد ظل بعض السكان يشعرون بنوع من عدم الارتياح. وقال ماوريتسيو غاردينادسي، وهو سائق تاكسي متبرم: «اعتادت ميلانو أن تكون مميزة عن بقية المدن بسبب محافظتها الشديدة على النظام. أما الآن فلم تعد تختلف كثيرا عن روما أو نابولي».

أظهرت موراتي يوم الأربعاء أنها يمكن أن تسرق الأضواء من الآخرين وتستحوذ على الانتباه، تماما كرئيس الوزراء، ففي مناقشة أذيعت تلفزيونيا، اتهمت أقوى منافسيها، جوليانو بيسابيا، الذي يترأس ائتلافا من أحزاب اليسار والوسط، بسرقة سيارة منذ 26 عاما. وفي حقيقة الأمر كانت قد تمت تبرئة بيسابيا من الاتهام. وذكر على موقعه الإلكتروني: «هذه حملة تشويه إعلامي. وسأواصل حملتي الانتخابية والتعامل مع مشكلات المدينة التي قد تركتها هذه الإدارة معلقة دون أي حلول».

* خدمة «نيويورك تايمز»