«التعليم العالي السعودي»: 79 تجربة عالمية تحت المجهر لبلورة خطة ربع قرن

مشروع «آفاق».. تخطيط مؤسسي بإشراف ملكي

جامعات سعودية مهدت لخطة الربع قرن بإنشاء مراكز بحثية
TT

طرحت وزارة التعليم العالي على طاولتها 79 تجربة عالمية، تمهيدا لما سمته رسم منهجية عالية الدقة لمستقبل التعليم الجامعي في السعودية خلال الخمس والعشرين سنة المقبلة.

وكشف الدكتور محمد العوهلي، وكيل وزارة التربية والتعليم لـ«الشرق الأوسط» عن أن الخطط الجوهرية التي استندت وزارته في وضعها، راعت جميع المشاريع الاستشرافية التنموية التي تسعى السعودية لبلورتها.

الخطة التي أطلق عليها «آفاق» والمعنية بربع قرن مقبل، والتي حظيت بقرارات ملكية وافق عليها العاهل السعودي، وصفها الدكتور خالد العنقري، وزير التعليم العالي السعودي، بالهادفة نحو الارتقاء بالجوانب الإيجابية، ومعالجة التحديات الحالية والمستقبلية.

وسيتعين على «آفاق»، بحسب الوزير السعودي، الالتزام بمبادئ معتبرة، من أهمها الشريعة الإسلامية، والتخطيط المبني على الرؤية المستقبلية، والمواءمة مع الخطط الوطنية وخطط القطاعات الأخرى ذات العلاقة، ومواكبة التوجهات والتجارب العالمية في التعليم العالي، وتوسيع مشاركة ذوي العلاقة وتضمين تطلعاتهم، وبناء ثقافة التخطيط الاستراتيجي في الجامعات، والالتزام بالجودة وضمان تحقيقها.

وحول مواكبة التوجهات والتجارب العالمية التي يطمح التعليم العالي في نمذجتها، أوضح أنه تمت دراسة 79 نظاما تعليميا في العالم، واستخلصت على ضوئها مؤشرات ومعايير معينة، أهم هذه الأنظمة التي لها أهداف قوية في أهداف التنمية في السعودية، ناهيك عن الأشياء التي تحققت من خلال هذه البرامج في الدول الأخرى.

وأضاف عن تلك الدراسات التي تم التباحث فيها في أروقة وزارة التعليم العالي الأكاديمي قد تمت فلترتها، ومراجعات أخرى بحيث إنه يستخلص منها الممارسات المثلى، أو النماذج التي حققت نجاحات مشهودا لها.

وقال العوهلي: «وضعنا تحت المجهر تلك التجارب العريقة في صناعة التعليم العالي، والتي لها باع طويل في الأنظمة التعليمية المتقدمة، في تحقيق هذه الأهداف، واستخلصت بغية الحصول على معرفة متقدمة تتسق مع وضع السعودية».

وعن إمكانية تطبيق مشروع قريب قد يناسب هذه المرحلة، استدرك وكيل وزارة التعليم العالي أن بعض برامج «آفاق» قد تم تطبيقها قبل هذا الوقت بما يقارب الأربع سنوات، وبدأت بعض البرامج تدخل حيز التطبيق لتوفر الإمكانات الرسمية والنظامية، وبدأت الوزارة تطبيقها.

وضرب العوهلي مثلا بمراكز التميز البحثي التي انطلقت ليبلغ مداها الأربعة عشر مركزا بحثيا، ومنتشرة في جميع الجامعات السعودية، حيث بدأت تحقيق كفاءتها، وبدأت أيضا تحقق عددا من النتائج المرضية بما يتعلق ببراءة الاختراع، أو البرامج الكفيلة بمتطلبات التنمية، أو الأهداف الاستراتيجية التي رسمتها السعودية في خططها بعيدة المدى، وخاصة مجالات الاهتمامات بما يتعلق بتحلية المياه وإنتاج الطاقة، والبتروكيماويات، وأمن المعلومات.

ولفت بالقول: «لدينا نظرة تتسم بالأهداف والطموح وإمكانية التطبيق، وبحثنا في ثنايا تلك التجارب ما هو مناسب، وطوع جزء منها ليكون مناسبا مع وضع السعودية اقتصاديا ومعرفيا، وما بين هذا وذاك، وضعت مناهج جديدة مستقلة، وهي تجارب سعودية محضة، ارتقت إلى البعد المنهجي العالمي»، مؤكدا أن دولا أخرى ستنظر بعين الاعتبار إلى بعض النماذج السعودية المتطورة، والتي نريد أن يسهم فيها التعليم العالي بشكل فاعل.

وأشار وكيل وزارة التعليم العالي إلى أن وزارته بدأت تلمس أن عددا من المراقبين الدوليين والخبراء لديهم اهتمام لأن يعرفوا تجربة السعودية.

أكد الدكتور محمد العوهلي، وكيل وزارة التربية والتعليم لـ«الشرق الأوسط»، أن وزارته تنطلق من استراتيجيات محددة فيما يختص بمحددات مشروع «آفاق»، والذي يرسم ويمهد الطريق لربع قرن، ينضوي فيه مستقبل التعليم العالي السعودي.

ولفت العوهلي في حديثه إلى وجود المؤشرات المحددة لكل مرحلة من المراحل التي تتخللها الخطة التعليمية، والتي تمت صياغتها على خمس مراحل، بالإضافة إلى أنه وضع في الخطة التنفيذية للخمس مراحل الأول، مع برامج تزيد على الأربعين برنامجا، وهي برامج مطورة للمرحلة، ومحددة بمؤشرات أداء.

وقال إن الأهداف التي سترسم ملامح التعليم العالي السعودي في الربع قرن المقبل هي ملامح واضحة الأهداف، وممكنة القياس، ولها موارد معينة، وجداول زمنية، وبها جداول تقويم، ومراقبة أداء، وكلها برامج ذات مسارات مرتبطة بأهداف، وضعت في السابق، والوزارة ستقوم بمراقبة الأداء عن كثب للتأكد من مدى نجاحها ومضيها قدما نحو النجاح.

وأضاف وكيل وزارة التعليم: «ستقوم الوزارة بوقفات تقويمية، وتحديد أهدافها على ضوء المنجزات، حتى يتم تعديل أو إدخال أي قوائم أو مستجدات جديدة حلت من خلال هذا التطبيق».

وأشار في معرض حديثه إلى أن المشروع له جانبان، جانب إطار نظري ينظر إلى البعد الاستراتيجي للخمس والعشرين سنة المقبلة، وهناك في المقابل، أبعاد خطة للجانب العملي، أن يأخذ مرحلة كل خمس سنوات، ويضع لها البرامج التفصيلية.

وزاد العوهلي: «كلما ابتعد الزمن ابتعدت الاحتمالية، وهذان الشقان بإطاريهما النظري والعملي، يرسمان الأهداف البعيدة، ويرتبطان بالأهداف الاستراتيجية البعيدة، وفيهما تحدد الأهداف التفصيلية لكل مرحلة». وزاد: «هذه الأهداف التفصيلية تتلاءم وتتناغم مع الأهداف بعيدة المدى».

وقال: «ما يحدث في ردهات التعليم العالي السعودي، هو واحد من أهم متطلبات أنظمة التعليم العالي العالمية، وأهمها وجود ديمومة في العطاء، وبناء المجتمعات، التي تتطلع بالفعل لأن يصبح التعليم العالي، له دور فاعل في التنمية المستدامة، وتفعيل عامل العنصر البشري، وتحقيق أهداف التنمية في المجتمعات المتقدمة».

وبرر وكيل وزارة التعليم العالي، بأنه لا يمكن أن تخطط لسنوات قليلة فقط ثم تغير، لا بد أن تكون هناك رؤية طموحة بعيدة المدى، ولها أهداف استراتيجية كذلك، وهو ما دفع بوزارة التعليم العالي لخلق نمطية الخمس والعشرين سنة.

وأضاف أن الخطط الخمسية المفصلة والممنهجة والمبرمجة، التي تحقق الرؤية الكبيرة على مراحل، وفي الوقت نفسه تعطي وقتا للمراجعة والتحديث، لأي مستجدات تطرأ خلال فترة الخطة الشاملة.