منسوب المياه قد يغمر آلاف المنازل في لويزيانا التي يستعد سكانها للهروب

ارتفاع قياسي لمستوى المياه في نهر الميسيسيبي منذ 183 عاما

الطالب الجامعي دونتاي باك: لم يصل نهر الميسيسيبي من قبل إلى هذا الحد («نيويورك تايمز»)
TT

تسبب هطول الأمطار على مدى أسابيع والمياه الناتجة عن ذوبان الجليد في شتاء تساقطت خلاله الثلوج بشكل غير معتاد في ارتفاع منسوب المياه في نهر المسيسبي مما أدى إلى إغراق نحو 3 ملايين فدان من الأراضي الزراعية في ولايات مسيسبي وتنيسي وأركنسو وأعاد إلى الأذهان مقارنات مع فيضانات تاريخية حدثت عامي 1927 و1937، حسب «رويترز».

السبت الماضي، فتح سلاح المهندسين بالجيش الأميركي بوابتين من سلسلة من بوابات لتصريف فائض المياه في مورجانزا على بعد 72 كيلومترا شمال غربي باتون روج عاصمة الولاية ونيو أورليانز ثاني أكبر مدينة ثم فتح بوابتين أخريين.

وهذا الإجراء الذي اتخذ آخر مرة عام 1973 سيصرف المياه الزائدة عن نهر المسيسبي ويدفع بها إلى حوض نهر اتشافالايا مما سيحول المياه نحو منازل ومزارع ومحمية للحياة البرية ومصفاة تكرير نفط صغيرة عند منطقة الحوض لتجنب غرق باتون روج ونيو أورليانز. ويمكن أن يؤثر الإجراء على أراض مساحتها نحو 7770 كيلومترا قد تغمرها مياه ارتفاعها ستة أمتار لعدة أسابيع.

وبينما يمر نهر الميسيسيبي بمدينة فيكسبيرغ على نحو أسرع وبمستوى مياه أعلى عنه منذ 183 عاما مضت، كان دونتاي باك يجلس دون حراك ويحملق في بركة هادئة من المياه يقع عليها منزله. ويلقي رجل يقف بجانب صندوق بريد باك بسنارته في باحة أحد الجيران. وقال باك الطالب الجامعي البالغ من العمر 21 عاما: «لم يصل من قبل إلى هذا الحد. فأقصى حد وصل إليه كان ذلك المنزل البعيد». تقع مدينة فيكسبيرغ على جرف مرتفع حيث لا تصل المياه إلى هناك، ويعد حي كينغز الذي يقطن به باك في شمال المدينة من الأماكن الآمنة التي لا تصل إليها المياه.

كان الحي يوم الأحد، أو بالأحرى أكثر أجزائه، مثل كل الأحياء الأخرى، مليئا بآلات جز العشب وحفلات الشواء ورجال يتحدثون دون أن يتكلموا عن موضوع بعينه. الفرق كان في البحيرة الموحلة التي كانت تزحف على الحي من الخلف. يفصل الاختلاف في مستويات الأرض الذي لم يكن أحد يلاحظه منذ بضعة أسابيع بين المنازل التي تقترب من الخطر لكنها لا تزال جافة وتلك التي غمرها الماء. يقول السكان إن مستوى المياه لم يكن يرتفع بقدر ما كان ينتشر بهدوء. وكان النهر الذي دفع بالمياه إلى هنا يفور بعنف.

بحسب مسؤولين من سلاح المهندسين في الجيش الأميركي، في نحو العاشرة صباح يوم الأحد تجاوز ارتفاع مياه النهر آخر مستوى تم تسجيله خلال فيضان عام 1927، حيث وصل إلى 56.3 قدم أي أعلى من مستوى الفيضان بمقدار 13 قدما وأقل من المستوى المتوقع يوم الخميس بمقدار 1.2 قدم. وكان معدل تدفق مياه النهر نحو 17 مليون غالون في الثانية. ويعد ذلك أعلى معدل يمكن أن يصل إليه النهر في مساره نحو خليج المكسيك.

قد تكون هذه الأرقام محطمة لأعصاب من يسكنون على ضفاف النهر، لكن جلبت نهاية الأسبوع معها بعض الأنباء الطيبة، وهي عدم هبوب عاصفة رعدية وهو ما أدى إلى انخفاض قمة الفيضان عن المتوقع في الجزء المطل على ناتشيز من النهر.

فضلا عن ذلك، من المتوقع أن يؤدي ارتفاع مستوى المياه في الميسيسيبي إلى ارتفاعه في نهر يازو عن مستوى السدود خلال نهاية الأسبوع الحالي، حيث من المتوقع أن يغطي أراضي زراعية مساحتها 285 ألف فدان ويهدد بغرق بعض المدن القلقة. لكن ارتفاع مستوى المياه عن السدود الذي يعد نوعا من صمام الأمان كما هو محدد في هذا النظام لم يحدث بعد.

إذا انخفض مستوى ارتفاع المياه في نهر الميسيسيبي عن المتوقع ببضع بوصات أثناء مروره بفيكسبيرغ، قد لا تفيض المياه عن السدود إطلاقا.

يقول روبرت سيمرال، رئيس هيئة رقابة المياه في منطقة فيكسبيرغ: «لقد بدا الخطر قريبا للغاية». لا يهتم سكان كينغز بمقياس هذه الياردات. في الوقت الذي لا يؤثر فيه مستوى المياه في النهر على الدخل، تتباين عواقب غرق منازل تقدر بملايين الدولارات والمزارع مرتفعة القيمة في كينغز من جراء الفيضان على الفقراء والأغنياء. ويقول باك: «لا يوجد سوى ثلاث أسر لديها تأمين ضد الفيضان في الحي كله». ويسود القلق هنا بشأن ما سوف تأتي به المياه خلال الأسابيع المقبلة. بالطبع يعرف كل شخص هنا في الحي شخصا آخر شاهد تمساحا أو قتل واحدا أو فقد كلبا، لكن القلق الأكبر من الذي يمكن أن يحتل منازلهم إذا أخلوا الحي وعما يمكن أن يفعله أو يأخذه هؤلاء.

كانت حركة المرور بطيئة للغاية في شارع واشنطن بسبب الذين يحملقون ويلتقطون صورا فوتوغرافية لكنيسة قديمة من الطوب بدت وكأنها تمر بطقس التعميد.

تقول توانا بوش، التي تعمل نادلة، 36 عاما، في مطعم «كراكر باريل»، وهي تنظر من الطابق الثالث من منزل عمها: «كم هذا سخيف. هل هذه علامة؟».

يقول جاكسون فلويد البالغ من العمر 49 عاما مقدما مثالا على حتمية خبرها أصحاب الحظ التعس: «نعم إنها علامة تخبرنا بأن وقت الانتقال إلى منزل جديد قد حان».

وأشارت تقارير من لويزيانا إلى أن الكثيرين يحزمون أمتعتهم للفرار قبل اجتياح المياه، والتي ستستغرق أياما ليرتفع منسوبها، غير أنه من المتوقع أن يحاول عدد كبير من سكان المناطق المنخفضة الصمود أمام المياه العالية في بيوتهم.

وتسعى السلطات المحلية وسلطات الولاية إلى المساعدة في عمليات إجلاء السكان الراغبين في مغادرة منازلهم.

وفي بلدات مثل امليا الواقعة على بعد 160 كيلومترا إلى الجنوب من حوض نهر اتشفالايا عملت فرق إنقاذ على مدار الساعة لبناء حواجز طينية وتعزيز أرصفة الموانئ قبل وصول المياه المنتظر أن تغمر المنطقة اليوم الثلاثاء. ويوم الجمعة أمر رئيس لجنة نهر المسيسبي الميجور جنرال مايكل وولش سلاح المهندسين بفتح بوابات الفيضان عندما يصل تدفق المياه إلى 1.5 مليون قدم مكعب في الثانية عند ريد ريفر لاندنغ شمال باتون روج.

*خدمة «نيويورك تايمز»