تلكلخ تتحول إلى مدينة أشباح.. وتواصل الدعوات للتظاهر في «أسبوع الحرائر»

13 قتيلا وعشرات الجرحى ونحو 5 آلاف غادروا المدينة إلى الأراضي اللبنانية.. وناجون يتحدثون عن جرائم حرب

لبنانيون من الصليب الأحمر يقومون بمداواة أحد الجرحى السوريين الهاربين من تلكلخ (أ.ب)
TT

تحولت بلدة تلكلخ، القريبة من مدينة حمص، ثالث أكبر المدن السورية، إلى مدينة أشباح، بعد أن هجرها نحو 5 آلاف من سكانها في اتجاه الحدود اللبنانية، حسب شهود وناشطين تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، مؤكدين وقوع أبشع أشكال القمع الأمني، مع إطلاق القوى الأمنية الرصاص على آلاف المتظاهرين السالمين العزل، ووقوع 13 قتيلا وعدد كبير من الجرحى.

وأكد شاهد عيان أن «قناصة ينتمون إلى الأجهزة الأمنية السورية، قتلوا 3 أشخاص، بينما كانوا يخرجون من جامع عثمان بن عفان وسط مدينة تلكلخ، حيث يعتصم عشرات الأشخاص من نساء ورجال»، واصفا الوضع بأنه «متأزم جدا، في ظل حضور كثيف لرجال الأمن والجيش، وحصول إطلاق نار كثيف على جميع محاور تلكلخ».

وأشار الشاهد نفسه إلى «وجود عدد كبير من الجرحى وسط ساحة البلدة، إلا أن أحدا لم يتمكن من إسعافهم نظرا لعدم تمكن بعض السكان من الخروج»، لافتا إلى أنه «سمع دوي قذيفتين في منطقة جبل غليون حيث تمركزت دبابات الجيش السوري على الطريق العام الزراعي، تبيّن لاحقا أنهما سقطتا أمام مؤسسة الأعلاف وفي حارة المخيم».

أما صفحة «الثورة السورية» على شبكة «فيس بوك» فأفادت بوجود أكثر من 20 قناصا منتشرين على سطح مستشفى تلكلخ الرئيسي، على وقع قصف عشوائي بالمدفعية للمباني في البلدة والقرى المجاورة.

وكان آلاف الأشخاص قد خرجوا للتظاهر في هذه البلدة، التي تقع على بعد 160 كلم، شمال العاصمة دمشق. ووصفت صفحات الناشطين المعارضين على الإنترنت ما شهدته البلدة، أمس، التي نزح قسم من سكانها إلى منطقة وادي خالد شمال لبنان، بأنه «مجزرة.. وإبادة جماعية وجرائم حرب من قبل (عصابات نظام دمشق)، التي استخدمت الأسلحة الثقيلة والمدافع والقصف»، مناشدين باسم الإنسانية «إنقاذ النساء والأطفال العزل من الإبادة».

وفي المقابل، توترت الأوضاع على الحدود الشمالية اللبنانية مع سوريا صباح أمس، بعد أن أطلقت نيران من الداخل السوري على الأراضي اللبنانية عند جسر العريضة الحدودي، حيث كان جنود لبنانيون مع ناشطين يحاول مساعدة عائلة سورية نازحة، وأصيب سبعة أشخاص، بحسب مصادر الصليب الأحمر اللبناني، بينهم جندي لبناني، كما قتلت امرأة سورية.

وقال ناشط من وادي خالد يوجد في هذه المنطقة لـ«الشرق الأوسط»: «الجيش السوري هو الذي يستهدفنا، وقد أطلقوا الرصاص علينا وعلى القوى الأمنية اللبنانية المشتركة، عدة مرات خلال النهار، وأصابوا دبابة للجيش برصاصهم».

وأضاف: «إطلاق النار من سوريا علينا تكرر عدة مرات خلال اليوم الواحد، لقد أصبحت المنطقة خطرة لأنها مكشوفة تماما ومستهدفة من قبل الجيش السوري، ونحن نحاول إبعاد المدنيين ما استطعنا، لكننا كناشطين مضطرين للبقاء مع الجيش اللبناني لاستقبال الناس ومساعدتهم، والاعتناء بالجرحى عند وصولهم من تلكلخ، لا نريد أن نترك الجنود اللبنانيين وحدهم؛ هؤلاء أولادنا وإخوتنا».

ورفع الجيش اللبناني من مستوى جاهزيته على الحدود، وسير دوريات، كما رابط الصليب الأحمر في الجانب اللبناني بانتظار وصول الجرحى من تلكلخ، التي بقيت محاصرة، وتُضرب بالدبابات والمدفعية، وتشاهد سحب دخان تتصاعد منها.

وفي هذا السياق، تنادى شباب الثورة السورية على مواقع الإنترنت إلى التظاهر في «أسبوع الحرائر» في كل المحافظات، «انتصارا لأهلنا في تلكلخ»، في الجولان والمعضمية وريف دمشق وجسر الشغور وداريا وبانياس وجبلة «المحاصرة» ودرعا «الجريحة»، داعين إلى «الانتفاض بدءا من صلاة العصر في كل مكان».

وأفادت صفحة المعارضة السورية على «فيس بوك» بأن عناصر الأمن والجيش السوري انتشرت على أطراف بلدة داريا، المتاخمة للمعضمية، من جهات عدة، كما نفذت وحدات أمنية عملية تفتيش واسعة شلت عددا من منازل البلدة، إضافة إلى منطقة فشوخ المجاورة للمعضمية. ونقلت عن أهالي داريا إشارتهم إلى «حملة أمنية لتمشيط وتفتيش البيوت»، من دون أن يعرف ما إذا كانت الحملة تستهدف داريا أو المعضمية، باعتبار أنها تركزت على أطراف البلدتين. وسجلت مدينة داعل (حوران) انتشارا كثيفا جدا لقوات الأمن، بالتزامن مع تشييع المواطنين محمد الجاموس ومالك أبو زيد. ومنعت القوى الأمنية وفق ناشطين سوريين معارضين تواجد أكثر من عشرين شخصا في كل تشييع. وبدا لافتا أمس مقارنة المعارضين السوريين بين الممارسات الإسرائيلية في الجولان وممارسات النظام السوري تجاه مواطنيه، حيث ورد في شعار على صفحة «الثورة السورية» على «فيس بوك»: «سقطت ورقة التوت: إسرائيل تقتل السوريين في الجولان وتحاصر مجدل شمس وتعتبرها منطقة عسكرية مغلقة، والنظام الظالم يقتل السوريين في درعا ويحاصرها ويعتبرها منطقة عسكرية مغلقة؟».

من جهة أخرى، أفرج القضاء السوري بكفالة مالية عن المعارض السوري، رياض سيف، المعتقل منذ 6 مايو (أيار) الحالي، بتهمة مخالفة قرار التظاهر، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن ناشط حقوقي سوري.

من جانب آخر، قالت مصادر إعلامية إن السفارة السورية في الكويت رفضت طلبا بتسيير قافلة مساعدات إنسانية إلى أهالي درعا، معتبرة أن «أي مادة تحملها هذه القافلة متوفرة لدى أهل درعا، وأن سوريا لم تطلب مساعدة من أحد». وقال بيان صدر عن السفارة إن «القافلة المزمع إرسالها لا مبرر لها»، موضحة أن «سوريا لم تطلب مثل هذه المساعدات، وأن جميع المواد الغذائية وغيرها متوافرة لجميع المواطنين في سوريا، بما فيها محافظة درعا»، ومن جانبهم، رفض منظمو القافلة هذه الاتهامات، مؤكدين المضي في تسيير القافلة، أمس (الأحد).