الأسد يدعو لاحترام جميع الآراء «ما دامت تحت سقف الوطن ومستقبله»

دعا فنانين التقاهم إلى عكس الواقع في أعمالهم.. ومصادر: أجهزة الأمن تختار أعضاء الوفود التي تلتقي الرئيس

صورتان لجنود خلال عمليات القمع في درعا من شريط وضع على «يوتيوب» وموقع «سي.ان.ان» ويتضمن الشريط صورا أخرى بشعة لقتلى
TT

دعا الرئيس السوري بشار الأسد إلى احترام جميع الآراء حول الواقع السوري «ما دامت تحت سقف الوطن ومستقبله» ولفت الأسد خلال لقائه وفدا من الفنانين السوريين من ممثلين ومخرجين يوم أمس إلى أهمية «دور الفنانين في إصلاح المجتمع وتوعيته» ودعاهم إلى «عكس الواقع كما هو في أعمالهم للمساعدة في حل المشكلات».

وقال بيان رسمي إن اللقاء تناول «الأوضاع التي تشهدها سوريا والخطوات التي قطعتها لتجاوز هذه المرحلة ودور الفن والفنانين وخصوصا في هذه الفترة للنهوض بواقع المجتمع وعكس تطلعاته وتعميق اللحمة بين أبناء الوطن والتوعية بما تتعرض له سوريا من مخططات تستهدف أمنها واستقرارها». ونقل البيان عن الفنانين إعرابهم عن دعمهم «لمسيرة الإصلاح بقيادة الرئيس الأسد واستعدادهم لتسخير كل إمكاناتهم في سبيل مستقبل سوريا وأمنها وازدهارها».

وكان عدد من نجوم الدراما السورية وصناعها من مخرجين وكتاب قد تعرضوا لهجوم عنيف من قبل وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية، وحملات من المؤيدين للنظام توج بإعلان نحو 30 شركة إنتاج فني مقاطعتهم على خلفية توقيعهم على نداء يناشد الحكومة السورية رفع الحصار عن درعا وإيصال الحليب والغذاء للأطفال هناك وتحييدهم عن أي انعكاسات لسلبية لما يجري. وقد اضطر عدد من الموقعين لسحب توقيعهم وآخرون ظهروا على شاشة التلفزيون للتبرير باعتبار أنهم ارتكبوا خطأ ولم يقصدوا الإساءة، وأنهم لم يعرفوا أن بيانهم سيستغل من جهات خارجية ضد النظام. وثار جدل واسع حول دعوات التخوين حتى لمن يدين العنف والحصار في قمع الاحتجاجات، إذ سيوضع في خانة المناهض للنظام وبالتالي هو خائن للوطن، ما دفع المثقفين والفنانين لاستحضار محاكم التفتيش والمكارثية إلى أحاديثهم.

وكان لافتا خلال هذا الجدل بروز موقف للنظام لا سيما للرئيس الأسد وهو رفض تخوين الرأي المختلف إذا كان تحت سقف الوطن، وقد تم التأكيد عليه خلال لقائه أمس مع الفنانين، إلا أن تعبير «سقف الوطن» توقف عنده مثقفون وناشطون وطرحوا تساؤلات حول تحديد هذا السقف ومعانيه، «فهل سقف الوطن عدم توجيه انتقاد للنظام؟ بما يعنيه من تماه بين مفهوم الولاء للنظام ومفهوم الولاء للوطن».

وقال بعضهم رافضا كشف اسمه «النظام يروج الآن لفتح حوار تحت سقف الوطن، بما يعني التحاور مع من لديه رأي بالإصلاح مع استبعاد كل من يشارك أو يدعم الاحتجاج والتظاهر.. وهذا ما يثير المخاوف بعدم جدية النظام بفتح حوار، خاصة أن الوفود الشعبية التي تلتقي الرئيس الأسد في غالبيتها يتم اختيار المشاركين فيها من قبل الأجهزة الأمنية المحلية وفروع الحزب». وقالت مصادر محلية اطلعت على طريقة اختيار أعضاء الوفد في إحدى المدن السورية إن أغلبية الأعضاء كانوا ممن يظهرون ولاء مطلقا للنظام ومن أصحاب المصالح.

وفي السياق ذاته نقل موقع «الاقتصادي» على الإنترنت أمس عن مصادر خاصة أن الرئيس الأسد شكل لجنة رئاسية للحوار مع المعارضة السورية، وأن اللجنة تتألف من نائب الرئيس فاروق الشرع ونائب الرئيس للشؤون الثقافية نجاح العطار والمستشارة الإعلامية لرئيس الجمهورية بثينة شعبان ومعاون نائب الرئيس اللواء محمد ناصيف.

وكان وزير الإعلام السوري عدنان محمود كشف في مؤتمر صحافي عقد يوم أول من أمس الجمعة «أن الأيام القادمة ستشهد حوارا وطنيا شاملا في مختلف المحافظات»، منوها إلى أن «الحكومة تعكف حاليا على تنفيذ برنامج الإصلاح الشامل سياسيا واقتصاديا واجتماعيا بما يخدم مصلحة الشعب وأن هناك تلازما بين الأمن والاستقرار من جهة والإصلاح من جهة أخرى».

من جانب آخر وفي إطار إجراءات الإصلاح نشر موقع «الوطن أونلاين» شبه الرسمي تصريحا لعضو لجنة صياغة قانون الانتخابات الجديد محمد الحسين أن اللجنة ستبدأ اجتماعاتها اليوم الأحد وستنهي عملها خلال أسبوعين كأقصى حد. وأوضح الحسين الذي يشغل منصب عميد كلية الحقوق أن «اللجنة ستعتمد معايير عالمية وقوانين انتخاب من مختلف تجارب العالم»، وأن «ملامح» هذا القانون «لن تأخذ بعين الاعتبار مبدأ الحزب الواحد أو حصة أحزاب الجبهة وسيقدم بشكل مجرد» كما قال، على أساس أنه «قانون انتخابي يصلح للتطبيق بصرف النظر عن التشكيلة الحزبية التي سيفرزها قانون الأحزاب القادم»، وتوقع الحسين بأن صدور قانون الأحزاب، «سيعني آليا أن المادة الثامنة من الدستور، التي تنص على أن حزب البعث هو الحزب القائد للدولة والمجتمع قد انتهت عمليا».

واعتبر الحسين أن التوجه الذي يميل إليه شخصيا مع عدد من أعضاء اللجنة هو إعطاء العمال والفلاحين حصة لا تقل عن 50% من أعضاء مجلس الشعب وهذا برأيه «عادل». يذكر أن المادة 14 من قانون الانتخاب الحالي تنص على تقسيم أعضاء مجلس الشعب إلى عمال وفلاحين بنسبة 50% والنسبة الأخرى لباقي فئات الشعب، دون أن ينص القانون الحالي على الأحزاب وحصصها.

وبحسب إحصاءات الدور التشريعي التاسع لمجلس الشعب الذي بدأ من عام 2007 وحتى الآن فإن عدد الأعضاء هو 250 عضوا منهم 134 عضوا من حزب البعث العربي الاشتراكي، و36 عضوا من باقي الأحزاب «الجبهة الوطنية التقدمية»، و80 عضوا من مستقلين. ورغم أن الحسين اعتبر أن القانون الجديد سيكون «مختلفا» عن القانون السابق، فإنه فضل أن ينتظر الجمهور نتائج المداولات وتبادل الخبرات بين أعضاء اللجنة، مؤكدا أن القانون المرتقب سيكون «مرضيا للجميع» كما قال. وسيعتمد القانون الجديد كما أوضح الحسين أسسا جديدة للدوائر الانتخابية، وستتعامل اللجنة في صياغته بشكل يمكن تطبيقه كنموذج ديمقراطي في أي بلد كما قال.