مصر: المسيحيون يخففون اعتصامهم أمام ماسبيرو.. وحبس 11 من متهمي إمبابة 15 يوما

المجلس العسكري يحذر «الفئة الضالة» التي تعرض أمن وسلامة المجتمع للخطر

TT

استجاب مئات المسيحيين الذين يعتصمون أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون (ماسبيرو) بوسط القاهرة لبيان الدكتور عصام شرف رئيس حكومة تصريف الأعمال ومطالب العقلاء من المسلمين والمسيحيين وسمحوا بمرور السيارات جزئيا أمس، من طريق «كورنيش النيل» الرئيسي المؤدي من مناطق شمال القاهرة إلى ميدان التحرير باتجاه واحد، بينما واصلوا الاعتصام في الاتجاه الآخر.

وقالت مصادر كنسية لـ«الشرق الأوسط» إن «المسيحيين المعتصمين استجابوا لمطالبات كثيرة كان أبرزها من الدكتور عصام شرف، رئيس حكومة تصريف الأعمال، في بيانه الذي أعلن فيه تشكيل لجنة للعدالة الوطنية لتقصي الحقائق ولحل مشكلة الطائفية، وتكليف هذه اللجنة بإعداد مشروع قانون يجرم كل أنواع التمييز بين كافة المصريين عملا بمواد الدستور التي تقر الحقوق للجميع، وكلف شرف اللجنة إصدار قانون موحد لبناء دور العبادة وإعادة التحقيق في أحداث كنيسة القديسين، وصول والمقطم وإمبابة وأبو قرقاص، على أن توافي رئاسة الحكومة بنتائج التحقيقات، كما وعد شرف في بيانه بفتح الكنائس المغلقة بعد دراسة كل حالة على حدة.

وأضافت المصادر أن مليونية الوحدة الوطنية التي شهدها ميدان التحرير يوم أول من أمس «الجمعة»، ساهمت في تخفيف غضب المسيحيين المعتصمين وأظهرت تضامن المسلمين والمسيحيين لصالح مصر، خاصة مع توالي القبض على المحرضين على أحداث إمبابة الطائفية التي وقعت الأسبوع الماضي، إلا أنها أكدت أن الاعتصام سيتواصل حتى تدخل الوعود إلى حيز التنفيذ.

وكانت نيابة أمن الدولة العليا، برئاسة المستشار هشام بدوي المحامي العام الأول، قد أمرت أمس بحبس 11 من المتهمين في أحداث إمبابة الطائفية 15 يوما على ذمة التحقيقات، كما أمرت بضبط وإحضار 14 متهما آخرين في ذات القضية لسماع أقوالهم في الاتهامات الموجهة إليهم.

ووقعت اشتباكات طائفية الأسبوع الماضي بين المسلمين والمسيحيين في حي إمبابة الشعبي بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة) على خلفية ادعاءات شاب مسلم باختطاف الكنيسة لزوجته المسيحية بعد أن أشهرت إسلامها واحتجازها بكنيسة مارمينا بحي إمبابة، واستعان بمجموعة من السلفيين، محاولين اقتحام الكنيسة لتقع اشتباكات طائفية بين الجانبين، أسفرت عن مقتل 15 شخصا وإصابة 242 آخرين، وحرق كنيستي مارمينا والعذراء بإمبابة.

من جهة أخرى، وضعت مصلحة السجون السيدة عبير فخري، المتسببة في اندلاع أحداث إمبابة، في زنزانة انفرادية بسجن القناطر للنساء، تنفيذا لقرار النيابة العسكرية بحبسها احتياطيا 15 يوما على ذمة التحقيقات، بعد أن وجهت لها تهم التزوير والجمع بين زوجين وتكدير الأمن. وقالت مصادر أمنية إنه تم تأمين زنزانة عبير وعزلها عن بقية السجينات خشية الانتقام منها سواء من المسلمين أو المسيحيين.

وكانت عبير قد سلمت نفسها إلى وحدة عسكرية تابعة للقوات المسلحة، قرب مدينة قويسنا بمحافظة المنوفية (80 كيلومترا شمال القاهرة)، حيث خضعت للتحقيق في النيابة العسكرية حول أسباب هروبها من زوجها وظروف احتجازها في منزل مجاور لكنيسة مارمينا بمنطقة إمبابة في القاهرة. وفي غضون ذلك، أعلن الدكتور علي عبد الرحمن، محافظ الجيزة، أنه تم رصد ميزانية خاصة لتطوير منطقة إمبابة والاهتمام بها من الناحية الاجتماعية والأمنية، نظرا لوجود 14 كنيسة بها، ولمعالجة المناخ الطائفي الموجود بالمنطقة الذي وصفه بأنه «لا يخفى على أحد».

وقال عبد الرحمن في مؤتمر صحافي له أمس إن «إجمالي ما تم رصده لتطوير إمبابة هو 26 مليون جنيه بواقع 6 ملايين جنيه لإعادة الشيء لأصله كما كان قبل الأحداث الطائفية الأخيرة، و20 مليون جنيه لأعمال التطوير والنهوض بالمنطقة وباقي المناطق المجاورة».

وأشار إلى أنه بدأت أعمال الترميمات الخاصة بكنيسة العذراء التي تنفذها شركة «المقاولون العرب»، مشيدا بجهود أفراد القوات المسلحة في السيطرة على الاحتقان الطائفي وما تبعه من أحداث، بالإضافة إلى التأمين الكامل لدور العبادة بوجه عام في حي إمبابة. وفي هذا السياق، شدد المجلس الأعلى للقوات المسلحة (الحاكم) بمصر من لهجته إزاء الأحداث الأخيرة التي شهدتها مصر، محذرا «الفئة الضالة التي تعرض أمن وسلامة المجتمع للخطر» - من نفاد صبره.

وقال المجلس في رسالته رقم (51) التي بثها على صفحته على موقع «فيس بوك» للتواصل الاجتماعي «إن المجلس الأعلى لن يتواني عن استخدام كافة إمكانياته وقدراته في مواجهتها (الفئة الضالة) حتى يتم القضاء نهائيا على هذه الظاهرة الطائفية وفي أسرع وقت».

وأشار المجلس إلى تعرض مصر لـ«مؤامرات مدروسة»، بدأت بمحاولات الوقيعة بين الجيش والشعب والوقيعة الداخلية في القوات المسلحة نفسها، ثم نشر أعمال البلطجة بكافة أشكالها، ثم الهجوم المنظم على أقسام الشرطة في كافة أنحاء الجمهورية في محاولة لتهريب الخارجين على القانون، ثم أخيرا أحداث الفتنة الطائفية الأخيرة التي ساعد على اشتعالها بعض الفئات المتطرفة من الطرفين، التي لم تراع صالح مصر ولا أمنها القومي.

من جانبه، تعهد اللواء ممدوح شاهين، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومساعد وزير الدفاع للشؤون القضائية، بعدم تكرار أحداث إمبابة مرة أخرى، مشيرا إلى أن النيابة العسكرية تواصل تحقيقاتها في تلك الأحداث. وأضاف شاهين خلال مداخلة هاتفية مع أحد البرامج التلفزيونية الليلة قبل الماضية أن أمن مصر يمر بحالة من عدم الاستقرار، مطالبا جميع طوائف الشعب من المسلمين والمسيحيين بمراعاة الله في مصر، محذرا من أن من يريد العبث بأمن مصر سوف يواجه عقوبات شديدة.