الفلسطينيون يحتفظون بـ«كواشين» الأرض التي شردوا منها

بعد 63 عاما على النكبة

TT

كما كانت عليه الأمور في الموعد نفسه من كل عام، أحضر ماجد أبو عواد، 22 عاما، مجموعة الوثائق ليضعها أمام جدته «زايدة»، لتمسك بها مجددا يوم الأحد، الذي يوافق حول الذكرى الثالثة والستين للنكبة الفلسطينية.

فهذه العجوز الثمانينية تصر، رغم فقدانها بصرها، على الإمساك بهذه الأوراق التي صدرت في مارس (آذار) عام 1908 عن الإدارة التركية في مدينة بئر السبع والتي تؤكد ملكية عائلتها 1500 دونم من الأراضي التي تقع في محيط المدينة. لقد تحول لون الوثائق التي تطلق عليها العجوز «الكواشين» للأصفر، ومع ذلك، فإن عائلة «أبو عواد» تحافظ عليها، لتؤكد ملكيتها هذه الأرض، رغم مرور عشرات السنين على قيام العصابات الصهيونية بسرقتها. ما لا تعرفه «زايدة» أن الأرض التي تحتفظ بالوثائق المتعلقة بها قد أقيمت عليها مستوطنة يقطنها حاليا يهود هاجروا من فرنسا، وهم متخصصون في زراعة العنب وإنتاج النبيذ. كثير من العائلات الفلسطينية ما زالت تحتفظ بـ« الكواشين» وتؤمن بأنه سيأتي اليوم الذي تستعيد فيه حقوقها وأرضها. حسن رمضان، 79 عاما، الذي يقطن حاليا مدينة دير البلح، وسط القطاع، قال لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يزال يذكر كل شبر في قريته حمامة، الواقعة جنوب فلسطين، التي أقامت إسرائيل على أنقاضها قاعدة حتسريم، إحدى كبريات قواعد سلاح الجو الإسرائيلي. وأضاف: «قد أموت قبل أن أعود لحمامة، لكنني على يقين من أنه إن لم يعد أبنائي وأحفادي، فسيعود حتما أبناؤهم أو أحفادهم. هذه حقوق لن نفرط فيها».

حسن العماد فر مع عائلته من قريته بربرة عندما شرعت العصابات الصهيونية في إطلاق النار بشكل عشوائي على مسجد القرية أثناء تجمع الناس لصلاة الظهر في الخامس عشر من مارس 1948. كان حسن، الذي يقطن حاليا مخيم المغازي للاجئين، وسط القطاع، يبلغ السابعة من العمر، وهو لا يزال يذكر جثث ثلاثة من أبناء الجيران الذين كان يلهو معهم وقد اخترقتها رصاصات الصهاينة على مدخل مسجد القرية. وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه قد أخذ عهدا من أبنائه الخمسة وأحفاده الثلاثين بأن يبذلوا كل ما في وسعهم من أجل أن يأتي اليوم الذي تتحرر فيه بربرة.

طلاب المدارس الفلسطينية كانوا على موعد صباح الأحد مع فعاليات عديدة لإحياء ذكرى النكبة. بالنسبة لفلسطينيي 48، الذين تمكنوا من الثبات على أرضهم، ولم تنجح العصابات الصهيونية في تهجيرهم عنها، فقد شرعوا هذا العام في فعاليات غير مسبوقة إحياء لذكرى النكبة. وإحدى أهم هذه الفعاليات هو تنظيم مسيرات شبابية للقرى الفلسطينية التي قامت العصابات الصهيونية بتدميرها عشية حرب عام 1948. إحدى هذه المسيرات اتجهت إلى قريتي الدامون والرويس، اللتان دمرتا عشية الحرب، وتم طرد الأهالي منهما إلى لبنان. ومن المنتظر أن تقوم «لجنة المتابعة العربية»، وهي الإطار القيادي الذي يتوحد تحته فلسطينيو 48، بسلسلة من الفعاليات حتى نهاية الأسبوع. وضمن هذه الفعاليات، القيام بحملات لتأهيل المقابر والمساجد التي ظلت قائمة وسط أنقاض القرى والبلدات المدمرة. المساجد التي تتم إعادة تأهيلها، يحرص الشباب الفلسطيني على أداء صلاة الجمعة فيها كل أسبوع.