السفير محمد رفاعة الطهطاوي: كسرنا حاجز الخوف.. والأزهر رفض قتل الثوار

المتحدث السابق باسم الأزهر لـ«الشرق الأوسط»: محاكمة مبارك شعبيا وسياسيا أهم من اتهامه بالتربح

السفير محمد رفاعة الطهطاوي (تصوير: عبد الله السويسي)
TT

أكد السفير محمد رفاعة الطهطاوي، المتحدث الرسمي السابق باسم الأزهر الشريف، الذي استقال من عمله لينضم إلى الثوار بميدان التحرير خلال ثورة «25 يناير»، أن الأزهر أيد الثورة وكان موقفه متوازنا عكس موقف دار الإفتاء التي عارضت الثورة، وقال «إن شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب لم يمنعني من النزول للتحرير ولم ينكر صلته بي».

وقال الطهطاوي، الذي عمل سفيرا لمصر في ليبيا وإيران وشغل منصب مساعد وزير الخارجية للشؤون الأفريقية، في حواره مع «الشرق الأوسط» في منزله بضاحية المعادي جنوب القاهرة ردا على المشككين في دور الأزهر خلال الثورة: «إن الأزهر كان قادرا على توجيه بيان إلى القوات المسلحة بأن طاعة الحاكم من طاعة الله وإن هؤلاء مجموعة خارجة لا تأثمون لو قتلتموهم»، لكنه لم يفعل وطالب الجيش بشكل حاسم بألا يتورط في إراقة الدماء.

واعتبر أن الثورة المصرية لم تحقق إلا جزءا من أهدافها ولم تقتلع النظام من جذوره، مؤكدا أن محاكمة مبارك سياسيا بتهم تزوير الانتخابات وتحويل مصر إلى رديف لإسرائيل أهم من اتهامه بالتربح، لافتا إلى أن مسألة إعادة الأموال المهربة ما زال يكتنفها كثير من الغموض ولا تتسم بالشفافية.

وقال الطهطاوي، وهو حفيد كل من عبد الرحمن باشا عزام أول أمين عام لجامعة الدول العربية، ورفاعة الطهطاوي قائد النهضة العلمية في مصر في عصر محمد علي حاكم مصر في الفترة (1805 – 1848)، «إن الإخوان المسلمين يمثلون فكرا مستنيرا معتدلا والاختلاف بينهم وبين الأزهر اختلاف عملي وليس فكريا»، مشيرا إلى أن وصول الإخوان للحكم متروك للشعب، وأن فصل الدين عن السياسة مسألة نظرية. وفيما يلي نص الحوار..

* كيف ترى الاتهامات التي وجهت للأزهر بأنه كان بعيدا عن ثورة «25 يناير»؟

- لا أعتقد أن الأزهر الشريف كان غائبا عن أحداث الثورة، بالعكس الأزهر الآن أراه بيتا للمصريين وليس مؤسسة وطنية، يلتقي فيه جماعة «الإخوان المسلمين» والجماعات الإسلامية والتيار السلفي، وأثناء الثورة لم يكن الأزهر مطالبا بالقيام بدور سياسي، لأنه ليس جهازا سياسيا بل هو مؤسسة تعليمية دعوية، ومع هذا كان دوره أثناء الثورة تغلب عليه الإيجابية، وأنا كنت متحدثا رسميا باسم الأزهر، وكنت مشاركا مع الثوار في ميدان التحرير، ولم يمنعني شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب من المشاركة مع الثوار، حتى عندما تقدمت باستقالتي علنا، كان المفروض على الإمام الأكبر أن ينكر صلته بي ويقبل الاستقالة لتبرئة نفسه، لكنه لم يقم بهذا، كما أن هناك مجموعة من الأزهريين اشتركوا في الثورة ولم يصدر الأزهر بيانا يدين ذلك، الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين كان موقفه واضحا من تأييد الثورة ولم يصدر مجمع البحوث الإسلامية والذي هو عضو فيه قرارا ضد موقفه، والأزهر كان موقفه متوازنا، وتحسب له عدة أمور؛ أولا أن الأزهر أول من سمى ضحايا الثورة بالشهداء، ثانيا أن الأزهر لم يؤيد الثورة كونها ثورة إنما أيد مطالبها، ووجه رسالة خطيرة إلى القوات المسلحة بألا تتورط في إراقة الدماء بشكل حاسم، وكان يمكن وقتها أن يصدر بيانا يقول فيه: «إن طاعة الحاكم من طاعة الله وإن هؤلاء مجموعة خارجة لا تأثمون لو قتلتموهم»، وظهر موقف الأزهر بصفة عامة مؤيدا للثورة، وأقصد الأزهر فقط لأن دار الإفتاء كان لها موقف آخر معارض للثورة.

* كيف ترى مصر الآن بعد محاكمة مبارك وزوجته وأفراد نظامه؟ وهل حققت الثورة مطالبها؟

- الثورة المصرية لم تحقق إلا جزءا من أهدافها، فالثورة نجحت في فتح باب للحرية والأمل وخلخلت النظام القديم لكنها لم تقتلعه من جذوره أو تقضي عليه بعد، ولا بد من إجراء محاكمة سياسية للرئيس السابق مبارك وأن يواجه هو وغيره من المسؤولين علنا في محاكمة شعبية سياسية بما ارتكبوه، لا يهمني أن تثبت عليهم تهمة جنائية أو لا تثبت، نريد أن نسأله لماذا تحالفت مع إسرائيل؟ لماذا حاصرت غزة؟ لماذا زورت الانتخابات؟ لماذا قبلت بتعذيب المصريين في السجون؟ لماذا قبلت أن يقتل المتظاهرون بالرصاص؟

* وهل المحكمة السياسية الشعبية سوف يكون حكمها مختلفا عن المحكمة الجنائية؟

- المحكمة الشعبية ليس من شأنها إصدار حكم جنائي بالحبس على مبارك، لكن دورها كشف الحقائق وفضحها أمام الرأي العام، فمسألة الانتقام من مبارك أو التشفي فيه مسألة ثانوية، وفكرة المحكمة الشعبية الهدف منها كشف مبارك أمام الأمة العربية والإسلامية والشعب، وتسجيل شيء للتاريخ، وليس معنى ذلك أن من أجرم لا يعاقب على جريمته، فالمحاكمة السياسية أهم، لأن هناك جرائم كبرى ارتكبت في حق الوطن مثل تزوير الانتخابات على مدار عقود وتحويل مصر من قائدة الأمة العربية إلى رديف لإسرائيل، وهذه التهمة أهم من تهم التربح أو الثراء.

* إذن أنت لست مع الدعوات التي تنادي بسجن مبارك؟

- المحكمة الشعبية ليس معناها أنني لست مع الدعوات التي تنادي بسجن مبارك، فالرئيس السابق إذا كان قد ارتكب جريمة تتم محاكمته عليها محاكمة عادلة تنتهي بعقوبة السجن أو أكثر من ذلك فهذه مسألة قانونية، أما المحكمة السياسية فهي أهم لكشف حقيقة ما ارتكب في هذا النظام ودوافعه والسياسات الخاطئة التي اتبعتها.

* وهل يقبل الرأي العام المصري بالمحكمة السياسية خاصة بعد مطالبه بعودة الأموال المهربة؟

- المحاكمة السياسية ليست بديلا عن المحاكمة الجنائية وإرجاع الأموال له وسائل كثيرة، وأنا مع المطالبات التي تنادي بسرعة استرجاع الأموال التي هربها مبارك وغيره، لأن هذه هي ثروة مصر على مدار عقود، لكن لا بد من اتباع الأسلوب السليم الذي يؤدي إلى عودة هذه الأموال، وهناك أخطاء كثيرة ارتكبت في هذا الشأن ونحن تأخرنا لظروف الاضطراب بعد الثورة في تقديم المطالبات بالشكل القانوني الدقيق، وما زال الأمر يكتنفه كثير من الغموض ولا يتسم بالشفافية الكافية، فلا بد من تكليف مكاتب دولية متخصصة في تعقب أموال مبارك وغيره لحين البت في مدى قانونية هذه الأموال من عدمها.

* لماذا تركت منصبك ونزلت إلى ميدان التحرير، هل توقعت نجاح الثورة؟

- في يوم 24 يناير (كانون الثاني) الماضي لم أكن أتوقع أن يحدث شيء يوم 25 يناير (اليوم الذي انطلقت منه الشرارة الأولى للثورة المصرية) وبعد حدوث المظاهرات لم أتوقع استمرارها، لم أدرك أن هناك شيئا حقيقيا يحدث إلا يوم 28 يناير المعروف باسم (جمعة الغضب)، وهو اليوم الذي انضممت فيه إلى ثوار التحرير باعتبار أن مصير مصر سوف يتقرر في هذه اللحظة، وأنه على كل مصري أن يلقي بدلوه وثقله كاملا في الميزان، مهما كان وزنه ضئيلا، ألقيت بنفسي مع الثورة ولم أكن أعرف ماذا سيحدث، وكنت أدور بين الرجاء والقلق والخوف، وكنا في مرحلة من المراحل نتصور أنه ليس أمامنا إلا الاستمرار، لأننا أحرقنا مراكبنا والتراجع معناه أن ينكل بنا، فالمسألة لم تكن محسومة، وكانت هناك أمور كثيرة لم تكن معروفة، مثل ماذا سيفعل الجيش أثناء الثورة؟ وإلى متى سيصمد الثوار؟

* وهل توقعت أن يتنحى مبارك بهذه السرعة؟

- كانت هناك مرحلة في الثورة، عندما نضجت المواقف بأننا لن نرضى إلا بتنحي الرئيس، وكان الموقف ألا يكون هناك تراجع، وأكثر من مرة أتوجه إلى المنصة في ميدان التحرير لألقي كلمة لأثبت الثوار وأجدهم أكثر ثباتا مني، فكان لدى الثوار وعي سياسي راق وطهر ثوري وثبات.

* لماذا رفضت العودة لمنصبك بعد نجاح الثورة رغم تمسك شيخ الأزهر بك؟

- تربطني بالإمام الأكبر علاقة حميمة، وما زلت أساند الأزهر وأعتبره بيتي وأدعمه بالرأي والمشورة، لكن بغير منصب، وإصراري على الاستقالة لأن لدي مشاغل كثيرة تقتضي أن يكون الشخص محتفظا باستقلاله التام وبحريته وبوقته، واستقلت لأنني وجدت نفسي قد لا ألتزم وقتا أو مجهودا أو حتى من حيث الكلمة.

* بصراحة، هل وفق النظام السابق في اختيار الدكتور الطيب شيخا للأزهر؟

- كان اختيار الدكتور الطيب موفقا وغريبا، والنظام السابق أخذ «مقلبا» في اختياره، والذين رشحوه للمنصب أخطأوا، لما له من مواقف واضحة في القضايا الوطنية والقومية ومواجهة إسرائيل والتدخل الأجنبي والتأليف بين الأمة.

* في الفترة الأخيرة حدث تقارب بين الأزهر والإخوان والتيار السلفي والجماعات الإسلامية، كيف ترى هذا التقارب؟

- نعم يوجد تقارب، وأنا أتذكر مقولة قالها لي شيخ الأزهر: «إن كل إنسان يستطيع أن يكون متشددا، لكن إعمال الرخصة يحتاج إلى فقيه»، فإذا أردت أن تيسر أمرا من الأمور لا بد أن تكون فقيها، فأي إنسان يستطيع أن يقول هذا حرام وهذا حلال، لكن إعمال الرخصة يحتاج لفقيه، فالتيسير على الناس يحتاج إلى فقه وعلم، والأزهر يمثل هذا والإخوان أيضا يمثلون فكرا مستنيرا معتدلا وسطيا، والفارق بين الإخوان والأزهر فارق عملي وليس فارق فكريا، وأن الأزهر مؤسسة دينية تعليمية ودعوية والإخوان حركة سياسية شاملة، وسبق أن قال شيح الأزهر واصفا الإخوان: «نحن مؤسسة تعليمية والإخوان حركة سياسية عقيدتنا واحدة واجتهادنا مختلف وبيننا احترام متبادل».

* وماذا عن التيار السلفي؟

- التيار السلفي معناه العودة للإسلام عبر الأصول الصحيحة، فكلنا سلفيون إنما نحن ضد التشدد في غير موضعه وقلب الأولويات، ولا يجوز أن أنشغل بالمسائل الصغرى وأثير منها قضايا كبرى وأنسى القضايا الكبرى، فالمقصود بالنقاش مع السلفيين في الأزهر ترتيب الأولويات مثل المقاصد العليا للشريعة الإسلامية والعدل والحرية والحفاظ على الوطن.

* من وجهة نظرك، هل يستطيع الإخوان الوصول لحكم مصر؟

- الإخوان القوة السياسية الأكثر تنظيما، ووصولهم للحكم أمر متروك للشعب المصري، فنحن الآن نطالب بالحرية وأن يتمكن الشعب من أن يختار حكامه بإرادته الحرة، فالإخوان مطروحون أمام الناس والشعب يختار من يشاء، وإذا اختارهم الشعب فهذا شيء طبيعي في أي نظام ديمقراطي.

* ما رأيك في حزب الإخوان الجديد، ألا تعتبره خلطا بين الدين والسياسة؟

- الإخوان أعلنوا عن تأسيس حزب الحرية والعدالة، واختاروا الحرية أولا وركزوا على مفهومها، وحسب كلامهم، أن المقصود به أن يكون حزبا سياسيا مدنيا مفتوحا أمام كل المصريين، وليس فيه خلط للدين بالسياسة، وفي الأصل الإسلام دين ودولة والذين يحاولون حجز الإسلام في الغرف المغلقة وفي المساجد لا يخرج منها وأن يكون بعيدا عن حياة الناس هذا كلام غير صحيح، فالزكاة عمل سياسي، والجهاد عمل سياسي، والإسلام دين ودولة لا يمكن إطلاقا في مجتمعاتنا العربية أن تقول إننا ننحي الدين عن السياسة، لأن الدين حاضر بقوة في حياة الناس وهو يمثل قوة سياسية بالفعل وخيارات الناس متأثرة بالدين، فلا يمكن أن نقول إننا نفصل الدين عن السياسة وهو الفصل الأوروبي، وحتى الفصل الأوروبي هذا غير صحيح وغير مطبق، فالدين لا يشكل فقط معتقدا، بل يشكل هوية ثقافية.

* كيف ترى الفرق بين الدولة الدينية والمدنية؟

- الدولة الدينية «الثيوقراطية» هي التي يكون فيها الحكم محصورا بيد ناس استنادا إلى نص مقدس، فمثلا رجل دين مسلم أو مسيحي أو يهودي يقول إن الكتاب المقدس مفسر بالشكل الفلاني وعليك أن تطيعني لأنني ممثل لله في الأرض، والدولة المدنية هي الدولة التي تصدر فيها القوانين استنادا إلى الإرادة الشعبية التي يكون الشعب فيها هو مصدر السلطات، لو جاء الشعب الذي هو مصدر السلطات، وقال نريد تطبيق الشريعة الإسلامية تبقى دولة مدنية وليست دينية، لأن مصدر الإلزام ليس هو رجل الدين الذي يفسر نصا، ونحن مع الدولة المدنية، نريد الحرية للشعب لكي يختار ما يريد ويعبر عن ذاته تعبيرا حقيقيا، وفي العالم العربي الركيزة الأساسية لهويتنا العربية والثقافية هي الحضارة العربية الإسلامية التي يشترك فيها المسلمون والمسيحيون، ومسألة فصل الدين عن السياسة مسألة نظرية وفي العالم العربي والإسلامي سيظل الدين عنصرا رئيسيا في توجيه الحياة السياسية والتأثير عليه.

* وبمَ تفسر أسباب الفتنة الطائفية في مصر وطرق علاجها؟

- الأسباب أهمها عدم تطبيق القانون بشكل واضح وشفاف، فينبغي أن تكون العلاقة بين المسلمين والمسيحيين علاقة مواطنة قائمة على تطبيق القانون بمساواة تامة بغير مجاملة لأي طرف، فلا يوجد شخص فوق القانون ولا يوجد مكان في مصر خارج سيادة القانون، ولا بد أن تعالج المسائل بشفافية وبموضوعية وبعمق بعيدا عن المصالحات والعناق، ولا بد أن يتأكد المسيحيون في مصر أن هذا بلدهم الذي لهم فيه كل الحقوق وأنهم مستقرون هنا بغير شك، وأن حقوقهم مصونة ليس بسبب تدخل أجنبي أو موازنات، ويجب أن يدرك المسلمون والمسيحيون أن الفتنة الطائفية أخطر ما يمكن على الأمن القومي، كما لا بد من تحريم أي تظاهر أو أي شعار يدعو إلى الكراهية أو الطائفية، والالتفات إلى وجود أياد خارجية، ولكن لا أريد أن نجعل اليد الخارجية شماعة نعلق عليها الفتنة، علينا أن نواجه الواقع وأن نقطع دابر ما يمكن أن يسبب الفتنة، ونركز على المشتركات.

* وماذا تقصد بالقوة الداخلية؟

- أعني النظام السابق وبعض رجال الحزب الوطني الديمقراطي المنحل، وبعض أجهزة الأمن السابقة، وبعض الزعامات الدينية التي من مصلحتها إثارة الفتنة حتى تنشأ لها زعامة، ومع غياب الرد الأمني الحاسم فإن هذا يجعل الأمر يزداد خطورة.

* بعض المواقع الإلكترونية رشحتك لرئاسة مصر، هل تنوي الترشح؟

- هذا أمر لم يتقرر بعد، فأنا لا أتحرك إلا في ظل العمل على مرضاة الله ومصلحة الوطن، وألا أتحرك تحركا في غير موضعه لا تتوفر له أسباب الرشد والنجاح، فلا بد أن يكون ترشحي ترشحا جديا يتوفر له أسباب النجاح فأنا لست من طلاب الشهرة.

* وما هي مواصفات رئيس مصر القادم؟

- رئيس مصر القادم لا بد أن تتوفر فيه 5 شروط، أن يكون صاحب انتماء واضح للهوية العربية الإسلامية، وأن ينتمي للجماهير العريضة ويكون مؤمنا بالخيار الديمقراطي الحر لآخر مدى، وأن تكون سياسته الاقتصادية الانحياز لمصلحة الفقراء، وأن يكون قادرا على تحقيق درجة عالية من الوفاق الوطني، وأن يكون قادرا على انتهاج سياسة خارجية مستقلة تعيد مصر إلى مكانها الطبيعي في معالجة قضايا الأمة وفي مقدمتها قضية فلسطين، فلا يمكن لأي حاكم عربي ومسلم إلا أن تكون قضية فلسطين نصب عينيه، وإذا أردت أن تعرف المخلص من غير المخلص من الحكام ابحث عن موقفه من القضية الفلسطينية.

وأتصور أن الذي سيحسم معركة الرئاسة في مصر ليس الدعم الخارجي الذي سيحظى به مرشح من المرشحين أو شاشات التلفزيون أو صالونات النخبة، بل هو أصوات البسطاء.

* هل تغير شكل مصر الخارجي بعد 25 يناير عنه قبل الثورة؟

- من نتائج الثورة خارجيا عودة الاحترام للمصري، فالعالم وجد شعبا انتفض من أجل الكرامة والحرية ووقف موقفا نبيلا، ورأوا العملاق المصري قد استيقظ فأكبره العالم كله، فالنظام السابق كانت سياسته الخارجية تقوم على التبعية المطلقة للولايات المتحدة الأميركية والاستسلام التام أمام إسرائيل، الآن مصر تسترجع قرارها الحر، فمصر كانت مريضة بمرض خطير، كما أن حاجز الخوف انكسر ولن يعود ولن يرجع الشعب المصري لـ«القمقم».

* أيهما الأفضل لمصر.. إجراء الانتخابات الرئاسية أولا أم البرلمانية؟

- الانتخابات البرلمانية أولا، لأنه بوضوح مصر بلد فرعونية لو انتخبت الرئيس أولا سيؤثر تأثيرا على الانتخابات البرلمانية، إنما عندما ننتخب قوى سياسية وتسهم في انتخاب الرئيس فسيكون هناك توازن.

* ما تفسيرك لنجاح المصالحة الفلسطينية في مصر؟

- ما حدث في المصالحة يثبت أن مصر لم تكن وسيطا، وكانت تقوم بتنفيذ ما يطلب منها من أميركا وإسرائيل عندما يطلب منها فقط.

* كيف ترى الوضع الآن في ليبيا؟

- الثوار في ليبيا يحققون تقدما مستمرا بدعم من حلف الأطلنطي، وكنت أتمنى أن يقوم العالم العربي وجامعة الدول العربية ومصر بالتدخل منذ الأيام الأولى بما يقطع الطريق على التدخل الأجنبي، لكن ما حدث حدث، وسقوط نظام الرئيس الليبي معمر القذافي أصبح مؤكدا، وهي مسألة وقت ولن يطول، ويجب على الدول العربية وفي مقدمتها مصر أن تأخذ موقفا ثابتا واضحا قويا يساعد على تشكيل مرحلة ما بعد سقوط القذافي، وينبغي أن نؤكد على وحدة التراب الليبي، والتأكيد على سيادة الشعب وعلى موارده الطبيعية وأرصدته في الخارج، وحقه في إقامة نظام ديمقراطي، ونأخذ موقفا واضحا بأننا نرفض وجود أي عسكري خارجي على التراب الليبي ولو بصورة مؤقتة أو شكلية.

* وكيف ترى الوضع في سوريا؟

- سوريا ركن أساسي في معسكر المقاومة الإسرائيلية وخاصة في لبنان وركن أساسي في التوازن الاستراتيجي مع إسرائيل، رغم ما يرتكبه النظام السوري من مذابح، فإن الفرق بين النظام السوري والمصري أن النظامين يشتركان في الفساد، لكن أحدهما عميل لإسرائيل والآخر يقف ضد إسرائيل، وإذا تم أخذ موقف من سوريا لا بد أن نفكر ماذا سيحدث للمقاومة في لبنان وحماس وإيران.

* وهل تؤيد مسيرات المصريين إلى غزة في ذكرى الانتفاضة؟

- أنا مع هذه المسيرات، لكونها تؤكد أن شعب مصر لا تزال القضية الفلسطينية في مخيلته وقلبه وفي مقدمه أولوياته، كما أنها تمثل ضغطا حقيقيا على إسرائيل، ولكن إذا كان سيترتب على هذه المسيرات خلل أمني فلا بد من تأجيلها حتى تثبت الأوضاع في مصر.

* وكيف ترى الوضع في اليمن؟

- نظام الرئيس اليمني عبد الله صالح نظام مرفوض شعبيا على مستوى اليمن الشمالي والجنوبي وبنفس القوة، والمشكلة في اليمن هي لماذا لا يحسم الأمر؟، والإجابة هي أن الرئيس صالح ما زالت تناصره فئة قليلة لكن مؤثرة ومستعدة أن تدافع عنه، والمعارضة في اليمن رغم كونها مسلحة لا تريد أن تستدرج إلى مستنقع المواجهة المسلحة، لأن استدراجها إلى المواجهة المسلحة سيفقد الثورة سلبيتها وسيتيح لقوى السلطة استعمال العنف، لكن هناك عملية ضغط مستمرة ستفضي لإسقاط علي صالح.

* أنت حفيد رفاعة الطهطاوي قائد النهضة العلمية في عهد محمد علي، لماذا لم تقم بمشروع لإحياء تراثه؟

- رفاعة جد جدي، وأنا مسؤول الآن عن الحفاظ على تراثه، وفكرنا في مشروع لإحياء تراثه الثقافي.