وزير الإعلام المغربي: لا تعارض بين المشروعين الخليجي والمغاربي

الأحزاب السياسية رحبت بالمبادرة.. والفاسي الفهري يعتبرها إشارة قوية وذات مغزى

TT

بينما أعلن خالد الناصري، وزير الإعلام المغربي والناطق الرسمي باسم الحكومة، أنه لا يوجد أي تعارض بين دعوة مجلس التعاون الخليجي للمغرب للانضمام إلى هذه المنظمة الإقليمية، والتزامه بمشروع بناء اتحاد المغرب العربي، قال الطيب الفاسي الفهري، وزير الخارجية المغربي، إن دعوة مجلس التعاون الخليجي للمغرب للانضمام إليه تعتبر إشارة قوية وذات مغزى من شأنها إرساء شراكة قوية بين الطرفين.

وأوضح الفاسي الفهري، الذي كان يتحدث أمس أمام لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان المغربي، أن «دعوة هذا التجمع الوازن والواعد، إشارة قوية وذات مغزى عميق تجاه المغرب، وتؤكد الأهمية الخاصة لإرساء شراكة متميزة بين المغرب وهذا الفضاء الخليجي».

وفي غضون ذلك، قال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن المغرب لم يتقدم من قبل بأي طلب للانضمام إلى المجلس، وإن المبادرة جاءت من طرف دول المجلس الخليجي، مضيفا أن المشاورات بهذا الشأن قد تبدأ في الأيام المقبلة، وهي بحاجة إلى وقت كاف، مشيرا إلى أن «قرار الانضمام إلى المجلس ليس بالهين، بل هو قرار مصيري».

وفي هذا السياق، قال وزير الإعلام المغربي إن وزارة الخارجية المغربية ستباشر مناقشة مختلف الجوانب المتعلقة بالارتقاء بمستوى التعاون بين المغرب وبلدان مجلس التعاون الخليجي، بما يخدم المصلحة المشتركة للطرفين والقضايا العربية والإسلامية العادلة، وذلك ردا على الدعوة التي وجهها المجلس للمغرب للانضمام إلى المنظمة.

وأضاف الناصري، خلال لقاء صحافي عقده الليلة قبل الماضية في الرباط عقب اجتماع للحكومة، أن «دعوة المجلس للمغرب للانضمام إليه لا تتناقض مع الالتزام الطبيعي الذي لا رجعة فيه للمغرب في نطاق اتحاد المغرب العربي».

وأضاف أن انضمام المغرب إلى أي فضاء إقليمي أو دولي أمر مطلوب وطبيعي، نظرا للقيمة المضافة التي يمكن أن يقدمها للقضايا العادلة، وأنه بحكم موقعه الاستراتيجي فإنه موجود في الكثير من الدوائر، مثل اتحاد المغرب العربي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والفضاء الأورومتوسطي، والوضع المتقدم مع أوروبا، وحركة عدم الانحياز.

وأشار الناصري إلى أن المغرب يولي اهتماما كبيرا للدعوة «الأخوية الطيبة» التي تلقاها من مجلس التعاون الخليجي للانضمام إلى هذه المنظمة، مشيرا إلى أن المغرب تربطه بدول مجلس التعاون الخليجي علاقات تاريخية وإنسانية وسياسية واقتصادية وبشرية قوية، معربا عن اعتزازه بنوعية العلاقات التي تجمع الطرفين.

من جانبه، وصف عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الإسلامي المعارض، دعوة مجلس التعاون الخليجي المغرب للانضمام إليه بأنها «دعوة كريمة لا يمكن الاعتراض عليها، ولا تحتاج إلى تحفظ». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «تجمعنا بدول الخليج روابط العروبة والإسلام، بالإضافة إلى تقارب الأنظمة السياسية». وأضاف «شخصيا يبدو لي أن هذا الانضمام سيكون شكليا لأنه موجود عمليا ومنذ القدم، فشعوب الخليج والشرق الأوسط هم إخواننا، ونحن أمة واحدة، وكلما توحدت الدول المتفرقة كان ذلك أفضل، وسيستفيد الطرفان اقتصاديا وسياسيا وثقافيا»، على حد قوله.

وقالت لطيفة بناني سميرس، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال متزعم الغالبية الحكومية، لـ«الشرق الأوسط»، إن الحزب لم يعقد بعد أي اجتماع رسمي لمناقشة هذا الموضوع، بيد أنها أوضحت أن الحزب يرحب بهذه الدعوة، لأن المغرب تجمعه بدول الخليج علاقات وطيدة باعتبارها دولا عربية وإسلامية.

وقالت سميرس إن الارتقاء بهذه العلاقة إلى درجة أفضل لا شك ستكون له نتائج إيجابية على الطرفين، مشيرة إلى أن حزب الاستقلال كان وما زال يعمل من أجل تحقيق الوحدة العربية سواء في إطار مشروع اتحاد المغرب العربي، وهو مشروع أساسي، برأيها، أو تحت أي إطار من شأنه توحيد الدول العربية.

من جانبه، قال التهامي الخياري، الأمين العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية المعارض، لـ«الشرق الأوسط»: «مبدئيا ليس لدينا أي اعتراض على أي مشروع يعزز وحدة العالم العربي، إلا أننا لم نكن ننتظر هذا الاقتراح». وأضاف «ليست لدينا حاليا المعطيات الكافية حول هذا الموضوع ولا الخلفيات الكامنة وراءه، وبالتالي سننتظر حتى تتضح الأمور لنعلن موقفنا من هذا المشروع».

وفي سياق ذي صلة، حظيت دعوة مجلس التعاون الخليجي للمغرب بالانضمام إليه باهتمام معظم الصحف المغربية الصادرة أمس سواء المستقلة أو الحزبية.

وذكرت صحيفة «الصحراء المغربية» شبه الرسمية، أن «انضمام المغرب للمجلس حالة فريدة من نوعها في مسار الاتحادات خارج النطاق الجغرافي المشترك، لكن المغرب يقتسم مع الدول الخليجية الست تاريخا حافلا بالمواقف السياسية المشتركة، إضافة إلى وقوف المغرب الدائم إلى جانب دول الخليج لدعم أمنها واستقرارها في مواجهة التهديدات الإقليمية، كما حدث في غزو العراق للكويت عام 1990، أو من خلال التأييد الذي أبداه لدعم الوحدة الترابية للسعودية خلال تعرضها للهجوم من قبل الجماعات المتطرفة في اليمن العام الماضي، وأيضا من خلال موقفه الداعم لمملكة البحرين عندما تعرضت للتهديد من قبل إيران. وأضافت أنه في حال نجاح مفاوضات الانضمام ستشهد المنطقة تغييرا مهما في بنيتها السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية.

وربطت صحيفة «أخبار اليوم» المستقلة الدعوة التي وصفتها بـ«المثيرة» في سياق الاضطرابات الشعبية التي واجهها عدد من الأنظمة العربية، وسقوط أنظمة، وتداعي أخرى.

وقالت صحيفة «المساء» المستقلة إن توجيه مجلس التعاون الخليجي الدعوة إلى المغرب للانضمام إليه جاء «في إطار رغبة المجلس في توسيع مجاله والانفتاح على أعضاء جدد، وذلك في ظل ظرفية سياسية مهمة جدا يعيشها العالم العربي من المحيط إلى الخليج».

وأشارت الصحيفة إلى أن «التحولات الجارية في العالم العربي ساعدت على الدفع بهذا المجلس الذي هو أقدم وأنجح تكتل إقليمي، استمر طيلة ثلاثة عقود، وظل يعقد اجتماعاته بشكل دوري رغم الخلافات، وبات يشكل نموذجا للتحالفات الإقليمية الناجحة، نحو الانفتاح على مكونات أخرى من شأنها أن تضخ فيه دماء جديدة».

وأشارت الصحيفة إلى أن «العرض الخليجي الذي فاجأ الكثيرين بسبب التباعد الجغرافي، وبسبب اختيار المغرب بالذات، يعتبر دليلا على المركز الذي بات يحتله المغرب كنموذج عربي للانفتاح السياسي. واعتبرت العرض «رسالة سياسية أيضا إلى بلدان اتحاد المغرب العربي التي فشلت في إنجاح هذا التكتل الإقليمي الذي أسس بعد مجلس التعاون بثماني سنوات لكنه وقف في منتصف الطريق».

من جهتها، قالت صحيفة «الاتحاد الاشتراكي» الناطقة باسم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المشارك في الحكومة، إن عملية انضمام المغرب إلى المجلس «قد تواجهها بعض الصعوبات بسبب البعد الجغرافي»، وتوقعت أن ينظم المغرب كملاحظ. في حين اكتفت صحيفة «العلم» الناطقة باسم حزب الاستقلال، بنشر بيان وزارة الخارجية المغربية المرحب بالانضمام، إلى جانب تصريحات عبد اللطيف الزياني، الأمين العام للمجلس، والتي وصفتها بـ«المفاجئة»، والبيان الصادر عن اللقاء التشاوري الـ31 للمجلس الأعلى للمجلس.

وأثارت دعوة المجلس للمغرب الانضمام إلى المنظمة الخليجية، وبيان الخارجية المغربية المرحب بها، تساؤلات وتكهنات كثيرة حول حجم وطبيعة هذا الانضمام. وذهبت بعض التحليلات إلى أن المغرب إذا ما انضم إلى المجلس فسيشارك في «درع الجزيرة» القوة العسكرية للمجلس. وتساءل آخرون «كيف سيستفيد المغرب إذا ما تم تأسيس سوق خليجية مشتركة، وإصدار عملة موحدة؟». كما أثيرت تساؤلات حول ما إذا كان المغرب قد تقدم من قبل بطلب الانضمام إلى المنظمة، ولماذا لم يتم إطلاع الرأي العام على ذلك، أم أن المبادرة جاءت من دول مجلس التعاون.