د. كمال الهلباوي في حوار مع «الشرق الأوسط»: اعتراف حزب «الإخوان» بولاية القبطي والمرأة شرط لنجاحه

المتحدث السابق باسم الجماعة في الغرب عاد إلى القاهرة قائلا: جئت لأبقى.. وزيارتي لإيران لا علاقة لها بمصر

د. كمال الهلباوي (تصوير: عبد الله السويسي)
TT

بعد نحو 23 عاما قضاها خارج مصر عاد «الإخواني» الشهير الدكتور كمال الهلباوي إلى بلاده ليبقى فيها، على أمل أن ينقل جانبا من مراكزه التي أقامها في بريطانيا إلى القاهرة.. وهو يأمل أن تتحقق الديمقراطية في مصر، بعد نجاح ثورة 25 يناير (كانون الثاني) التي أطاحت بحكم الرئيس السابق، حسني مبارك، وتعود أصول الهلباوي إلى محافظة المنوفية، التي ينتمي إليها مبارك، ودرس الهلباوي في المدرسة الثانوية التي درس بها مبارك المعروفة باسم «المساعي المشكورة»، وقال في حواره مع «الشرق الأوسط»: «ليس بيننا وبين مبارك عداوة، بل كرجل منوفي كان من المفروض أن نكون على علاقة طيبة».

وتحدث الهلباوي، الذي عمل طويلا كمتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين في الغرب، عن حقيقة التنظيم الدولي لـ«الإخوان»، بقوله إنه لا يوجد مثل هذا التنظيم، وإنما يوجد «تنسيق دولي» بين «الإخوان» بسبب التضييق الأمني على قيادات «الإخوان» في الكثير من الدول، مشيرا إلى أن تشكيل «تنظيم دولي لـ(الإخوان)» حلم يراود الجماعة بحيث تسمع وتطيع أميرا واحدا أو مسؤولا واحدا، وقال إن هذا الحلم يمكن أن يتحقق بعد ثورات تونس ومصر وليبيا وسوريا وغيرها، معربا عن أمله في وجود تنظيم عالمي قوي لـ«الإخوان» مثل «الاشتراكية العالمية» أو «الحركة الصهيونية».

وعن سبب توجهه إلى إيران بعد أيام من عودته إلى مصر، نفى الهلباوي أن يكون للأمر علاقة بـ«الإخوان» أو بمصر أو بثورة «25 يناير»، قائلا إن سبب سفره إلى إيران كان المشاركة في مؤتمر بصفته أمين منتدى الوحدة الإسلامية الداعي إلى لتقارب بين السنة والشيعة.. مشيرا إلى أن فكر «الإخوان» لا يسعى إلى الصدام مع الأنظمة الحاكمة سواء في إيران أو سوريا أو غيرهما، وأن حركة عناصر «الإخوان» في تلك الدول يتصرفون حسب ظروفهم وحساباتهم. وشدد الهلباوي على ضرورة مراجعة الإخوان المسلمين لبرامجهم وموقفهم من الأقباط والمرأة، بعد إعلانهم عن تأسيس حزب، وأن يكون المجال أمام كل من الأقباط والمرأة مفتوحا حتى منصب رئيس الجمهورية، وترك الاختيار للشعب عبر الانتخابات، مشيرا إلى عدم تعارض وجود رئيس قبطي مع قضية «الولاية العظمى» في الإسلام، وقال: «في رأيي.. أن كل دولة عربية على حدة ليست ولاية عظمى».

وقال الدكتور الهلباوي إن مصر يمكن أن تستوعب حزبا لـ«الإخوان» ذا مرجعية إسلامية، وحزبا آخر ذا مرجعية مسيحية، بشرط السماح للمواطنين جميعا بالاشتراك فيه سواء مسلمين أو غير مسلمين، مشيرا إلى نماذج منها الحزب «الديمقراطي المسيحي» في ألمانيا و«شاس» في إسرائيل، معربا عن اعتقاده أن الجيش الذي تولى السلطة مؤقتا بعد مبارك يفي بوعوده ويحمي الثورة، حتى الآن. وإلى تفاصيل الحوار..

* لماذا عدت إلى مصر في هذا التوقيت؟

- لم يكن في ذهني يوما ما أن أغيب عن مصر لحظة واحدة إلا لضرورة. عندما سنحت الفرصة وأدركت أن الأمور قد تغيرت، وأن أمن الدولة قد اختفى، وأن عهدا جديدا قد بدأ بهذه الثورة، وأن المجرمين الذين اضطهدونا واضطهدوا الشعب وسرقوا أمواله وقيدوا حريته يحاسبون الآن، لم يعد هناك مبرر للبقاء خارج مصر، بل إن مصر أولى بالرعاية ورد الجميل لها.

* منذ كم سنة وأنت خارج مصر؟

- منذ 23 سنة وأنا خارج مصر.

* هل كان لك تواصل مع الداخل المصري؟

- بالتأكيد.. كل يوم فيه تواصل.. مع الأسرة.. مع الإخوان، مع السياسيين، التواصل مستمر لأن الإنسان لا ينسى بلده ولا بيئته ولا أهله ولا شعبه.. لا ينسى هؤلاء.

* يمكن أن نقول إنه بعد 5 أو 10 سنوات من خروجك من مصر كنت تتوقع أن النظام قد يتغير.. لكن بعد مرور 23 سنة هل وقر في ذهنك قبل ثورة 25 يناير 2011 أن هذا النظام يمكن أن يتغير؟

- لم تكن تمر لحظة واحدة إلا وأتمنى طبعا سقوط هذا النظام، لا لأجلي فقط، ولكن من أجل الشعب المصري ومن أجل قيادة مصر وريادتها للعالم العربي والإسلامي وتقدمها. فكنا نتوقع هذا ونعمل عليه.. وعملنا على هذا منذ سنوات فأنشأنا في لندن «جبهة إنقاذ مصر» و«المركز الإعلامي للإخوان المسلمين»، وكذا «الرابطة الإسلامية في بريطانيا» ومؤسسات بحثية أخرى. ليس بيني وبين حسني مبارك معركة شخصية ولا عداوة، بل كرجل منوفي كان من المفروض أن نكون على علاقة طيبة.

* تقصد أنك من محافظة المنوفية التي ينتمي إليها مبارك؟

- نعم.. ودرست في نفس المدرسة التي كان فيها (مبارك) مدرسة «المساعي المشكورة» الثانوية في شبين الكوم. إنما كان عندنا مشكلة (مع نظام الرئيس السابق) في إدارة مصر الكبيرة التي تقزمت وأصبحت كقرية ولا قيمة لها بالقدر الذي يجب أن تكون عليه في العالم العربي والإسلامي خاصة، والعالم عامة، ولم يكن هذا يليق بمصر. ولذلك كنا نتوقع أن يسقط النظام، وكنا نعمل على هذا.

* بالنسبة للمؤسسات الموجودة حتى الآن في بريطانيا هل هي تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، أم هي مؤسسات تابعة لك؟

- منها ما هو يعمل باسم «الإخوان» مثل «المركز الإعلامي» ومنها ما لا علاقة له بـ«الإخوان». «جبهة إنقاذ مصر» مثلا مشروع واسع يضم أفرادا من «الإخوان» ومن خارج «الإخوان». والمراكز البحثية أيضا لم يكن لها علاقة بـ«الإخوان»، وإن كانت تخدم الشعب المصري.

* حينما يتحدث أحد قادة «إخوان الخارج» عن جماعة الإخوان المسلمين، هل يعني بذلك «إخوان مصر»، أم «الإخوان كتنظيم دولي»، أم «الإخوان بشكل عام»؟

- نفصل بين عدة أمور.. الأمر الأول الذي يتحدث بصفته عضوا في «الإخوان»، أو الذي يتحدث بصفته متحدثا رسميا عن «الإخوان»، أو الذي يتحدث في أمر عام يهم «الإخوان» ويهم الشعب المصري بأكمله.. في وقت من الأوقات كنت متحدثا رسميا باسم «الإخوان» جميعا في الغرب، بسبب التضييق الأمني الذي كان في مصر، لكن كثيرا من الأحاديث أو المحاضرات أو الآراء أو المقالات أنا أكتبها بصفتي الشخصية، وقد يرى بعض الإخوة غير ما أرى.. خلفيتي من «الإخوان»، إنما لا أتحدث باسم «الإخوان» مثل الآن.. هذا الحديث ليس باسم الإخوان المسلمين، لكنه حديث من كمال الهلباوي العضو في جماعة الإخوان المسلمين.

* حسنا.. لكن لم نصل إلى الفواصل بين متى تكون كلمة «الإخوان» تعني «إخوان مصر» فقط، ومتى تعني «التنظيم الدولي للإخوان»، ومتى تكون كلمة «الإخوان» معبرة فحسب عن «قائلها»؟

- ليس هناك تنظيم دولي على الإطلاق، (ولكن) هناك تنسيق دولي لم يرقَ إلى التنظيم الدولي، بسبب الضغوط الأمنية في مصر وغير مصر.. مصر (كانت) تمنع الناس (الإخوان) من السفر، وكذلك سوريا تمنع الناس من السفر، وليبيا التي تمنع من السفر وتقتل الناس في ذلك الوقت، فأنت أمام مشكلة كانت شبه عامة.. لم يكن يعترف بالإخوان المسلمين علانية في العالم العربي إلا الأردن فقط. أما بقية البلاد فكانت تطارد من ينتمي إلى الإخوان المسلمين بطرق مختلفة.. صحيح أحيانا لا تكون هناك فواصل جامدة واضحة، لأن الفكرة واحدة والمشروع، الذي نتحدث عنه، واحد.. فمقالاتي وأفكاري وآرائي، إذا لم أكن متحدثا رسميا أو عضوا في مكتب الإرشاد أو عضوا في مجلس الشورى العالمي أو مكلفا بالحديث، هذه أمر شخصي يتعلق بي ويتعلق بآرائي.. إذا كنت أتحدث عن العراق باسم تنظيم العراق، وأنا مكلف، هنا أتكلم عن تنظيم العراق.. أما الكلام العام المرسل فهو يعبر عن آراء عامة تتعلق برؤية عن الإخوان المسلمين عموما، وليس لتنظيم محدد.

* بما في ذلك التنظيم الدولي؟

- كما قلت.. ليس هناك تنظيم دولي؛ هذا حلم يراود «الإخوان».. ربما بعد الثورة في مصر والثورة في ليبيا وتونس وسوريا والبحرين، ربما الأمور تتحسن وتنطلق الدعوة ويصبح هناك تنظيم قوي مثل «الاشتراكية العالمية» أو غيرها.. أو (مثل) «الحركة الصهيونية» في العالم.. تسمع وتطيع لأمير واحد أو لمسؤول واحد رغم خصوصية كل بلد من البلدان المختلفة، حسب القانون وما إلى ذلك.

* يعني لو تيسرت الحركة لجماعة الإخوان المسلمين في المرحلة الجديدة في الكثير من البلدان العربية، كيف سيكون شكل التنظيم الذي شبهته توا بأنه سيكون مثل ما كانت عليه حركة «الاشتراكية العالمية» أو «الحركة الصهيونية»؟

* أعني أن تكون هناك نواة لعمل إسلامي وسطي عالمي، درجة من درجات العمل التي كان يتطلع إليها الإمام البنا، رحمة الله عليه.. لمَ لا إذا تيسر الأمر؟ لكن ما زالت هناك عقبات شديدة، ودول لا تسمح بقيام شيء اسمه الإخوان المسلمين ولا تسمح بهذه الحرية، ودول تعتبر نفسها ممثلة للإسلام، ودول تعتبر نفسها أنها متقدمة عن فكر «الإخوان».. يعني ليست الأرض ممهدة بشكل كامل لقيام مثل هذا التنظيم، ولكنه أمل وحلم يراود كل أخ من «الإخوان» حتى تكون الصلات والعلاقات وربما يكون هذا نواة في المستقبل للوحدة العربية والإسلامية.

* ماذا عن الحسابات السياسية مع نظم الحكم.. البعض يرى أن الجماعة لم تدافع عن «إخوان إيران» مثلا أو «إخوان سوريا»؟

- أولا: فكرة الصدام غير موجودة عند «الإخوان»، ولا يسعى «الإخوان» إلى الصدام مع أي نظام من الأنظمة، ولكن إذا جرهم النظام إلى صدام ما، فليس هناك من مفر إلا العمل في هذه القضية والخروج منها بأقل التضحيات وأقل التكاليف، ولكن «الإخوان» يفضلون ويسعون إلى عدم الصدام مع أي نظام مهما كان. ثانيا: «الإخوان» في مصر لا يتدخلون في الشؤون الداخلية لبلدان أخرى.. في سوريا هناك قانون يقضي بإعدام كل من ينتمي إلى الإخوان المسلمين، وهذا الأمر يُنتقد من «الإخوان» وغير «الإخوان»، لأنه ضد الحريات. ولكن «إخوان» كل بلد من حقهم أن يناقشوا السلطات ويتحدثوا معها في كل الأمور التي تتعلق بالشعب.. الأمر الآخر أن مواقف الإخوان تتباين وتتفاوت وفق رؤاهم الداخلية.

* تتفاوت إلى أي حد؛ هل يمكن توضيح هذه النقطة؟

- يعني «الإخوان» في العراق، على سبيل المثال، وقفوا موقفا من الاحتلال لا يعجبني ولا أرتضيه لنفسي، وأظن أن معظم «الإخوان» في العالم لا يقبلونه.. أي أنه عندما هُزم صدام حسين وسقطت بغداد، للأسف الشديد وضع «إخوان العراق» أيديهم في يد بريمر.. هذا لا أقبله ولا يقبله أي حر، ولا يجب أن يوافق عليه «الإخوان» على الإطلاق.. «الإخوان» في سوريا كان لهم في وقت من الأوقات اجتهادات؛ عملوا اتفاقا مع خدام الذي انشق عن النظام.. هذا اجتهاد من الاجتهادات، ستجد بعض «الإخوان» يرحبون به ويقولون هذه صفقة سياسية جيدة ويصفونه وصفا جميلا، وأنه قد يحدث انشقاقا في الإدارة السورية، وبعض «الإخوان» قد لا يوافقون عليه، ولا يرونه صفقة جميلة، لأنه تعاهد مع واحد كان عضوا في النظام نفسه. أقول إنه يوجد مجال كبير من الحرية متاح لكل بلد تتحرك فيه جماعة «الإخوان»، وبعضهم قد يصيب وبعضهم قد يخطئ، مثل بقية الشعب.

* نعود إلى مصر بعد سقوط مبارك.. «الإخوان» أصبح معترف بهم كجماعة، وسيكون لهم حزب سياسي أيضا.. أليس هذا مكسبا مضاعفا؟

- هذا تحليل جيد.. أولا لأن «الإخوان» كدعوة يرون أن العمل والإصلاح في جميع المجالات واجب وضرورة، وهم يرون أن الإسلام نظام شامل ينتظم شؤون الحياة جميعا، وأن الإسلام دين ودولة ومصحف وسيف؛ سيف بمعنى قوة.. وأن الحكم أصل من أصول الإسلام، أي أن تدير البلد بالعدل والحرية والاستقامة.. هذا أمر ضروري وليس أمرا فرعيا، وهو أمر من الله سبحانه وتعالى.. و«الإخوان» حرموا من العمل السياسي سنوات طويلة، حتى أيام الإمام البنا - رحمة الله عليه - لما أراد أن يترشح للانتخابات ضغطت عليه الحكومة والسراي والملك، حتى يتنازل، وإلا يصادروا أموالهم وممتلكاتهم، فالعمل للإسلام عمل شامل.

«الإخوان» لا يرون المقولة التي تقول «ما لقيصر لقيصر وما لله لله»، بل كل لله.. ولذلك كانت مقولة السادات سخيفة عندما قال «لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين». «الإخوان» لا يرون هذا، ومن ثم يجب أن تستمر الدعوة لأنه أمر رباني، ولا بد أيضا من المشاركة في العمل السياسي. ولكن الميزة التي يراها «الإخوان» في العمل السياسي هي أن الأفراد قد تربوا تربية وبنوا بناء ثقافيا وفكريا وفقهيا يكون فيه تميز عن من لم يلق هذا النوع من التعليم أو التدريب في الجانب السياسي، وهذا مكسب للشعب ومكسب للأمة، ويعتبر تصحيحا للمسار. فأنا أرى أن هذا عمل جيد من «الإخوان»، أي أن يكون لهم حزب وأن تستمر الدعوة كذلك.

* البعض يتخوف من أن يعطي وجود حزب «إخواني» ذي مرجعية دينية، مبررا لجماعات أخرى كالمسيحيين لعمل حزب على مرجعية دينهم. ما رأيك؟

- إذا أردت أن يكون رأيك مقبولا فلا بد أن تقبل رأي الآخر، وإذا أردت أن يكون رأيك محترما فلا بد أن تقبل رأي الإنسان الآخر. وتعلمنا أن المواطن القبطي له ما لنا وعليه ما علينا، وأننا نحتكم إلى ديننا، ولهم الحق في الاحتكام إلى دينهم وشريعتهم، لا نفرض عليهم شيئا باعتبار أننا أغلبية، رغم أن الأغلبية هي التي تقرر في النظم الديمقراطية.. فإذن أنت تحترم الرأي الآخر وتعطي الآخرين نفس الحرية التي لك، لأنها ليست هبة منك وإنما هي فرض؛ «فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر».. وفي ألمانيا نموذج الحزب الديمقراطي المسيحي، وفي إسرائيل حزب «شاس» القائم على أساس ديني.. صحيح هذا متطرف، فإذا كان هناك حزب ذو مرجعية إسلامية لـ«الإخوان»، وهناك حزب آخر ذو مرجعية مسيحية ويسمح للمواطنين جميعا بالاشتراك فيه سواء مسلم أو غير مسلم، فما الذي يمنع هذا.. أعطوا الناس حرية..

* لكن حركات دينية سلفية بدأت بعد ثورة «25 يناير» تخيف المصريين عبر عدة حوادث طائفية أشهرها قطع أذن مسيحي بزعم إقامة الحد.. ما تعليقك؟

- دعنا نميز بين عدة أمور.. الأمر الأول أن السلفيين غير الجماعة الإسلامية وغير جماعة الجهاد و«الإخوان» والصوفيين. ثانيا أن السلفيين حاليا في مصر هم على عدة جماعات وليسوا جماعة واحدة، وتتنوع رؤاهم بالنسبة للعمل السياسي تنوعا كبيرا، وكما تعلم أيام الثورة بعضهم كان يحظر الخروج للمظاهرات وبعضهم كان يؤيد ذلك، وبعضهم أباح دم البرادعي والقرضاوي، وهناك من الوجوه السلفية والدعاة أشخاص في غاية الاتزان والعقل.. إذن لا نستطيع أن نصدر حكما واحدا على هذه المجموعات جميعها.. هذا ظلم.

الأمر الآخر ليس هناك حد في الإسلام اسمه «قطع الأذن».. إلا إذا كانت مقابل قطع أذن سابقة. أما الحدود فليس فيها هذا. والخلفية التي قرأتها ليس لها علاقة بالدين ولا بالسلفيين. إذن؛ ربط هذه القضايا بالسلفيين يشير إلى وضع الدين في دائرة الاتهام.

* هل التيار السلفي الحالي في مصر قادر على الانخراط في الحياة السياسية، أم أنه يحتاج إلى مراجعات؟

- لم لا؟ بالتأكيد الوسطيون من السلفيين ومن جميع الاتجاهات يمكنهم المشاركة في الحياة السياسية، أما الغلاة في الدين وفي الفكر وفي المعاملات فلا مجال لهم. لا بد أن يكون عند الناس منهج وبرنامج لبناء مصر وليس لقتل شخص أو قطع أذن أو هدم قبر.

* يدعو البعض جماعة «الإخوان» إلى إجراء مراجعات فكرية كما فعلت جماعات إسلامية وجهادية في السابق؟

- الجماعة الإسلامية والجهاد، الذين عملوا مراجعات، راجعوا لأنهم كانوا على طريق خاطئ ليس طريقا وسطيا، ورجعوا إلى ما كان يقوله الإخوان المسلمون.. فأي أفكار تلك المطلوب من الإخوان المسلمين أن يراجعوها؟.. أما مراجعة الإخوان المسلمين لبرامجهم وموقفهم من الأقباط وموقفهم من المرأة فهذا أمر ضروري جدا.. أما منهج «الإخوان» وطريقتهم في العمل والتدرج الذي نشأوا عليه لا يمكن التراجع عنه، لأن التراجع عن هذا المنهج تسيب.

* لكن ما زالت مسألة مشاركة الأقباط والمرأة عند «الإخوان» تقلق الآخرين..

- لا بد للحزب السياسي لـ«الإخوان» أن يغير الفكرة التي كانت في البرنامج الذي وضعه «الإخوان» كمسودة عام 2007، وإلا فلن يكون لحزب «الإخوان» مجال في البلد. وأن يكون المجال مفتوحا بالنسبة للمرأة والقبطي، حتى منصب رئيس الجمهورية.. هل إذا اختار الشعب امرأة لتولي رئاسة الدولة نقتلها؟ وهل إذا اختار قسيسا نقتله؟ لا.. علينا أن نعود إلى الشعب، والشعب يختار من يريد عن طريق الانتخابات حتى لو كان قبطيا، بشرط الالتزام بالدستور ويقيم كل متطلبات هذا الدستور.

* ألا يفجر هذا الخلاف حول موضوع ولاية المسلم؟

- قضية الولاية العظمى قضية مختلف فيها في الفقه. الأمة مقسمة. هل البحرين ولاية عظمى؟ وهل قطر ولاية عظمى؟ حين تجتمع الأمة وتصبح أمة واحدة، هنا الولاية العظمى.. إنما ليست أي دولة من هذه الدول ولاية عظمى.. في رأيي أن كل دولة عربية على حدة ليست ولاية عظمى.

* «الإخوان» شاركوا في الثورة، لكن يسأل البعض لماذا لم يتعاونوا مع التيارات السياسية الأخرى لإنشاء مجلس قيادة ثورة لتحقيق أهداف الشعب؟

- لم يوجد مجلس لقيادة الثورة من الشعب، لأن العنصر الفاعل لنجاح الثورة كان هو الجيش. ولولا تدخل الجيش، ولولا رئيس الأركان سامي عنان وحكمته في معالجة الأمر وإصراره على تنحي مبارك، لكانت الثورة ربما مثل ما نرى حاليا في ليبيا أو اليمن. ليس من الضروري أن يكون هناك مجلس ثورة لتحقيق الحلم الديمقراطي في مصر. الاستفتاء الذي جرى بعد مبارك على تعديل عدة مواد دستورية والانتخابات البرلمانية المزمع عقدها في سبتمبر (أيلول) إذا جرت بنزاهة ستكون خطوة على طريق الديمقراطية. ثم تأتي بعدها الانتخابات الرئاسية. مصر تحتاج إلى رجل أمين يراعي أمن مصر القومي.

* هل في رأيك توجد قوة سياسية منظمة قادرة على حماية الثورة وتحقيق الديمقراطية بمصر؟

- أرى أن الجيش حتى الآن أوفى بوعوده، وهو يحمي الثورة حتى الآن، وإن كنت أخالف، إحالة متهمين لمحاكم عسكرية نتيجة أحداث إمبابة.. أنا لا أرضى بهذا.. لا بد أن تكون هناك محاكمة عاجلة لأمور الفتنة الطائفية، ولا أرضى بإحالة أحد لمحاكم عسكرية أو استثنائية.

* ستسافر من مصر إلى إيران خلال أيام.. لماذا؟

- حضور مؤتمر في طهران عن تحالف ضد الإرهاب العالمي، ولإحقاق السلام العالمي لمدة 3 أيام، وذلك بصفتي رئيس مركز دراسة الإرهاب في بريطانيا، من منظور آخر في لندن، وبصفتي أمين عام منتدى الوحدة الإسلامية، الذي يدعو إلى التقارب بين السنة والشيعة، ووحدة الأمة الإسلامية، ولا علاقة لسفري هذا بجماعة «الإخوان» أو بكوني مصريا، أو بثورة «25 يناير».

* إذا قررت الإقامة في مصر بشكل دائم، فما مصير مراكزك في بريطانيا؟

- بعضها سأوكل آخرين العمل بها في بريطانيا، وبعضها يمكن العمل عليه كمشاريع من هنا، مثل مراكز البحوث وغيرها، خصوصا مع مناخ الحرية الجديد في مصر. أنا قررت البقاء في مصر، وسأقدم كل ما أستطيع من الشعب.