مدنيون فارون من مدينة درعا السورية يتحدثون عن لحظات رعب عاشوها

قالوا إنهم يحتجزون المحتجين في المدارس والاستاد الرياضي.. ويمنعون الذهاب للمساجد منذ أسابيع

TT

خلال الانتفاضة المندلعة منذ شهرين ضد السلطات السورية، كانت مدينة درعا جنوب سوريا هي معقل الاحتجاجات، والتي ألهمت الكثير من السوريين لشن احتجاجات ضد النظام السوري في مختلف أنحاء سوريا.

غير أن تحدي درعا للنظام السوري كان له ثمنه، إذ يصف المدنيون الذين فروا من المدينة الأسبوع الماضي مشاهد الرعب، من احتجازات تعسفية ونشر لقناصة فوق أسطح المنازل. وقال شاب يدعى محمد في تقرير أوردته صحيفة «الواشنطن بوست» إنه سار لمسافة 13 ميلا عبر الغابات يوم الثلاثاء لتفادي الاعتقال، بعد أن تم اعتقال والديه على يد قوات الأمن، حيث خشي من أنه في حالة عدم مغادرته درعا ربما يتم اعتقاله بالمثل. ويقول المتظاهرون إنهم يقفون ضد حكومة الرئيس بشار الأسد سعيا لإرساء الحكم الديمقراطي في سوريا بعد عقود من الحكم الاستبدادي. وتزعم الحكومة أنها واقعة تحت حصار «الإرهابيين». والأسبوع الماضي، بث التلفزيون الحكومي «اعترافات» كثيرة لسكان محتجزين من درعا.

وفي تحول واضح، أقر مسؤولون يوم الجمعة بأن بعض المتظاهرين لديهم مطالب مشروعة، وأنهم يتظاهرون بشكل سلمي، وقد ذكرت الحكومة أنها سوف تبدأ في إجراء «حوار وطني». وقد صرحت الحكومة أيضا بأنها قد سحبت قواتها من درعا. وينظر لهذه الخطوة باهتمام بوصفها تغييرا محتملا في استراتيجية الحكومة بعد أسابيع من الأساليب القمعية العنيفة التي بدا أنها لم تنجح في تثبيط همم المتظاهرين ومنعهم من الخروج إلى الشوارع.

وحسب «الواشنطن بوست» فقد بدأت مشكلات محمد حينما شوهد يلتقط مشاهد بكاميرا فيديو لضباط كانوا يحرسون المدينة. وقال إن الضباط قاموا بسحب بطاقة هويته، وبعد عدة أيام اقتحمت قوات الأمن منزله. وقال محمد، الذي تحدث ككثيرين غيره مشترطا عدم ذكر اسمه الثاني لخوفه من تبعات تحدثه «قالوا إنني إذا ما التزمت الصمت ولم يسمعوا أي شيء عني خلال الأيام الأربعة القادمة فإنهم سيطلقون سراح أمي من السجن». وأضاف محمد «إذا ورد ذكر اسمي، فسوف يقتلونها»، مشيرا إلى أنه لا يعرف المكان الذي يحتجز به والداه. وذكر أنه قد تم بالفعل احتجاز آلاف من سكان درعا والمنطقة المحيطة، وهو الأمر الذي أكدته أيضا جماعات حقوقية. وقال محمد «إنهم يحبسوننا في المدارس وفي الاستاد الرئيسي في المدينة. ومنعوا أي أحد من الذهاب إلى المساجد للصلاة منذ أسابيع». وأشار محمد إلى أن أسرته ينظر إليها باحترام، ولها نفوذ في المنطقة، لكنه قال «لكن في هذا الموقف، لم يعد ذلك له أي قيمة».

وذكرت نور، وهي من سكان درعا أيضا، أنها تركت دراستها في دمشق وعادت إلى وطنها في درعا للاطمئنان على أسرتها مع بدء أحداث العنف، غير أنها فرت من المدينة قبل خمسة أسابيع. وقالت نور «ذهبت إلى درعا لكنني فررت منها في اليوم التالي. كان يوم جمعة وكان يتم إطلاق النار على الناس أمامي. وكانت هناك جثث في الشوارع». وعرضت نور، المسلمة السنية التي بدت مرتدية أحدث صيحات الأزياء الغربية، مقطع فيديو التقطته بالهاتف المحمول من منزلها لضباط يستخدمون العصي في ضرب جموع المتظاهرين المحتشدة في إحدى مدن دمشق.

ويضيف تقرير «الواشنطن بوست» أن مقاطع فيديو تم تسجيلها في درعا تظهر مشاهد أكثر ترويعا. ومن بين هذه المشاهد منازل محترقة وسيارات سوتها الدبابات بالأرض. وقد تكون مقاطع الفيديو وروايات شهود العيان مفبركة أو مبالغا فيها، لكن الوثائق التي قدمتها منظمات حقوق الإنسان حول أحداث العنف في درعا تثبت صحتها. وقد غادر أيضا مروان، وهو طالب من درعا، المدينة مؤخرا متجها إلى دمشق. وقال مروان «أتى ضباط الأمن إلى منزل أسرتي بحثا عني الأسبوع الماضي. وأخبرهم والدي بأنني في بيروت للدراسة. وكانوا يتعقبونني لأنه كان قد ألقي القبض على صديق أختي الذي أدلى باسمي على أنني صديقه». ويختبئ مروان الآن بين أصدقائه في العاصمة السورية. وذكر عامر، وهو طالب من درعا عمره 22 عاما يدرس القانون، أنه لا يعلم ما إذا كان يجب أن يكون مفعما بالأمل أم يستسلم لمشاعر اليأس بشأن الطريق الذي تسير فيه بلده. وقال عامر «نأمل لو كان وضعنا كالوضع في ليبيا. فعلى الأقل، هم يتمتعون بقدر من الحرية. إننا خائفون، لكنني أعتقد أنه لا سبيل للتراجع الآن عن موقفنا المناهض للنظام السوري».