بن علوي لـ«الشرق الأوسط»: اتفاق على تدوير منصب أمين الجامعة العربية بعد 5 سنوات

الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية العماني قال إن دعوة الرباط للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي تقوية لعلاقة المغرب والمشرق العربي

TT

كشف يوسف بن علوي بن عبد الله، الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عمان، تفاصيل اختيار الأمين العام الجديد لجامعة الدول العربية خلفا لعمرو موسى بالتوافق والإجماع. وقال في حوار مع «الشرق الأوسط» إن فوز الدكتور نبيل العربي بالمنصب يأتي تقديرا لثورة 25 يناير (كانون الثاني) المصرية، وذكر أنه اتفق على تدوير منصب الأمين العام بعد 5 سنوات باعتباره حقا لكل الدول العربية، وأسوة باختيار الأمناء في كل المنظمات الإقليمية.

وأوضح بن علوي أن دعوة الرباط للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي هي لتقوية العلاقة بين المغرب والمشرق العربي ونفى أن تكون هناك أي دوافع أو أجندات أخرى خفية كما يتردد ويردد المغرضون. كما تحدث بن علوي عن خريطة طريق لتطوير العمل العربي المشترك والعلاقة مع إيران ومستقبل المنطقة في ظل ما يحدث من ثورات في المنطقة.. وتطرق الوزير العماني أيضا إلى مستقبل فرص عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط، قائلا إن المؤتمر الدولي المقترح لعملية السلام لن يحسم الصراع، لأن تل أبيب غير مستعدة. وإلى نص الحوار..

* بوصفك رئيس الدورة الحالية لمجلس الجامعة ما هي تفاصيل اختيار الأمين العام الجديد للجامعة العربية الذي حظي بالتوافق والإجماع للمرشح المصري الدكتور نبيل العربي؟

- هذه الدورة انعقدت خصيصا لاختيار الأمين العام الجديد بعد أن قرر الأمين العام المنتهية ولايته عمرو موسى عدم رغبته في التجديد. وإذا لم يتخذ هذا القرار فكانت النية تتجه لاستمراره، ومن ثم جرت مشاورات كثيرة لاختيار أمين عام جديد. وقد أسفرت عن اتفاق بين مصر وقطر وخاصة بعد زيارة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لمصر، ولقائه مع المشير حسين طنطاوي، وكان التوجه العام الذي قادته دولة قطر أنه دعما للتحول الذي شهدته مصر يوم 25 يناير (كانون الثاني) لا ينبغي أن هذا المنصب يتحول عن مصر دعما لهذه التحولات ومن هنا كان التوافق العربي مع مصر.. إذا قامت مصر بتقديم مرشح جديد يستطيع أن يواكب التحولات الجديدة وأن يكون لديه خبرة ويحظى بقبول الدول العربية فإن قطر سوف تسحب مرشحها. أما مسألة تدوير منصب الأمين العام فإنه سوف يأتي بعد خمس سنوات، وانتهاء هذه الدورة الجديدة التي يترأسها الدكتور نبيل العربي.

* إذن تدوير منصب الأمين العام سيكون بعد خمس سنوات رغم العرف السائد بأنه من دولة المقر؟

- نعم.. اتفق على هذا من منطلق أن الجامعة العربية ملك للجميع، وكنا في السابق نختار الأمين العام من مصر بالتوافق أيضا، لأن هذا المنصب يمثل كل الدول العربية وليس تمثيلا لدولة المقر. وفي كل المنظمات الإقليمية يحدث هذا التنوع في منصب الأمين العام. وفي الثقافة العربية هناك دائما وأبدا إنجاز هائل لمصر، وعلى هذا الأساس كان الأمين العام من مصر وسوف تظل مصر دائما لها مكانة غالية في العالم العربي.

* ماذا عن القرارات الأخرى التي صدرت عن اجتماع وزراء الخارجية العرب؟

- صدر بيان بشأن دعم انتفاضة الشعب الفلسطيني في ذكرى النكبة وإدانة لقصف الجولان والتحذير من التداعيات الخطيرة الناجمة عن مواصلة إسرائيل انتهاك الأراضي الفلسطينية، وكذلك دعم موازنة السلطة الفلسطينية الذي يستكمل خلال أيام في اجتماع المندوبين، وأيضا إخلاء منطقة الشرق الأوسط من السلاح النووي والتأكيد على عقد مؤتمر خاص لهذا الموضوع.

* ما مستقبل الجامعة العربية في ظل الولاية الجديدة؟

- نحن في حاجة للتجديد وترسيخ المبادئ التي تقود العمل العربي المشترك، وأن يتم الاستفادة من الوضع العربي الجديد لصالح الشعوب العربية مع بعضها البعض، وهو الأمر الذي يدعو إلى آليات يشارك فيها القادة والحكومات والشعوب من أجل إيجاد مصالح مشتركة. وسبق أن قلت لزعيم عربي نحن فقراء ولا نستطيع أن نفعل شيئا، ردا على سؤال له ماذا سنفعل؟ وكان ذلك في إحدى القمم العربية، فرد قائلا: كيف ولماذا تعتبر العرب فقراء؟ فكان ردي هو طالما بقيت الأموال العربية في وزارات المالية وفي الخزائن، ولن تستخدم في مشاريع الاستثمار، وبالتالي نحن في حاجة إلى آلية كي نقوم بجمع أموال هائلة يشترك فيها المواطن وأن يكون رقيبا عليها ويقودها القادة العرب وهذا ما نريد أن نفعله في المستقبل مثل الاتحاد الأوروبي الذي تمتلك دائرة واحدة من مفوضياته ميزانية سنوية تصل إلى 5 مليارات يورو، وهذا المبلغ يتم تحصيله من دافعي الضرائب. وأتمنى أن نصل إلى هذا الحل. وأود لو استطعنا أن نضيف نحن كعرب إلى ضرائب الجمارك 1% لصالح مشاريع عربية وبأموال عربية هائلة وتكون هذه الأموال من الشعوب العربية، وأن تتابع عملية التنفيذ والاستفادة معا، وإن لم نفعل ذلك فسيظل الحال العربي على ما هو عليه دون أي تقدم وهي الحالة التي نعاني منها.. دولة عربية ليس لديها شيء وتحصل على دعم مالي من اتحاد أوروبي وغيره.. أما إذا كان تطوير الدول العربية بأموال عربية فالأمر يختلف ولا نحتاج الحج إلى واشنطن أو حتى بروكسل.

* ما هي دوافع الدعوة لضم المغرب لدول مجلس التعاون وهل العضوية مفتوحة لكل الدول العربية؟

- المفاجأة كانت هي المحرك لكل الشكوك والاجتهادات التي انطلقت عقب دعوة مجلس التعاون المغرب للانضمام ولكن الحقيقة هي أننا نريد تقوية العلاقة بين دول المشرق العربي والمغرب العربي ولدينا ليبيا تمر بأزمة وتونس استقرت إلى حد ما وسوريا يتبعها الأردن ولبنان وفلسطين، ومصر إن شاء الله تستطيع أن تتجاوز هذه المرحلة وتقوم بدورها التاريخي، واليوم نمر بحالة فراغ سياسي لم يكن قائما قبل كل هذه الأحداث وكانت الصورة واضحة للعمل العربي وكيفية قيادته والتعامل مع القضايا المهمة الإقليمية والدولية.. أما الآن فقد أصبح هناك عدم وضوح في هذا كله ومن ثم جاءت فكرة لتحقيق التضامن مع المغرب العربي.

* البعض تصور دعوة المجلس لضم المغرب والأردن مخططا لعزل مصر لحين الخروج من وضعها الراهن، وتشكيل قوة للقرار الخليجي في المنطقة. كيف ترى نظرية المؤامرة هذه؟

- الناس تنسى بسرعة. ولم تتذكر التاريخ. وفي السابق كان المغرب يقود العمل العربي المشترك خلال حقبة الثمانينات في عهد الملك الحسن الثاني، حيث كانت تعقد كل القمم العربية. وكان للمغرب دور هائل على المستويين العربي والإسلامي، ومن ثم فإن المغرب له دور خاص مع المشرق العربي، وبالتالي فنحن ننظر إلى المغرب من هذه الزاوية، لكن سنأخذ في الاعتبار أيضا مواقف الدول المغاربية الأخرى فهناك دور كبير وهام للجزائر ولكن هي لديها ظروف استثنائية من الوضع في ليبيا. أما مصر فلا يمكن عزلها.

* وماذا عن طلب العراق الانضمام إلى دول مجلس التعاون الخليجي؟

- العراق بلد كبير وضخم ومتنوع ولديه حدود من الأوزان الثقيلة. وهناك خلاف هائل مع إيران على الحدود وخلاف مع تركيا وتنوع مع الأكراد.. وأقصد أن العراق بنفسه أمة، ولكن نحن نتطلع في مجلس التعاون أن تكون ظروف العراق مهيأة لأرضية واحدة في المستقبل. ومن هنا نحن نبحث عن الطريق الأفضل من أجل إعادة تشغيل الدورة الدموية في الجسم العربي عبر التلاحم مع المغرب العربي، وهي فكرة لها وجاهتها.

* وأين موقع اليمن في مجلس التعاون الخليجي؟

- اليمن قدم الطلب ونحاول ضمه بشكل تدريجي لأن التزامات المجلس كثيرة، وليس مجرد ناد.. ومن هنا قمنا بوضع برنامج لتطوير قدرات اليمن بحيث يكون قادرا على الالتزام والانضمام الكامل وسبق أن قامت دول الخليج بضخ اثنين ونصف مليار دولار للتنمية ولم تستغل بسبب ظروف اليمن.

* انعقدت خلال الآونة الأخيرة عدة اجتماعات خليجية على مستوى القادة والوزراء والتي ركزت على مخاطر التدخل الإيراني في المنطقة. ما هو تقديركم لهذا الخطر في ظل رؤية البعض بأن إيران لا تشكل أي مخاطر على المنطقة العربية؟

- الهواجس كثيرة. والصغير دائما يشعر بخوف من الكبير. وهذا موجود في كل مكان مثلا بنغلاديش تخشى من الهند.

* لكن دول الخليج قوة هائلة؟

- مجموع سكان الخليج نحو خمسة عشر مليونا وإيران 80 مليونا.

* إذن هو خوف من عدد السكان؟

- من عدد السكان ومن السياسات وأمور كثيرة. وفي آسيا على سبيل المثال كل دولها تخشى من الصين وأحيانا الخلاف على موضوع أرض أو على موضوع جزيرة وهذا شيء قائم ولن ينتهي.. لكن يبقى علينا أن نقوي ذاتنا. وإيران لديها قوة إعلامية هائلة، وهي آلة ثورية.. ونحن نتعامل معها والأنظمة تأتي وتذهب وهذه هي الطبيعة.. وفي الظروف الحالية فإن الإعلام الإيراني الذي لا يجب بالضرورة أن يكون تابعا للحكومة الإيرانية يستخدم وسائل – مثل – قناة «العالم»، وقناة «المنار» وقنوات عراقية تابعة لبعض التجمعات الشيعية، وقد ارتفعت الوتيرة في الحملة على مملكة البحرين وهذا مرفوض وقد أبلغتنا الحكومة الإيرانية أن هذه الحملة الإعلامية ليست موقفا (رسميا) من إيران.

* هل تقصد أن الخلاف بين إيران ودول الخليج هو مسألة السنة والشيعة أم ماذا؟

- هذا ليس أمرا مخفيا، ونرى ماذا يدور في لبنان والعراق ومحاولة استقطاب الشيعة وتجميعهم، وهذا لم يكن موجودا في لبنان والعراق والبحرين، ولا في أي مكان، ونحن نؤكد أن الولاء للوطن وليس للمذهب ولا يجوز شرعا أن يكون الولاء للمذهب لأن الدين لله والوطن للجميع، ولا يوجد حتى في التقاليد الإنسانية أن يكون الوطن للفكرة.

* من خلال العلاقات المميزة بين إيران وسلطنة عمان. هل من إيجاد صيغة جديدة لعلاقات متوازنة مع إيران؟

- القضية ليست العلاقة فهي موجودة، ولكن مسألة التنظيم والتعامل مع التأجيج الإعلامي للطائفية، لدرجة أن الإعلام أصبح غير محكوم، ويمكن لأي واحد أن يؤسس قناة ويقول فيها ما يشاء وما يريد وهذه هي المشكلة ولولا هذا لم تحدث المشكلات لا بين الحكومات ولا بين الشعوب، لأن السنة والشيعة متعاونان ومتحابان وأهل وأقارب. ونجد في العراق في البيت الواحد السنة والشيعة بين الإخوة وفي العائلة الواحدة ولكن الإعلام جاء وأفسد كل شيء وبعض القوى الشيعية تعتقد أن وسائل الإعلام قوة لفرض ما تريد وهو استخدام غير مفيد.

* كيف ترى الثورات العربية التي تحدث في المنطقة؟

- يوجد حراك سياسي بين الأنظمة والشعوب. وعندما يصل الحوار لطريق مسدود يبدأ حديث تغيير النظام. وعلى سبيل المثال هذا ما يحدث في اليمن والذي طلب مساعدة دول الخليج في إيجاد آلية سلمية حتى لا يتحول الأمر إلى ساحة حرب أهلية، وبالتالي فإن المبادرة الخليجية مستمرة وتحتاج إلى صبر نظرا لتعقيدات الأزمة اليمنية كما أن انسحاب قطر لن يؤثر على المبادرة، ولا ننسى الدور القطري الذي وقف مع وحدة اليمن وساهمت بدفع الكثير من الأموال لوقف حرب الحوثيين.

* ماذا عما يحدث في سوريا؟

- قد لا يتفق موقفنا مع من هم في الساحة لأن النظام السوري يقر بالتغيير وضرورته وأهميته، ويريد التغيير بالفعل، ولكن الخلاف حول الطريقة. وكل دولة لها خصوصيتها ولكن المشكلة المعقدة في اختلاف التعامل مع الحراك السياسي الذي يجب أن يتم بشكل سريع وفعال حتى تتجنب الدول والشعوب المزيد من الخسائر والانهيارات.

* ما آخر تطورات الاحتجاجات التي شهدتها سلطنة عمان؟

- لا توجد احتجاجات حاليا بعد التحرك السريع الذي قمنا به تلبية لمطالب المحتجين سلميا وقد تعاملنا مع مطالب الشباب التي كانت تبحث دائما تحت قبة مجلس الشورى وبالآليات الإدارية والقانونية وذات الخطط الخمسية وهذه تأخذ وقتا.. ولكن الحاصل الذي حدث في المنطقة قد أفرز حالة جديدة من وسائل التعبير وطريقة تنفيذ القرار وقد تم التجاوب معها.

* لكن بعد تلبية المطالب للشباب العماني حدث تجدد في الاحتجاجات؟

- هناك بعض التنوع في الفكر، ولا نسميه احتجاجا، وهذا التنوع سوف يستمر في كل بلاد العالم والفكر مكفول للجميع ولا يمكن لأحد مصادرة الفكر، وهذا ما قاله صاحب الجلالة بأن عمان لا يمكن أن تصادر على فكر أحد، وهذا الفكر موجود في كل وسائل الإعلام. ويكفي أن أشير إلى أنه تم إيجاد 50 ألف وظيفة عمل للشباب مؤخرا، وما لم يعلمه أحد ولم ينشر بعد أن السلطان قابوس يلتقي يوميا بعشرات الشباب، وأن أحد أهم الأسباب التي دفعت قائد البلاد لهذه الخطوة والاطلاع على آراء الشباب وعدم المساس بهم لا من أجهزة الأمن ولا من الحكومة، لأنهم على صلة بالقائد السلطان قابوس بن سعيد في حوار فكري يستوعب التغيير والتنمية والنهضة العمانية التي بدأت مسيرتها منذ أربعين عاما.

* كيف ترى اندلاع الصراع العربي الإسرائيلي على الحدود في مظاهرات تطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وهل حانت فرصة إقامة دولة فلسطين في ظل وعد أوباما بإعلان الاعتراف بالدولة في الأمم المتحدة خلال شهر سبتمبر (أيلول) المقبل وتوقعات بزيارته للمنطقة؟

- أعتقد أن الشعور لدى الشعوب العربية هو الذي سيفرض على الحكومات التعديل في المواقف الرسمية ومن هنا ينبغي أن يكون الحراك العربي شاملا لتحفيز الشعوب الغربية لعدالة القضية الفلسطينية وإنهاء المظالم على شعب فلسطين.. هذا هو المطلوب، وبالتالي سواء جاء أوباما إلى المنطقة نقول أهلا به أو لم يأت أهلا وسهلا.. وستظل أميركا دولة كبرى وفي يدها الكثير من الأوراق ولكن إذا اندفعت الشعوب الغربية وتضامنت مع الشعوب العربية في اتجاه العدالة، هذا بالضرورة يغير من مواقف الدول الكبرى.

* هل أنت مع فكرة عقد مؤتمر دولي لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي وليس لاستئناف الحوار والمفاوضات؟

- الصراع العربي الإسرائيلي لا يوجد دليل أو مؤشر بأنه سوف ينتهي، وتبقى هذه المؤتمرات لإدارة الأزمة وليس لحسمها لأن المفاتيح الرئيسية ما زالت مع إسرائيل التي نرى أنها غير مستعدة.

* ألا ترى أن المصالحة الفلسطينية مفتاح جديد للحل والحسم؟

- المصالحة وسيلة من وسائل الحراك من أجل الحل.