السلطات السورية تنفي وجود مقابر جماعية في درعا.. وتتحدث عن «عودة الحياة الطبيعية» إلى المنطقة

بعد اعتراف وزارة الداخلية بالعثور على 5 جثث لرجال تبين أنها لعائلة واحدة

آليات عسكرية إسرائيلية على الحدود مع سوريا بالقرب من القنيطرة أمس (أ.ف.ب)
TT

نفت مصادر سورية رسمية، أمس، وجود مقابر جماعية في درعا، واعتبرت الخبر في سياق «حملة التحريض والافتراء والفبركة»، وذلك بعد يوم على حديث الأهالي في درعا حول اكتشاف عدة قبور جماعية، مما أثار الدهشة والذهول في الشارع السوري.

وقال مصدر سوري مسؤول بوزارة الداخلية، في خبر نقلته الوكالة السورية الرسمية (سانا) إن «بعض محطات التلفزيون ووسائل الإعلام نقلت في سياق حملة التحريض والافتراء والفبركة التي تشنها ضد سوريا ومحاولاتها المستمرة للنيل من استقرارها وأمن مواطنيها، خبرا عن شهود عيان حول وجود مقبرة جماعية في درعا». وأكد المصدر أن هذا النبأ عار من الصحة جملة وتفصيلا، مؤكدا أن هذه «الحملة المغرضة.. باتت مكشوفة في أهدافها وتوقيتها، وخاصة مع استعادة درعا بشكل تدريجي لحياتها الاعتيادية».

وجاء هذا البيان بعد ساعات من إصدار وزارة الداخلية بيانا قال فيه مصدر مسؤول مساء أول من أمس (الاثنين) إنه تم «الإبلاغ عن خمس جثث في منطقة البحار، وإن التحقيقات جارية لمعرفة ملابسات الحادث وأسبابه». وأضاف المصدر أن «المحامي العام بلغ بالواقعة، وأن اللجنة المشكلة لهذا الأمر تقوم بالتحقيق في ملابسات الحادث وأسبابه، وقد سلمت الجثامين إلى أهالي المتوفين، حيث تم دفنها». ولم يأت البيان على ذكر أسماء الأشخاص الذين عثر على جثثهم رغم التعرف عليها بدليل القول إنه تم تسليمها إلى أهلها وتم دفنها.

وكان ناشطون حقوقيون تحدثوا عن اكتشاف جثث 34 شخصا من مدينتي جاسم وأنخل منتشرين في حقول القمح المحيطة. وأضافوا إليهم سبعة قتلى آخرين تم التعرف عليهم في المنطقة ذاتها، وهم من مدينة أنخل.

من جانبها، علقت المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سوريا على الاعتراف الرسمي بأن هناك خمس جثث في منطقة البحار في درعا ومن ثم نفي وجود قبور جماعية بأن «المقبرة التي تحدثت عنها المنظمة ووصفت مكانها تم انتشال 24 جثة منها، وبعد الظهر مر أحد المزارعين في منطقة قريبة من المنطقة الأولى، حيث شم رائحة كريهة فقام بإخبار عدد من الأهالي الذين نبشوا التراب ليشاهدوا سبع جثث تعرفوا على خمس منها هم عبد الرزاق عبد العزيز أبازيد (68 عاما) وأبناؤه الأربعة وسمير عبد الرزاق أبازيد (43 عاما) وسامر عبد الرزاق أبازيد (35 عاما) ومحمد عبد الرزاق أبازيد (30 عاما) وسليمان عبد الرزاق أبازيد (22 عاما) طالب سنة ثانية كلية هندسة. وامرأة بدوية مع ابنتها ولم يتم التعرف على هويتها لعدم وجود أي أوراق ثبوتية بحوزتهما».

وقالت المنظمة في بيان تسلمت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أنه «فور وصول الخبر إلى زوجة عبد الرزاق وأم الشهداء الأربعة صيتة محاميد أصيبت بأزمة قلبية سببت وفاتها على الفور لتكتمل مأساة تلك العائلة التي كنا نتصور أن أفرادها قيد الاعتقال قبل أن نشاهد جثامينهم». وأضاف بيان المنظمة التي يرأسها الناشط الحقوقي السوري عمار قربي أنه «على الفور تمت إحاطة المنطقة بعناصر الأمن ومصادرة أجهزة الهاتف الجوال لكل الأهالي الذين شاهدوا المشهد». وأوضح قربي أن «المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان عندما تحدثت عن اكتشاف المقبرة لم تتهم أي جهة باقترافها، إلا أن بيان المصدر المسؤول في وزارة الداخلية، ومسارعة أجهزة السلطة إلى حصار المكان ومصادرة الهواتف الجوالة واستمرار منع الصحافيين من تغطية الوقائع ومنع لجان الأمم المتحدة من الدخول يثير لديها الشكوك حول مسؤولية السلطات الرسمية عن الضلوع باقتراف تلك المجازر».

وطالبت المنظمة الوطنية السلطات السورية ووزارة الداخلية بشكل خاص بفتح لجنة تحقيق مستقلة وفورية عن تلك المقابر وعن انتشار عشرات الجثث في العراء والتي قدمت المنظمة اسم 41 قتيلا منها، بدلا من الاستمرار في الهروب إلى الأمام على طريقة اتهام الفيديو الذي كشف عن الانتهاكات التي جرت في منطقة البيضا القريبة من بانياس بأنه صور في كردستان العراق من قبل البيشمركة، وليتضح فيما بعد أنه تم في منطقة البيضا، حيث تم تصوير ساحة الجريمة بالتفصيل مع شهادة مرفقة لأحد الذين كانوا هناك وتعرضوا للتعذيب كما تمت معرفة الشخصيات الأمنية التي ارتكبت وقائع التعذيب في الفيديو.

ومقابل الضجيج الذي أثير حول القبور الجماعية في درعا، أكدت وسائل الإعلام الرسمية على «عودة الحياة الطبيعية» إلى درعا، مع أن شابة من مدينة درعا وصفت الوضع هناك على صفحتها على موقع «فيس بوك» بقولها: «أول مرة أتمكن من الاتصال، الواقع ليس مثل الحكي، هناك قصص مروعة».

إلا أن وكالة الأنباء السورية (سانا) قالت إن وزير التربية صالح الراشد اطلع أمس على «حسن سير العملية التدريسية في عدد من مدارس محافظة درعا، وبحث مع المدرسين والطلبة آلية التعاون للتعويض عما فات من خلال حصص إضافية للانتهاء من المنهج الدراسي والاستعداد للامتحانات النهائية». وأضافت أن وزير التربية خلال اجتماعه مع العاملين في مديرية تربية درعا أعرب عن «تفاؤله بعودة الحياة الدراسية لطبيعتها». وقال إن «وجودنا بين الطلاب والمدرسين في درعا رسالة لكل من أراد النيل من سوريا».

في تلك الأثناء أكد ناشطون انتشار الدبابات في ساحة الحرية في مدينة جاسم التابعة لمحافظة درعا وجرى نصب رشاشات ثقيلة في الساحة وفي محيط المركز الثقافي والمركز الشعبي في المدينة. كما وجدت سيارات عسكرية محملة بالجنود عند الجامع الكبير في وسط المدينة، وذلك في ظل استمرار حظر التجول ومنع الأهالي من الخروج إلا ساعتين فقط في كل يوم.