واشنطن تعلن خطوات إضافية ضد النظام السوري خلال أيام

ناشط سوري لـ«الشرق الأوسط»: بعد اكتشاف المقابر الجماعية انتقلنا لمرحلة جديدة باتجاه صدور قرار عن مجلس الأمن

اطفال سوريون لاجئون يتسلمون أمس مع أهاليهم معونأت انسانية في بلدة البقعية اللبنانية وذلك بعد فرارهم من سوريا بسبب الاضطرابات (رويترز)
TT

يستعد المجتمع الدولي لرفع ضغوطه على النظام السوري بعد ورود أنباء عن اكتشاف مقبرة جماعية في درعا، وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس إن الولايات المتحدة سترد على القمع السياسي في سوريا بخطوات إضافية في الأيام القادمة ما لم تغير الحكومة مسلكها. وأضافت كلينتون «سنتخذ خطوات إضافية في الأيام القادمة»، مشيرة إلى أنها اتفقت مع مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون التي قالت للصحافيين إن وقت التغيير في سوريا أزف.

وجاء ذلك في وقت قال فيه وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أمس إن هناك غالبية أصوات «بصدد التشكل» في الأمم المتحدة لإدانة قمع انتفاضة سوريا، موضحا مع ذلك أن تهديدا باستخدام الفيتو من قبل روسيا أو الصين لا يزال قائما. وقال جوبيه أمام الجمعية الوطنية الفرنسية «لا نزال (في الأمم المتحدة) مهددين بفيتو روسي أو فيتو صيني. يبدو أن غالبية من 9 أصوات بصدد التشكل حاليا»، رافضا أي انتقاد لموقف فرنسا حيال القمع في سوريا. وأضاف «لسنا بمفردنا. للحصول على قرار من مجلس الأمن ينبغي تفادي لجوء عضو دائم إلى الفيتو ومن ثم تأمين 9 أصوات. نعمل مع أصدقائنا البريطانيين منذ أيام، وحتى أسابيع لبلوغ هذه النتيجة».

وأوضح جوبيه أن أعضاء في مجلس الأمن تشاوروا أيضا حول الملف السوري الليلة الماضية. وتابع الوزير الفرنسي «لا نمارس سياسة الكيل بمكيالين. لقد دعمنا في كل مكان تطلع الشعوب الكبير إلى الديمقراطية والحرية ونقوم بذلك في ما يتعلق بسوريا من دون أي التباس». وذكر بأن فرنسا كانت «حضت الرئيس بشار الأسد على الالتزام برنامج إصلاحي يأخذ تطلعات شعبه في الاعتبار. لكنه لم يستمع إلينا، فبادرنا عندها إلى إدانة واضحة لاستخدام العنف الدامي».

وبالنسبة إلى عقوبات الاتحاد الأوروبي بحق 13 شخصية سورية، أقر جوبيه بأن فرنسا «لم تنجح في إدراج اسم الرئيس السوري على هذه اللائحة». وقال «لن نستسلم، نواصل التحرك في هذا الاتجاه رغم تردد بعض شركائنا إن لم نقل رفضهم»، من دون أن يسمي هؤلاء الشركاء.

من جهته، اعتبر مدير مركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان وأستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة جورج واشنطن، الناشط السوري رضوان زيادة أنه «وبعد اكتشاف المقابر الجماعية في درعا وغيرها انتقلنا لمرحلة جديدة باتجاه صدور قرار عن مجلس الأمن يدين أولا العنف الحاصل في سوريا، ويفرض عقوبات على الأشخاص وبالتحديد على الضباط السوريين والرئيس بشار الأسد الذين أمروا بإطلاق النار على المدنيين، الذين يتخطى عددهم الـ68 وبعدها تحويل الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية».

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، كشف زيادة عن أنه «تتم ممارسة الكثير من الضغوط على روسيا والولايات المتحدة الأميركية للإسراع بصدور قرار كهذا»، وقال: «بعد اكتشاف المقابر الجماعية لم يعد باستطاعة روسيا الوقوف بوجه إصدار قرار ينزع الشرعية عن النظام السوري الذي يقتل شعبه ويقوم بعمليات تعذيب بحقه».

ولفت زيادة إلى أنه «يتم التركيز حاليا على تخطي الارتباك الذي يسود الموقف الأميركي المنقسم بين وزارة الخارجية الأميركية التي وإن أدانت العنف تبقى حذرة في الخطوات الواجب اتخاذها كونها متخوفة مما سيأتي بعد نظام الأسد، وبين مجلس الأمن القومي الذي يطالب باتخاذ الخطوات التصعيدية بأسرع وقت ممكن». وأضاف: «ننتظر وبفارغ الصبر خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما الخميس المقبل الذي سيتطرق علنا ومباشرة للملف السوري ونتوقع لهجة تصعيدية بعد المجازر الجماعية المكتشفة حديثا». وطالب زيادة «دول الخليج التي تربطها بروسيا مصالح كبرى بالضغط عليها لوقف ممانعتها في مجلس الأمن»، وقال: «لقد تم تسريب ما يزيد على 11 فيديو لمقابر جماعية وكلها باتت موثقة لدينا ومعلوماتنا تؤكد أنه وبعد تصفية عائلة بكامل أفرادها يتم الحفر في أقرب مكان لدفنها وهذا ما اكتشف حديثا في درعا حيث عثر على جثث والد وأولاده الأربعة وبعدما تعرفت عليهم الوالدة توفيت في اليوم التالي إثر ذبحة قلبية».

وفي إطار حديثه عن الخطوات المقبلة للمعارضة السورية، قال زيادة: «نحن نعمل على مجالين؛ الأول من خلال مجلس حقوق الإنسان في جنيف الذي قرر إرسال لجنة إلى سوريا تطلع على الأوضاع ميدانيا وأخرى للبلدان المجاورة على أن يصدر تقرير بعد الجولة وهذا التقرير صادر لا محالة سواء أوافق النظام السوري على استضافة اللجنة أم رفض».

وأوضح زيادة أن «الأرقام الموثقة لدى الناشطين الحقوقيين حتى الساعة تخطت الـ1200 قتيل والـ8000 معتقل تعرضوا للتعذيب في مدارس وملاعب ودور سينما تحولت معتقلات سياسية»، مشددا على أنه «ومع بدء اكتشاف المجازر الجماعية فإن الأرقام ستتضاعف».

وعن دعوة عبد الحليم خدام النائب السابق للرئيس السوري زعيم «جبهة الخلاص الوطني» للتدخل عسكريا في سوريا، أكد أن «المعارضين السوريين يرفضون أي شكل من أشكال التدخل العسكري لأننا نؤمن أن الشعب السوري قادر على إسقاط النظام وحده ونحن نعول على الدور الذي سيلعبه الجيش السوري المحترف في الأيام المقبلة والذي يختلف جذريا عن الجيش المصري والليبي». وأضاف «كما نعتمد على وزير الدفاع العماد علي حبيب ورئيس الأركان العماد داود راجحة اللذين نعتقد أنهما قد يلعبان دورا رئيسيا في إدارة المرحلة الانتقالية بعد إسقاط النظام وذلك كما نصت المبادرة الوطنية للتغيير».

إلى ذلك, طالب عدد من النواب الكويتيين أمس بقطع العلاقات مع دمشق وطرد السفير السوري احتجاجا على سياسة «النظام القمعي» تجاه المظاهرات، وأصدر 25 من أصل 50 نائبا في مجلس الأمة بيانا يطالب الحكومة بـ«قطع العلاقات الدبلوماسية مع النظام القمعي في سوريا وطرد السفير من الكويت». ويندد الموقعون وغالبيتهم من المعارضة بـ«المجازر» في سوريا، حيث يواصل «النظام قمع المتظاهرين سلميا من الشعب السوري دفاعا عن حقوقهم المشروعة في الحرية والعدالة».

من جهته قال النائب وليد الطبطبائي لوكالة الصحافة الفرنسية: «سنتخذ خطوات أخرى لدعم الشعب المقاوم في سوريا، كما سنعمل على الصعيد الدولي لعزل هذا النظام». كما انتقد النواب السلطات السورية بسبب رفضها دخول قافلة مساعدات كويتية مدينة درعا التي كانت مسرحا لعملية عسكرية استمرت عشرة أيام وانتهت الأسبوع الماضي.

ولمح وزير بريطاني إلى إمكانية إحالة الرئيس السوري بشار الأسد إلى المحكمة الجنائية الدولية. وقال نيك هارفي، وزير القوات المسلحة، إنه «مرجح جدا» أن المحكمة الجنائية الدولية قد تسعى إلى اعتقال الأسد.

وكانت صحيفة الـ«واشنطن بوست» كتبت في افتتاحيتها أمس تحت عنوان «نزيف الدماء على الحدود الإسرائيلية»: «هل ستسأل سوريا عن ذلك؟.. في محاولة يائسة لنظام الرئيس بشار الأسد في سوريا لإبعاد الأنظار عما يحدث في الأراضي السورية من اعتداءات دامية على المواطنين، تم شحن المئات من الفلسطينيين من المخيمات القريبة من دمشق إلى الحدود مع إسرائيل في مرتفعات الجولان، حيث اقتحموا السياج الحدودي ودخلوا المدينة القريبة من الحدود، وهو ما واجهته القوات الإسرائيلية المدهوشة والتي فاق المقتحمون أعدادهم، بفتح النار عليهم فقتل ما لا يقل عن شخص واحد. كما توجه مئات من الفلسطينيين في مسيرة نحو المواقع الحدودية مع لبنان وقطاع غزة والضفة الغربية التي سقط خلالها ما يزيد على عشرة قتلى».

وأضافت: «عادة ما يتظاهر الفلسطينيون كل عام ضد إنشاء دولة إسرائيل، وقد ساعد منظمو الـ(فيس بوك) على حشد الدعم لمسيرات يوم الأحد على غرار ما حدث في الربيع العربي، لكنّ أحدا لا يستطيع الوصول إلى الجبهة السورية المدججة بالسلاح مع إسرائيل دون موافقة أو تعاون مع نظام الأسد. إن حلفاء سوريا في لبنان وغزة، حزب الله وحماس، متورطون بصورة لا تدع مجالا للشك في المظاهرات. وكحال النظام الديكتاتوري في دمشق فإن المنظمات الإرهابية مهددة بشكل كبير بالمطالب العربية بالتغير الديمقراطي ومحاولتها تحويل الأنظار إلى إسرائيل هي مناورة سياسية مألوفة بشكل كبير».