منصور حسن لـ: 3 مجموعات تعمل ضمن الثورة المضادة.. والفتنة الطائفية أخطر ما يهدد مستقبل مصر

الوزير الأشهر في عصر السادات: أكثر ما يؤلم مبارك إحالته للتحقيقات ودخول أسرته السجن

منصور حسن (تصوير: عبد الله السويسي)
TT

أشيع أنه كان الأقرب لمنصب نائب رئيس الجمهورية في عهد الرئيس المصري الراحل أنور السادات، حتى آخر لحظة، وأن الرئيس السابق حسني مبارك ما كان له أن يكون رئيسا لمصر منذ عام 1981، لو لم يتم إخراج منصور حسن من عمله في الحكومة والرئاسة في ذلك الوقت. وتحدث منصور حسن في حوار مع «الشرق الأوسط» في القاهرة عن فترة عمله التي اقترب فيها من مبارك أيام عمل الأخير نائبا للسادات، قائلا إنه من معرفته بالرئيس السابق، فإنه أكثر ما يؤلم مبارك هو إحالته للتحقيقات ودخول نجليه السجن، بالنظر إلى كونها عائلة «مترابطة أسريا جدا».

وطوال فترة رئاسة مبارك، الذي أطاحت بحكمه احتجاجات شعبية ضخمة عرفت باسم «ثورة 25 يناير/كانون الثاني»، ظل منصور حسن بعيدا عن الأضواء، حتى بدأ اسمه يعود مجددا مطلع هذا العام إلى الساحة السياسية المصرية. وقال عن الوضع الراهن في بلاده إن الفتنة الطائفية أخطر ما يهدد مستقبل مصر، وإن مشكلات الأقباط (مسيحيي مصر) في عهد مبارك كانت تحل بطريقة فيها تراخ، وإن الرئيس السابق لم يكن يميل للمواجهة ولا المخاطرة باتخاذ قرارات صارمة، ولم يصدق أن الشباب يمكن أن يغيروا البلد.

وتطرق حسن إلى فترة مشاركته في تأسيس «الحزب الوطني» (المنحل، الحاكم سابقا)، وأشار إلى أن هناك مجموعات تعمل ضمن الثورة المضادة في الوقت الحالي في البلاد، عرفها بأنهم من رجال الأعمال المقربين من النظام السابق، والمهنيين ممن كانوا قد بدأوا في الانضمام إلى لجنة السياسات في الحزب الوطني، وأعضاء بمجلس الشعب الذين قال إن نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة زورت لأجلهم.. وإلى تفاصيل الحوار.

* ما صحة ما تردد عن نيتك بالدخول في سباق الترشح للرئاسة؟

- طلب هذا الأمر (لأول مرة) قبل قيام الثورة مع فتح باب الترشح وتعديل الدستور ولكن في الواقع أن المادة 76 ما كانت لتسمح بترشح أي أحد وقتها لأنها كانت معدة تحديدا لأجل أن يتولى الحكم جمال مبارك، وبعد الثورة أعيد طرح الموضوع مرة أخرى ولكنني شاهدت الأسماء المرشحة على الساحة، وأعتقد أن من بينهم من يستطيع تولي هذا المنصب بكفاءة، وهما عمرو موسى، ومحمد البرادعي. ولهذا فلن أزاحمهما في المنافسة، فهما الأفضل.

* هل انسحابك من الائتلاف الذي شكله «حزب الوفد» منذ نحو ثلاثة أشهر كان بنية إيجاد فرصة للظهور على الساحة السياسية بشكل مختلف؟

- لا.. أبدا، ولكن هذا الائتلاف تكون عقب الثورة مباشرة، ولقد رفضت الانضمام لسببين هما، أولا: أنهم أعلنوا اسمي صراحة للرأي العام دون إبلاغي أو أخذ موافقتي. ثانيا: البيان الصادر عنهم وردت به جملة «ولن نسمح بأن يتحدث أحد باسمنا» في إشارة إلى الدكتور البرادعي وقتها، وهذا يعني أن الائتلاف ولد في حالة انشقاق وهذا أمر غير مقبول بالنسبة إليّ.

* ولماذا لم تنضم إلى أي حزب سياسي على مدار العقود الماضية منذ اعتزالك العمل الرسمي؟

- لأن الحياة الحزبية في مصر قبيل الثورة كانت مهمشة تماما، والحزب الذي كان يحاول أن يقوم وينشئ له قاعدة شعبية ويؤدي أداء فاعلا يفجرونه من الداخل، وهذا ما حدث مع «حزب الغد» لأيمن نور و«حزب الشعب» للراحل إبراهيم شكري، وكذلك «حزب الأحرار».. إذن تعامل النظام (السابق) مع الأحزاب المعارضة كان واضحا تماما ولم تكن هناك جدوى من الانضمام إلى أي حزب.

* لكن ما بعد الثورة أصبح حال الأحزاب مختلفا وأصبحت قادرة على العمل بحرية؟

- معظم الأحزاب الجديدة أحزاب وليدة ولم تتحدد توجهاتها وبرامجها بشكل واضح حتى الآن، ولذلك لا يمكن أن أقرر إذا ما كان يمكن أن أنضم إلى أحدها أم لا، ولكن يمكن القول إن علاقتي بكل أطراف المعارضة في مصر ومن أيام السادات جيدة جدا، وأعتقد أن الأمر في النهاية سيكون هو ألا أنضم إلى أي حزب، وذلك حتى لا أخسر أي طرف منهم.

* في رأيك، لماذا اندلعت نيران الفتنة الطائفية في مصر بهذا الشكل؟

- أعتبر أن المجالس العرفية هي السبب الحقيقي في اندلاع الفتنة الطائفية، وهي للأسف ليست جديدة بل كانت موجودة منذ أيام السادات وتحديدا أحداث الزاوية الحمراء في يونيو (حزيران) عام 1981، وهي الأحداث التي أدت إلى اعتقالات سبتمبر (أيلول) لاحقا من خلال محاولة السادات مواجهة الفتنة الطائفية، فقام باعتقال أطراف هذه الفتنة من مسلمين ومسيحيين وبعض السياسيين الذين كانوا يستغلون هذه الأحداث في إثارة المزيد من البلبلة من خلال الرأي العام، وقد كان تصرفا غير صحيح من وجهة نظري، وتحديدا اعتقال السياسيين، فهو الذي أوصلنا بعد ذلك بكل أسف إلى حادث المنصة والاغتيال!

* ولماذا لم ينجح مبارك في الحل الجذري للملف الطائفي؟

- مبارك لم يكن بطبيعته الرجل المناسب لمعالجة مثل هذه القضايا الحساسة، فعلى الرغم من كونه رجلا عسكريا، فإنه لا يميل إلى المواجهة ولا يميل إلى المخاطرة باتخاذ قرارات صارمة، فهو لم يكن مثل السادات في القدرة على المواجهة.

* المصريون كانوا يدا واحدة في «ثورة 25 يناير»، فما تفسيرك لما يحدث الآن من فتن؟

- المصريون معروفون بأنهم يد واحدة في الملمات والأزمات الكبرى. والأقباط مع المسلمين في مصر نسيج واحد منذ دخول الإسلام إلى مصر، ويكفي أن الأقباط في مصر هم الأقلية الوحيدة في العالم غير المهجرة، أي إنها ليست أقلية وافدة من الخارج، وهذا التلاحم ظهر في أيام الثورة وظهر في الحروب كلها التي خاضتها مصر، ولكن ما يحدث الآن هو نتيجة لتفاقم الحلول الخاطئة للمشكلات التي كانت تظهر بين المسلمين والمسيحيين وليس بشكل جذري.. (مثلا) شيخ يقبل قسيسا وانتهى الأمر، وتسوى المشكلة بعد ذلك دون عقاب حقيقي لأي من الطرفين من خلال القانون. لقد كانت مشكلات الأقباط في مصر تعالج بطريقة فيها الكثير من التراخي، وليس من خلال عقوبات رادعة تجرم التمييز على أساس الدين.

* ولكن هناك مواد في قانون العقوبات تجرم هذا التمييز الديني؟

- ليس المهم سن القانون، بل الحزم في تطبيقه. وللأسف هذا لم يكن موجودا، وبالتالي لم يحسم الملف الطائفي في مصر على مدار العقود الماضية.

* ما الذي تحقق لمصر في عهد مبارك؟ وما الذي أضاعه حكمه منها منذ قيام «ثورة 23 يوليو/ حزيران» 1952، وحتى تنحيه يوم 11 فبراير (شباط) 2011؟

- أعتذر عن عدم الإجابة عن هذا السؤال مع كامل احترامي لكم.

* ما هو أهم حصاد «ثورة 25 يناير» بعد مرور ما يزيد على 100 يوم عليها؟

- إنها معجزة بكل المقاييس، ولي أن أقول إن المصريين أذهلوا العالم بحالة الحراك المفاجئ بعد أن عرف عن الشعب حالة الركود التي عاشها غصبا عنه على مدار سنوات طويلة، فالطبقات المحرومة كانت تزداد فقرا، وسياسيا كان القهر السياسي هو السائد، والتوريث هو البديل الوحيد لغياب مبارك، وكل حركات التغيير كانت محدودة ويتم التنكيل بها، والانتخابات والاستفتاءات التي كانت دوما مزورة، فأن يتحدى الملايين كل هذا القهر والتنكيل فجأة، فهذا أهم إنجازات الثورة.. خروج المارد المصري من قممه.. وأننا لسنا معاقين سياسيا. والأهم أن التغيير جاء من داخل الشعب وليس من خلال انقلاب عسكري للجيش كما هو متعارف عليه في تغيير أي نظم سياسية.

* في رأيك، من هم فلول النظام السابق الذين (يقال إنهم) يحاولون إفساد الثورة؟

- 3 مجموعات: مجموعة رجال الأعمال المقربين من النظام السابق والمستفيدين من بقائه بأي شكل، حيث كان عصر مبارك هو العصر الذهبي لتكوين ثرواتهم. مجموعة من المهنيين وأساتذة الجامعات والمهندسين ممن (كانوا قد) بدأوا في الانضمام إلى لجنة السياسات في الحزب الوطني، وكانت لهم مطامع لاحقة في الوصول إلى كرسي الوزارة. مجموعة أعضاء مجلس الشعب الذين زورت لأجلهم نتائج الانتخابات الأخيرة، وهؤلاء منتشرون في جميع أنحاء الجمهورية.

* إذا ما قارنا أداء السادات في الانتفاضة (الشعبية) عام 1977، وأداء مبارك في ثورة 2011 ماذا نقول؟

- انتفاضة 1977 لم تكن انتفاضة «حرامية» كما أشيع ولكن السادات سماها كذلك لأنها كانت ضده، بينما هي قامت من أسوان إلى الإسكندرية وهي شبيهة للغاية بـ«ثورة 25 يناير» 2011، فالناس كانت سنة 1977 معترضة على ارتفاع الأسعار التي زادت فجأة بين 50 في المائة و30 في المائة وخرجت (الجماهير) للشارع للتعبير عن غضبها والحشود كانت تزيد، ولكن سرعة تصرف السادات هي من أنقذته وأنقذت نظامه وقتها، حينما ألغى فورا هذه الزيادة وبالتالي لم تعد هناك قضية يتجمع حولها الناس. ولكن هنا نجد بطء تصرف مبارك، بعد 4 أيام كاملة، وعدم تصديقه أن «قليلا من الأولاد» يمكن أن يعملوا شيئا يصل إلى ما وصل إليه الوضع الآن.. يضاف إلى ذلك أن نزول الجيش كان داعما قويا لهذه الثورة لأن من مبادئه ألا يضرب النار على مواطنين مصريين، فالاستهتار العام بالموقف كان فرقا أساسيا ما بين رد فعل مبارك والسادات.

* ينظر البعض إلى تعيين مبارك في ساعاته الأخيرة لعمر سليمان كنائب له كان مجرد خدعة، ما رأيك؟

- 90 في المائة من الناس استراحت بعد هذا التعيين وقالوا إن الأمور ستسير في إطار سلمي لتسليم السلطة مع نهاية فترة تولي مبارك الرسمية، ولكن «موقعة الجمل» التي حدثت في اليوم التالي، قلبت الأمور رأسا على عقب مرة أخرى وشعر المصريون أن مبارك يلعب بهم. وتعيين عمر سليمان لم يكن خدعة، فقد كان سليمان من أقرب المقربين له في النظام، لكنه كان تنازلا (من مبارك) حاول به التصالح مع الثورة، ولكن سرعان ما سحب هذا التنازل مرة أخرى من خلال خطابه في اليوم التالي الذي أكد فيه على أنه باق بكل قوته.

* هل «موقعة الجمل» كانت نقطة فاصلة في الثورة؟

- طبعا، للأمانة الإخوان المسلمون هم من تصدوا بكل قوة وثبات لهذه الموقعة، حيث كان من مصلحتهم أن تستمر الثورة فضلا عن أنهم مدربون تدريبا عاليا يمكنهم من خلاله التعامل مع مثل هذه المواقف الطارئة فجاءوا من خارج الميدان ونظموا صفوفهم واستطاعوا التصدي لأعمال البلطجة في هذه الموقعة، كما أن ردود فعل مبارك وأعوانه من خلال هذه الموقعة جعلت الثورة تسير في مسارها بشكل أكبر ومتسارع بسبب استفزاز الناس المستمر.

* عملت مع السادات 3 سنوات كان فيها مبارك نائبا للرئيس، ما هي أصعب لحظة يعيشها مبارك اليوم بحكم تكوينه الشخصي؟

- المشهد مركب في صعوبته، لكني أعتقد أن أكثر ما يؤلمه بحكم تكوينه الشخصي ثلاثة أمور، الأول: أنه لن يصدق أنه في يوم وليلة كان رئيسا شبه مؤله في الصباح وفي المساء.. لم يعد كذلك. أما الأمر الثاني: فهو أن رجال الجيش وهم رجاله وهو الذي عينهم، وكان قائدا أعلى لهم، لم يقفوا معه ضد الشعب. ثالثا: أنه يتعرض للتحقيق مع النائب العام بتهمة السرقة وأعتقد أنه تخيل أن الجيش كان عليه أن يمنع ذلك بطريقة ما. يضاف إلى ذلك دخول نجليه السجن لأنهم كانوا عائلة مترابطة أسريا جدا.

* منذ إنشاء «الحزب الوطني» عام 1978، وحله عام 2011، كيف تصف قصة الصعود ثم الوصول إلى الهاوية، وقد كنت من أهم مؤسسيه؟

- اكتشفت مع الأشهر الأولى لتكوين الحزب أنه لا أمل فيه، فقد ولد مشوها لأنه جاء من رحم السلطة، على الرغم من أن السادات أعطاني الفرصة، فالصراع في مواقع السلطة صراع عنيف وبطبيعتي لم أكن أميل إلى الدخول في تلك الصراعات، فضلا عن أن انضمام الناس إليه ليس عن قناعة، بل لأنه يمثل السلطة، والناس تحاول التقرب إليها من خلال حزبها، أي إن الانتهازية هي سيدة الموقف في الانضمام إلى هذا الحزب، إذن نحن سنتعامل لاحقا مع كائن هلامي داخله أجوف لا يقوم على حقائق متعلقة بالعمل الحزبي وانتخابات نزيهة وأداء في الشارع. وعلى مدار السنوات الثلاث والثلاثين كانت النهاية واضحة تماما، لهذا لم أستغرب وقت أن تم إحراق مقرات الحزب مع قيام الثورة، لأنه لم يكن كيانا حقيقيا من البداية.

* هل عرضت عليك رئاسة «الحزب الوطني» بعد الثورة؟

- نعم. بعد إقالة صفوت الشريف (من أمانة الحزب) كلمني (القيادي في الحزب) محمد رجب وقال: أنت ممن أسسوا الحزب ونريدك أن ترأسه. ولكني رفضت وقلت له: أنت تقول ارأس الحزب ونحن نستعد لتكفينه ودفنه بعد موته!

* ما كواليس لقائك مع ملك الأردن الراحل الملك حسين حين طلب منك مبارك إقناعه بعودة العلاقات المصرية - الأردنية؟

- كان ذلك عام 1982، وقد كنت خرجت من الحياة العامة سنة 1981 قبل اغتيال السادات، لكن مبارك طلب مني هذا الأمر بحكم أن الملك حسين كان صديقي من أيام زمالتي له في مدرسة «فيكتوريا كوليدج» بالإسكندرية، وبالفعل ذهبت إليه وطلبت منه استئناف العلاقة مع مصر لأن هذه القطيعة لا يستفيد منها إلا إسرائيل، وأشرت إليه بأن السادات كان يواجه مفاوضات صعبة جدا وقطيعة العرب له جعلت الموقف أكثر صعوبة لأنكم «قفلتم عليه الباب» ولم يكن أمامه إلا أن يستمر بعدما لم يجد أحدا يشاوره. والشعب المصري لن يستطيع أن يتحمل هذه القطيعة لفترة طويلة مع العرب، وبالفعل اقتنع الملك حسين وأعاد العلاقات المصرية - الأردنية، وقد كانت آخر مرة أرى فيها مبارك أو أشارك في أي عمل رسمي.

* هل كانت له شروط محددة لاستئناف العلاقات المصرية - الأردنية من جديد؟

- لا.. لم يحدث. لقد كان يتمتع بنبل هاشمي كعادتهم، حيث لم يكن هناك أي شروط على مصر لاستئناف العلاقات مرة أخرى.

* اعتبرك البعض ذراع السادات اليمنى حين عملت معه، وقام بتصعيدك خلال فترة ثلاثة أشهر فقط من معرفته بك إلى منصب وزير الإعلام والثقافة ومسؤول شؤون رئاسة الجمهورية، وفجأة خرجت في تعديل وزاري لم يشمل أحدا سواك، ما السبب الحقيقي؟

- أصنف مرحلة السادات إلى 3 مراحل: مرحلة الانطلاق في طريق الديمقراطية منذ توليه (الحكم) في عام 1970 حتى يناير عام 1977، وانتفاضة الشعب، من يناير عام 1977 وحتى بداية الثمانينات، وهي مرحلة التردد على طريق الديمقراطية، ولم يعد متحمسا لها مثل البداية، ومرحلة الحسم، وهي المرحلة التي واجه فيها المعارضة بعنف وتحديدا في مايو (أيار) 1981 وصولا إلى اعتقالات سبتمبر (أيلول) 1981، وفي هذه المرحلة تحديدا بدأت أشعر بأننا في مفترق طرق في التفكير، وقد ظهر هذا في اعتراضي على تحويل نقابة الصحافيين إلى ناد اجتماعي ووصل مداه إلى رفضي لاعتقالات سبتمبر، ومن ثم تم بعدها إقالتي. وقد أبلغني السادات وقتها بالقرار قبيل إذاعته للرأي العام وقد كانت شهادة حق في حقي لبيان موقفي من اعتقالات سبتمبر.

* هل صحيح أن مبارك قدم استقالته كنائب للرئيس بسببك، عقب صدور قرار بمنحك اختصاص عرض البريد الخاص برئاسة الجمهورية على السادات؟

- لم يقدم استقالته، ولكنه «زعل» وقتها وطلب وساطة من أحد أفراد عائلة السادات المقربين لكي يصلح مبارك على السادات، حيث شعر مبارك بأن هذا القرار اتخذ لموقف خاص بالسادات منه، وسيسحب الأمور من بين يديه، وبالفعل اصطلح مبارك والسادات وأصبح القرار مجرد حبر على ورق لاحقا.

* هل صحيح أنك كنت مرشحا كنائب لرئيس الجمهورية بدلا من مبارك قبيل اغتيال السادات؟

- بشكل رسمي لم يحدث، ولكنني كنت أسمع الناس تتكلم عن هذا الأمر، ولكن الشيء الوحيد الذي سمعته رسميا من مبارك ومن جيهان السادات وقتها هو ترشحي لكي أصبح رئيسا للوزراء وكان عمري وقتها 41 سنة فقط.

* قيل أيضا إن جيهان السادات كانت تخطط لتصعيدك إلى منصب نائب الرئيس لتصبح فرصتك لخلافة السادات أقرب، ما تعليقك؟

- لم يحدث بالمرة، ولكن جيهان كانت أكبر داعم لزوجها، وكانت ترى في شخصي مدى الحرص على السادات. كانت تتكلم عني بشكل طيب، لكنها لم تكن تتدخل قط في أي شيء يتعلق بالسياسة أو بقرارات السادات.

* هل صحيح أن صورتك التي نشرت على غلاف مجلة «الحوادث» اللبنانية تحت عنوان «الرجل القادم في مصر» تسببت في إبعادك عن العمل في الرئاسة، وأن صفوت الشريف كان له دور في ذلك؟

- نعم.. نشرت المجلة هذا الغلاف، ولكن لم يكن سببا في خروجي من الرئاسة وقتها أو من الوزارة. وصفوت الشريف كان رئيس هيئة الاستعلامات (وقتها)، فكيف له أن يتحكم في مصير وزير الإعلام. وما نشر عن هذا الموضوع كان مجرد تخمين.

* ألم يتسبب ما نشرته المجلة في لفت الانتباه إليك من الآخرين؟

- مما لا شك فيه طبعا.. هذا الغلاف وأشياء أخرى، خاصة كلام الناس حول ترشيحهم لي بأنني قد أكون نائبا للسادات، وقد كنت أسمع هذا الكلام بنفسي لكنني لم أرشح رسميا لهذا المنصب.

* يردد البعض أن مبارك سخر منك بعد خروجك من السلطة، وقال لك «عشان ما تبقاش تلعب معايا (حتى لا تلعب معي مرة أخرى)»! - لا، لم يحدث بالمرة.

* لماذا حرمت الرأي العام من ظهورك طوال ربع قرن؟

- لأنني لم أرد أي مواجهات مع مبارك من أي نوع من خلال إعطائه فرصة يمكن أن يمسكها عليّ.

* منصور حسن.. في سطور - ولد في مدينة أبو كبير بمحافظة الشرقية في 10 فبراير (شباط) عام 1937 لأسرة ريفية متوسطة، وهو أكبر الأبناء.

- تعلم في مدرسة الروضة الابتدائية بأبو كبير، وقرر والده أن يرسله للدراسة في كلية فيكتوريا بالإسكندرية، ثم سافر إلى لندن لمدة عام ليحصل على شهادة تؤهله لدخول الجامعة وعاد ليدرس العلوم السياسية في كلية التجارة بجامعة القاهرة.

- أصبح وزير شؤون رئاسة الجمهورية، ووزير الإعلام المصري في عهد الرئيس الراحل أنور السادات.

- على الرغم من قربه من السادات، عارضه بشده، خاصة في حملة اعتقالات سبتمبر (أيلول) الشهيرة، مما كان سببا في توتر العلاقة بينهما، الأمر الذي أدى إلى تقليص وجوده السياسي آخر أيام السادات ليقتصر على دوره البرلماني.

- آثر حسن الصمت بعد خروجه من السلطة، وظل مبتعدا عن وسائل الإعلام لفترة طويلة، لكنه بدأ في الحديث قليلا في السنوات الأخيرة، خاصة بعد طرح اسمه كمرشح لرئاسة الجمهورية منذ عام 2009.

- قال عنه الدكتور علي السمان في مذكراته «أوراق عمري»: «من الصعب أن أتكلم عن الإعلام المصري من دون أن تكون لي وقفة خاصة مع الوزير الأسبق منصور حسن، خصوصا أن هذا الرجل جاء لمنصبه بفكر شاب وأسلوب قائم على الحوار والنقاش والإقناع، وكان مختلفا بشكله ومظهره ومضمونه».

* وحدة أبحاث «الشرق الأوسط»