ميقاتي يؤكد أن «الأمر لي» في عملية تأليف الحكومة ويرفض تجاوز صلاحياته ودور رئيس الجمهورية

رئيس الحكومة اللبنانية المكلف يتمنى «الأمن والأمان» لسوريا والإصلاحات لشعبها

TT

تبددت موجة التفاؤل التي سادت لبنان في اليومين الماضيين بقرب ولادة الحكومة الجديدة التي تواجه صعوبات تجعل من مهمة الرئيس المكلف بتشكيلها نجيب ميقاتي محفوفة بالصعوبات، في ضوء التصلب في المواقف و«المطالب المستحيلة» التي يقدمها «البعض»، وهي إشارة مهذبة من ميقاتي إلى رئيس تكتل الإصلاح والتغيير العماد ميشال عون الذي لا يزال متمسكا بمطالبه، ومنها تسمية وزير الداخلية، ونيل تكتله حصة من 10 وزراء أضاف إليها بعد التوافق على المبدأ حصة حليفه النائب سليمان فرنجية، مما جعل الأمور تتعقد مجددا.

وكانت الإشارات الإيجابية الأولى صدرت منذ يومين، مع كلام عن حل عقدة وزارة الداخلية التي يطالب بها عون لصالح مرشح توافقي ورد اسمه في وسائل الإعلام، قبل أن يخرج أحد نواب كتلة عون ليقول إن الأخير هو من سماه، فحصل تردد مقابل من قبل فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الذي يشعر وكأنه «مستهدف بكل المواقف التي يدلي بها عون في موضوع تأليف الحكومة».

وإذا كانت التفاصيل، كمثل اسم وزير الداخلية وعدد الوزارات التي ينالها عون، عائقا، فإن الغوص في «تفاصيل التفاصيل» يظهر - كما يقول مقربون من الرئيس المكلف - أن وراء الأزمة أبعادا أخرى تصبح معها المعوقات المعلنة «تفاصيل تافهة». فالرئيس المكلف منذ أن تم تكليفه بتأليف الحكومة بموجب الاستشارات النيابية الملزمة قبل نحو 4 أشهر يسمع في كل مرة كلاما مختلف.. مرة يسمع كلاما عن أنه في مبارزة مع القيادات السنية الأخرى، وهو كلام يرد عليه ميقاتي بالقول «أنا سني، وموقع رئاسة الحكومة سني، وأنا أحافظ عليه من ضمن مسؤولياتي، ولست في مبارزة مع أحد لإظهار مدى حرصي عليه. فهذا الحرص كنت أحمله قبل تكليفي بتشكيل الحكومة، وسأبقى أحمله معي». ومرة أخرى يسمع - كما ينقل زوار ميقاتي عنه - أن «بعض القوى المشاركة بالحكومة تريد أن تسمي من تشاء للحقائب التي ينالها فريقها وترفض تزويدي بأسماء الوزراء المقترحين، وهذا ينتقص من صلاحيات رئيس الحكومة ودور رئيس الجمهورية». ويضيف ميقاتي - حسب زواره - قائلا «الحكومة ليست قالب حلوى يأخذ كل واحد منه النكهة التي يريدها، ودور رئيس الحكومة بالتعاون مع رئيس البلاد تشكيل فريق عمل منسجم قادر على الإنتاج، وهذا القالب يستحيل طبخه، إذا كان كل واحد يريده على هواه». ويؤكد ميقاتي أنه «لا يمكن لأحد أن يتجاهل دور رئيس الجمهورية الدستوري في تشكيل الحكومة، وإذا كان المطلوب تجاوزه فهذا مستحيل، خصوصا إذا كان الرئيس شخصية بمثل شخصية الرئيس ميشال سليمان الذي يعرف الجميع عنه حرصه على البلاد ووحدتها».

وبالإضافة إلى هذا، فإن ثمة من يسأل عن أهمية حصول رئيس الحكومة أيضا على وزارات، من منطلق أن رئيس الحكومة قادر وحده على إقالة الحكومة ساعة يشاء، وفي هذا ضمانة له، لكن ميقاتي لا ينظر إلى الموضوع من هذه الزاوية لأنه «يريد الإنتاج ولا يبحث عن الضمانات». ويقول «أنا من يؤلف الحكومة، وإذا كانت لرئيس الجمهورية ملاحظات يتم الأخذ بها».

وفي ضوء كل هذه الصعوبات، لا يبدو الرئيس ميقاتي مستسلما للأمر الواقع، فهو أنجز أكثر من تشكيلة تشاور فيها مع رئيس الجمهورية، وتوصلا معا إلى عدم السير بها من منطلق الرغبة في تأليف حكومة قابلة للاستمرار وقادرة على نيل الثقة في البرلمان. وإذ يشير أمام زواره إلى أن كل ما قيل عن إعطاء حقائب ما لأطراف معينة «غير دقيق»، يؤكد ميقاتي أنه لا يمكن «أخذ الوزارات بالمفرق بعد أن عجز طالبوها عن نيلها بالجملة»، مشددا على أنه لن يؤلف حكومة إلا إذا كانت فريق عمل منتجا، ولن يوقع مرسومها إذا لم يكن مرتاحا للأسماء والحقائب»، وهذا ما يقول ميقاتي إنه «حد أدنى لدور رئيس الوزراء».

وفي ضوء هذا كله، لا يزال الاعتذار عن عدم تشكيل الحكومة بعيدا عن أولويات ميقاتي، الذي ينقل عنه الزوار قوله إن الاعتذار غير وارد ما دامت الأسباب نفسها التي أدت به إلى قبول التكليف لا تزال قائمة، وهذه الأسباب هي «الاستقرار ومنع الفتنة الداخلية والمحافظة على الدستور».

ويتابع الرئيس المكلف «الوضع الإقليمي» بدقة بالغة، مشددا على أن الأمن والأمان مهمان لكل الدول العربية، وفي مقدمتها سوريا، معتبرا أن «أمن سوريا من أمن لبنان»، متمنيا أن يعود الأمن والاطمئنان إليها، وأن «تأخذ الإصلاحات التي طرحها الرئيس السوري بشار الأسد طريقها إلى التنفيذ، حتى يبدأ الشعب السوري في ممارسة حريته بطريقة حضارية متقدمة».