حالة استنفار قصوى على الحدود اللبنانية مع سوريا لنجدة أهالي تلكلخ

نازحون لـ «الشرق الأوسط»: مئات الهاربين والجرحى أخرجوا رغم الحصار لمعالجتهم في لبنان

سوريون يرفعون علم بلادهم والعلم الفرنسي في مدينة بوردو جنوب فرنسا أثناء مظاهرة للتنديد بالعنف الذي يتعرض له ذووهم في سورية أمس (رويترز)
TT

حالة استنفار قصوى عاشتها منطقة وادي خالد الشمالية اللبنانية، القريبة من مدينة «تلكلخ» السورية منذ صباح أمس؛ إذ اكتظت الحدود بالهاربين من المدينة السورية بشكل غير مسبوق، قدرهم أحد المتطوعين بالمئات. ووصلت سيارات تحمل جرحى لإسعافهم في لبنان، حتى الظهر كان عددهم قد وصل إلى ثلاثة، أحدهم حالته حرجة جدا. وقال الذين نقلوه إنه قد تم إطلاق الرصاص عليه من أحد الحواجز، لمجرد أنه كان يعبر الطريق. وقال أحد المتطوعين اللبنانيين إن اتصالات وصلته من تلكلخ تقول إن «ثمة جرحى آخرين يعرفهم بالأسماء لا يتسنى نقلهم بسبب الحصار، ولأن الجيش استهدف بنيرانه إحدى سيارات الإسعاف». وسادت حالة هرج ومرج في المنطقة بعد أن توافد عدد كبير من اللاجئين الفارين من المدينة السورية.

وقال سوريون نازحون لـ«الشرق الأوسط»: إن تلكلخ «تعرضت لحصار من الجيش السوري منذ فجر السبت، واستنفر الأهالي لمنع الجنود من دخول المدينة، وبدأ إطلاق نار بين الطرفين، سقط إثره قتلى وجرحى، تمكن الأهالي من نقل بعضهم إلى الحدود اللبنانية لإسعافهم في المستشفيات». وتحدث نازحون عن قطع للتيار الكهربائي لمدينتهم عند الفجر، ووصول شاحنات محملة بالجنود طوقت المدينة من أكثر من جهة، وبدأت تمشيط المناطق الزراعية، قبل أن يبدأ إطلاق الرصاص بالرشاشات. ويقول أحد الفارين: «إن الناس استنفروا وقرروا ألا يتركوا الجيش يفعل بتلكلخ ما فعله بحمص، ورفضوا أن يسمحوا له بالدخول، وثمة من استخدم أسلحة للدفاع عن المدينة». ومعلوم أن تلكلخ قريبة جدا من منطقة وادي خالد اللبنانية، وتعتبر هذه الحدود مكانا مفضلا لمهربي البضائع بين البلدين، ومن غير المستغرب أن يكون ثمة سلاح في مدينة تلكلخ بين أيدي الأهالي.

ومساء الجمعة كانت بعض وسائل الإعلام قد نقلت عن مصادر رسمية سورية القول: «إن المدعو ناصر مرعي أعلن إمارة إسلامية في تلكلخ، وعين لها وزيرين للدفاع والمالية، وأنشأ إذاعة ناطقة باسمه، لافتة إلى أن السلطات السورية تعمل على تفكيك هذه الإمارة». ويسخر أحد أهالي تلكلخ الفارين إلى الأراضي اللبنانية، الذي رفض الكشف عن اسمه ونحن نسأله عن الخبر ويقول: «أنا لم أسمع بمثل هذا الأمر، ربما أن النظام أعلن الإمارة دون الرجوع إلينا، لقد باتوا لا يعرفون بأي تهمة يتهموننا كي ينتقموا منا». بينما قال أحد اللبنانيين الواقفين بقربه إن معرفته بأهالي تلكلخ «وهم أهلنا وأقرباؤنا» أنهم غير متدينين أصلا، فكيف لهم أن يتحدثوا عن إمارة؟ وسخر قائلا: «خليهن يصلوا بالأول».

وخفت حدة النزوح عند منتصف نهار أمس، وقال البعض إن الجهة الغربية من المدينة، أي منطقة العريضة، باتت محاصرة، ولا يسمح للسكان بالخروج، لكن ناشطين سوريين على «فيس بوك» كتبوا بعد ذلك أنه تم «كسر حاجز مشتى محلي، الذي أقيم بين تلكلخ والعريضة، لمنع نزوح بعض العائلات وحصار تلكلخ، وكذلك تم فك الحصار الأمني من الجهة الشرقية وأحرق باص تابع لقوات الأمن والشبيحة»، شاكرين أهالي المناطق المجاورة لهم، الذين هبوا لنصرتهم. وبقيت أصوات رشق الرشاشات تسمع داخل الأراضي اللبنانية، واستمر الناشطون السوريون على «فيس بوك» يطلقون النداءات إلى أهالي «العامرية، الحارة، السميكة، معربو، الدبوسية، الشبرونية، الزارة، الحصرجية، شويهد، الحصن، أم جامع، أم حارتين (وكلها مناطق قريبة من تلكلخ) للمؤازرة وفك الطوق عن المدينة»، وكتبوا: «إن تلكلخ لن تسقط ما دام فيها رضيع». وتضاربت الأخبار طوال النهار حول قدرة أهالي تلكلخ على فك الحصار، لكن عدد النازحين انخفض بشكل ملحوظ بعد الظهر، مما جعل أهالي وادي خالد في لبنان، الذين كانوا ينتشرون على الحدود، وينتظرون وصول السوريين لمساعدتهم، يقولون: «إن الخروج من تلكلخ بات صعبا».

وقال علي سعيد، رئيس بلدية المقيبلة اللبنانية في وادي خالد، صباح أمس، لـ«الشرق الأوسط» إنه «فوجئ بالخبر، وإنه غير موجود في المقيبلة، لكن الأهالي اتصلوا به طالبين ثلاث سيارات إسعاف لنقل الجرحي السوريين، وتم إرسال السيارات التي يفترض أن تنقل المصابين إلى مستشفيات حلبا والقبيات، وهي بعيدة نسبيا، لكن المشكلة أن المنطقة التي يصلون إليها غير مجهزة لإسعافهم».

جدير بالذكر أن مئات السوريين وصلوا إلى شمال لبنان وقطعوا الحدود غير الشرعية بين البلدين منذ بدء الأحداث في حمص وتلكلخ، أي منذ ما يقارب 3 أسابيع، وتوزعوا بعد ذلك على مناطق لبنانية مختلفة، ومنهم من نصب الخيام التي باتت بالعشرات داخل الأراضي اللبنانية بانتظار عودة قريبة، لكن ما حدث بالأمس فاجأ الجميع، خاصة أن «جمعة الحرائر» مرت بعدد قليل من القتلى، لكن ما حدث بالأمس، بحسب أحد السوريين «يدل على أن النظام يقول شيئا ويفعل عكسه، وعلينا أن ننتظر الأسوأ».