حلفاء سوريا يمنعون عقد مؤتمر مؤيد للشعب السوري في بيروت

تهديدات باقتحام فندق البريستول ومنع عقد اللقاء ولو بالقوة

TT

أجهضت تحركات قام بها موالون لسورية في لبنان مؤتمرا لـ«التضامن مع الشعب السوري» كان من المقرر أن يستضيفه فندق «البريستول» العريق في بيروت، التي أبلغت إدارته المنظمين أنها «تعتذر عن عدم استضافة المؤتمر لأسباب خارجة عن إرادتها»، وذلك قبل موعد انطلاق المؤتمر بساعات، مما جعل إمكانية نقله إلى مكان آخر أمرا متعذرا. وفيما بررت إدارة الفندق في بيان رسمي اعتذارها بأنه يهدف إلى تجنب «احتمال حدوث مواجهة بين معارضي النظام في سوريا وبين مؤيديه أمام فندق البريستول»، قالت مصادر المنظمين إنهم حاولوا تأمين مكان لإقامة المؤتمر هذا الأسبوع، لكنهم لم يوفقوا بعد لمن يقبل استضافتهم، مشيرين إلى تهديدات من قبل «قوى الأمر الواقع». وكانت هيئة التنسيق في لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية، التي تضم حزب الله وحزب البعث والقومي السوري، أصدرت بيانا أول من أمس دعت فيه السلطات اللبنانية إلى الحيلولة دون إقامة ما وصفته باللقاء المعادي لسوريا في فندق البريستول وحذرت من خطورة التداعيات السلبية التي قد تنشأ عن السماح بعقده.

وأكد شارل جبور، أحد منظمي المؤتمر، أن الإدارة اعتذرت عن عدم عقد المؤتمر فيه «لأسباب متعلقة بتحييد الفندق عن التجاذبات القائمة»، موضحا في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن القرار الذي صدر في اللحظة الأخيرة «يأتي بعد تهديدات بالويل والثبور وعظائم الأمور من مجموعات مناهضة للتحرك قررت التظاهر خارج الفندق، أثناء انعقاد المؤتمر». وأشار جبور إلى أن قرار الإدارة جاء مفاجئا، خصوصا أن هناك عقدا رسميا مبرما لانعقاد المؤتمر في إحدى قاعاته، لافتا إلى أن المنظمين واجهوا أيضا «صعوبة بالغة في إيجاد مكان لعقد مؤتمر صحافي يوضح أسباب إلغاء المؤتمر التضامني، إذ رفضت جميع الجهات انعقاد هذا المؤتمر الصحافي». وعن إمكانية عقده في مقر الأمانة العامة لقوى 14 آذار، شدد جبور على «أننا لم نرغب بوضع قوى 14 آذار في موقف محرج، لأن هذا التحرك مستقل، لا علاقة للأمانة العامة لقوى 14 آذار به، خصوصا أن البيان الختامي للمؤتمر التضامني مع الشعب السوري كان سيعبر عن رؤيتنا للأمور من المستويين السياسي والإنساني».

وكان حزب «البعث» في لبنان قد أعلن عن تنظيم لقاء تضامني مع سوريا أمام فندق «البريستول» في نفس موعد انعقاد المؤتمر، فتمت اتصالات أمنية وسياسية أفضت إلى إلغاء المؤتمر. وقال الأمين القطري لحزب «البعث العربي الاشتراكي» في لبنان الوزير السابق فايز شكر، إن «أحدا من قبلهم لم يهدد من كان يريد الاجتماع في فندق الـ«بريستول» اليوم (أمس)، إنما كنا نصر على الدخول إلى القاعة لنعرف ونقول رأينا فيما سيتم بحثه». وعقد لقاء موسع في منزل عضو القيادة القومية لحزب «البعث» النائب عاصم قانصوه، حضره حشد من الفاعليات والشخصيات السياسية والاجتماعية وعدد من المشايخ والبعثيين، ووصف قانصوه منظمي المؤتمر بأنهم «بعض المراهنين على تسميم العلاقات اللبنانية – السورية» معتبرا أن «اللقاء تحريضي لبعض المرتزقة والمتآمرين على سوريا شعبا وقيادة، تنفيذا لتوجيهات وتعليمات أسيادهم الأميركيين ومن يدور في فلكهم». ورأى أن «هذا التصرف الأرعن كاد يؤدي إلى فتنة داخلية كبيرة تهدد أمن لبنان واستقراره مما يشكل خروجا على علاقة الأخوة اللبنانية - السورية التي نص عليها اتفاق الطائف، وقد أجمع الحاضرون على رفض وشجب مثل هذه الدعوة المشبوهة، مؤكدين تصديهم لأي عمل تخريبي». وأكد «الوقوف بالمرصاد لكل من تسول له نفسه اللعب برمزية العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين وأمنهما واستقرارهما مهما كلف الثمن»، شاكرا «لكل الوطنيين والعقلاء الذين أسهموا في إلغاء هذا اللقاء المشبوه تحصينا للوحدة الوطنية وعهدا على متابعة مسيرة التطوير والتحديث وفاء لسوريا الأسد».

وفي المقابل أكد منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد أن الشباب المنظمين للمؤتمر ليسوا في قوى 14 آذار، «لكنهم لبنانيون أرادوا التعبير عن دعم شعب يحاول العبور إلى الكرامة والحرية»، مشيرا في اتصال مع «الشرق الوسط» إلى أن قرار الصمت الرسمي في قوى 14 آذار إزاء التدخل في الشؤون الداخلية السورية «لا يمنع من دعم هذا الشعب». وردا على سؤال عن التزام لبنان منذ اتفاق الطائف بأن لا يكون ممرا لأي محاولات تسعى لاستهداف سوريا، تساءل سعيد: «وهل يجيز اتفاق الطائف أن تدوس الدبابات، لبنانية كانت أم سورية، على المواطنين؟» وإذ أسف سعيد لعدم قبول أي جهة لبنانية انعقاد المؤتمر الصحافي في قاعاتها، تساءل «هل أصبحت بيروت مدينة رازحة تحت وطأة الإرهاب، بعد أن كانت مدينة تفخر بديمقراطيتها، ورائدة بدورها في حرية الرأي والتعبير؟» وأصدر لقاء «لبنانيون من أجل حرية وكرامة الشعب السوري» بيانا أوضح فيه أن «إدارة فندق البريستول اضطرت للاعتذار عن عدم استضافة اللقاء التضامني مع الشعب السوري بعد تلقيها تهديدات باقتحام الفندق ومنع عقد اللقاء ولو بالقوة»، معتبرا هذا التصرف بمثابة «اعتداء من قبل المجموعات المستقوية بالسلاح على النظام الديمقراطي وقيامها بخنق الحياة الحرة استمرارا لنهج 7 مايو (أيار) الانقلابي، الذي أحال بيروت أسيرة للإرهاب»، ولافتا إلى أن «حصول مثل هذا الأمر هو حدث بالغ الخطورة وهو انتصار للترهيب والتهديد على حرية الرأي والتعبير وعلى الحقوق التي كفلها الدستور اللبناني لجميع المواطنين».

وإذ قدر اللقاء «أسباب اعتذار إدارة الفندق»، فقد «أبدى تعاطفه معها»، ورأى أن «بيان ما يسمى لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية وما حمله من تهديدات صريحة وعلنية دليل كاف على ممارسة أقصى أنواع الإرهاب الموروثة من نظام الوصاية»، مشيرا إلى أن «الحال كان نفسه مع كل فنادق بيروت وإدارة نقابة الصحافة، ما يبين للجميع استبداد الخوف على بيروت وسيادة الترويع على اللبنانيين وعجز الدولة عن صون أبسط بديهيات الممارسة الديمقراطية».