لأول مرة منذ بداية الصراع العربي ـ الإسرائيلي العنف يندلع على الحدود

دعوات تبناها ناشطو «الفيس بوك» ساهمت في انتشارها

TT

بدأ التحضير «للزحف» السلمي إلى الحدود الإسرائيلية، قبل نحو شهرين، عندما دعا ناشطون فلسطينيون على «فيس بوك» إلى زحف الملايين من اللاجئين الفلسطينيين، أينما كانوا، في منتصف شهر مايو (أيار) المقبل، ذكرى النكبة 63))، إلى إسرائيل تحت عنوان «العودة إلى الديار». وتعتبر ظاهرة اندلاع العنف على الحدود الإسرائيلية، الأولى من نوعها منذ بداية الصراع الإسرائيلي - العربي أما كيف جاءت الفكرة، فإنها في حقيقة الأمر، كانت فكرة العقيد الليبي معمر القذافي، الذي استلهم بدوره الفكرة من الثورات العربية التي نجحت في الإطاحة بزعماء أمضوا أكثر من 30 عاما على سدة الحكم قبل أن يدرك أن هذه الثورات ستصل إلى عقر بيته.

وكان القذافي الذي يواجه ثورة في بلاده لإسقاطه دعا قبل هذه الثورة إلى استغلال الثورات الحالية وطلب من الملايين من أبناء الشعب الفلسطيني الموجودين في المهجر في مختلف أنحاء العالم، العودة إلى أرضهم فلسطين عبر البر والبحر ومحاصرة الحدود والشواطئ الفلسطينية، في محاولة سلمية إلى لفت أنظار العالم إلى قضيتهم، وإجباره على إيجاد حل نهائي لقضية الشعب الفلسطيني.

وأضاف القذافي في جلسة مع أنصاره قبل بدء الثورة في بلاده: «يجب على الملايين من الفلسطينيين الموجودين في ليبيا ومصر والأردن ولبنان وسوريا وفي كل البلاد العربية وغيرها الزحف نحو فلسطين وهم يرفعون غصن الزيتون، ودون سلاح، نحو أرضهم التي طردوا منها، وأن يعسكروا على حدود فلسطين في حال تم منعهم من قبل الإسرائيليين من دخول أرضهم».

وفعلا لاقت الفكرة تفاعلا فلسطينيا كبيرا، وتبناها ناشطو «فيس بوك»، ومن ثم منظمات وهيئات وفصائل فلسطينية، دعوا إلى زحف الملايين من اللاجئين الفلسطينيين والمتضامنين الدوليين من كل الاتجاهات.. من غزة والضفة وفلسطين الداخل ولبنان والأردن وسوريا وسيناء والبحر في مسيرة سلمية تنادي بالعودة.

وحتى الأمس، لم يكن معروفا إلى أي حد يمكن أن تنجح الفكرة، وكان الفلسطينيون أنفسهم منقسمين حولها، وهناك من دعم بقوة وبذل جهدا كبيرا لإنجاح الفكرة، وهناك من كان يعارضها ويرى أنها تحمل محاذير كثيرة، وهناك من استخف بها، غير أن النتيجة كانت مبهرة، فقد زحف الفلسطينيون إلى الحدود من لبنان وسوريا والأردن ورام الله وغزة.

ويرى الفلسطينيون أن الرسالة وصلت، وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس، في خطاب تلا الأحداث الدامية على الحدود مع سوريا ولبنان وفي غزة والضفة: «إن دماء شهداء إحياء ذكرى النكبة الذكية لن تذهب هدرا، فهي دماء سقطت من أجل حرية شعبنا الفلسطيني وحقوقه». وأضاف، في خطاب تلفزيوني، متوجها للمشاركين في مبادرات وفعاليات إحياء ذكرى النكبة: «تؤكدون بذلك للقاصي والداني أن الحق أقوى من الزمن، وأن إرادة الشعوب أبقى وأقوى من جبروت القوة الغاشمة والاحتلال».

وقالت حركة حماس إن مواجهات الأمس تعتبر نقطة تحول في الصراع، وقالت حركة الجهاد الإسلامي: «إن الرسالة قد وصلت من اللاجئين بأن صبرهم قد نفد، وأنهم سيقودون عودتهم لديارهم بأيديهم، وأنهم ليسوا بانتظار الأمم المتحدة ولا مجلس الأمن». وأكد المحلل السياسي، هاني المصري، لـ«الشرق الأوسط»، إن ما حدث كان مرتبطا، بشكل مباشر برياح الثورة العربية.

وأضاف: «عودة الروح العربية انعكست على الفلسطينيين، ومن المتوقع أن يتواصل ذلك ويكبر.. إذا كان الفلسطينيون سباقين إلى الثورات، فكيف لا يلتحقون بها؟!».