خادم الحرمين: المرأة السعودية هي الأم الحانية والمواطنة البانية.. وهي خير من يمثل وطنها

دشن المدينة الجامعية لجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن في الرياض

خادم الحرمين الشريفين لدى تدشينه المدينة الجامعية لجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، أمس (واس)
TT

دشن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، بعد عصر أمس، المدينة الجامعية لجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، التي تعتبر الأولى من نوعها والأكبر عالميا، والتي تم إنشاؤها على أرض تبلغ مساحتها 8 ملايين متر مربع بتكلفة إجمالية تزيد على 20 مليار ريال، وذلك في حفل خاص أقيم بهذه المناسبة بمقر الجامعة الجديد على طريق المطار.

وأكد خادم الحرمين على الدور الكبير الذي تنهض به المرأة السعودية في المجتمع، مبينا أنها الأم الحانية والمواطنة البانية والموظفة المجدة، وقال الملك عبد الله، في كلمة تضمنها كتيب، تم توزيعه أمس خلال الاحتفال بتدشين المدينة الجامعية لجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن بالرياض: «إن المرأة تحمل مسؤولية أكثر من واجب، أن تحافظ على استقرار المجتمع وأن تساهم في بناء اقتصاد الوطن، وأن تمثل هذا المجتمع والوطن خير تمثيل، خارجه وداخله، فتكون الأم الحانية والمواطنة البانية والموظفة المجدة، وتكون في الخارج سفيرة وطنها ومجتمعها ولها في دينها وعقيدتها وقيم مجتمعها أسوة حسنة».

وكان في استقباله، عند وصوله مقر الحفل، الأمير سلمان بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض، والدكتور إبراهيم العساف، وزير المالية، والدكتور خالد العنقري، وزير التعليم العالي، والدكتور محمد المزيد، مساعد وزير المالية المشرف على مشروع الجامعة.

وقد استقل الملك عبد الله، فور وصوله، قطار النقل الآلي؛ حيث قام بجولة على أرجاء الجامعة اطلع خلالها على منشآتها واستمع إلى شرح مفصل من وزير المالية ومن مساعد وزير المالية، المشرف على المشروع، عن المشروع ومراحله وما اشتمل عليه من منشآت إدارية وتعليمية وسكنية وخدمية، وتوجه بعدها إلى مبنى الإدارة الرئيسية؛ حيث قام بجولة مستقلا عربة كهربائية في أرجاء المبنى وشملت مبنى المكتبة المركزية؛ حيث استمع إلى شرح وافٍ عن المبنى، ثم توجه إلى مقر حفل الافتتاح؛ حيث عُزف السلام الملكي فور وصوله، بينما قامت الدكتورة هدى العميل، مديرة جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، بالسلام على خادم الحرمين الشريفين.

وبعد أن أخذ الملك عبد الله بن عبد العزيز مكانه في المنصة الرئيسية للحفل، حيا الحضور، متمنيا للجميع التوفيق، داعيا الله، سبحانه وتعالى، أن يبارك في هذا المشروع، وقد قوبل بعاصفة من التصفيق من الحضور.

وألقى وزير المالية السعودي كلمة، جاء فيها: «لقد شرفتموني أنا وزملائي يا خادم الحرمين الشريفين قبل سنتين ونصف السنة بالإشراف على بناء مدينة جامعية للبنات أطلق عليها جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، تكون مميزة بجميع النواحي وتليق ببناتكم، وتكون رمزا لمشاركة المرأة في بناء الوطن، وأن ينتهي بناؤها خلال سنتين فقط، وألا يُدخر مال أو جهد في سبيل تحقيق ذلك».

وأضاف: «وكنتم حريصين، أشد الحرص، على إنهاء المشروع في الوقت المحدد من خلال متابعتكم المتميزة، حتى إنكم أمرتم بوضع كاميرات للنقل المباشر على مدى 24 ساعة لمتابعة سير العمل في المشروع من قبلكم شخصيا، هذا بالإضافة إلى التقارير الشهرية التي أمرتم برفعها لمقامكم الكريم، وهانحن بعد سنتين وشهرين من تسليم المواقع للمقاولين نحتفل برعايتكم الكريمة بانتهاء بناء هذه المدينة الجامعية التي تعتبر، حسب المعلومات المتوافرة لديَّ، أكبر مشروع على مستوى العالم، من حيث الحجم والمكونات، الذي يُنتهى منه في هذه المدة الوجيزة؛ فهي فعلا مدينة، ليست حرما جامعيا أو مدينة جامعية فقط؛ حيث يبلغ إجمالي مساحتها 8 ملايين متر مربع وتبلغ مساحات البناء المنفذة منها أكثر من 3 ملايين متر مربع تقريبا».

وأوضح الوزير العساف أن المدينة الجامعية تعتبر صرحا عمرانيا وتقنيا، وبحول الله ستكون صرحا علميا عالميا بما تضمه من قدرات بشرية ومن مراكز أبحاث وكليات علمية وطبية.. وبيَّن أنه تم تصميم المدينة وفقا لأحدث المواصفات البيئية وتوفير الطاقة، ومن ذلك نظام تسخين المياه عن طريق الطاقة الشمسية، كما طبق فيها أحدث المعايير لجعلها صديقة لذوي الاحتياجات الخاصة في جميع أرجائها، بما في ذلك قطار نقل الركاب الآلي الذي روعي في إنشائه وتشغيله الجوانب البيئية، ولقد تم تنفيذ وتجهيز المشروع من قبل شركات ومؤسسات ومصانع سعودية وموردين سعوديين تجاوز عددهم ألفي شركة ومورد.. وأشار إلى أن عدد العاملين يوميا في المواقع في أجزاء من مراحل التنفيذ وصل إلى أكثر من 75 ألف شخص ما بين مهندس وفني وعامل.

واستعرض وزير المالية أهم عناصر المدينة الجامعية والمتمثلة في الكليات الأكاديمية، وتضم 15 كلية في مختلف التخصصات النظرية والعلمية، منها: 5 كليات طبية، ومستشفى تعليمي بسعة 700 سرير، ومركز للأبحاث مجهز بأحدث الوسائل، ومركز لتنمية المهارات السريرية؛ حيث يعتبر الأكبر على مستوى العالم ويشتمل على أحدث التقنيات التي توصل لها العلم في هذا المجال.

كما تضم المنطقة الإدارية، وتتكون من، مبنى الإدارة الرئيسي، وهو خاص بالنساء، ومبنى آخر ملحق به خاص للرجال، ومكتبة مركزية متميزة عمرانيا وعمليا تتسع لـ5 ملايين كتاب يتم صفها واستدعاؤها آليا وتستوعب 4 آلاف قارئ، بالإضافة إلى مركز للمؤتمرات يتسع لأكثر من 4 آلاف شخص، ومسجد جامع يتسع لـ4 آلاف مصلٍّ.

وتحتوي المدينة الجامعية على المنطقة السكنية وتتكون من 1440 فيلا ووحدة سكنية لأعضاء هيئة التدريس، وسكن للطالبات يستوعب أكثر من 12200 طالبة، روعيت فيه متطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة من الإناث، وكذلك المنطقة الترفيهية والرياضية التي تنقسم إلى قسمين منفصلين، الأول: خاص بهيئة التدريس، وينقسم بدوره إلى جزأين، أحدهما خاص بالرجال، والآخر بالعوائل، ويحتوي على جميع سبل الترفيه الرياضية والاجتماعية، ويستوعب أكثر من 3000 شخص، أما الثاني فهو خاص بالطالبات، ويحتوي على استاد يتسع لـ7 آلاف متفرجة وجميع سبل الترفيه الرياضية والاجتماعية.

كما تشتمل المدينة الجامعية على الخدمات المساندة والبنية التحتية، وتشتمل على نفق للخدمات بطول 4.5 كيلومتر لإيصال جميع الخدمات إلى جميع المباني داخل المدينة الجامعية وتشمل الأعمال الكهروميكانيكية والمياه والشبكات الهاتفية وتقنية المعلومات، إضافة إلى محطة لمعالجة النفايات الصلبة تعمل بأحدث التقنيات، وكذلك محطة معالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها لأغراض الري، كما تضم مطبعة مركزية ومخازن وورشا للصيانة، إضافة إلى الخدمات الاجتماعية والتعليمية والاستهلاكية في جميع المناطق داخل المدينة الجامعية من مدارس تستوعب 800 طالب وطالبة ومحلات تجارية وخدمات عامة.

وقال الدكتور العساف: «إن المدينة الجامعية حصلت، حتى الآن، على الكثير من الجوائز والشهادات من كل من: الهيئة السعودية للمهندسين، والجمعية السعودية لعلوم العمران، التابعة لجامعة الملك سعود، والاتحاد الدولي للمعماريين، ومجلس الأبنية الخضراء العالمي الأميركي، ومجلس الأبنية الخضراء العالمي الإسباني».

ورحب العساف بممثلي تلك الجهات المشاركين في هذا الحفل وشكرهم على جهودهم، متوقعا المزيد من الجوائز والشهادات لهذه المدينة الجامعية الحديثة.. واختتم كلمته بتقديم الشكر لكل من عمل بجد على تنفيذ توجيهات خادم الحرمين الشريفين، وعلى رأسهم: الدكتور محمد بن حمود المزيد، مساعد وزير المالية المشرف على المشروع، والمهندسون السعوديون المقيمون في المشروع من قبل الوزارة والآلاف من المقاولين والموردين السعوديين، كما شكر الاستشاري الذي عمل بمهنية وكفاءة عاليتين، فقد حرص الجميع على إنهاء المشروع في وقته المحدد.

كما ألقى وزير التعليم العالي كلمة عبَّر فيها عن شكره وامتنانه لخادم الحرمين الشريفين على ما يوليه للتعليم بوجه عام وللتعليم العالي بوجه خاص من اهتمام ورعاية شملا كلتا بنيتيه: البشرية، من طلبة وطالبات وهيئة تعليمية، والمادية، المتمثلة في المدن الجامعية وما تحتاجه من إمكانات وتجهيزات متطورة.

وأشار الدكتور خالد العنقري إلى ما تشهده مسيرة التعليم العالي في عهد خادم الحرمين الشريفين من منجزات وقرارات تواكب متطلبات العصر وتتسق مع حرص المملكة على تطوير منظومة التعليم ليحظى بالتقدير الإقليمي والدولي، ومن أولى الخطوات: زيادة القدرة الاستيعابية للجامعات الحكومية وانتشارها بمختلف مناطق المملكة؛ حيث وجه إلى تحمل الدولة للرسوم الدراسية لـ50% من الذين يتم قبولهم سنويا بالجامعات والكليات الأهلية.

وبيَّن أن من أهم أوجه رعاية البنية البشرية التي أساسها المواطن: ابتعاث آلاف المعيدين والمتخصصين للدراسة في أرقى الجامعات بمختلف تخصصاتهم، إيمانا بأهمية مد جسور التواصل العلمي ومتابعة كل جديد في منظومة عطاءات الجامعات العالمية المتميزة، مشيرا إلى أن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي يعتبر واحدا من أكبر برامج التأهيل العلمي المتميز عددا ونوعية؛ حيث شمل أكثر من 100 ألف طالب وطالبة ينهلون من ثقافات علماء أرقى الجامعات، ويكتسبون من علومهم ومعارفهم، والمملكة، بعدد مبتعثيها، أصبحت ثالثة دول العالم في هذا المجال بعد الصين والهند، وترتقي إلى المكانة الأولى عالميا في عدد المبتعثين من الطلاب على منح حكومية.

وكانت الدكتورة هدى العميل، مديرة جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، قد ألقت بدورها كلمة رحبت فيها بخادم الحرمين الشريفين، وثمنت فيها افتتاحه مشروع المدينة، الذي وصفته بـ«الصرح العلمي المتميز»، وقالت: «لا أدري، والمدخل صعب، أي طريق أسير عليه وتسير معي فيه أمة رأت فيك أبا وأخا وقائدا، كثيرا ما سرى ليلا وراح صباحا أمام تطلعات أمته وآمالها.. نعم قائد وأمة.. أمة اختارت قائدها واختار قدر الله لها هذا القائد الذي شابه أباه قيما وخلقا ورأفة بشعبه، جاءنا اليوم ليشرفنا ولتشرف به جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، تلك الأميرة - يرحمها الله - التي كانت شخصا عزيزا في عقل شقيقها عبد العزيز - يرحمه الله - أجل.. ما أجلّ تلك المرأة وما أكرم من يحذو حذوها ويسعى إلى مرتقاها، فقد كانت نعم الأخت والمرأة قيمة وخلقا ورأيا».

وأضافت، مخاطبة خادم الحرمين الشريفين: «إنكم بإنجازكم لهذه القيمة العلمية العظيمة، بتأسيسكم لجامعة الأميرة نورة، وافتتاحكم اليوم لها، تشرعون باب التاريخ ليقول لبناتكم: ها أنا ذا أفتح صفحاتي لكُنَّ، فاكتبن بيراع المعرفة ودواة العلم منجزات أمتكن، عطاء يرتقي لآمال مليككن وأهلكن وحسن ظنهم بكن، وإنهن لفاعلات - إن شاء الله».

وقد شاهد خادم الحرمين الشريفين والحضور فيلما وثائقيا عن إنشاء جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن والتطلعات المستقبلية للجامعة، بعد ذلك أعلن الملك عبد الله بن عبد العزيز عن افتتاح المدينة الجامعية لجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن؛ حيث تفضل، حفظه الله، بالضغط على الزر إيذانا بالافتتاح، قائلا: «بسم الله الرحمن الرحيم، وعلى بركة الله»، تسلم بعدها هدية تذكارية بهذه المناسبة من وزير المالية، عبارة عن مجسم للمدينة الجامعية.

حضر الحفل الأمير بندر بن محمد بن عبد الرحمن، والأمير عبد الإله بن عبد العزيز، مستشار خادم الحرمين الشريفين، والأمير فيصل بن محمد بن سعود الكبير، والأمير خالد بن فيصل بن سعد، والأمير خالد بن فهد بن خالد، والأمير محمد بن سعد بن عبد العزيز، مستشار وزير الداخلية، والأمير مقرن بن عبد العزيز، رئيس الاستخبارات العامة، والأمراء والوزراء وأعضاء السلك الدبلوماسي في السعودية، وكبار المسؤولين من مدنيين وعسكريين.