التركمان «يضحون» بمنصب النائب الثالث للرئيس.. ويؤكدون وجود «صفقة» سياسية

وكيل السيستاني يحذر من «تداعيات خطيرة» لتعيين 3 نواب واستحداث المناصب الشرفية

TT

على الرغم من تمرير منصب نواب الرئيس الثلاثة كـ«سلة واحدة» داخل البرلمان العراقي بعكس ما كان متوقعا، فإن ردود فعل الكتل السياسية لا تزال تعكس حدة الاحتقان السياسي بين هذه الكتل، مما يؤكد عدم وجود موقف موحد حتى داخل الكتلة الواحدة.

وصوَّت البرلمان العراقي، الخميس، على نواب الرئيس العراقي جلال طالباني، وهم: عادل عبد المهدي، عن التحالف الوطني، وطارق الهاشمي، عن القائمة العراقية، وخضير الخزاعي، عن قائمة دولة القانون.

وبينما لم يثر جدل بشأن التجديد لنائبي الرئيس عبد المهدي (شيعي)، والهاشمي (سني)، إلا أن التصويت على النائب الثالث الخزاعي (شيعي) أثار استياء الكثير من الأطراف السياسية مثل التيار الصدري والمجلس الأعلى وكذلك التركمان، الذين كانوا قد طالبوا بالمنصب باعتبارهم القومية الثالثة في العراق، وعلى اعتبار أن الرئيس كردي ولديه في الدورات السابقة نائبان أحدهما شيعي والآخر سني، فالأجدر أن يكون الثالث تركمانيا، بدلا من أن يصبح للرئيس العراقي نائبان شيعيان وثالث سني. والخزاعي من مواليد مدينة العمارة العراقية الجنوبية عام 1948، وحاصل على شهادة الدكتوراه من إحدى الجامعات الهندية، ويعتبر مقربا من رئيس الوزراء نوري المالكي الذي دعم ترشيحه، وقد شغل منصب وزير التربية في حكومة المالكي السابقة.

كانت كتلتا الأحرار، التابعة للتيار الصدري، وشهيد المحراب، التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي، قد أعلنتا عدم تصويتهما على منصب نواب الرئيس، كما اعتبر رئيس حزب القرار (تركماني) فاروق عبد الله، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا المنصب يظل استحقاقا قوميا للتركمان إذا كنا نتحدث عن قوميات وتوافقات» بينما رأت القيادية التركمانية في القائمة العراقية، زالة نفطجي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المكون التركماني ضحى بهذا المنصب من أجل تخفيف حدة الاحتقان الطائفي داخل الكتل، الذي برز خلال الأيام الأخيرة». وبينما قال عبد الله: «إنه ليس من حق أحد التنازل عن استحقاق قومي؛ لأن التركمان يكونون القومية الثالثة في العراق، وقد جرى توزيع المناصب السيادية العليا على هذا الأساس»، فإن نفطجي أكدت من جانبها: «لقد كانت هناك صفقة سياسية بهذا الاتجاه، وعلينا الاعتراف أن قضية الصفقات السياسية والمحاصصات تبدو سمة العملية السياسية الجارية في العراق حاليا منذ البداية وحتى اليوم». وبشأن ما يقال عن منح التركمان مناصب تنفيذية بديلا لمنصب نائب الرئيس أكدت نفطجي أن «المناصب التنفيذية التي يجب أن تعطى للتركمان هي ليست منة من أحد بقدر ما هي استحقاق قومي وانتخابي، كما أنها ليست بديلا لمنصب نائب رئيس الجمهورية في أي حال من الأحوال».

من جانبه، هنأ الرئيس العراقي نوابه الجدد، في برقية بعث بها من مقر إقامته في الولايات المتحدة، حيث يجري فحوصا طبية، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، وشدد على ضرورة أن «نؤدي أعمالنا بالتنسيق والتعاون مع مجلس النواب الموقر ومع الحكومة التي يترأسها دولة الأخ الأستاذ نوري المالكي، ومع الهيئات القضائية الموقرة، فكلنا يجمعنا هدف واحد هو خدمة أبناء شعبنا العراقي الكريم بصرف النظر عن انتماءاتهم القومية والدينية والمذهبية».

كان البرلمان العراقي قد اختتم آخر جلسات فصله التشريعي بالتصويت وبشكل بدا مفاجئا على منصب نواب رئيس الجمهورية الثلاثة بسلة واحدة وليس على شكل تصويت فردي.

من جانبه، نفى الدكتور عاشور الكربولي، عضو البرلمان العراقي عن كتلة «تجديد»، التي يتزعمها طارق الهاشمي والمنضوية في ائتلاف العراقية، أن «تكون عملية التصويت لنواب رئيس الجمهورية خلفها صفقة سياسية». وقال الكربولي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إن ما حدث في سياق عملية التصويت على نواب رئيس الجمهورية الثلاثة لا تقف خلفه أي صفقة بين زعامات الكتل، ولم تحصل اجتماعات جانبية أو توافقات، وإنما ما حدث هو توافق برلماني بحت على أسماء النواب الثلاثة».

إلى ذلك، حذرت المرجعية الشيعية العليا في العراق، أمس، من تداعيات خطيرة في البلاد، في حال استمرت الكتل السياسية في التعامل بحالة من اللامبالاة والاستهانة بمطالب العراقيين.

وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي، وكيل المرجع الأعلى آية الله علي السيستاني، أمام آلاف من المصلين الشيعة في صحن الإمام الحسين خلال خطبة الجمعة بمدينة كربلاء: «صادق البرلمان العراقي أمس (أول من أمس الخميس) بأغلبية عدد نوابه على تسمية 3 نواب لرئيس الجمهورية سلة واحدة، وكلامنا ليس في الأشخاص الثلاثة النواب، بل كلامنا في أصل المصادقة على هذه المناصب الشرفية وغير المهمة وما سيترتب عليها من تداعيات خطيرة».

وأضاف أن هذا الأمر «موجه إلى جميع الكتل السياسية، من دون استثناء، فقد سبق أن كانت هناك مطالب من عموم أبناء الشعب العراقي تتضمن التوقف عن استحداث المناصب الشرفية وتكريسها وتخفيض رواتب الرئاسات العليا والدرجات الخاصة لما لهذين الأمرين من تأثير على الميزانية العامة للبلاد، يمكن توظيفها بمصالح وخدمات مهمة وضرورية للعراقيين»، وفقا لتقرير أوردته وكالة الأنباء الألمانية. وشدد: «إننا من هذا المنبر، نحذر أنه إذا استمرت حالة اللامبالاة والاستهانة بمطالب المواطنين العراقيين وما يرجونه من إصلاح في المسار السياسي، فإن ذلك سيؤدي إلى حصول تداعيات خطيرة على مستقبل الكتل السياسية التي تمسك بزمام الأمور وغيرها في العراق».