رغم مقتل بن لادن.. تهديد «القاعدة» ما زال مستمرا

العولقي يتحلى بصفات زعيم «القاعدة» وملتزم بشن هجمات ضد الغرب

TT

يأتي مقتل أسامة بن لادن تتويجا لحملة مكافحة الإرهاب التي جعلت من الإطاحة بشبكة «القاعدة» هدفها الأسمى. ولكن تنظيم القاعدة قد انتشر بشكل كبير خلال العقد الذي تلا هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، وقام بتوسيع نطاق عمله وتغيير تكتيكاته بالطرق التي تساعده على أن يبقى التهديد الأمني ??الأكثر خطورة على الولايات المتحدة، على الرغم من مقتل قائده.

وكان مسؤولون بارزون في الاستخبارات الأميركية قد أعلنوا عن أن تنظيم القاعدة في اليمن يشكل على الأرجح أكبر تهديد مباشر لمصالح الولايات المتحدة الأميركية، وكان له علاقة بسلسلة من الهجمات التي تم إحباطها، بما في ذلك محاولة تفجير طائرة متجهة إلى ديترويت في يوم عيد الميلاد عام 2009.

ولا يزال أنور العولقي، رجل الدين الأميركي المولد، وأحد قادة «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية، الذي يتحلى ببعض صفات بن لادن كشخصية كاريزمية ملتزما بشن هجمات ضد الولايات المتحدة والغرب.

وقد أقام تنظيم القاعدة علاقات مع الحركات المسلحة في بلدان أخرى، مثل الصومال. وحتى في باكستان التي قتل فيها بن لادن، لعبت الجماعة الإرهابية دورا داعما للجماعات المسلحة الأخرى، بما في ذلك حركة طالبان في أفغانستان - من خلال تقديم الخبرة والإلهام للجماعات القادرة على إحداث التدمير من تلقاء نفسها. واعترف الرئيس أوباما في خطابه الذي أذيع في وقت متأخر من ليلة الأحد بأن وفاة بن لادن لا تمثل نهاية للتهديد تنظيم القاعدة، وقال: «ليس هناك شك في أن تنظيم القاعدة سيواصل الهجمات ضدنا. يجب علينا أن نكون، وسنظل، يقظين في الداخل والخارج».

ووصف مسؤولون وخبراء في مكافحة الإرهاب وفاة بن لادن بمثابة الضربة القاصمة للشبكة الإرهابية التي ساعد على تأسيسها وبنائها. لقد ظل بن لادن، على مدى عشر سنوات تقريبا رمزا للمتطرفين الإسلاميين، فهو الرجل الذي أدمى أقوى دولة في العالم، وكان حتى يوم الأحد كما لو كان قد نجح في الإفلات من المحاولات اليائسة للقبض عليه.

ولكن الخبراء قالوا أيضا إن بن لادن كان في السنوات الأخيرة رمزا أكثر منه فاعلا، وأن الآثار المترتبة على وفاته بالنسبة لتنظيم القاعدة لن تشكل فارقا يذكر. وقال جون ماكلولين، وهو مسؤول محنك في وكالة المخابرات المركزية وشغل منصب المدير المؤقت للوكالة: «إن قطع رأس الحركة لن يقوضها، وستظل المؤسسات التابعة لتنظيم القاعدة تشكل تهديدات. ولكن سيقلل جزءا كبيرا من القوة الملهمة لمركز تنظيم القاعدة».

وقال بول بيلار، وهو مسؤول مخضرم ومتقاعد بوكالة المخابرات المركزية، وشغل منصب ضابط الاستخبارات الوطنية في الشرق الأوسط وجنوب آسيا خلال الفترة من 2000 وحتى 2004: «هناك لا مركزية كبيرة في تنظيم القاعدة، الذي امتد إلى تنظيم القاعدة في اليمن في شبه الجزيرة العربية وتنظيمات أخرى»، وأضاف بيلار أن وفاة بن لادن لن يكون لها تأثير يذكر على التخطيط للهجمات الإرهابية.

وأضاف: «من حيث تنظيم وتوجيه العمليات، فإن معظم التغيير المهم قد حدث بالفعل. كان دور بن لادن لبعض الوقت رمزا ومصدرا للفكر أكثر من كونه محرضا على القيام بالعمليات. وسوف يستمر هذا الدور، سواء كان ميتا أو على قيد الحياة».

وأضاف: «إن وفاة بن لادن سيكون لها أهمية أكبر بكثير في طريقة رد فعلنا نحن في الولايات المتحدة والغرب، وليس على العنف الذي سيستمر عليه الإسلاميون من دون أي اعتبارات أخرى». وأضاف: «معظم الأنشطة ذات الصلة بتنظيم القاعدة في السنوات الأخيرة قد بدأت بعيدا عن المركز، أي على المحيط الخارجي. لقد كان تنظيم القاعدة في اليمن هو المسؤول عن العمليات في السنوات الأخيرة».

ومثله مثل المحللين الآخرين، قال بيلار إنه يتوقع تصاعد العنف الإرهابي على المدى القصير، وأضاف: «أعتقد أن السبب في هذا هو وجود حافز إضافي لإظهار أن الحركة ما زالت نشيطة وتقاوم وأن وفاة الشخصية الأبرز لا تعني وفاة تنظيم القاعدة».

ونتيجة لذلك، من المرجح أن تستمر الولايات المتحدة لبعض الوقت في استخدام نفس الأدوات؛ ضربات جوية عن طريق طائرات من دون طيار، وجهود متعددة لجمع المعلومات الاستخبارية، التي استخدمت لزيادة الضغط على «القاعدة» في باكستان، ولعب دورا حاسما في تحديد مكان بن لادن لأكثر من عقد من الزمان، بعدما أصبح الهدف الرئيسي لوكالة الاستخبارات المركزية.

ويعتقد مسؤولو المخابرات الأميركية أن قيادة تنظيم القاعدة الأساسي في باكستان قد أصبحت مشلولة نتيجة الحملة الضارية لضربات الطائرات بلا طيار، على مدى السنوات الثلاث الماضية.

وكانت إدارة بوش قد أمرت بزيادة عدد غارات الطائرات من دون طيار ضد «القاعدة» وحركة طالبان، وذلك بعد علمها بأن تنظيم القاعدة يعيد بناء بنيته التحتية في منطقة شمال غربي باكستان القبلية، بما في ذلك إقامة معسكرات تدريب جديدة، وزيادة عدد الأعضاء.

وزاد استخدام هجمات الطائرات من دون طيار في فترة حكم الرئيس أوباما، حيث ارتفع عدد مثل هذه الضربات في باكستان من 5 عام 2007 إلى 35 في العام التالي. وفي عام 2010، وصل هذا العدد إلى ما يقرب من 120، حسب ما أعلنه الموقع الإلكتروني لمجلة «لونج وور جورنال».

وفي تقييمه للتهديدات العالمية ضد الولايات المتحدة في فبراير (شباط)، قال جيمس كلابر، مدير الاستخبارات الوطنية، إن الحملة قد «أضعفت القدرات الأساسية لتنظيم القاعدة بشكل كبير، بما في ذلك التدريب على العمليات والدعاية».

وقال مسؤولون أميركيون أنه، على الرغم من أن التنظيم لا يزال قادرا على شن هجمات، فإنه ربما يكون غير قادر على تنظيم هجمات على الغرب على غرار هجمات 11 سبتمبر.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»