«أمير تلكلخ» ناصر مرعي.. طبيب اتهمته السلطات السورية بالأصولية بعد إطلاق سراحه

جيرانه يقولون إن جريمته أنه عالج صبيا أصيب بالرصاص

TT

أكد أحد جيران الدكتور ناصر مرعي، الذي اتهمته السلطات السورية بإعلان إمارة إسلامية في مدينة تلكلخ يوم 12 مايو (أيار) الحالي، لـ«الشرق الأوسط» أن «مرعي نفسه فوجئ بالخبر». وأضاف: «أنا أعرف الناس بالرجل بحكم الجيرة، وهو طبيب جراح، كان مديرا لمستشفى وألقي القبض عليه منذ سنة ونصف السنة، وبقي في السجن طوال هذه الفترة تحت التعذيب، مقطوعا عن العالم، بتهمة معالجة أحد المهربين، ولم يفرج عنه إلا منذ أيام قليلة، ليتهم بعدها مباشرة بأنه أعلن إمارة إسلامية تم بحجتها الهجوم على أهالي المدينة وكل القرى المحيطة بها، ودكها بالمدفعية والدبابات تحت ستار مزعوم هو: تطهير المدينة من السلفيين».

وأكد الرجل الذي وصل أول من أمس من تلكلخ مع عائلته هاربا إلى منطقة البقيعة في لبنان أنه لا يعرف ما حل بالدكتور مرعي الذي وصفه بأنه «علماني وغير متدين، ولا علاقة له لا بالسلفية ولا بالإسلاميين، ولا يمارس حتى واجباته الدينية». وأضاف: «خرج الرجل مريضا من السجن ولزم بيته من حينها ومنذ بدأت الأحداث لم نعد قادرين على التواصل، ولا يفهم كيف يمكن له خلال أيام أن يقوم بعمل بمثل هذه الخطورة ويصبح له وزراء وإذاعة».

يعرف الهاربون من تلكلخ إلى شمال لبنان الدكتور مرعي، حيث يتبين لنا أنه رجل معروف في المدينة ويوصف من قبل الأهالي النازحين بأنه «رجل مستقيم ومحترم»، ويروون أن زوجته طبيبة نسائية، وله ابن طبيب في فرنسا، ويستغربون أن يشاع عنه أنه مهرب مازوت على الحدود. وأكدت أكثر من مجموعة من أهالي تلكلخ تحدثنا معها أن «الدكتور مرعي وضع في السجن زورا وبهتانا أثناء حملة شعواء قامت بها السلطات السورية على الأهالي منذ سنة ونصف السنة سجن على أثرها المئات، ولا يزال 250 منهم في عداد المفقودين ولا يعرف ذووهم عنهم شيئا».

ويروي أحد النازحين أمام ما يقرب من 20 شخصا من السوريين الذين تجمعوا حوله ووافقوه الرأي: «هناك ثأر قديم بين السلطة وأهالي تلكلخ. فهي مدينة لا تبعد سوى 1.5 كيلومتر على مرمى البصر من وادي خالد في لبنان، وهناك بضائع تمر بشكل غير شرعي عبر الحدود بين البلدين منذ سنوات طويلة. وهذا أمر يقوم به الأهالي للتجارة ويشارك به شبيحة النظام وبعض المحميين أيضا. ومنذ عام ونصف العام قررت السلطة معاقبة المهربين غير المحميين، ليترك المجال لأصحاب النفوذ. وعلى الأثر قامت حملة اعتقالات واسعة في المدينة ومداهمات ومطاردات، عاشت تلكلخ على أثرها حالة توتر شديد، ومن يومها والمدينة على علاقة سيئة بالسلطة». ويضيف المتحدث: «أما الدكتور مرعي فكل ما فعله هو أنه عالج صبيا في السادسة عشرة من عمره يعمل في تهريب الزجاج بعد إصابته بطلقات نارية أثناء مطاردته، وعلى الأثر تم اعتقاله وتعذيبه، وبقي في السجن مثل المئات الذين اعتقلوا في تلك الفترة، لنفاجأ منذ أيام بالكلام الذي سمعناه في الإعلام عن إمارة إسلامية قيل إنه هو أميرها».

جلنا أثناء زيارتنا لمنطقة وادي خالد على مئات النازحين، ولفتنا أننا لم نقابل رجلا واحدا ملتحيا، حتى كبار السن ومن بلغوا الـ80 هم من حليقي الذقون، وهو أمر لافت لا يشبه ما يمكن أن نراه في لبنان، ولا تبدو على النازحين أي سمات إسلامية سلفية. أما النساء فليس بين اللاتي رأيناهن أي واحدة بملابس سوداء تغطي وجهها، وكل من رأيناهن سافرات الوجه، مرتديات ملابس النساء الفلاحات المسلمات مع غطاء الرأس المعروف بـ«الإيشارب» في كل بلاد الشام.

وكانت وسائل إعلامية قد نقلت في الثاني عشر من الشهر الحالي عن مصادر سورية أن «المدعو ناصر مرعي أعلن إمارة إسلامية في تلكلخ وعين لها وزيرين للدفاع والمالية، وأنشأ إذاعة تنطق باسمه»، لافتة إلى أن السلطات السورية تعمل على تفكيك هذه الإمارة. وبعد ساعات من إذاعة الخبر بدأ الجيش السوري بمحاصرة المدينة ودكها بالدبابات والمدفعية. وجاء ذلك بعد يوم واحد من الإعلان عن أن «الرئيس بشار الأسد يتشدد بمنع القوى الأمنية إطلاق النار على المتظاهرين».