النازحون السوريون نصبوا خيامهم في لبنان.. والهيئات الإنسانية تتحرك

نازح لـ«الشرق الأوسط»: بتنا نخاف على نسائنا من الشبيحة وعلى بيوتنا من النهب

امرأة سورية مع أطفالها يحملون أمتعتهم أثناء وصولهم إلى منطقة وادي خالد شمال لبنان. يذكر أن أعدادا من النساء والأطفال السوريين عبروا إلى هذه المنطقة جراء قمع الاحتجاجات من قبل القوات السورية (أ.ب)
TT

قال أحد المتطوعين لاستقبال النازحين السوريين إلى شمال لبنان لـ«الشرق الأوسط» إن أكثر من 150 عائلة سورية عبرت جسر البقيعة الذي يفصل بين البلدين، يومي أمس وأول من أمس تحسبا لما يمكن أن يعقب مظاهرات «جمعة الحرائر»، شارحا أنه من المستحيل معرفة عدد الذين يعبرون يوميا الحدود الشمالية اللبنانية من نقاط غير شرعية بين البلدين، وهذه باتت حال الغالبية لأنهم كثر ويتوافدون طوال النهار.

وأضاف المتطوع الذي رفض الكشف عن اسمه أن البعض يمر إلى قرية الكنيسة وآخرين عبر حنيدر وغيرهم من الناعورة. قائلا: «إن هناك غض طرف من قبل الأمنيين اللبنانيين، ورغبة من الأهالي في استقبالهم من حيث أتوا، فهم يختارون النقطة الأقرب إلى مدنهم وقراهم ويدخلون منها، ليجدوا دائما من يستقبلهم» شارحا أن الكثير من المناطق الحدودية بين البلدين مفصولة بجدار بعلو طوبتين يسهل القفز فوقهما. نافيا تماما أن يكون قد سمع أي مواطن سوري يتحدث عن منع الجيش السوري له من العبور باتجاه لبنان.

وفي بلدة القبيلة تشاهد ما يزيد على مائة خيمة حملها السوريون الذين قيل لنا إن غالبيتهم قادمون من مناطق باب عمرو وجورة العرايس وباب السباع في حمص ونصبوها داخل الأراضي اللبنانية بانتظار أن تهدأ الأوضاع هناك. ويقول أحد السوريين الواصلين للتو من حمص «إن الوضع سيئ هناك، وبعض أهالي حمص هربوا إلى البساتين القريبة من المدينة بعد قصف الدبابات الذي تعرضت لها مناطقهم، وهم يفضلون أن يناموا في العراء» قائلا: «بتنا نخاف على نسائنا من الشبيحة، ونخاف أن نترك بيوتنا كي لا تنهب. لكن في النهاية يختار الإنسان حياة زوجته وأطفاله». متسائلا: «لماذا تحاصر مناطق لها انتماء معين ويعتقل أهلها على الهوية، بينما مناطق أخرى تعيش بسلام؟» شارحا أيضا أن «الاعتقالات مستمرة لكنهم يتركون البعض ويعتقلون أفواجا جديدة، ربما لأن أعداد المعتقلين صارت فوق طاقتهم، لكن لا أحد يخرج من السجن إلا والتشوهات بادية على جسده من شدة التعذيب».

وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية يوم أمس أنه «سجلت في الساعات الماضية حركة نزوح كثيفة من مدينتي حمص وتلكلخ ومنطقة باب السباع في سوريا إلى منطقة وادي خالد في لبنان». ومع تزايد أعداد النازحين الذين يطلبون إيصالهم إلى منازل أقرباء أو أصدقاء لهم في مختلف المناطق اللبنانية، فيما يبقى البعض الآخر في منطقة وادي خالد المحاذية للحدود السورية باستضافة الأهالي، بدأت بعض الهيئات المدنية تزور النازحين للمساعدة. ويقول عضو المجلس البلدي لبلدية المقيبلة في وادي خالد ناصر جمعة إن ممثلا عن وزارة الشؤون الاجتماعية إلى جانب ممثلين عن «الأونروا» والمجلس الدنماركي للاجئين زاروا المنطقة، وجلنا معهم على العائلات النازحة، فبعض الأطفال مرضى، وهناك من يحتاج لأدوية لأمراض مزمنة، ووعدوا بأنهم سيعودون يوم الاثنين القادم حاملين ما يحتاجه النازحون. وكان مسؤول في وزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية قد قدر عدد النازحين المقيمين حاليا في وادي خالد ومنطقة أكروم المجاورة وحدهما بـ1400 نازح إلا أن الأهالي الذين تحدثنا معهم يرون أن العدد أكبر من ذلك بكثير، لكن غالبية النازحين إلى هذه المناطق هم في ضيافة الأهالي وفي بيوتهم، والبعض منهم طلب منازل مستقلة أمنت لهم، والعائلات المضيفة ترى أن من واجبها أن تكون في خدمة ضيوفها وترفض رفضا قاطعا أن تقدم لهم مساعدات من الهيئات الإنسانية. يبقى أن الغالبية الساحقة من النازحين هم من النساء والأطفال، والرجال الذين يأتون لتوصيلهم يعودون إلى مدنهم وقراهم، وحين نسأل عن السبب يقال لنا إن «الرجال يذهبون ليبقوا في البيوت فهم يخشون عليها من عبث الشبيحة».