اليمن: أمين عام «التعاون» يبذل محاولاته الأخيرة لاحتواء الموقف في اليمن

الصوفي: الرئيس قبل المبادرة دون شروط.. وقحطان: زيارة الزياني «مكرسة للطرف الرافض»

TT

يواصل أمين عام مجلس التعاون الخليجي، الدكتور عبد اللطيف الزياني، مشاوراته مع الأطراف اليمنية في السلطة والمعارضة بشأن المبادرة الخليجية، في ظل ضبابية تسود نتائج مشاوراته، في حين تتواصل المظاهرات المطالبة بتنحي الرئيس علي عبد الله صالح عن الحكم، التي ترفض المبادرة الخليجية وأي مبادرة أخرى لا تنص على التنحي الفوري لصالح.

وتجري مشاورات الزياني في ظل تعتيم إعلامي رسمي يمني عن مضامين اللقاءات التي يجريها والمقترحات التي تلقاها، وكذلك النتائج التي توصل إليها، حتى اللحظة، حيث تجاهل الإعلام الرسمي نشاطه واكتفى بخبر وصوله، قبل يومين، فقط، كما أن المعارضة، وفي أحدث بياناتها، تجاهلت تماما الإشارة إلى المبادرة الخليجية وزيارة الزياني، واكتفت بالإشارة إلى أنها تقف إلى جانب خيارات «شباب الثورة»، وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة في صنعاء أن أمين عام مجلس التعاون الخليجي أجرى سلسلة لقاءات جديدة بشخصيات في السلطة والمعارضة، بغية بلورة رؤية جديدة وصيغة مقبولة للمبادرة من قبل الطرفين من أجل التوقيع عليها، وحسب تسريبات إعلامية فإن الرئيس علي عبد الله صالح وافق على التوقيع على المبادرة، غير أن المراقبين يشككون في إمكانية نجاح المسؤول الخليجي في حلحلة الوضع الراهن في اليمن، خصوصا في ظل تنامي الاحتجاجات الشعبية في الشارع والأصوات المرتفعة التي تطالب بتصعيد الاحتجاجات لحسم مسألة إسقاط نظام صالح.

وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن الزياني يمر بوقت عصيب، حيث من المفترض أن ينجح في أول مهمة إقليمية له منذ تعيينه في هذا المنصب، خصوصا أن قادة دول مجلس التعاون الخليجي، حسب المصادر ذاتها، طلبوا منه عدم العودة من صنعاء إلا بموقف واضح لا يقبل القسمة على اثنين، أي إما الموافقة على المبادرة أو رفضها وإعلان فشلها، وكانت مصادر دبلوماسية خليجية في صنعاء قالت لـ«الشرق الأوسط» إن زيارة الزياني إذا فشلت، فقد تكون الأخيرة له إلى اليمن بهذا الخصوص.

وفي اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» في لندن قال أحمد عبد الله الصوفي، سكرتير رئيس الجمهورية للشؤون الإعلامية، في معرض رده عن وجود اشتراطات جديدة للرئيس صالح ضمن المبادرة الخليجية: «ليس لدى رئيس الجمهورية أي اشتراطات جديدة وهو يقبل بالمبادرة الخليجية، وقد أعلن ذلك مرارا، غير أن هناك مطالب يضعها المؤتمر الشعبي العام تتعلق بالآليات المساعدة لتنفيذ المبادرة، حيث يطالب المؤتمر الشعبي العام بأن تكون الآليات التنفيذية مصاحبة للاتفاق، حتى يكون من السهل تطبيقه وحتى لا يتحول الاتفاق من سبب للحل إلى جزء من المشكلة مما يفاقم الأزمة الحاصلة في البلاد»، وأضاف الصوفي: «نحن نطالب إخوتنا في مجلس التعاون بتقديم حلول متكاملة للأزمة وربط المسائل ببعضها حتى لا ندخل بعد ذلك في دوامة من التأويلات حال التنفيذ»، وفي رده على سؤال حول مدى إمكانية نجاح المبادرة الخليجية، قال الصوفي: «نحن عمليا اعتدنا على أن لا نصدق ما تقوله أحزاب اللقاء المشترك، فهي تكابر وتعلن أنها لن تلتقي المبعوث الخليجي، ثم تعود عن كلامها وتلتقي به.. لقد تعبنا من أساليب أحزاب اللقاء المشترك، والآن نترك الأشقاء لكي يعرفوا ويدركوا بأنفسهم ماذا نعاني نحن من هذه الأحزاب التي ليس لها رأي واحد يمكن الركون إليه، وفي ظل تعنت هذه الأحزاب وإطلاقها وصف (ميتة) على هذه المبادرة، وفي ظل توتيرها للأوضاع وإطلاقها صافرة المواجهة العنيفة، فإننا نتوقع أن تكون مهمة إقناع هذه الأحزاب بالعدول عن أساليبها المتبعة حيال الأزمة صعبة على الوسيط الخليجي الذي نتمنى أن يوفق لإنجاز مهمته للخروج من الأزمة العاصفة التي تسببت فيها أحزاب اللقاء المشترك».

من جهته، قال محمد قحطان، المتحدث باسم «اللقاء المشترك»، الذي تنضوي تحت لوائه أحزاب المعارضة البرلمانية، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن المعارضة التقت الزياني، أمس، الاثنين، «لكن لا جديد بالنسبة لنا». وقال: «لقد التقينا الزياني، لكن نحن حسمنا أمرنا منذ وقت مبكر، والزيارة مكرسة للطرف الرافض»، في إشارة إلى الرئيس اليمني. وكان قحطان قال في وقت سابق إن المبادرة الخليجية «في حكم الميتة»، وكانت المعارضة قد وافقت على صيغة للمبادرة تنص على تشكيل حكومة وحدة وطنية وتنحي صالح بعد شهر مع حصوله على ضمانات لعدم ملاحقته.

وفي موضوع ذي علاقة، حذر شباب الثورة المواطنين وغيرهم من شراء ممتلكات قيادات في السلطة الحاكمة، يقول الشباب إنها «متورطة في جرائم المتظاهرين»، وذلك في إشارة إلى أن بعض رموز النظام شرعوا في بيع أصولهم وعقاراتهم بغية مغادرة البلاد. وواصل مئات الآلاف من اليمنيين التظاهر للمطالبة بإسقاط نظام الرئيس علي عبد الله صالح، وخرجت جموع حاشدة في مدينة تعز وهي تهتف مطالبة بـ«الحسم»، وعدم الإصغاء إلى أي مبادرات، وفي الحديدة وعدن وحضرموت والبيضاء رفع المتظاهرون شعارات تطالب بـ«الزحف» إلى القصر الرئاسي في صنعاء، في سياق «أسبوع الحسم» الذي أعلنت عنه المنسقية العليا للثورة الشبابية الشعبية السلمية، الذي - بحسب الجدول الزمني - ينتهي اليوم، غير أن المنسقية عادت وتراجعت عن إعلانها وقالت، في بيان صادر عنها، إنه لم يتم تحديد اليوم، الثلاثاء، يوما للزحف وإن ما نشر كان مشروعا للخطوات المقبلة ولم يقر بعد من قبل الائتلافات والكيانات في ساحات التغيير والحرية، وقال البيان إن المشروع ما زال قيد الدراسة والنقاش من قبل الكيانات الثورية.

وفي ظل تعرض المظاهرات وساحات الاعتصام لهجمات قوات الأمن والحرس الجمهوري و«البلطجية»، أعلن عدد من القبائل اليمنية الاستعداد للدفاع عن «شباب الثورة» في ساحات الاعتصام إذا انفجرت الأوضاع ودخلت البلاد في موجة عنف، وجاءت هذه المواقف على لسان بعض مشايخ القبائل التي انضمت اليومين الماضيين إلى «ثورة الشباب» في الكثير من الساحات في المحافظات اليمنية.