الدبابات السورية تطوق مناطق جديدة.. وتفريق مظاهرة لطلاب في جامعة حلب بالعصي

وسط دعوات إلى إضراب عام في سوريا اليوم

صورة مأخوذة بهاتف جوال لمظاهرة في حلب أمس
TT

في ظل تصاعد الدعوات إلى إضراب عام في سوريا اليوم، قال ناشطون إن دبابات سورية دخلت مدينة جنوبية في منطقة سهل حوران أمس بعد أن طوقتها خلال الأسابيع الثلاثة الماضية. وقال ناشطون من المنطقة اتصلوا بسكان في مدينة نوى إن جنودا أطلقوا نيران مدافع رشاشة في الهواء مع دخول الدبابات وحاملات الجنود المدرعة إلى المدينة التي يقطنها 80 ألفا والواقعة على بعد 60 كيلومترا إلى الشمال من مدينة درعا مهد الانتفاضة التي اندلعت قبل شهرين.

كذلك قالت مصادر محلية إن قوات الأمن السورية اقتحمت صباح أمس بلدة كناكر التابعة لمحافظة القنيطرة جنوب البلاد، وإن إطلاق نار عشوائيا جرى في البلدة أسفر عن سقوط قتيل هو عبده مروان الأطرش، ووقوع عدد كبير من الإصابات عرف منها عيسى عمر خميس وعمر الشيخ سليمان ومحمد موسى رشيد وربيع عيسى وعبد السلام الجاهوش وخلدون الخطيب وعبد الكريم الحوري ومحمد دياب خميس، والأخير طفل لم يتجاوز الخامسة عشرة من العمر، بحسب ما أكد ناشطون أمس.

ويعد هذا تطورا جديدا في مسيرة الأحداث بسوريا لجهة دخول محافظة القنيطرة على خط الأحداث الاحتجاجية التي تشهدها البلاد، فما عدا ما شهدته بلدة عين التينة المطلة على الجولان المحتل في يوم ذكرى النكبة لدى تدفق ناشطين فلسطينيين وسوريين نحو الأرض المحتلة وسقوط أربعة قتلى وعشرات الجرحى برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، لم تشهد القنيطرة وقراها حراكا احتجاجيا ضد النظام يذكر ولا مصادمات مع قوات الأمن السوري.

وفي حلب، خرجت مظاهرة في جامعة حلب صباح أمس شارك فيها نحو ألفي طالب، جرى تفريقهم بالقوة من قبل رجال الأمن، وتعرضوا للضرب بالعصي، مما أدى إلى جرح العشرات. وقال مصطفى أوسو، ناشط في مجال حقوق الإنسان لوكالة «أسوشييتد برس»، إن رجال الأمن حاولوا تفريق المظاهرة التي نظمها الطلاب بالقوة وإن العديد منهم جرت ملاحقتهم إلى غرفهم داخل الحرم الجامعي وتم ضربهم بقوة. كما خرجت مظاهرة أمس في حي سيف الدولة وفي حي صلاح الدين وتم تفريقها على الفور من قبل رجال الأمن الذين هاجموا المتظاهرين بالهراوات والعصي الكهربائية.

وفي حمص، التي تشهد أحياؤها مظاهرات ليلية بشكل يومي، قال مصدر مسؤول في وزارة الداخلية إن «سيارة تابعة لقوى الأمن الداخلي تعرضت مساء يوم الاثنين لإطلاق نار من قبل مجموعة إرهابية مسلحة على طريق دير بعلبه بمنطقة البياضة بمحافظة حمص مما أدى إلى استشهاد الشرطيين ماهر علي مهنا وبسام خليل الخليل وإصابة أربعة آخرين بينهم ضابط».

وفي تلكلخ، قال ناشطون حقوقيون إن هناك نحو 600 مواطن سوري نزحوا من مدينة تلكلخ التابعة لمحافظة حمص والقريبة من الحدود اللبنانية، وذلك في وقت يفرض فيه حصار خانق على مدينة تلكلخ والقرى القريبة منها مثل قرية الزارة التي تم اقتحامها أمس الثلاثاء، واستمرار الحصار على قرية حالات حيث تجري في المنطقة المقطوع عنها المياه والكهرباء والاتصالات والأغذية والأدوية حملة اعتقالات واسعة. وفي حين سادت حالة هدوء نسبي في مدينة تلكلخ ساعات النهار الأولى، عادت الأجواء للتوتر بعد الظهر وفي المساء. وتحدثت مصادر محلية عن أوضاع إنسانية بالغة الصعوبة هناك، وذلك بعد ساعتين على تصريح مصدر عسكري مسؤول بأن «وحدات الجيش والقوى الأمنية أوقفت خلال ملاحقتها المجموعات الإجرامية المسلحة في منطقة تلكلخ أول من أمس (الاثنين) عددا من المطلوبين»، وتم «ضبط كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والبزات العسكرية التي كانت العناصر الإجرامية تستخدمها». وأضاف المصدر أن حصيلة المواجهة كانت «خمسة عشر جريحا من الجيش والقوى الأمنية وعددا من القتلى والجرحى في صفوف المجموعات الإجرامية المسلحة». وفي السياق ذاته، ذكرت مصادر إعلامية شبه رسمية أن معلومات أمنية توفرت لديها عن توقيف الجيش اللبناني أربعة أشخاص؛ سوري وثلاثة لبنانيين، كانوا «يخططون في إحدى قرى الشمال المتاخمة للحدود اللبنانية - السورية لإلباس مواطن سوري بزة عسكرية تعود لضابط في الجيش السوري وتصويره وتعميم صوره على وسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية، باعتبار أنه ضابط سوري كبير قد انشق عن الجيش السوري احتجاجا على ممارسات النظام السوري»، واتهمت المصادر جهة وصفتها بأنها «أساسية في قوى (14 آذار)» بالوقوف وراء ذلك.

وفي بانياس، ألقت السلطات السورية القبض على أحد أبرز قادة الاحتجاجات هناك، وهو أنس الشغري، حسب ما أفاد أمس رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان. وذكر رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية أن «السلطات السورية اعتقلت أحد أبرز قادة الاحتجاجات في بانياس، أنس الشغري، فجر الأحد». وأشار عبد الرحمن إلى أن «الاعتقال تم إثر مداهمة مخبأ الشغري في ريف بانياس». وكان المرصد أفاد في وقت سابق أن «الأجهزة الأمنية شنت حملة اعتقالات واسعة في عدة مدن سورية طالت معارضين ونشطاء ومتظاهرين». وكان وزير الإعلام السوري عدنان محمود أعلن الجمعة أن الجيش السوري «باشر الخروج التدريجي من بانياس (شمال غرب) ومنطقتها واستكمل خروجه من درعا وريفها في جنوب البلاد بعد الاطمئنان لاستعادة الأمن والهدوء والاستقرار» فيهما.

وأوضح محمود أن إرسال الجيش تم «في ضوء الحالة التي نشبت في بعض المحافظات نتيجة قيام مجموعات مسلحة بقتل المواطنين وترويع السكان والأهالي وحرق الممتلكات العامة والخاصة وتعطيل الحياة الاجتماعية والاقتصادية وتهديد المدارس وتحدي الأمن العام والدولة». وتبحث السلطات الأمنية في بانياس عن قادة الاحتجاجات الذين لم يتم اعتقالهم بعد. واعتقلت قوات الأمن السورية في 12 مايو (أيار) الحالي قادة حركة الاحتجاج في بانياس وبينهم الشيخ أنس عيروط الذي يعد زعيم الحركة، وبسام صهيوني الذي اعتقل مع والده وأشقائه.

وطالب المرصد السلطات السورية «بالتوقف عن ملاحقة واعتقال المتظاهرين». وجدد المرصد مطالبته للسلطات السورية «بالإفراج الفوري عن الشغري وعن كافة معتقلي الرأي والضمير وعن نشطاء المجتمع المدني والمتظاهرين السلميين».

وتدعو صفحات المعارضة السورية ومواقع الثورة السورية عبر «فيس بوك» إلى إضراب عام، وهذه ليست أول مرة تتم فيها الدعوة إلى الإضراب العام، حيث سبق ودعت بعض مجموعات معارضة ومنذ اندلاع الأحداث في سوريا إلى الإضراب العام، إلا أنها دعوات لم تكن تلقى تجاوبا من المجموعات الأخرى الناشطة على الإنترنت. ولكن لوحظ يوم أمس أن الدعوة لاقت إقبالا من قبل الناشطين في الإنترنت وجرى استبدال صور الشخصية بملصق يدعو للإضراب.

وكانت الناشطة السورية المعارضة مرح بقاعي قد أعلنت مساء يوم الاثنين خلال تصريح لها أنه سيكون هناك خلال يومين إضراب عام في سوريا، وأن أحدا لن يذهب إلى العمل، فيما كتب أحد الناشطين على موقع إخباري مؤيد للثورة السورية أن تعميما صدر إلى جميع الدوائر والمؤسسات الحكومية في محافظة درعا بإلزام الموظفين بالذهاب إلى عملهم والمخالف «سيتخذ عقوبات بحقه مثل الحرمان أو الفصل» ولم يشر الناشط إلى وجود ارتباط بين هذا التعميم والدعوة للإضراب.

ويشكك مراقبون في نجاح هذه الدعوة، لا سيما أن المدن التجارية الكبرى، مثل دمشق العاصمة وحلب، لم تسجل انخراطا كبيرا في الاحتجاجات بالحجم الذي يجعل الإضراب العام ينجح في تحقيق أهدافه.